بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على المصطفى محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين
اسعد الله ايامكم وتقبل اعمالكم ، وبارك الله في اعماركم وارزاقكم ، في هذا العيد المبارك
أعياد المسلمين:
انسجامًا مع رؤيته للكون والإنسان والحياة، أقرَّ الإسلام أعيادًا اعتبرها تُحقّق الهدف من بعثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو تحصيل السعادة والخلاص في الآخرة والفوز العظيم في جنّة الخلد، إضافة إلى تحقيق الرّفاه والعيش الرغيد في هذه الدنيا، لا للفرد نفسه وحسب، ولكنّ للجماعة المسلمة، بل للإنسانيّة كلها، إذا سارت في طريق الإسلام وهداه.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
(ينبغي لمن خرج إلى العيد أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيّب بأحسن طيبه).
وفي هذا السياق يدخل دعاء السيد المسيح (عليه السلام) بإنزال المائدة من السماء، قال تعالى:
﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
عيد المؤمنين:
من المعلوم إن العيد وإظهار الفرح والبهجة، يمكن أن يظهر بعدة مظاهر، فمنها ما يرتبط بنجاح دنيويّ، وإنجاز ماديّ، ومنها ما يرتبط بعالم الآخرة، والهدف الأسمى، والغاية الكبرى، التي يطمح المرء إلى تحقيقها والوصول إليها، ذلك أنّه حتّى الإنسان غير المؤمن بعالم الاخرة، لا يخلو من طموحات وآمال يعتبرها غاية من غاياته، وهدفًا يستشرفه في مستقبل أيامه، ويسعى إلى إنجاز هذه الطموحات وتحقيق تلك الآمال.
وانسجامًا مع هذه الغايات والآمال، يتوقف غير المؤمن بالآخرة، أو المغرور بالحياة الدنيا، عند تحقيق الإنجازات المادّية، والنجاحات الزمنية، ولا يتجاوزها إلى ما وراءها، وهؤلاء يشكلون مصداقًا حقيقيًا للذين اطمأنوا بالحياة الدنيا، واقتصر سعيهم للحصول عليها، فكانت أعيادهم واحتفالاتهم متوافقة مع هذه الرؤيا، فوقعوا موقع الغافلين في الميزان الإلهي، حيث يصابون بالخذلان في عالم الحق، فكانت عاقبتهم مُقتصِرة على متاع الدنيا القليل في مقابل الآخرة، كما قال تعالى:
﴿إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾.
ولكن المؤمن لا يُعيرُ أيّة أهمية للنجاحات المادية والإنجازات الدنيوية، لأنّّها لا تشكّل مطمحًا له ولا غاية يرجو الإخلاد إليها، إذ المفروض أنّه قد تأدَّب بآداب الله تعالى، وتخلَّق بأخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، فنظر إلى الحياة الدنيا على أنّها متاع الغرور، وأنّها لهو ولعب وزينة وتفاخر بين الناس، بالأموال والأولاد، ولا تساوي بنظره شيئًا، إلاّ بمقدار ما يزرعه فيها من عمل صالح يحصد ثماره في الآخرة، وآمن أنّ الدار الآخرة هي الحيوان، وغير ذلك من المفاهيم والقوانين التي صقلت شخصيته، وهذّبت وجدانه وروحه، فحَكَّم عقله في أهواء نفسه، ومَلَك شهواته، وسيَّرها بالاتّجاه الإلهيّ الصحيح.
فالإنسان المؤمن ينطلق في فرحه وحزنه، وبهجته وغمّه، من خلال رضا الله تعالى، وما يدفعه إليه إيمانه من انسجام وتوافق بين باطنه وظاهره، فما يكون مفرحًا في طول ولاية الله تعالى ورضاه، يُفرِحه على المستوى النفسي، وتظهر آثاره على مظهره الخارجي، وما لا يكون كذلك سيكون أثره على مظهره متماشيًا ومنسجمًا مع ما انعقد عليه قلبه من إيمان.
إلاّ أنّ ذلك لا يعني عُزوفه بالمطلق عن الحياة الدنيا، بل هو يسعى إلى التوفيق بين مقتضيات الحياة الدنيا، ومقتضيات الآخرة، ما دام منسجمًا مع ذاته، فكان مصداقًا لقوله تعالى:
﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَ﴾.
غاية ما في الأمر أنّه يسخّر نِعَم الدنيا لتكون في خدمة الهدف الأسمى والغاية الأشرف والفوز بالجنة.
