من يشككون فى نهج البلاغة ساعين إلى شطبه من وجدان الأمة يرتكبون خطايا الهبوط بوعى الأمة و ذوقها الأدبى و الفكرى
ما زال البعض يشكك فى أصالة كتاب ( نهج البلاغة ) الذى جمعه الشريف الرضى رحمة الله عليه وقدس الله سره الشريف و ينفى نسبة ما فيه من روايات للإمام على بن أبى طالب (ع)زاعماً أن هذا الكلام منحول و أنه من وضع الشريف الرضى .
مما لا شك فيه أن الجدل الذى اندلع أخيرا حول ( كتب السنة ) بين طرفين أحدهما يرى أن كل ما فى هذه الكتب هو صحيح و مقدس و طرف آخر ينفى قيمة هذه الكتب نفياً تاماً قد ألقى بظلاله أيضا على نهج البلاغة و على كتب الروايات المنسوبة لأئمة أهل البيت .
نفى مطلق و قبول عشوائى
و قبل أن نثبت أصالة ( نهج البلاغة ) و نسبته إلى الإمام على نود أن نؤكد نقطة بالغة الأهمية هى أنه لا وجه للمقارنة بين القرآن الكريم كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و أى كتاب غيره على وجه هذه الأرض .
القرآن ( و هو كلام الله ) إنما هو خط مستور بين الدفتين ، لا ينطق بلسان ، ولابد له من ترجمان ، و إنما ينطق عنه الرجال .
و من هنا فكل كلام غير القرآن ترتبط قيمته بارتباطه بالأصل الأصيل و هو القرآن و بكونه ترجمة لمعانى كتاب الله و تطبيقاً لها على قضايا الكون و المجتمع و الإنسان و الأخلاق .....
يروى الإمام الصادق عن رسول الله صلى الله عليه و آله : إن على كل حق حقيقة ، و على كل صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فدعوه .
الذى نوقن به أن ما نقل إلينا عن رسول الله صلى الله عليه و آله و عن أئمة أهل البيت هو فى حقيقته مردود إلى كتاب الله يفسر ليبين ما جاء فيه من العلم و الحكمة و لا يعد أصلاً قائماً بذاته .
المستند الأبرز للتشكيك فى أصالة نهج البلاغة هو عدم ذكر الشريف الرضى للأسانيد و الرواة و كأن الإسناد و حدثنى فلان عن فلان يعد مبرراً كافياً لإقناعنا لابتلاع كل البلايا و الغصص .
لنضرب مثلاً على انعدام قيمة الإسناد عندما تصبح الرواية نوعاً من اللغو الفارغ كما فعل الشيخ البخارى فى قصة القردة التى زنت . روى البخارى قال : 3636- حدثنا نعيم بن حماد : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال : رأيت فى الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة ، قد زنت ، فرجموها ، فرجمتها معهم . (*)
لا أفهم لماذا روى البخارى هذه الأسطورة و ما قيمة ذكر الإسناد فى هذا الصدد ؟؟!!.
الشريف الرضى
الشريف الرضى هو السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى و ينتهى نسبه إلى الإمام موسى الكاظم و قد عاش رحمة الله عليه فى الفترة ما بين عامى 359 هـ و إلى عام 406 هـ و كان شاعرا فحلا من أعظم شعراء العرب .
الزعم بأن الرجل قد اخترع هذا الكلام و نسبه إلى الإمام على يتوقف فى إثباته على نفى أى وجود لهذا الكلام البليغ المتجاوز للمألوف من بلاغة العرب فى كتب التاريخ قبل نهاية القرن الرابع الهجرى !!.
كما يحتاج إثبات دعوى اختلاق نهج البلاغة إلى إثبات أن الشريف الرضى وحده هو من روى هذه الخطب .
لنأخذ ما رواه ابن جرير الطبرى فى تاريخه و قد مات الرجل عام 304 هـ أى قبل ولادة الشريف الرضى بأكثر من خمسين عاماً حيث ذكر محاورة الإمام على مع الخوارج ( إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن و هذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال قالوا فخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم قال ليعلم الجاهل و يتثبت العالم و لعل الله عز و جل يصلح فى هذه الهدنة هذه الأمة ) الطبرى ج 5 ، ص 66 .
و هو نفس ما ذكره الشريف الرضى فى خطبة 125 من كتابه نهج البلاغة .
