على الرغم من أننا نقضي فترة تزيد عن التسعين دقيقة، في كل ليلة نقضيها في نوم طبيعي، في عالم الأحلام، الا ان الكثيرين منا يؤكدون انهم لا يحلمون الا نادرا، بل ان هناك من يؤكد انه لا يتذكر انه قد رأى حلما طيلة حياته! فما هو تعليل ذلك؟
تتفق الدراسات، والمشاهدات المألوفة، على ان تذكر الحلم يتوقف على وقت الإستيقاظ من النوم، فالحلم لا يمكن تذكره الا إذا حدث الإستيقاظ أثناءه أو مع انتهائه، اي طوال فترة مرحلة نوم "حركات العين السريعة"، والمرحلة الرابعة من مراحل النوم أحيانا. كما ما نتذكره عادة هو الحلم الأخير في سلسلة الأحام التي يشهدها نومنا الطبيعي، أي الحلم الذي يسبق استيقاظنا مباشرة.
وقد أكدت ذلك دراسات عديدة، ومنها تلك التي أجراها "دايمونت" على مجموعة من الأشخاص، والتي أظهرت أن الأشخاص الذين يصعب أيقاظهم من النوم يعتبرون أنفسهم قليلي الأحلام، من خلال تخطيط الدماغ، تؤكد أن الجماعتين تمران بمراحل نوم متشابهة وفترات متقاربة من نوم rem. كما لوحظ ان زيادة قوة العامل الموقظ (كزيادة صوت قرع الجرس) تؤدي إلى "زيادة" في أحلام الجماعة الأولى. ان سهولة الإستيقاظ من النوم تعني إمكانية أكبر لأن يصادف الإستيقاظ فترة "حلمية".
بل أن هذه السهولة قد تتيح للإستيقاظ ان يحدث بتأثير من أحداث الحلم نفسه. كما أن الأبحاث التي أجرها "بيرز" توصلت إلى نتائج مماثلة أيضا، فقد طلب إلى من أجري عليهم التجربة ان يسجلوا، كتابة، كل حلم يحلمونه في كل مرة يستيقظن فيها من النوم، فوجد ان كلا منهم كان ينسى أكثر احلامه (بما فيها تلك التي سجلها كتابة أثناء الليل) وان الأحلام التي يسترجعها، ويشغل نفسه في تفسيرها، تكون عرضة للنسيان بمرور الوقت.
إن عدم تذكر كل الأحلام التي نشهدها في نومنا، وتذكرنا للحلم الأخير فقط، يعود إلى الطبيعة الفسلجية الخاصة لدورة النوم (أي تعاقب مراحله). فالتغيرات المختلفة التي تشهدها مراحل النوم المختلفة على مستوى القشرة المخية والمراكز التي تسيطر عليها تفع عملية الإستثارة التي تشهدها الإرتباطات الفسلجية الخاصة بالصور المكونة للحلم المعين في مرحلة معينة من مراحل النوم rem، إلى التلاشي لتحل محلها استثارة لإرتباطات فسلجية تخص صور أخرى تشكل مكونات للحلم اللاحق، لهذا يصبح تذكر مكونات الحلم متعذرا إذا ما حدث الإستيقاظ في مراحل نومية تالية له.
ولكن من الملاحظ ان تذكر أي حلم بعد الإستيقاظ لا يشمل كل تفصيلاته ومكوناته، في يطويه النسيان قد على ما يمكن تذكره من أحداث وتفاصيل، بل ان ذكرى الحلم تضمحل في سياق النهار بحيث ان ما يتبقى منها بعد انتهاء اليوم قد لا يتجاوز النتف الصغيرة، وهذا ما أشارت اليه أبحاث (بيرز) السالفة الذكر. فما هو السبب في ذلك؟
نود أن نشير أولا إلى أن هناك احلاما تنطبع في الذاكرة فلا يطالها النسيان حتى بعد فترات طويلة، ويذكر فرويد أنه يتذكر بوضوح حلما حدث له وتفصله عنه مدة تزيد على (37) عاما. لكن مثل هذه الأحلام تبقى محددة ومنفردة ولا يصح القياس عليها.
