إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا ۗ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ[1].

    ملاحظة مهمة في هذه الآية وهو وجود تقسيم للسؤال عن أشياء إلى محظور ومحبور اعتبارا بالعاقبة المحظورة والمحبورة، فالسؤال هو كسائر الموضوعات التكليفية بحاجة إلى سماح لولاه فليس محبور سواء أكان محظورا أم سواه.
    فالسؤال عما لا يتوجب على السائل علمه ولا يرجح غير محبور، فإن نفس السؤال محظور على أية حال إلاّ فيما يرجح علمه على جهله، وهنا محور الحظر ﴿إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾، فكما الإساءة إلى النفس دون مبرر هو أرجح منها محظور، كذلك السؤال عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
    فإن نازل القرآن إجابة عن كل سؤال وكل سؤال صالح للإجابة، وأما أن تحرّجوا موقف الرسول صلى الله عليه وآله في غير حين نزول القرآن فلا، فإنه لا يجيب إلاّ بالوحي، وحين جاء الوحي كتابا أو سنة بأمر فلا سؤال بعدئذ، حيث يعني أن بيان اللّٰه غير شاف أم إنه نقص عما يجب للمكلفين، وأما السؤال عن حكم لمّا ينزل في الكتاب أو السنة أم هو مجهول لدى السائل مهما نزل فلا محظور فيه، فإنما السؤال عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم أحكاما أو موضوعات، هذا هو المحظور وما سواه محبور.
    ورد عَنْ أَبِي اَلْجَارُودِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((إِذَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَاسْأَلُونِي مِنْ كِتَابِ اَللهِ ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ إِنَّ رَسُولَ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَهَى عَنِ اَلْقِيلِ وَاَلْقَالِ وَفَسَادِ اَلْمَالِ وَكَثْرَةِ اَلسُّؤَالِ))
    [2].
    فقد تعني الآية ما عنته «اسكتوا عما سكت الله عنه» فإن اللّٰه لم يسكت عما سكت عنه جهلا أو بخلا، وهذا يختص بما بيّن بوجه طليق أو عام دون تقيّد، أم أمر لم يبيّن مع ما بيّن من أضرابه. ومرجع الضمير في «عنها» هو «أَشْياءَ» ﴿إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾؟ وأي فرق في السؤال المسيء حين ينزل القرآن وحين لا ينزل‌؟ من الفارق أن الإجابة حين ينزل القرآن هي حسب الحكمة الربانية دون الخارجة عنها، فقد يأتي الجواب عن سؤال الأهلّة ﴿قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ
    [3]، حيث الجواب يختص بما يحتاجون في دينهم، دون ما لا يعنى فيه من مختلف الأهلة من الواجهة الكونية، وأما حين لا ينزل القرآن فسؤال الرسول محرج وسؤال غيره مخرج عن صالح الإجابة لمكان عدم العصمة أم نفاد الحكمة الصالحة. فلأن القرآن هو إجابة عن كل سؤل وسؤال صالح للإجابة فلا يبدي ما يسؤكم من الجواب، ولكن سائر الإجابة كسائر السؤال لا يختص بما هو صالح في حقل التكليف، ك‍ «من أبي» و «كم أعيش» وما أشبه مما لا يعنى، كالسؤال حول حكم عام أو مطلق يعنى منه تقيّد أو تخصص كما كان في قصة البقرة لبني إسرائيل!
    إذا فكل سؤال عن أي مسؤول فيما لا يعنى من صالح الدين أو الدنيا محظور، وكل سؤال فيما يعنى من صالح الدارين محبور، ونازل القرآن يعم صالح النشأتين، فلذلك ﴿وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾.
    وهنا ﴿عَفَا اللهُ عَنْهَا ۗ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾، هو عفو عن السؤال المحظور والإجابة المحظورة المسيئة في وحي القرآن بالنسبة لهذه الأمة المرحومة، وعفو عن مادة السؤال التي هي في إجمال، مثلث من العفو شمله: ﴿عَفَا اللهُ عَنْهَا﴾، وهي في الأخير مواصفة ثانية ل‍ «أشياء» أولاها ﴿إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾، ولو تقدمت ﴿عَفَا اللهُ عَنْهَا﴾، على ﴿إِن تُبْدَ لَكُمْ﴾، لم تشمل الأولين، إذا فتأخيرها تأخير قاصد إلى هذه العنايات الثلاث. فقد عفى اللّٰه عن أشياء لم يبينها فلا تسألوا عنها، وعفى اللّٰه عن ذلك السؤال المحظور فلا تكرروه، وعفى اللّٰه عن إبداءها بعد السؤال فلا تحفوا.


    [1] سورة المائدة، الآية: 101.
    [2] الكافي، ج 1، ص 60.
    [3] سورة البقرة، الآية: 189.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X