إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح دعاء السحر.. الكلمات الإلهية

تقليص
X
تقليص
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شرح دعاء السحر.. الكلمات الإلهية






    حول هذه الفقرة من الدعاء الشريف “اللهم إني أسالك من كلماتك بأتمها …” هناك وصف يظهر للكلمات الإلهية؛ أولاً يجري الحديث عن أتم الكلمات؛ “اللهم إني أسالك من كلماتك بأتمها” ثم الحديث عن أن جميع الكلمات التامة؛ “وكل كلماتك تامة”؛ أولاً “أتم”، ثم “تام”.
    الكلمة التامة

    ما معنى “الكلمة التامة”؟ هذا التعبير استخدم في ادعية أخرى أيضاً؛ على سبيل المثال، نقل الكليني (رحمه الله) عن إبراهيم بن محمد بن هارون أنه كتب رسالة إلى الإمام أبي جعفر (ع) وطلب دعاءً للسلامة من بعض الحوادث والوقائع، فكتب الإمام في رده دعاءً بخطه. في هذا الدعاء يوجد: “أسالك باسمك الذي تمسك به السماوات أن تقع على الأرض إلا بإذنك وبكلماتك التامات التي تحيي بها الموتى …”.
    مثال آخر في دعاء نقله الشيخ الطوسي في تعقيبات صلاة الصبح: “فأسالك بوجهك الكريم وكلماتك التامات إن كان بقي علي ذنب لم تغفر لي …”.
    هذه “الكلمة التامة” التي وردت في الأدعية، ما معناها؟ وبعبارة أخرى، كيف تصبح الكلمة “تامة”؟ ثم كيف ترتقي الكلمة من “التامة” إلى “الأتم”؟ أصل هذا التعبير (تمامية الكلمة) هو تعبير له جذور في القرآن الكريم وأحياناً في الآيات التي تم فيها استخدام تعبير “كلمة” يتم التأكيد على تمامية الكلمة أيضاً؛ على سبيل المثال في سورة الأنعام: ” وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ…” ، كلمة ربك قد بلغت تمامها … أو في سورة الأعراف: “… وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْ …” أو في سورة هود: “… وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ” .
    كيف تصبح الكلمة “تامة”

    هذه التعابير التي تتكرر في الأدعية وكذلك في التعابير القرآنية، تدفعنا للتفكير كيف تصبح الكلمة “تامة”؟ وكيف ترتقي الكلمة من “التامة” إلى “الأتم”؟
    للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً أن نلاحظ أن الكلمة وفقاً لما ورد في القرآن الكريم، كما تم الإشارة إليه في النقاشات السابقة، تشير إلى حقيقة عينية، وليست مجرد لفظ، و “الكلمات” هي نفس الكائنات التي تشكل نظام الوجود. بناءً على ذلك، يجب أن نقول كيف تصل “الكلمة” إلى مرحلة “التمام” وهل كل كلمة “تامّة”؟ أو هل كل كلمة يمكن أن تكون “أتمّ”؟ في الحقيقة، “التمامية” هي صفة للكلمة كواقع عيني، ويجب أن نأخذ هذا الجانب في اعتبارنا عندما نتحدث عن التمام. ما يمكن استخلاصه من مباحث العلماء المتخصصين في المعرفة هو أن كل كلمة، أي كل حقيقة ووجود لها حظ وحق من الكينونة، في أي مرتبة كانت وحسب نصيبها من الوجود (أيًا كان مقداره)، فهي تامة وكاملة؛ بمعنى أنها قد حصلت على نصيبها من الوجود حسب قدرتها الوجودية، وإذا لم يكن لديها أكثر من ذلك، فذلك لأن لديها قدرة وسعة أكبر في ذلك.
    من خلال هذه النظرة، كل موجود يمتلك فعليّة تتناسب مع وجوده، لا أقل ولا أكثر. في الواقع، سلسلة الكائنات في نظام الخلق تشبه سلسلة الأعداد، حيث كل عدد في مكانه ومرتبته الخاصة، وكماله يتناسب مع تلك المرتبة والمكانة. فعدد “3” كماله هو في خاصيته وتخصيصه بين العددين “2” و”4″، وإذا كان غير ذلك، لم يعد يكون العدد “3”.
    حبّة القمح

