بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[1].
عندما يخاطب الله تعالى المؤمنون المتقون يتفاعلون ويأتمرون فتصبح صيرورة الايمان العلمي عندهم عينا، فيعاينوا أن الحافظ من تمام الشرور هو الله أو صيرورته أمرا بالخوف من الله حتى يأتون بالواجبات ويتركون المحرمات، وبابتغاء الوسيلة وهو الوسيلة الى التوصل الى الله بأي نحو كان مرضيا له من الاعمال، فعلا وتركا، والاخلاق ثبوتا ونفيا.
وعليه يحتمل أن يكون المراد واتصلوا حبلكم بالواسطة اذ ليس لكل احد أن يتصل الى الله من دون الواسطة، فلو اراد احد لا يكون من شأنه ذلك ان يتصل من دون الواسطة؛ يهوى ويسقط، نتيجة لبطلان الطفرة، فالاتصال بحبل النبي صلّى الله عليه وآله والوصي عليه السّلام يكون لازما؛ بل في زمن الغيبة يكون الاتصال بحبل المنصوبين، لأن يتصل الحبل اليهم يكون لازما، وللاجتهاد في سبيله بمطلق ما يكون جهادا من الاصغر والاكبر؛ وكانت المجاهدة لأجله خالصا من كل شائبة لأجل توقف الفلاح عليها، فإن لم يمنع المانع فالفلاح مترتب وإن منع المانع لا يترتب ولأجل ذلك عبر بكلمة لعل الموضوعة للرجاء والرجاء في صورة غلبة الترتب ووجود المقتضى ايضا في الغالب يترتب عليه المقتضى فيناسبه.
وهنا «الوسيلة» معرفة دون «وسيلة» منكرة، لامحة لكون الوسيلة وسيلة معروفة في أهل الله وفي سبيل الله، دون أية وسيلة معروفة أو منكرة قضية أن الغاية تبرر الوسيلة، فكما أن سبيل اللّه خالصة صالحة كما سنها الله، كذلك الوسيلة إليه لا بد أن تكون مسنونة ربانية صالحة، ومن وسيلة رسولية هي الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهلوه المعصومون وأخرى رسالية هي القرآن العظيم وهو وسيلة أصيلة للرسول، فهما وسيلتان فرقدان لا يتفارقان.
ومن ثم وسيلة علمية وعقيدية وخلقية وتطبيقية، شخصية وجماعية، أم أية وسيلة هي حصيلة التربية الربانية، نبتغيها إلى الله في سلوكنا سبيل الله، تحكيما لعرى تقوى الله ف «أفضل ما توسل به المتوسلون الإيمان بالله ورسوله»، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وهنا ﴿إليه﴾، لا تعني إلى كيانه ذاتا وصفات وأفعالا، وصولا معرفيا لكونها من وصولات لا تليق بذاته القدسية، وإنما تعني إلى تقواه ومرضاته، معرفيا وعمليّا كما يحب ويرضى.
ثم «الوسيلة» المعروفة، المسرودة في الذكر الحكيم هي بين أصيلة وفصيلة، والأولى هي الفطرة والعقلية السليمة وسائر الآيات الأنفسية والوسيلة العملية الصالحة، والثانية هي طليق الآيات الآفاقية كونية ورسولية ورسالية، ومن ثم جماعية إلى شخصية، تجنيدا لكل الطاقات المستطيعة في حقل التقوى، لتقوى على إفلاح هذه السبيل الشائكة فتصل إلى رضوان الله.
والنتيجة تقوى الله تحلّق على كافة الجنبات السلبية في شرعة الله، وقد تناسبها الآية السالفة المهددة الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، فكما من تقوى الله في القمة ترك هذه المحظورات الهامة في شرعة الله، كذلك منها الحفاظ على حرمات الله ملاحقة للذين يحاربون الله ويسعون في الأرض فسادا، صدا لثغرات تنشب في أهل الله، ومنها العفو عن الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم.
فتقوى الله في ذلك المثلث، تقوى بها كرامة الإيمان في حقله وأهله، ولكنها أمام كرور العراقيل بحاجة إلى «الوسيلة» الصالحة، الوصيلة إلى الله والتعبير هنا ب «الوسيلة» دون «الوصيلة» اعتبارا بأن «الوسيلة» هي التوصّل إلى الشيء برغبة، وهي هنا الرغبة الإيمانية، وأما الوصيلة فهي طليقة غير مختصة برغبة، إذا فما بين الوسيلة والوصيلة عموم من وجه، ثم لا وصيلة عندنا توصّلنا بصورة محتومة إلاّ أن يشاء الله، فلذلك نرى النتيجة ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وورد بِإِسْنَادِ اَلتَّمِيمِيِّ عَنِ اَلرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ((اَلْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اَللهَ وَمَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ عَصَى اَللهَ هُمُ اَلْعُرْوَةُ اَلْوُثْقَى وَهُمُ اَلْوَسِيلَةُ إِلَى اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ))[2].
[1] سورة المائدة، الآية: 35.
[2] عيون الأخبار، ج 2، ص 58.
تعليق