بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لنا ان نسال هل كفر البعض ابو طالب لانه ابو الامام علي(ع) ؟؟؟؟
ان الأحاديث الدالّة على إيمانه والواردة عن أهل بيت العصمة كثيرة ، وقد جمعها العلماء في كتب مفردة ، وكان من الكتب الأخيرة : « منية الراغب في إيمان أبي طالب » للشيخ الطبسي.
وقد أُلّف في إثبات إيمانه الكثير من الكتب ، من السنّة والشيعة على حدّ سواء ، وقد أنهاها بعضهم إلى ثلاثين كتاباً ، ومنها كتاب : « أبو طالب مؤمن قريش » للأُستاذ عبد الله الخنيزي.
هذا عدا البحوث المستفيضة المبثوثة في ثنايا الكتب والموسوعات ، ونخصّ بالذكر هنا ما جاء في كتاب « الغدير » للعلّامة الأميني قدس سره في الجزء السابع والثامن منه.
وقد نقل العلّامة الأميني عن جماعة من أهل السنّة : أنّهم ذهبوا إلى ذلك أيضاً ، وكتبوا الكتب والبحوث في إثبات ذلك ، كالبرزنجي في « أسنى المطالب » ، والاجهوري ، والاسكافي ، وأبي القاسم البلخي ، وابن وحشي في شرحه لكتاب : « شهاب الأخبار » ، والتلمساني في « حاشية الشفاء » ، والشعراني ، وسبط ابن الجوزي ، والقرطبي ، والسبكي ، وأبي طاهر ، والسيوطي ، وغيرهم.
بل لقد حكم عدد منهم كابن وحشي ، والاجهوري ، والتلمساني بأنّ من أبغض أبا طالب فقد كفر ، أو من يذكره بمكروه فهو كافر (۱).
بعض الأدلّة على إيمان أبي طالب :
۱ ـ ما روي عن الأئمّة عليهم السلام والنبيّ صلّى الله عليه وآله ممّا يدلّ على إيمانه ، وهم أعرف بأمر كهذا من كلّ أحد.
۲ ـ نصرته للنبيّ صلّى الله عليه وآله وتحمّله تلك المشاق والصعاب العظيمة ، وتضحيته بمكانته في قومه ، وحتّى بولده ، أكبر دليل على إيمانه.
۳ ـ استدلّ سبط ابن الجوزي على إيمانه ، بأنّه لو كان أبو طالب كافراً ، لشنّع عليه معاوية وحزبه ، والزبيريون وأعوانهم ، وسائر أعداء الإمام علي عليه السلام (۲).
٤ ـ تصريحاته وأقواله الكثيرة جدّاً ، فإنّها كلّها ناطقة بإيمانه وإسلامه ، ومنها أشعاره التي عبّر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله : « فكلّ هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر ، لأنّه لم تكن آحادها متواترة ، فمجموعها يدلّ على أمر مشترك ، وهو تصديق محمّد صلّى الله عليه وآله ومجموعها متواتر » (۳).
٥ ـ قد صرّح أبو طالب في وصيّته بأنّه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأنّ ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وآله قد قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن.
وأوصى قريشاً بقبول دعوة الرسول ، ومتابعته على أمره ، ففي ذلك الرشاد والسعادة (٤).
٦ ـ ترحّم النبيّ صلّى الله عليه وآله عليه ، واستغفاره له باستمرار ، وحزنه عليه عند موته ، وواضح أنّه لا يصحّ الترحم إلّا على المسلم.
وعليه نحن نستفيد من أُمور أربعة :
أ ـ من مواقفه العملية ، ومواقف أبي طالب قد بلغت الغاية التي ما بعدها غاية في الوضوح والدلالة على إخلاصه وتفانيه في الدفاع عن هذا الدين.
ب ـ من إقراراته اللسانية بالشهادتين ، ويكفي أن نشير إلى ذلك القدر الكثير منها في شعره في المناسبات المختلفة.
ج ـ من موقف النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله منه ، فالموقف المرضي ثابت منه صلّى الله عليه وآله تجاه أبي طالب على أكمل وجه.
د ـ من إخبار المطّلعين على أحواله عن قرب وعن حسّ ، كأهل بيته ، ومن يعيشون معه ، وقد قلنا : إنّهم مجمعون على ذلك.
بل إنّ نفس القائلين بكفره لمّا لم يستطيعوا إنكار مواقفه العملية ، ولا الطعن بتصريحاته اللسانية حاولوا : أن يشبّهوا على العامّة بكلام مبهم لا معنى له ؛ فقالوا : إنّه لم يكن منقاداً !!