خذ عندك ما رواه نصر بن مزاحم المنقرى ( المتوفى سنة 212 هـ ) فى كتاب موقعة صفين و هى نفس الخطبة التى رواها الشريف الرضى فى النهج رقم 42 ( أيها الناس ! إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان : اتباع الهوى ، و طول الأمل : فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، و أما طول الأمل فيُنسِى الآخرة ألا و إن الدنيا قد ولَّت حذّ َاء ....).
السؤال التالى : هل أن الشريف الرضى المتهم بالتزوير و الاختلاق هو من روى وحده هذه الخطب و الأدعية و الحكم ؟!.
بالرجوع إلى كتاب البداية و النهاية لابن كثير فى ترجمته لكميل بن زياد النخعى يقول : فى عام 82 هـ قتله الحجاج الثقفى . و قد روى كميل بن زياد عن عمر و عثمان و على و ابن مسعود و أبى هريرة و شهد مع على صفين ، و كان شجاعاً ، زاهداً عابداً ، قتله الحجاج ، و قد عاش مائة سنة صبراً بين يديه : عندما شتم الحجاج علياً و نال منه فصلى عليه كميل ، فقال له الحجاج : و الله لأبعثن إليك من يبغض علياً أكثر مما تحبه أنت ( ! ) فأرسل إليه رجلا من أهل حمص ، فضرب عنقه . قال ابن كثير : و قد روى من كميل جماعة كثيرة من التابعين و له الأثر المشهور عن على بن أبى طالب الذى أوله ( القلوب أوعية فخيرها أوعاها ) و هو طويل قد رواه جماعة من الحفاظ الثقات و فيه مواعظ و كلام حسن رضى الله عن قائله . البداية و النهاية ج/ص: 9/58 .
و هى الحكمة 139 الموجودة فى نهج البلاغة .
تفسير ابن كثير
كما يذكر ابن كثير فى تفسير قوله تعالى ( إن الله و ملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليماً ) الاحزاب 56 ، من طريق سعيد بن منصور و يزيد بن هارون و زيد بن الحباب ثلاثتهم عن نوح بن قيس حدثنا سلامة الكندى أن علياً رضى الله عنه كان يُعلم الناس هذا الدعاء :
اللهم داحى المدحوات و بارئ المسموكات و جبار القلوب على فطرتها شقيها و سعيدها اجعل شرائف صلواتك و نوامى بركاتك و رأفة تحننك على محمد عبدك و رسولك الفاتح لما أُغلق و الخاتم لما سبق و المعلن الحق بالحق و الدامغ لجيشات الأباطيل كما حمل فاضطلع بأمرك بطاعتك مستوفزاً فى مرضاتك غير نكل فى قدم و لا وهن فى عزم واعياً لوحيك حافظاً لعهدك ماضياً على نفاذ أمرك حتى أورى قبساً لقابس ..........
و هى نفسها الخطبة 71 الواردة فى نهج البلاغة .
و رداً على من أثار شكوكاً عن نسبة ما فى كتاب نهج البلاغة إلى الإمام على يقول ابن أبى الحديد : " كثير من أرباب الهوى يقولون : إن الكثير من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة و ربما عزوا بعضه إلى الرضى أبى الحسن أو غيره و هؤلاء أعمت العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح . و أنا أوضح لك ما فى هذا الخاطر من الغلط فأقول : لا يخلو إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً ، أو بعضه . و الأول باطل بالضرورة ، لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، و قد نقل المحدثون ، كلهم أو جلهم - و المؤرخون كثيرا منه ، و ليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض فى ذلك . و الثانى : يدل على ما قلناه ، لأن من قد أنس بالكلام و الخطابة و شدا طرفاً من علم البيان و صار له ذوق فى هذا الباب ، لابد أن يفرق بين الكلام الركيك و الفصيح و بين الفصيح و الأفصح و بين الأصيل و المولد و إذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فلابد أن يفرق بين الكلامين و يميز بين الطريقتين ، ألا ترى أنا مع معرفتنا بالشعر و نقده ، لو تصفحنا ديوان أبى تمام فوجدنا فى أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبى تمام نفسه و طريقته و مذهبه فى القريض ، ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه فى الشعر ! .
