بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق العباد، وكلفهم بما فيه الهدى والرشاد. والصلاة والسلام على نبيّنا نبيّ الرحمة، وهادي الأمة. وعلى آله الذين ثبّتوا قواعد الدين، وعلى أصحابه المنتجبين.
«وبعد»: فان الله سبحانه ما خلق الخلق إلا لطاعته وعبادته فقال: «وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون» (1) فلذلك أرسل لهم رسلاً مبشّرين ومنذرين، وشرع لهم الشرائع، لينالوا بذلك إن أطاعوه سعادة الدارين، وأقام لهم حجّة في أنفسهم وهي عقولهم فللّه الحجة البالغة، والمحجة الواضحة، فبالعقل الذي خلقه فيهم، وبالرسل التي أرسلها اليهم، يحتجّ عليهم يوم العرض عليه. فواجب كل مكلّف أن يستنير بنور عقله حتى يصل الى ساحة الحق الذي به سعادته، وبه يحيى حياة طيبة رغيدة، ويعيش عيشة راضية حميدة.
وان الله سبحانه ذمّ اقواماً على تركهم العمل بعقولهم تقليداّ لآبائهم فقال: «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون» (2). فالواجب عليك أن لا تقلّد آباءك في دينهم ولا في
____________
(1) سورة الذاريات.
(2) سورة الزخرف.
مذهبهم، حتى تسرّح نظرك في بقيّة الأديان والمذاهب وتميّز سمينها من غثها، وصحيحها من سقيمها فتختار ما هو الحق الذي هو أحق ان يتّبع فتتبعه سواءً وافق طريقة آباءك أو خالفها.
وان الله قد نصب للحق دلائل وعلامات، وشواهد وبينات. لا تخفى على من ألقى السمع وهو شهيد، وخلع عن نفسه جلابيب العناد والتقليد. وأما من لم يشأ أن يستضيء بنور عقله، ويتعرف الرشد من الغي، فهو عدو نفسه، يريد أن يوردها موارد الهلكة، ووديان العطب ويغرر بها في متائه الضلال.
وديعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته
مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتحق بالرفيق الأعلى بعد أن أدى رسالة ربه، وبلّغ عنه ما أمره بتبليغه، ولم يأل جهداً في النصح لأمته، وارشادهم، وانتشالهم من هوة الجاهلية وغياهبها واباكيلها وأباطيلها. ثم ودّعهم وداعه الأخير تاركاً فيهم وديعته الغالية وهو دينه الذي ارتضاه لهم رب العالمين، وشريعته التي صدع بها، واوصاهم بتعاهدها وحفظها من الضياع والاندثار لأنها القانون الالهي الذي سنّه لعباده، ونشره في بلاده لن يرتضى منه بدلا، ولن يقبل عنه متحولا «ان الدين عند الله الاسلام» (1) «ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في اللآخرة من الخاسرين» (2) «ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون» (3).
فواجب الأمة أجمع صيانة هذا الدين من الانطماس والاندراس، والعمل به كما أنزل وشرع بغير تبديل أو تغيير، أو تحريف أو تحوير. ولكن هل دلّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته على طريقة الأخذ بهذا الدين، ومنهج الاتباع لهذه السنّة وعمّن تؤخذ، ومن المفزع عند الاختلاف، ومن الملجأ في الملمات والمهمات؟ هذا ما سنبحث عنه في البحوث الآتية موجزاً ليتناسب مع وضع الرسالة.
____________
(1) سورة آل عمران.
(2) سورة آل عمران.
(3) سورة آل عمران.
