إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فضائل الإمام علي عليه السلام وآليات المنع.( الحلقة 1و2)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فضائل الإمام علي عليه السلام وآليات المنع.( الحلقة 1و2)





    فضائل الإمام علي عليه السلام وآليات المنع. الحلقة الأولى: اندراج الإسناد في أطار الصراعات السياسية والاجتماعية




    الحلقة الأولى: اندراج الإسناد في أطار الصراعات السياسية والاجتماعية


    بقلم: أ. د. ختام راهي الحسناوي الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير الأنام ابي القاسم محمد وعلى آله الهداة الاخيار.
    أما بعد:
    فإن مما هو جدير بالملاحظة والتأمل اندراج الإسناد في وقت مبكر في إطار الصراعات السياسية والاجتماعية، فقد أخرج مسلم في صحيحه أنه لم يكونوا ((يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنةُ، قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السُّنة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم))[1].
    ويكشف هذا الحديث عن الإطار الزماني لنشأة التقصي في الإسناد، والظروف التي أملته زمنياً، إذ بدأ الاهتمام بالإسناد بعد ربع قرن من وفاة النبي صلى الله عليه وآله، وتحديداً في خلافة الإمام علي[2]، وتولد ذلك عن صراعات سياسية متمثلة في الخلاف حول الخلافة، وعن صراعات اجتماعية متمثلة في الفرق المتشيعة من (شيعة) و (خوارج)، على أن الإسناد السني سيطر، واُعتبر المرجعية الأساسية، وجرى تهميش ما خرج عنه[3] منذ أن أسس معاوية عبر كتبه إلى ولاته بـ ((العيب على أصحاب علي والإقصاء لهم وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان... والإدناء لهم والاستماع منهم))[4] من هنا تأسس مبدأ إقصاء (الشيعي) وردّ أحاديثه أو اتهامه، وتقديم (السني) وقبول أحاديثه واعتمادها![5].
    وتأسست على ذلك مدارس كان أهم مرتكزاتها الرجالية في تضعيف الراوي وتوثيقه ينطلق من أساس مذهبي شديد الحذر من رواية الحديث النبوي الذي يشمل فضائل علي بن أبي طالبj، فضلاً عن النص على خلافته لأنه سيكون تبريراً فيما بعد لتفضيله على غيره، وسيعطي لمشروعية خلافته تراثاً نبوياً من الأحاديث التي لا يمكن التخلف عنها بحال.
    إن الانتماء المذهبي للراوي لم يعد علةً تامة في تضعيفه بل هو جزء علة، والعلة التامة فضلاً عن تشيعه هو روايته للفضائل التي لا تنسجم وتوجهات هذه المدارس، بل تُعد هذه الأحاديث في الحقيقة إدانة صريحة لأي نظام قائم، إذ تؤكد شرعية خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام[6].
    وقد راجت هذه الدسيسة على أكثر النقاد، فجعلوا يثبتون التشيع برواية الفضائل ويُجرّحون راويها بفسق التشيع، ثم يردون من حديثه ما كان في الفضائل، ويقبلون منه ما سوى ذلك وهي مكيدة شيطانية كاد أن ينسد بها باب الصحيح من فضل العترة النبوية لولا حكم الله النافذ[7]. وأول مَنْ نص على هذه القاعدة إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (ت259هـ/872م) وكان من غلاة النواصب[8]، فأسس بذلك قاعدة التحكم في مرويات (المبتدع) الذي يُقصد به المتشيع: من قبول ما كان منها في الأحكام وشبهها، ورد ما كان منها في الفضائل حتى لا يُقبل في فضل علي حديث[9].
    ويبدو أن هذا الإجراء قد تم اللجوء إليه مع انطلاق بواكير التدوين والتصنيف الرسمي للسُّنة النبوية لمحاصرة أحاديث الفضائل العلوية.
    ولكن ما هو المعنى المقصود من المبتدع (المتشيع)[10]. الهوامش:
    [1] الصحيح، ص51 المقدمة باب الإسناد من الدين، ابن حجر، لسان الميزان، 1/7.
    [2] من المؤرخين الذين عبّروا عن مدّة (خلافة الإمام علي) بمصطلح (الفتنة) أبو زرعة الدمشقي (ت280هـ أو 281/893 أو 894م) والذي ابتدأ تاريخه بالسيرة النبوية ثم تواريخ الخلفاء وأعمالهم (أبو بكر وعمر وعثمان)، ثم تجاهل خلافة الإمام علي مكتفياً بالقول: ((وكانت الفتنة خمس سنين)) ثم يستأنف تواريخ حكام بني أمية!!!.
    ينظر: تاريخ أبي زرعة، ص31–42 وما بعدها، راجح، الإمام علي، ص16.
    [3] يوسفي، صورة عثمان وعلي، ص44.
    [4] هذا ما جاء في كتاب معاوية إلى وإليه على الكوفة المغيرة بن شعبة. الطبري، تاريخ، 5/169.
    [5] عبد الحميد، تاريخ الإسلام، ص654.
    [6] الحلو، تاريخ الحديث النبوي، ص63–64.
    [7] الغماري المالكي، فتح الملك العلي، ص219.
    [8] قال الذهبي في ترجمته: إبراهيم بن يعقوب، أبو إسحاق السعد الجوزجاني الثقة، الحافظ، أحد أئمة الجرح والتعديل... وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي رضي الله عنه، وقد وصف الجوزجاني بأنه لم يكن يكذب. ينظر: ميزان الاعتدال، 1/205. ويطيب لي هنا أن أقتبس تعليق الحيدري على بعض توثيقات النواصب (بصدقه اللهجة) في الكتب الرجالية الذي أورده في كتابه (السلطة وصناعة الوضع)، ص205، إذ قال: ((كيف يوفق الإنسان بين توثيق الناصبي الثابت نفاقه بمقتضى الحديث النبوي الصحيح: (يا علي لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق) ويوصف (بصدق اللهجة) والقرآن الكريم يصرح بما لامجال للشــك فيــه ﴿وَالله َشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾؟!)) سورة المنافقون: الآية 1.
    [9] ابن حجر، لسان الميزان، 1/16؛ الغماري المالكي، فتح الملك العلي، ص221. وقال الغماري المالكي: وهذا الشرط لو أُعتبر لأفضى إلى رد جميع السُّنة إذ ما من راوٍ إلاّ وله في الأصول والفروع مذهب يختاره، ورأي يستصوبه ويميل إليه، مما غالبه ليس متفقاً عليه، فإذا روى ما فيه تأييد لمذهب وجب–حسب هذا الشرط–أن يُرد ولو كان ثقة مأموناً، لأنه لا يؤمن عليه حينئذ من غلبة الهوى في نصرة مذهبه كما لا يؤمن المبتدع الثقة المأمون في تأييد بدعته، فكما لا يُقبل من الشيعي في فضل علي، كذلك لا يُقبل من غيره شيء في بقية الأصحاب ثم لا يُقبل من الأشعري ما فيه دليل التأويل، ولا من السلفي ما فيه دليل التفويض، ثم لا يُقبل من الشافعي والحنفي وهكذا بقية أصحاب الأئمة الذين لم يخرج مجموع الرواة بعدهم عن التعلق بمذهب واحد منهم أو موافقته... وحينئذ فلا يُقبل في باب من الأبواب حديث إلاّ إذا أبلغ رواته حد التواتر... وبذلك تُرد أكثر السنة، أو ينعدم المقبول منها، وهذا في غاية الفساد.
    فتح الملك العلي، ص220–222، وينظر: ابن حجر، لسان الميزان، 1/7–13.
    [10] لمزيد من الاطلاع ينظر: رواية فضائل الإمام علي عليه السلام والعوامل المؤثرة فيها (المراحل والتحديات)، الدكتورة ختام راهي الحسناوي، ص 130-133.