الذين يشككون فى نهج البلاغة ساعين إلى شطبه بالكلية من وجدان الأمة و يقاتلون فى نفس الوقت من أجل إثبات صحة كل ما جاء فى البخارى لا لشئ سوى أنه قدم لما ورد فيه بحدثنى فلان عن فلان يرتكبون عدة خطايا من بينها الهبوط بوعى الأمة و ذوقها الأدبى و الفكرى و لا يقدمون لها بديلا سوى قصة القردة التى زنت فأقيم عليها الحد من دون أن يخبرونا عن اسم هذه القردة و عما إذا كانت محصنة أو غير محصنة و هل تعدد الزوجات عند القرود جائز أو مستحب ؟! .
و أسئلة أخرى مكانها الوحيد هو عالم الحيوان و ليس عالم الثقافة و الفكر و الدين !!!!.
ـــــــــــــــــــــــ
(*) لعل هذه الرواية مدسوسة على مخطوطة صحيح البخارى فهى رواية لا تعقل و لا تصح و على كل حال فهى غير ذات قيمة و ليست حديثا نبويا بل مجرد خبر لا علاقة له بالإسلام و لا بالنبى و الراوى عمرو بن ميمون لم يروى سواها فهو ليس براو أحاديث شهير .. و هذا متن الرواية
خ نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن أبي بلج وحصين عن عمرو بن ميمون قال رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة فرجموها فرجمتها معهم.
شبابة حدثنا عبد الملك بن مسلم حدثنا عيسى بن حطان قال حدثنا عمرو بن ميمون قال كنت في حرث فرأيت قروداً كثيرة قد اجتمعن فرأيت قرداً وقردة قد اضطجعا ثم أدخلت القردة يدها تحت عنق القرد واعتنقها وناما فجاء قرد فغمزها فنظرت إليه وانسلت يدها من تحت رأس القرد ثم انطلقت معه غير بعيد فنكحها وأنا أنظر ثم رجعت إلى مضجعها فذهبت تدخل يدها تحت عنق القرد فانتبه فقام إليها فشم دبرها قال فاجتمعت القردة فجعل يشير إليها فتفرقت القردة فلم ألبث أن جيء بذلك القرد بعينه أعرفه فانطلقوا بها وبه إلى موضع كثير الرمل فحفروا لهما حفيرة فجعلوهما فيها ثم رجموهما حتى قتلوهما. رواه عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن عبد الملك نحوه.
فلتسقط جميع الاراء الفاسدة التي تريد ان تمحو كل فضيلة وكرامة للامام علي (ع) يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون صدق الله العلي العظيم
اخوكم براء
ما زال البعض يشكك فى أصالة كتاب ( نهج البلاغة ) الذى جمعه الشريف الرضى رحمة الله عليه وقدس الله سره الشريف و ينفى نسبة ما فيه من روايات للإمام على بن أبى طالب (ع)زاعماً أن هذا الكلام منحول و أنه من وضع الشريف الرضى .
مما لا شك فيه أن الجدل الذى اندلع أخيرا حول ( كتب السنة ) بين طرفين أحدهما يرى أن كل ما فى هذه الكتب هو صحيح و مقدس و طرف آخر ينفى قيمة هذه الكتب نفياً تاماً قد ألقى بظلاله أيضا على نهج البلاغة و على كتب الروايات المنسوبة لأئمة أهل البيت .
نفى مطلق و قبول عشوائى
و قبل أن نثبت أصالة ( نهج البلاغة ) و نسبته إلى الإمام على نود أن نؤكد نقطة بالغة الأهمية هى أنه لا وجه للمقارنة بين القرآن الكريم كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و أى كتاب غيره على وجه هذه الأرض .
القرآن ( و هو كلام الله ) إنما هو خط مستور بين الدفتين ، لا ينطق بلسان ، ولابد له من ترجمان ، و إنما ينطق عنه الرجال .
و من هنا فكل كلام غير القرآن ترتبط قيمته بارتباطه بالأصل الأصيل و هو القرآن و بكونه ترجمة لمعانى كتاب الله و تطبيقاً لها على قضايا الكون و المجتمع و الإنسان و الأخلاق .....
يروى الإمام الصادق عن رسول الله صلى الله عليه و آله : إن على كل حق حقيقة ، و على كل صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فدعوه .
الذى نوقن به أن ما نقل إلينا عن رسول الله صلى الله عليه و آله و عن أئمة أهل البيت هو فى حقيقته مردود إلى كتاب الله يفسر ليبين ما جاء فيه من العلم و الحكمة و لا يعد أصلاً قائماً بذاته .