وضع المذاهب
أخذ المسلمون بعد نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم بسنته وشريعته، واختلفوا في الخلافة والإمامة اختلافاً لا ينقضي إلى يوم القيامة. ولما كانت الخلافة ـ كما فهمها المسلمون من الكتاب والسنة النبوية ـ تعم السلطة الزمنية والدينية فكانوا ـ فيما لم يعرفوه من الأحكام من ظاهر الكتاب المجيد والسنة المقدسة ـ يرجعون فيه إلى نفس الخليفة فهو المفزع في ذلك عندهم. فان لم يكن عنده من ذلك علم استفهم من الفقهاء وأفتى به.. ولكن لما تسافل أمر الخلافة حتى ربما صارت إلى أجهل الناس بالدين والأحكام بالقوة والغلبة صار المسلمون يرجعون في أخذ الأحكام إلى الفقهاء رأساً من دون مراجعة الخليفة. ولكن للخليفة الهيمنة التامة على العلماء بسلطته وقبضه على أزمة الأمور. فمن لم يكن منهم سائراً على وتيرته، وموافقاً له في منهجه لا يسمح له أن يعلن فتواه بين ملأ المسلمين فكان في زوايا الخمول. نعم إلا أن يأخذ بفقهه البعض خفية تحت ستار التقية والمداراة. فاتسع أمر العلم والعلماء ولا سيما الذين تزلفوا إلى السلطة القائمة واتسعت فتاواهم، وأتسع أمر الاجتهاد، وصار ثوب الاجتهاد يخلع على كل من له أدنى علم أو من ليس له من العلم نصيب حتى تسوهل في اطلاق الاجتهاد على بعض من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو أشهراً لأجل الستر على موبقاته ومنكراته باسم الاجتهاد. فقيل: «هو مجتهد وهو
معذور بل مأجور» ولو خالف الكتاب ومن أنزل عليه. بل ولو كان رادّاً في اجتهاده المزعوم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم لما اتسعت دائرة الفتاوى، وتشعبت الآراء، وكثرت دعاوى الاجتهاد شعر أهل الحل والعقد بالخطر العظيم من ضياع الأحكام بكثرة الآراء المختلفة التي خلقتها الميول والسبل الملتوية في استنباط الأحكام وأوصد باب الاجتهاد على المسلمين المساكين، وحصر الاجتهاد في فقهاء معدودين. كأن بقية المسلمين قد مسخوا ـ على حد تعبير العلامة الجليل السيد محمد بن عقيل في بعض مؤلفاته ـ فلم يبلغ أحد منهم بزعمهم درجة الاجتهاد وملكة الاستنباط ولو بلغ مبلغ الشيخ الرازي أو الشيخ المفيد في العلم والفقه وأضرابهما من فطاحل العلماء وأكابر الفقهاء فهذا الإيصاد لباب الاجتهاد بعد أن اعتبر مفتوحاً على مصراعيه تحكم لا مبرر له مع أن سدّ بابه وفتحه ليس بيد أحد لأنه ملكة تحصل بالجد والجهد في استنباط الأحكام.
وهذا التحكم في سد بابه وإن كان فيه شل للحركة العلمية وخلق مشاكل كثيرة دينية ولكن لعل لهم فيه غاية وهي توقيف اتساع الآراء الاجتهادية التي بلغت مبلغاً ربما لا يمت بعضها إلى جوهر الدين وأحكامه بصلة قوية فتشكلت لأجل ذلك المذاهب الإسلامية، فحكم على أهل كل قطر بالرجوع إلى فقيه خاص لا يعدوه إلى غيره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هذا وقد اقتضت سياسة السلطات القائمة ـ في ذلك العهد ـ أن لا يجعلوا لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حق الفتيا في شرعهم ودين جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، ولا حق الأخذ عنهم، بل لا يؤخذ إلا بفتوى غيرهم وإن كان بعيداً.
هكذا كان نصيب ذوي القربى أهل بيت الوحي من دينهم بحيث حرم المسلمون من أخذ شرعهم الذي نزل في بيتهم عنهم. فلم يكن فقه فقيههم بفقه رسمي مشروع. ولكن لم يفت طائفة من المسلمين الاغتناء بثروة فقههم عليهم السلام، والانتفاع بذخيرة كنز علمهم، فأخذوا عنهم خاصة دون غيرهم، ولكن تحت ستار التقية من السلطات الزمنية، فعرف المنتمون لهم عليهم السلام بالإمامية الاثني عشرية واشتهروا بالشيعة لتسمية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اتباع علي عليه السلام وأولاده الطاهرين عليهم السلام بذلك كما سيأتي في أحاديث مدحه صلى الله عليه وآله وسلم للشيعة.