  • #2





    فضائل الإمام علي عليه السلام وآليات المنع الحلقة الثانية: علة إطلاق صفة المبتدع على راوي فضائل الإمام علي عليه السلام في المنهج الروائي لأهل السنة.

    الحلقة الثانية: علة إطلاق صفة المبتدع على راوي فضائل الإمام علي عليه السلام في المنهج الروائي لأهل السنة.

    بقلم: أ. د. ختام راهي الحسناوي الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير الأنام ابي القاسم محمد وعلى آله الهداة الاخيار. أما بعد

    : إن المعنى المقصود من إطلاق لفظ التشيع على الرواة الذين تُرد رواياتهم، ويُصنفون ضمن مَنْ يُطعن عليهم ويُغمز في وثاقتهم، يظهر مما صرح به بعض أصحاب الجرح والتعديل من المصنفين، ومنهم: ابن حجر إذ ذكر بعض أسباب الطعن على مجموعة من الرواة، ومنها ما يعود إلى قضايا الاعتقاد فقال: ((التشيع: محبة علي، وتقديمه على الصحابة، فمَنْ قدَّمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في التشيع، ويطلق عليه رافضي وإلاّ فشيعي، فإن أضاف إلى ذلك السب، أو التصريح بالبغض، فغالٍ في الرفض...))[1].

    وبناءً على عبارة ابن حجر هذه فإن مجرد محبة علي (عليه السلام) والقول بأفضليته على عموم الصحابة تجعل من الشخص شيعياً، أما القول بأفضليته على الخليفتين الأول والثاني فإنه يجعل منه رافضياً غالياً في التشيع![2].