المستند الأبرز للتشكيك فى أصالة نهج البلاغة هو عدم ذكر الشريف الرضى للأسانيد و الرواة و كأن الإسناد و حدثنى فلان عن فلان يعد مبرراً كافياً لإقناعنا لابتلاع كل البلايا و الغصص .
لنضرب مثلاً على انعدام قيمة الإسناد عندما تصبح الرواية نوعاً من اللغو الفارغ كما فعل الشيخ البخارى فى قصة القردة التى زنت . روى البخارى قال : 3636- حدثنا نعيم بن حماد : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال : رأيت فى الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة ، قد زنت ، فرجموها ، فرجمتها معهم . (*)
لا أفهم لماذا روى البخارى هذه الأسطورة و ما قيمة ذكر الإسناد فى هذا الصدد ؟؟!!.
الشريف الرضى
الشريف الرضى هو السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى و ينتهى نسبه إلى الإمام موسى الكاظم و قد عاش رحمة الله عليه فى الفترة ما بين عامى 359 هـ و إلى عام 406 هـ و كان شاعرا فحلا من أعظم شعراء العرب .
الزعم بأن الرجل قد اخترع هذا الكلام و نسبه إلى الإمام على يتوقف فى إثباته على نفى أى وجود لهذا الكلام البليغ المتجاوز للمألوف من بلاغة العرب فى كتب التاريخ قبل نهاية القرن الرابع الهجرى !!.
كما يحتاج إثبات دعوى اختلاق نهج البلاغة إلى إثبات أن الشريف الرضى وحده هو من روى هذه الخطب .
لنأخذ ما رواه ابن جرير الطبرى فى تاريخه و قد مات الرجل عام 304 هـ أى قبل ولادة الشريف الرضى بأكثر من خمسين عاماً حيث ذكر محاورة الإمام على مع الخوارج ( إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن و هذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال قالوا فخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم قال ليعلم الجاهل و يتثبت العالم و لعل الله عز و جل يصلح فى هذه الهدنة هذه الأمة ) الطبرى ج 5 ، ص 66 .
و هو نفس ما ذكره الشريف الرضى فى خطبة 125 من كتابه نهج البلاغة .
خذ عندك ما رواه نصر بن مزاحم المنقرى ( المتوفى سنة 212 هـ ) فى كتاب موقعة صفين و هى نفس الخطبة التى رواها الشريف الرضى فى النهج رقم 42 ( أيها الناس ! إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان : اتباع الهوى ، و طول الأمل : فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، و أما طول الأمل فيُنسِى الآخرة ألا و إن الدنيا قد ولَّت حذّ َاء ....).
السؤال التالى : هل أن الشريف الرضى المتهم بالتزوير و الاختلاق هو من روى وحده هذه الخطب و الأدعية و الحكم ؟!.
بالرجوع إلى كتاب البداية و النهاية لابن كثير فى ترجمته لكميل بن زياد النخعى يقول : فى عام 82 هـ قتله الحجاج الثقفى . و قد روى كميل بن زياد عن عمر و عثمان و على و ابن مسعود و أبى هريرة و شهد مع على صفين ، و كان شجاعاً ، زاهداً عابداً ، قتله الحجاج ، و قد عاش مائة سنة صبراً بين يديه : عندما شتم الحجاج علياً و نال منه فصلى عليه كميل ، فقال له الحجاج : و الله لأبعثن إليك من يبغض علياً أكثر مما تحبه أنت ( ! ) فأرسل إليه رجلا من أهل حمص ، فضرب عنقه . قال ابن كثير : و قد روى من كميل جماعة كثيرة من التابعين و له الأثر المشهور عن على بن أبى طالب الذى أوله ( القلوب أوعية فخيرها أوعاها ) و هو طويل قد رواه جماعة من الحفاظ الثقات و فيه مواعظ و كلام حسن رضى الله عن قائله . البداية و النهاية ج/ص: 9/58 .
و هى الحكمة 139 الموجودة فى نهج البلاغة .
تفسير ابن كثير
كما يذكر ابن كثير فى تفسير قوله تعالى ( إن الله و ملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليماً ) الاحزاب 56 ، من طريق سعيد بن منصور و يزيد بن هارون و زيد بن الحباب ثلاثتهم عن نوح بن قيس حدثنا سلامة الكندى أن علياً رضى الله عنه كان يُعلم الناس هذا الدعاء :
اللهم داحى المدحوات و بارئ المسموكات و جبار القلوب على فطرتها شقيها و سعيدها اجعل شرائف صلواتك و نوامى بركاتك و رأفة تحننك على محمد عبدك و رسولك الفاتح لما أُغلق و الخاتم لما سبق و المعلن الحق بالحق و الدامغ لجيشات الأباطيل كما حمل فاضطلع بأمرك بطاعتك مستوفزاً فى مرضاتك غير نكل فى قدم و لا وهن فى عزم واعياً لوحيك حافظاً لعهدك ماضياً على نفاذ أمرك حتى أورى قبساً لقابس ..........
