من رسائل الإمام الحسن المجتبى (ع) لمعاوية بن أبي سفيان (لع) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
نبارك لجميع المؤمنين والمؤمنات قرب ولادة كريم أهل البيت ثاني الأئمة الطاهرين الإمام الحسن المجتبى (ع) .
قال العلامة المجلسي : ( أقول : قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: قال أبو الفرج الأصفهاني كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية مع جندب بن عبد الله الأزدي : من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليكم فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فان الله عزو جل بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين ، ومنة للمؤمنين توفاه الله غير مقصرٍ ولا وانٍ ، بعد أن أظهر الله به الحق ، ومحق به الشر ، وخص قريشاً خاصة فقال له : وإنه لذكر لك ولقومك فلما توفي تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد وحقه ، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش ، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد صلى الله عليه وآله ، فأنعمت لهم وسلمت إليهم .
ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانصاف والاحتجاج ، فلما صرنا أهل بيت ممد وأولياؤه إلى محاجتهم ، وطلب النصف منهم ، باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا ، فالموعد الله وهو المولي النصير .
ولقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام ، وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده ، فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الاسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الله حسيبك ، فسترد فتعلم لمن عقبى الدار : وبالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد .
إن عليا لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض ، ويوم من الله عليه بالإسلام ويوم يبعث حيا - ولاني المسلمون الأمر بعده ، فأسأل الله أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته ، وإنما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني وبين الله عز وجل في أمرك ، ولك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم والصلاح للمسلمين ، فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله ، وعند كل أواب حفيظ ، ومن له قلب منيب .
واتق الله ! ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فوالله مالك من خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به ، وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك ليطفئ الله النائرة بذلك ، ويجمع الكلمة ، ويصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك ، سرت إليك بالمسلمين ، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ) . 1
*********************
1 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 44 ، ص 39 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
نبارك لجميع المؤمنين والمؤمنات قرب ولادة كريم أهل البيت ثاني الأئمة الطاهرين الإمام الحسن المجتبى (ع) .
قال العلامة المجلسي : ( أقول : قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: قال أبو الفرج الأصفهاني كتب الحسن عليه السلام إلى معاوية مع جندب بن عبد الله الأزدي : من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليكم فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فان الله عزو جل بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين ، ومنة للمؤمنين توفاه الله غير مقصرٍ ولا وانٍ ، بعد أن أظهر الله به الحق ، ومحق به الشر ، وخص قريشاً خاصة فقال له : وإنه لذكر لك ولقومك فلما توفي تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد وحقه ، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش ، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد صلى الله عليه وآله ، فأنعمت لهم وسلمت إليهم .
ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانصاف والاحتجاج ، فلما صرنا أهل بيت ممد وأولياؤه إلى محاجتهم ، وطلب النصف منهم ، باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا ، فالموعد الله وهو المولي النصير .
ولقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام ، وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده ، فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الاسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الله حسيبك ، فسترد فتعلم لمن عقبى الدار : وبالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد .
إن عليا لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض ، ويوم من الله عليه بالإسلام ويوم يبعث حيا - ولاني المسلمون الأمر بعده ، فأسأل الله أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته ، وإنما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني وبين الله عز وجل في أمرك ، ولك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم والصلاح للمسلمين ، فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله ، وعند كل أواب حفيظ ، ومن له قلب منيب .
واتق الله ! ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فوالله مالك من خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به ، وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك ليطفئ الله النائرة بذلك ، ويجمع الكلمة ، ويصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك ، سرت إليك بالمسلمين ، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ) . 1
*********************
1 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 44 ، ص 39 .
تعليق