    ولما كان مجرد ذكر أي شخص بلفظ (شيعي) في ترجمته، يستدعي استحضار اللازمة لها وهي أنه (مبتدع)؛ فقد عني الذهبي (748هـ/1347م) بتوضيح حدود هذه البدعة من أيام سابقه (السلف) وحتى عصره، وكلمته ذات مضمون جامع مهم لأنها تضع أيدينا على ما واجهته رواية الشيعي في سنوات التدوين الأولى. إذ قال: ((أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلوّ التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملةٌ من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيّنة. ثم بدعة كبرى؛ كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر والدعاء إلى ذلك؛ فهذا النوع لا يُحتجُّ بهم ولا كرامة. وأيضاً فما أستحضرُ الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً؛ بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يُقبل نقلُ من هذا حاله! حاشا وكلا. فالشيعي الغالي في زمان السلف وعُرفهم هو مَن تكلّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً [عليه السلام] ، وتعرّض لسبِّهم. والغالي في زماننا وعُرفنا هو الذي يُكفّر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضاً فهذا ضالُّ مُعَثّر..))[3].

    فالذهبي يرى أن مجرد مشايعة الإمام علي (عليه السلام) (بدعة) وإن لم يرافقها غلو أو تحريف وحتى لو كانت هذه المشايعة بدافع الإيمان بالحديث النبوي الصحيح: ((يا علي لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يُبغضك إلاّ منافق))[4]،

    أما مع التكلم في أمثال الزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً فإنها تجعل من الشخص غالياً في التشيع، مع أن (التكلم) لا يعني التجريح والطعن في الدين والحط على هؤلاء المحاربين، بل ولو كان تخطئة لهم فيما أقدموا عليه أو تصريحاً بميلهم عن الصواب في قتاله (عليه السلام) واستحلالهم دمه أو طلبهم أمراً ليس لهم الحق فيه!![5]

    . ويبدو أن معايير أصحاب هذا الرأي متناقضة وغير نزيهة وصريحة في التحامل على رواة الشيعة، وإلاّ لماذا لا تُعد محبة الشيخين (أبي بكر وعمر) والدعاء لهما بدعة؟ ولماذا لا يُبدع بالبدعة الكبرى مَنْ يُبغض أمير المؤمنين والذي يسبّه ويلعنه ويقع فيه علناً؟ ولماذا يوثق من يروي عنه المناكير، وتُسجل روايته في كتب الصحاح؟!! مثل حريز بن عثمان الرحبي (ت163هـ/779م)[6]،

    الذي قال عنه الذهبي: ((كان متقناً ثبتاً، لكنه مبتدع))[7] ونقل توثيقات عدد من العلماء له مثل يحيى بن القطان (ت198هـ/813م) ويحيى بن معين (ت233هـ/847م)[8]. وقد علق أحد المحققين على هذا المنهج المتهافت فقال: ((لا نقبل هذا الكلام من شيخ النقاد أبي عبد الله الذهبي، إذ كيف يكون الناصبي ثقة، وكيف يكون (المبغض) ثقة؟ فهل النصب وبغض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بدعة صغرى أم كبرى؟ والذهبي نفسه يقول في (الميزان: 1/6) في وصف البدعة الكبرى: (الرفض الكامل والغلوّ فيه، والحط على أبي بكر ، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يُحتجّ بهم ولا كرامة) أو ليس الحط على عليّ و(النصب) من هذا القبيل؟ وقد ثبت من نقل الثقاة أن هذا الرجل [حريز ابن عثمان] كان يبغض علياً، وقد قيل: أنه رجع عن ذلك، فإن صحّ رجوعه فما الذي يدرينا أنه ما حدّث في حال بغضه وقبل توبته؟))[9])[10].

    الهوامش:
    [1] هدي الساري مقدمة في فتح الباري، مجـ2/138.
    [2] الحيدري، السلطة وصناعة الوضع، ص159.
    [3] الذهبي، ميزان الاعتدال، 1/118–119؛ ابن حجر، لسان الميزان، 1/9–10.
    [4] ابن حنبل، فضائل أمير المؤمنين، ص150، ص229، ص321؛ مسلم، الصحيح، ص90؛ النسائي، خصائص، ص155–156.وينظر: الحاكم النيسابوري، المستدرك، 3/341.
    [5] الحيدري، السلطة وصناعة الوضع، ص161.
    [6] ينظر لسب حريز لأمير المؤمنين: المزي، تهذيب الكمال، 5/576؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب، 1/376.
    وينظر لروايته المناكير عن الإمام علي وقلب فضائله العلية: ابن حجر، تهذيب التهذيب، 1/376.
    وينظر لإخراج البخاري لرواياته: الذهبي، ميزان الاعتدال، 2/218؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب، 1/376–377.
    [7] ميزان الاعتدال، 2/218.
    [8] المصدر نفسه، 2/219.
    [9] بشار عواد معروف، في حاشية تحقيق كتاب تهذيب الكمال للمزي، ج5/579.
    [10] لمزيد من الاطلاع ينظر: رواية فضائل الإمام علي عليه السلام والعوامل المؤثرة فيها (المراحل والتحديات)، الدكتورة ختام راهي الحسناوي، ص 133-136.






    التعديل الأخير تم بواسطة صدى المهدي; الساعة 17-03-2025, 07:18 AM.

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X