واجب المكلفين
أشرنا في المقدمة إلى أن واجب كل مكلف التتبع والفحص عن الدين الذي ارتضاه لنا رب العالمين وعن المذهب الذي رسمه لنا الصادق الأمين، أي المنهج الذي فرض علينا سلوكه في أخذ أحكام الشريعة. ومعلوم أنه لم يكن في القرن الأول من بزوغ شمس الإسلام على ربوع هذه الأرض اسم مذهب، وإنما هو اصطلاح
نشأ في القرن الثاني ظاهراً أو بعده على بعض الانقال. فلا بد لمن اعتنق الدين الإسلامي واعتقد بصحته أن يغربل الكتاب والتاريخ والحديث وأدلة العقل ليقف على برهان رصين يدلّه على براءة ذمته باتباع منهج ومذهب معين من المذاهب الإسلامية فيتبعه بعد البحث والتنقيب ليكون على بينة من أمره، وهدى من دينه، باتباع ذلك المذهب والطريق في أخذ الأحكام. فمن قصّر في ذلك كان على غير هدى، وذهب سعيه سدى.
تنوير في طريق التنقيب
بعد ما علمت بالاختلاف الشديد بين المسلمين في طوائفهم ونحلهم وطرقهم وفرقهم ومذاهبهم وآرائهم وكلٌ يدعي أحقية مذهبه أصولاً أو فروعاً، وكل حزب بما لديهم فرحون، فلا بد للباحث عن الدليل والبرهان على أحقية بعض المذاهب بالاتباع، أن يخلع عنه جلايب التقليد والعاطفة، وأن يتخلى عن كل عصبية، وأن يتحلى بحلي العدل والنصفة حتى يصل إلى ميادين الحق والحقيقة.
وأهم ما يلزم المتتبع الحريص على الوقوف على الحقيقة أن لا يأخذ بآراء طائفة دون أخرى، ولا بأخبار فرقة دون فرقة، ولا يعتمد على رجال مذهب دون مذهب، ولا كتب صنف دون صنف لأنه ربما كان في بعض هذه دون البعض الآخر خطأ أو تأثر بالعاطفة المذهبية. وهذه هي أم المشاكل، ومنها نشأ كل اختلاف،
بل منها نشأ كل ما اصاب المسلمين من محن وإحن، وتمزيق شمل، وتشتيت جمع ـ يا للاسف ـ . فالحل الوحيد لها، والطريقة الوسطى في تذليل صعوبتها عند اختيار مذهب من المذاهب: هو الأخذ بما اتفق عليه المسلمون أجمع. يعني ما ذُكر في كتب الفريقين المهمة المشهورة المعتمد عليها بينهم من الأحاديث الدالة على أحقية مذهب من المذاهب.
فالأحاديث التي روتها رواة ثقاة من الفريقين يعوّل عليها ويؤخذ بها، وتكون هي المرجع عند الاختلاف وعليها الاعتماد في باب الاستدلال الأوّلى. والاحتجاج على أولوية مذهب من المذاهب. نعم بعد إقامة البرهان القاطع على صحة مذهب أو قول طائفة يصح التعويل في إقامة الحجج في أعمال المكلف نفسه على رواة تلك الطائفة الثقاة.