    ان حبّة القمح هي كلمة إلهية، وقد أفيض إليها نصيب من الوجود من قبل الحق تعالى فحبّة القمح في مكانتها الخاصة تتمتع بالكمال، وكذلك حبّة الشعير تتمتع بالكمال في مكانتها، وكذلك النطفة التي يمكن أن تنمو وتتطور لتصبح جنيناً تتمتع بالكمال حسب استعدادها. كل هذه الكائنات، في مكانتها، تتمتع بالكمال، وبالتالي لا يوجد شيء ناقص. من هذه النظرة، كل الكائنات تامة، أي أنه لا يمكن أن يكون هناك قدرة أو استعداد في كائن دون أن يُفاض عليه. إذا لم يُفاض عليه، فإن ذلك بسبب عدم وجود استعداد أو قدرة أكبر في ذلك الكائن، وكلما زادت هذه القدرات، زادت القدرة على استقبال الفيض، وما هو موجود هو تام وكامل.
    الكلمة الأتم

    إذا نظرنا إلى التمامية في جميع الكلمات الإلهية من هذا المنظور، فإننا نواجه السؤال التالي: لماذا بعض الكلمات تكون “أتم” (أفضل تفضيل) من كلمات أخرى، أي لماذا تحصل على تمامية أكبر؟ الإجابة هي أنه إذا قمنا بمقارنة الكائنات بناءً على الكمالات التي تمتلكها، يمكننا أن نصل إلى نتيجة مفادها أن استعداد بعضها أكبر من استعداد البعض الآخر.
    عندما تأخذ في الاعتبار طالباً في الصف الأول الابتدائي، فإن الدرس الذي يدرسه يتناسب مع مواهبه وقدراته، وهو كامل من حيث هذه القدرات، وكذلك الطالب في الصف الثاني الابتدائي يمتلك قدرة خاصة، وبناءً على تلك القدرة، يكون العلم الذي يحصل عليه كاملاً. وكذلك تستمر القدرات في الزيادة، والكلام يدور حول التمامية. لكن في لحظة معينة، نقوم بمقارنة هذه الكائنات ونتساءل بشكل عام، أي الكائنات هي التي تمتلك أعظم وأسمى الاستعدادات؟ من الذي يحصل على أكثر الكمالات؟ هذه هي المقارنة.
    الشخص الذي يمتلك أعلى قدرة وجودية، الذي يمكنه تلقي أفضل العلوم عندما يتعلق الأمر بالعلم، وأفضل القوى عندما يتعلق الأمر بالقوة، وأفضل الرحمة عندما يتعلق الأمر بالرحمة… والذي يتمتع بقدرة أعلى من الكائنات الأخرى، تلك هي الكلمة الأتم أو الكلمات الأتم (التمامية الكبرى). وبالطبع، كلا التعبيرين صحيح ومناسب. إذا أخذنا قدرة الكائن بالنسبة لنفسه، فإن الكلمة ستكون تامة، وإذا قارنا قدرة الكائن بالكائنات الأخرى، فإننا نتحدث عن الكلمات الأتم، أي الذي هو أكمل ويملك قدرة أكبر على تلقي الكمالات، وفي النهاية، ذلك الكائن الذي يصل إلى أعلى مستوى لهذه القدرة، وهنا تلتقي مسألة التوحيد بمسألة الإنسان الكامل.
    كلمات الله والفيض

    من جهة، نتحدث عن كلمات الله والفيض الذي يبدأ من المبدأ، ومن جهة أخرى، عن أعلى قدرة للتطور الوجودي والاقتراب من الأسماء الإلهية وتلقي الفيض الإلهي من قبل الإنسان؛ ” وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا”، ولا يوجد كائن يمتلك هذه القدرة. لكن هل يتم تفعيل هذه القدرة في جميع البشر؟ لا، الإنسان الكامل الذي تتحقق فيه جميع الأسماء الإلهية هو الكلمة الأكمل الإلهية التي لا يوجد فوقها كلمة، وهو شخص واحد فقط، وهو وجود خاتم الأنبياء محمد مصطفى (صلى الله عليه وسلم) أكمل البشر؛ هذه هي نقطة التقاء التوحيد مع الإنسان الكامل.
    الآن، أولئك الذين ليسوا على دراية كافية بهذه المعارف أو الذين يعانون من انحرافات، أحياناً يرون تضاداً بين مقام الإنسان الكامل وحقيقة التوحيد، بينما على العكس، القرآن الكريم ومعارف أهل البيت (عليهم السلام) تزيل هذا التضاد والتناقض.
    راي الفاضل التوني