ومن أجل أن نوفي أبا طالب بعض حقّه ، نذكر بعض ما يدلّ على إيمانه ، ونترك سائره ، وهو يعدّ بالعشرات ، لأنّ المقام لا يتّسع لأكثر من أمثلة قليلة معدودة ، وهي :
۱ ـ قال العباس : يا رسول الله ، ما ترجو لأبي طالب ؟ قال : « كلّ الخير أرجوه من ربّي » (٥).
۲ ـ قال ابن أبي الحديد : « روي بأسانيد كثيرة ، بعضها عن العباس بن عبد المطّلب ، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة : أنّ أبا طالب ما مات حتّى قال : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله » (٦).
۳ ـ كتب أمير المؤمنين عليه السلام رسالة مطوّلة لمعاوية جاء فيها : « ليس أُمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطّلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق » (۷).
فإذا كان أبو طالب كافراً ، وأبو سفيان مسلماً ، فكيف يفضّل الكافر على المسلم ، ثمّ لا يردّ عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان ؟!
٤ ـ ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله : « إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأُمّي ، وعمّي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية » (۸).
٥ ـ وعنه صلّى الله عليه وآله أيضاً : « إنّ الله عزّ وجلّ قال له على لسان جبرائيل : حرّمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك ».
أمّا الصلب فعبد الله ، وأمّا البطن فآمنة ، وأمّا الحجر فعمّه ـ يعني أبا طالب ، وفاطمة بنت أسد ـ وبمعناه غيره مع اختلاف يسير (۹).
-------------
۱. أُنظر : الغدير ۷ / ۳۸۱.
۲. أبو طالب مؤمن قريش : ۲۷٤ ، عن تذكرة الخواص : ۱۱.
۳. شرح نهج البلاغة ۱٤ / ۷۸.
٤. روضة الواعظين : ۱٤۰ ، الغدير ۷ / ۳٦٦.
٥. كنز العمّال ۱۲ / ۸۲ و ۱٥۳ ، الغدير ۷ / ۳۷۳ و ۳۸٦ ، الطبقات الكبرى ۱ / ۱۲٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ۳۳٦ ، أنساب الأشراف : ۲٥.
٦. خصائص أمير المؤمنين : ۳۸ ، شرح نهج البلاغة ۱٤ / ۷۱ ، الغدير ۷ / ۳٦۹.
۷. شرح نهج البلاغة ۳ / ۱۷ و ۱٥ / ۱۱۷ ، الغدير ۳ / ۲٥٤ ، وقعة صفّين : ٤۷۱ ، الإمامة والسياسة ۱ / ۱۳۸ ، المناقب : ۲٥٦.
۸. الغدير ۷ / ۳۷۸ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ۳٤۰ ، الإصابة ۷ / ۲۰۳.
۹. الكافي ۱ / ٤٤٦ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ۷۰۳ ، روضة الواعظين : ٦۷ ، الجواهر السنية : ۲۱۸ ، الغدير ۷ / ۳۷۸ ، ينابيع المودّة ۲ / ۳۳۱.
۲. أبو طالب مؤمن قريش : ۲۷٤ ، عن تذكرة الخواص : ۱۱.
۳. شرح نهج البلاغة ۱٤ / ۷۸.
٤. روضة الواعظين : ۱٤۰ ، الغدير ۷ / ۳٦٦.
٥. كنز العمّال ۱۲ / ۸۲ و ۱٥۳ ، الغدير ۷ / ۳۷۳ و ۳۸٦ ، الطبقات الكبرى ۱ / ۱۲٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ۳۳٦ ، أنساب الأشراف : ۲٥.
٦. خصائص أمير المؤمنين : ۳۸ ، شرح نهج البلاغة ۱٤ / ۷۱ ، الغدير ۷ / ۳٦۹.
۷. شرح نهج البلاغة ۳ / ۱۷ و ۱٥ / ۱۱۷ ، الغدير ۳ / ۲٥٤ ، وقعة صفّين : ٤۷۱ ، الإمامة والسياسة ۱ / ۱۳۸ ، المناقب : ۲٥٦.
۸. الغدير ۷ / ۳۷۸ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ۳٤۰ ، الإصابة ۷ / ۲۰۳.
۹. الكافي ۱ / ٤٤٦ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ۷۰۳ ، روضة الواعظين : ٦۷ ، الجواهر السنية : ۲۱۸ ، الغدير ۷ / ۳۷۸ ، ينابيع المودّة ۲ / ۳۳۱.
تعليق