و هى نفسها الخطبة 71 الواردة فى نهج البلاغة .
و رداً على من أثار شكوكاً عن نسبة ما فى كتاب نهج البلاغة إلى الإمام على يقول ابن أبى الحديد : " كثير من أرباب الهوى يقولون : إن الكثير من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة و ربما عزوا بعضه إلى الرضى أبى الحسن أو غيره و هؤلاء أعمت العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح . و أنا أوضح لك ما فى هذا الخاطر من الغلط فأقول : لا يخلو إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً ، أو بعضه . و الأول باطل بالضرورة ، لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، و قد نقل المحدثون ، كلهم أو جلهم - و المؤرخون كثيرا منه ، و ليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض فى ذلك . و الثانى : يدل على ما قلناه ، لأن من قد أنس بالكلام و الخطابة و شدا طرفاً من علم البيان و صار له ذوق فى هذا الباب ، لابد أن يفرق بين الكلام الركيك و الفصيح و بين الفصيح و الأفصح و بين الأصيل و المولد و إذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فلابد أن يفرق بين الكلامين و يميز بين الطريقتين ، ألا ترى أنا مع معرفتنا بالشعر و نقده ، لو تصفحنا ديوان أبى تمام فوجدنا فى أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبى تمام نفسه و طريقته و مذهبه فى القريض ، ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه فى الشعر ! .
الذين يشككون فى نهج البلاغة ساعين إلى شطبه بالكلية من وجدان الأمة و يقاتلون فى نفس الوقت من أجل إثبات صحة كل ما جاء فى البخارى لا لشئ سوى أنه قدم لما ورد فيه بحدثنى فلان عن فلان يرتكبون عدة خطايا من بينها الهبوط بوعى الأمة و ذوقها الأدبى و الفكرى و لا يقدمون لها بديلا سوى قصة القردة التى زنت فأقيم عليها الحد من دون أن يخبرونا عن اسم هذه القردة و عما إذا كانت محصنة أو غير محصنة و هل تعدد الزوجات عند القرود جائز أو مستحب ؟! .
و أسئلة أخرى مكانها الوحيد هو عالم الحيوان و ليس عالم الثقافة و الفكر و الدين !!!!.
ـــــــــــــــــــــــ
(*) لعل هذه الرواية مدسوسة على مخطوطة صحيح البخارى فهى رواية لا تعقل و لا تصح و على كل حال فهى غير ذات قيمة و ليست حديثا نبويا بل مجرد خبر لا علاقة له بالإسلام و لا بالنبى و الراوى عمرو بن ميمون لم يروى سواها فهو ليس براو أحاديث شهير .. و هذا متن الرواية
خ نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن أبي بلج وحصين عن عمرو بن ميمون قال رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة فرجموها فرجمتها معهم.
شبابة حدثنا عبد الملك بن مسلم حدثنا عيسى بن حطان قال حدثنا عمرو بن ميمون قال كنت في حرث فرأيت قروداً كثيرة قد اجتمعن فرأيت قرداً وقردة قد اضطجعا ثم أدخلت القردة يدها تحت عنق القرد واعتنقها وناما فجاء قرد فغمزها فنظرت إليه وانسلت يدها من تحت رأس القرد ثم انطلقت معه غير بعيد فنكحها وأنا أنظر ثم رجعت إلى مضجعها فذهبت تدخل يدها تحت عنق القرد فانتبه فقام إليها فشم دبرها قال فاجتمعت القردة فجعل يشير إليها فتفرقت القردة فلم ألبث أن جيء بذلك القرد بعينه أعرفه فانطلقوا بها وبه إلى موضع كثير الرمل فحفروا لهما حفيرة فجعلوهما فيها ثم رجموهما حتى قتلوهما. رواه عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن عبد الملك نحوه.
فلتسقط جميع الاراء الفاسدة التي تريد ان تمحو كل فضيلة وكرامة للامام علي (ع) يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون صدق الله العلي العظيم
اخوكم براء
تعليق