تويت
أشياء كثيرة تعلمتها في حياتي الأدبية وأدركت أن للوعي الإنساني سطوة فكرية قادرة على التحرر من قيود الزمن، أقصد أن الوعي مرتبط بالتاريخ، لذلك رحت أبحث في التواريخ المضيئة وإذا بي التقي برمز من رموز التاريخ هو أبان بن سعيد بن العاص بن أمية
: ـ كيف أسلمت؟
يمكن هذا السؤال يعد بسيطا لا يليق باستقبال أبان لكني كلما اقترب إلى الفكرة أجد السؤال مناسبا وذكيا لأن له إخوة مثل العاص بن سعيد قتله الإمام علي عليه السلام في بدر، وعبيد بن سعيد قتل في بدر، أخواه خالد بن سعيد وعمر بن سعيد أسلما وهاجرا إلى الحبشة، فلهذا أشعر بأن للسؤال اعتبارات كثيرة، والسؤال الذي يدور في وعي الإنسان له امتدادات كثيرة عبر التاريخ لهذا أخذني الأدراك عنوة لأعيد السؤال وأؤكده في ذاكرة الوجود.
: ـ كيف أسلمت يا أبان
أو لنقل كيف بدأت الفكرة وأنت بين فريقين بين مقتولين على دين قريش ومجاهدين هاجرا إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب
قال:
ـ كنت في تجارة إلى الشام ونزلت في قرية تدعى (بامردي) كان فيها راهب لم ير له وجه منذ 40 سنة، رأيت النصارى يطيبون المصانع والكنائس ويصنعون الأطعمة ويلبسون الثياب الجديدة وزينوا مدينتهم وكأنهم في عيد، استغربت ذلك منهم، قلت ما شانكم قالوا لدينا راهب يدعى (بكا) لم ينزل إلى الأرض ولم ير فيها منذ 40 سنة، وهو نازل اليوم يمكث 40 ليلة ليأتي المصانع والكنائس وينزل على الناس.
عشت مع أبان الفكرة بحثا عن المعنى، أو لنقل قادني الفضول إلى معرفة الحكاية، الجماهير تخرج إلى الأسواق لاستقبال هذا الراهب أحببت الرجل رغم أنى لا أعرف شيئا عنه.
فلما كان الغد نزل، فخرجوا وتجتمعوا فنظرت إليه فاذا به شيخ كبير السن يطوف معهم المصانع والأسواق، مكثت أياما حتى أنى قلت لصاحب منزلي اذهب معي إلى هذا الراهب فأني أريد أن أسأله عن شيء
هل لدي القدرة أن أفهم ما يدور في راس أبان؟
ما الذي يريده؟ وما هذا السؤال؟
يقول أبان: ـ دخلت عليه قلت لي إليك حاجة؟
- قال تفضل
ـ أنى رجل من قريش خرج فينا رجل يزعم أن الله عز وجل أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى
فقال لي: ـ ممن هو؟
: ـ من قريش
: ـ وأين بلدكم؟
: ـ تهامة ثم مكة
: ـ ما اسم صاحبك؟
: ـ محمد
: ـ منذ كم خرج فيكم؟
: ـ 20 عاما أو دون ذلك بقليل
: ـ كان يوم أذن ابن 40 سنة؟
: ـ أجل
: ـ اسمك أنت؟
: ـ أذان
صدقته أم كذبته؟
: ـ كذبته
ـ حينها ضرب كفه على ظهري، هو والله نبي هذه الأمة، والله ليظهرن عليكم ثم ليظهرن على العرب، ثم ليظهرن على الأرض، دخل صومعته وهو يقول لي: ـ اقرأ على الرجل الصالح السلام
بعدما عدت إلى مكة من الشام، أخذني إخواني خالد وعمر لما قدما من هجرة الحبشة إلى المدينة وقدمت المدينة مسلما
ـ وبعد يا بان وبعد؟ أريد أن أعرف عنك الكثير.
ـ ولانى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البحرين،
وقال لي: ـ استوصي بعبد القيس خيرا وأكرم سراتهم
وبقيت في البحرين واليا إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،
ـ وبعد؟ هل عزلوك؟
أجابني: ـ لا أنا تركت عملي، حاول الكثير من الصحابة أن يردني إلى البحرين واليا فأبيت.
ـ يا ألهى ما الأمر يا عم أبان؟ لماذا هذه العزلة والجميع يريدك؟
قال: ـ أنا لا أعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وأنا تابع لبني هاشم.
أدركت أن الرجل يريد الذهاب إلى أشغاله فاعتذرت له وودعته.. السلام.