اللهم صل على المصطفى محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين
اسعد الله ايامكم وتقبل اعمالكم ، وبارك الله في اعماركم وارزاقكم ، في هذا العيد المبارك
أعياد المسلمين:
انسجامًا مع رؤيته للكون والإنسان والحياة، أقرَّ الإسلام أعيادًا اعتبرها تُحقّق الهدف من بعثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو تحصيل السعادة والخلاص في الآخرة والفوز العظيم في جنّة الخلد، إضافة إلى تحقيق الرّفاه والعيش الرغيد في هذه الدنيا، لا للفرد نفسه وحسب، ولكنّ للجماعة المسلمة، بل للإنسانيّة كلها، إذا سارت في طريق الإسلام وهداه.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
(ينبغي لمن خرج إلى العيد أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيّب بأحسن طيبه).
وفي هذا السياق يدخل دعاء السيد المسيح (عليه السلام) بإنزال المائدة من السماء، قال تعالى:
﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
عيد المؤمنين:
من المعلوم إن العيد وإظهار الفرح والبهجة، يمكن أن يظهر بعدة مظاهر، فمنها ما يرتبط بنجاح دنيويّ، وإنجاز ماديّ، ومنها ما يرتبط بعالم الآخرة، والهدف الأسمى، والغاية الكبرى، التي يطمح المرء إلى تحقيقها والوصول إليها، ذلك أنّه حتّى الإنسان غير المؤمن بعالم الاخرة، لا يخلو من طموحات وآمال يعتبرها غاية من غاياته، وهدفًا يستشرفه في مستقبل أيامه، ويسعى إلى إنجاز هذه الطموحات وتحقيق تلك الآمال.
وانسجامًا مع هذه الغايات والآمال، يتوقف غير المؤمن بالآخرة، أو المغرور بالحياة الدنيا، عند تحقيق الإنجازات المادّية، والنجاحات الزمنية، ولا يتجاوزها إلى ما وراءها، وهؤلاء يشكلون مصداقًا حقيقيًا للذين اطمأنوا بالحياة الدنيا، واقتصر سعيهم للحصول عليها، فكانت أعيادهم واحتفالاتهم متوافقة مع هذه الرؤيا، فوقعوا موقع الغافلين في الميزان الإلهي، حيث يصابون بالخذلان في عالم الحق، فكانت عاقبتهم مُقتصِرة على متاع الدنيا القليل في مقابل الآخرة، كما قال تعالى:
﴿إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾.
ولكن المؤمن لا يُعيرُ أيّة أهمية للنجاحات المادية والإنجازات الدنيوية، لأنّّها لا تشكّل مطمحًا له ولا غاية يرجو الإخلاد إليها، إذ المفروض أنّه قد تأدَّب بآداب الله تعالى، وتخلَّق بأخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، فنظر إلى الحياة الدنيا على أنّها متاع الغرور، وأنّها لهو ولعب وزينة وتفاخر بين الناس، بالأموال والأولاد، ولا تساوي بنظره شيئًا، إلاّ بمقدار ما يزرعه فيها من عمل صالح يحصد ثماره في الآخرة، وآمن أنّ الدار الآخرة هي الحيوان، وغير ذلك من المفاهيم والقوانين التي صقلت شخصيته، وهذّبت وجدانه وروحه، فحَكَّم عقله في أهواء نفسه، ومَلَك شهواته، وسيَّرها بالاتّجاه الإلهيّ الصحيح.
فالإنسان المؤمن ينطلق في فرحه وحزنه، وبهجته وغمّه، من خلال رضا الله تعالى، وما يدفعه إليه إيمانه من انسجام وتوافق بين باطنه وظاهره، فما يكون مفرحًا في طول ولاية الله تعالى ورضاه، يُفرِحه على المستوى النفسي، وتظهر آثاره على مظهره الخارجي، وما لا يكون كذلك سيكون أثره على مظهره متماشيًا ومنسجمًا مع ما انعقد عليه قلبه من إيمان.
إلاّ أنّ ذلك لا يعني عُزوفه بالمطلق عن الحياة الدنيا، بل هو يسعى إلى التوفيق بين مقتضيات الحياة الدنيا، ومقتضيات الآخرة، ما دام منسجمًا مع ذاته، فكان مصداقًا لقوله تعالى:
﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَ﴾.
غاية ما في الأمر أنّه يسخّر نِعَم الدنيا لتكون في خدمة الهدف الأسمى والغاية الأشرف والفوز بالجنة.