أما نسيان الأحلام فهو ظاهرة عامة، لكنها ليست بالغريبة أو الغامضة. فما ينطبق على النسيان أثناء اليقظة ينطبق على نسيان الأحلام أيضا، بالإضافة إلى ما لخصائص الأحلام المميزة التي ذكرناها سابقا، من تأثير على عملية تذكرها. وبامكاننا ان نجمل أهم أسباب نسيان الأحلام في ما يلي:
1- الشدة الحسية لصور والإحساسات: فقوة التأثير الحسي للصور الحلمية لا تكون مؤثرة في أحوال عديدة. الا أن هذا العامل ليس بالحاسم، فالكثير من الصور القوية الشدة تنسى فيما تشتمل تلك التي نتذكرها صورا ضعيفة التأثير.
2- الإنتظام والتنسيق: فارتباط مكونات تجربة ما في سياق مناسب هو شرط أساسي للإحتفاظ بتلك التجربة، أما الحلم فغالبا ما يكون مزجا اعتباطيا لصور مختلفة لا يجمعها تسلسل أو ترابط مقبول، الأمر الذي يضعف من عملية استدعائها و(تداعي) حلقاتها.
3- ان لا منطقية عناصر الحلم وبنائها "الدرامي" وتداخل صوره، واستبدالها، بالإضافة إلى تشوشها يجعلها عسيرة على الفهم ومجردة من المعنى الأمر الذي يعقد من عملية الإحتفاظ بها أو استدعائها. كما ان هذه الصفات تربك عمل قوانين التداعي التي ذكرناها سابقا.
4- الإفتقار إلى التكرار: ان دور التكرار في عملية الإحتفاظ بالمعلومات معروف، وقد ذكرناه في مكان سابق، وحيث ان معظم الصور الحلمية هي أحداث وانطباعات لا تتكرر الا نادرا فإن نسيانها يكون سريعا عادة.
5- الإفتقار إلى التأييد الموضوعي: فتطابق الخبر والذكريات والمعلومات مع المنبهات والمؤثرات البيئية الموجودة في الواقع هو المحك لمصداقية تلك الخبر والذكريات، الأمر الذي لا ينطبق على الصور الحلمية التي يشكل الذهن "النائم" مسرحا لأحداثها، مما يجعل الإحتفاظ بها أصعب.
تتفق الدراسات، والمشاهدات المألوفة، على ان تذكر الحلم يتوقف على وقت الإستيقاظ من النوم، فالحلم لا يمكن تذكره الا إذا حدث الإستيقاظ أثناءه أو مع انتهائه، اي طوال فترة مرحلة نوم "حركات العين السريعة"، والمرحلة الرابعة من مراحل النوم أحيانا. كما ما نتذكره عادة هو الحلم الأخير في سلسلة الأحام التي يشهدها نومنا الطبيعي، أي الحلم الذي يسبق استيقاظنا مباشرة.
وقد أكدت ذلك دراسات عديدة، ومنها تلك التي أجراها "دايمونت" على مجموعة من الأشخاص، والتي أظهرت أن الأشخاص الذين يصعب أيقاظهم من النوم يعتبرون أنفسهم قليلي الأحلام، من خلال تخطيط الدماغ، تؤكد أن الجماعتين تمران بمراحل نوم متشابهة وفترات متقاربة من نوم rem. كما لوحظ ان زيادة قوة العامل الموقظ (كزيادة صوت قرع الجرس) تؤدي إلى "زيادة" في أحلام الجماعة الأولى. ان سهولة الإستيقاظ من النوم تعني إمكانية أكبر لأن يصادف الإستيقاظ فترة "حلمية".
بل أن هذه السهولة قد تتيح للإستيقاظ ان يحدث بتأثير من أحداث الحلم نفسه. كما أن الأبحاث التي أجرها "بيرز" توصلت إلى نتائج مماثلة أيضا، فقد طلب إلى من أجري عليهم التجربة ان يسجلوا، كتابة، كل حلم يحلمونه في كل مرة يستيقظن فيها من النوم، فوجد ان كلا منهم كان ينسى أكثر احلامه (بما فيها تلك التي سجلها كتابة أثناء الليل) وان الأحلام التي يسترجعها، ويشغل نفسه في تفسيرها، تكون عرضة للنسيان بمرور الوقت.