    من المناسب أن أستخدم بيان أحد المفكرين الإسلاميين، وهو الفاضل التوني (رحمه الله)، المفكر الذي يعتبر أقل شهرة بيننا. نحن لم نفهمه، ولكن أساتذتنا كانوا قد تلمذوا على يديه، وهو من تلاميذ الشيخ الكبير ميرزا هاشم الأشكوري. الفاضل التوني (رحمه الله) له تعليق على مقدمات “فصوص القيصري”، وفي تلك المقدمة يتحدث عن هذه القضية قائلاً: «كما أن كل عالم هو كتاب، فإن كل واحد من الموجودات هو كلمة، لأن الكلمة وضعت لبيان ما في الضمير. هذا التفسير للكلمة سبق أن ذكرناه في القسم السابق، حيث أن الكلمة هي ذلك الموجود الذي يستطيع أن يظهر ما في الضمير.
    ثم يقول: «والموجودات العينية، بما أن كل واحدة منها تدل على وجود الصانع الحكيم، فإن كل واحدة منها تظهر أمراً غيبياً. ولذلك فإن إطلاق الكلمة على الموجودات العينية هو إطلاق حقيقي».
    بعد ذلك يشير إلى الآية الشريفة المتعلقة بالنبي عيسى عليه السلام، حيث سماه القرآن الكريم “كلمة” (وَ كَلِمَتُهُ القَاهَا إِلَى مَرْيَمَ). ثم يصل إلى هنا ويؤكد على تامّية الكلمة ويقول: الكلمات الوجودية إما تامّة أو ناقصة. التامّة هي تلك الكلمات التي يمكن أن تكون بالفعل موجودة في كائن ما، وليس لها حالة انتظار أو قدرة واستعداد بالنسبة لتلك الكمالات، مثل العقول المجردة في سلسلة النزول، ونفوس الأنبياء والأولياء في سلسلة الصعود. أما الناقصة فهي على خلاف التامّة، مثل نفوس البشر في بداية الخلق. التامّة لها معنى آخر أيضاً، وهو أن تكون لها جميع لوازمه.
    كل كلمة هي تامّة

    بسبب ضيق المجال، سأتجاوز شرح الجزء الأول. وفيما يلي استمرار كلامه: «من هذا المعنى الثاني [الذي يعني أن كل موجود له نصيبه اللازم] كل كلمة هي تامّة، لأن أي موجود لا يأتي إلى الوجود إلا إذا كان كل ما هو لازم في وجوده موجوداً… وقد تم التأكيد على هذا في “الهَيات الشفاء”.
    فعلية كل شيء حسب ذلك الشيء، وجميع الكلمات من المعنى الثاني تامة، ولا فرق بينها في التمام. لكن التامّة بالمعنى الأول، الذي هو مقابل الناقص، تتفاوت بين الموجودات المختلفة، حيث أن بعض الموجودات تمتلك جميع الكمالات بينما البعض الآخر لا. بعض الكائنات تامّة وبعضها أكمل.
    مع التفاوت الذي طرحه في “تامّة” و”أتمّ”، يصل إلى هذا القول من دعاء السحر: «لذلك قال الإمام الباقر (عليه السلام) في دعاء السحر: “اللهم إني أسالك من كلماتك بأتمها وكل كلماتك تامّة”. حيث قال: “من كلماتك بأتمها” كان يقصد التامّة بالمعنى الأول، وعندما قال: “وكل كلماتك تامّة” كان يقصد التامّة بالمعنى الثاني.
    على أي حال، إذا قارننا الكائنات بهذه النظرة، نجد أن بعضها في مرتبة أدنى وتستقبل كمالات أقل، والبعض الآخر في مرتبة أعلى وأعلى. هنا نتحدث عن أتمّ الكلمات، ولكن إذا نظرنا إلى كل موجود من حيث قدرته الخاصة، فهو بالتأكيد تامّ ولا يوجد شيء ناقص في هذا المنظور.
    أعتقد أنه يجب علينا التأمل أكثر في هذا التعبير “الكلمات التامّة” (الذي يتكرر كثيراً في لسان الأدعية)، وفي الوقت نفسه، أؤكد أننا في هذا البحث نسعى لفهم معناه ومفهومه في حدود قدرتنا.


    ​الشيخ محمد سروش محلاتي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...