إن عدم تذكر كل الأحلام التي نشهدها في نومنا، وتذكرنا للحلم الأخير فقط، يعود إلى الطبيعة الفسلجية الخاصة لدورة النوم (أي تعاقب مراحله). فالتغيرات المختلفة التي تشهدها مراحل النوم المختلفة على مستوى القشرة المخية والمراكز التي تسيطر عليها تفع عملية الإستثارة التي تشهدها الإرتباطات الفسلجية الخاصة بالصور المكونة للحلم المعين في مرحلة معينة من مراحل النوم rem، إلى التلاشي لتحل محلها استثارة لإرتباطات فسلجية تخص صور أخرى تشكل مكونات للحلم اللاحق، لهذا يصبح تذكر مكونات الحلم متعذرا إذا ما حدث الإستيقاظ في مراحل نومية تالية له.
ولكن من الملاحظ ان تذكر أي حلم بعد الإستيقاظ لا يشمل كل تفصيلاته ومكوناته، في يطويه النسيان قد على ما يمكن تذكره من أحداث وتفاصيل، بل ان ذكرى الحلم تضمحل في سياق النهار بحيث ان ما يتبقى منها بعد انتهاء اليوم قد لا يتجاوز النتف الصغيرة، وهذا ما أشارت اليه أبحاث (بيرز) السالفة الذكر. فما هو السبب في ذلك؟
نود أن نشير أولا إلى أن هناك احلاما تنطبع في الذاكرة فلا يطالها النسيان حتى بعد فترات طويلة، ويذكر فرويد أنه يتذكر بوضوح حلما حدث له وتفصله عنه مدة تزيد على (37) عاما. لكن مثل هذه الأحلام تبقى محددة ومنفردة ولا يصح القياس عليها.
أما نسيان الأحلام فهو ظاهرة عامة، لكنها ليست بالغريبة أو الغامضة. فما ينطبق على النسيان أثناء اليقظة ينطبق على نسيان الأحلام أيضا، بالإضافة إلى ما لخصائص الأحلام المميزة التي ذكرناها سابقا، من تأثير على عملية تذكرها. وبامكاننا ان نجمل أهم أسباب نسيان الأحلام في ما يلي:
1- الشدة الحسية لصور والإحساسات: فقوة التأثير الحسي للصور الحلمية لا تكون مؤثرة في أحوال عديدة. الا أن هذا العامل ليس بالحاسم، فالكثير من الصور القوية الشدة تنسى فيما تشتمل تلك التي نتذكرها صورا ضعيفة التأثير.
2- الإنتظام والتنسيق: فارتباط مكونات تجربة ما في سياق مناسب هو شرط أساسي للإحتفاظ بتلك التجربة، أما الحلم فغالبا ما يكون مزجا اعتباطيا لصور مختلفة لا يجمعها تسلسل أو ترابط مقبول، الأمر الذي يضعف من عملية استدعائها و(تداعي) حلقاتها.
3- ان لا منطقية عناصر الحلم وبنائها "الدرامي" وتداخل صوره، واستبدالها، بالإضافة إلى تشوشها يجعلها عسيرة على الفهم ومجردة من المعنى الأمر الذي يعقد من عملية الإحتفاظ بها أو استدعائها. كما ان هذه الصفات تربك عمل قوانين التداعي التي ذكرناها سابقا.
4- الإفتقار إلى التكرار: ان دور التكرار في عملية الإحتفاظ بالمعلومات معروف، وقد ذكرناه في مكان سابق، وحيث ان معظم الصور الحلمية هي أحداث وانطباعات لا تتكرر الا نادرا فإن نسيانها يكون سريعا عادة.
5- الإفتقار إلى التأييد الموضوعي: فتطابق الخبر والذكريات والمعلومات مع المنبهات والمؤثرات البيئية الموجودة في الواقع هو المحك لمصداقية تلك الخبر والذكريات، الأمر الذي لا ينطبق على الصور الحلمية التي يشكل الذهن "النائم" مسرحا لأحداثها، مما يجعل الإحتفاظ بها أصعب.
تعليق