فعليك أيها المسلم المتتبع «أولاً» أن تحترم مذاهب المسلمين أجمع فإنها مأخوذة من فقهاء ذوي علم وفضل «وثانياً» أن تحرص كل الحرص على أن تقف على آية صريحة أو روايات صحيحة متفق عليها غير معارضة بأرجح منها، مذكورة في كتب طوائف المسلمين عن نبيّهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم فيها تصريح أو تلويح بكيفية أخذ الأحكام، وممن وعمن يؤخذ الشرع الشريف. بشرط أن لا يكون فيها ما يصادم العقل أو الكتاب المجيد فتتمسك بها وتتبع مؤداها ومعناها، وتكون بيدك حجة قائمة، ومحجة لا حبة، إذا
سألك ربك يوم العرض عليه ممن أخذت دينك، وعلى من اعتمدت في أحكام حلاله وحرامه. هذا هو القول الفصل، والحكم العدل، في طريقة التنقيب عن الحقيقة المطلوبة، والغاية المرغوبة، للناس أجمعين وبدونها فالحكم زلل، والرأي خطل.
نماذج من حجج الشيعة
لمذهب أهل البيت عليهم السلام
جرد لي أيها الأخ المسلم نفسك عن غير الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم سويعة، وأعرني نظرك خالصاً من كل عاطفة، وأنظر إلى الحجج الآتية بالشروط الآنفة.
أخذت الشيعة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحكام دينها من الكتاب والسنة. أما الكتاب، فالمجتهد منهم يأخذ بنصوص آيات الأحكام منه، أو بما له ظاهر كالنص. وأما ما يحتاج إلى التفسير فيتوقف فيه حتى يرد فيه تفسير من المعصوم عليه السلام.
وأما السنة: فيأخذ بصحاح أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل بيته عليهم السلام وأفعالهم وتقريرهم على ما هو مرسوم في الأصول. وغير المجتهد منهم، إما أن يحتاط في أحكامه، أو يقلد مجتهداً عدلاً على شروط مذكورة في كتبهم. أهمها أن يكون ذلك المجتهد ممن يأخذ فقهه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام مع الكتاب المجيد والاستضاءة بنور العقل. ولهم في تدعيم مذهبهم حجج متينة، وبراهين
رصينة، منبثة في كثير من مؤلفاتهم المنشورة في كل عصر. وقد ذكرنا بعض أدلتهم في مقدمة كتابنا «أصول الأستنباط» في أصول الفقه المطبوع ببغداد. وأدلتهم في ذلك كثيرة لا تحصر. وها أنا ذا أعرض لك نبذة منها وهي: طوائف من الأحاديث التي رواها علماء أهل السنة المعتمد عليهم في كتبهم المشهورة واتفق الشيعة معهم على روايتها بنصها أو بمعناها.
الطائفة الأولى: الأحاديث الناصة على أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع أهل بيته عليهم السلام وأخذ أحكام الشريعة عنهم.
الطائفة الثانية: الأحاديث الدالة على أن علياً عليه السلام خير أهل الأرض.
الطائفة الثالثة: الأحاديث الناطقة بأسماء الأئمة الاثني عشر وانهم أوصياءه وأئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين.
الطائفة الرابعة: الأحاديث الدالة على شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلميتهم في أحكام شريعته.
الطائفة الخامسة: الأحاديث الناصة على مدح شيعتهم المتبعين لهم. واليك نص الأحاديث:
الطائفة الأول
في أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع أهل بيته
1 ـ الحديث الذي تناقله المسلمون عامة، ورووه في تصانيفهم،
واعتمدوا عليه، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض). بخ بخ ما أفضلها من مكرمة يقرن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أهل بيته بكتاب ربه، ويحث أمته على التمسك بهما معاً. وان المتمسك بهما لا يضل عن دينه بعده في كل عصر أبداً إلى يوم القيامة. وان أهل بيته لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم حتى يردا معاً عليه الحوض. وهل يجد المسلم في نفسه حاجة بعد قول نبيه صلى الله عليه وآله وسلم هذا الصريح الفصيح إلى دليل آخر على الاقتداء بأهل بيته، وأخذ الأحكام منهم. وهل يحتاج مذهبهم إلى حث من صاحب الشريعة اعظم وأأكد من هذا الحث. وقد اتفق المسلمون من الفريقين على رواية هذا الحديث بمعاني متحدة وألفاظ متقاربة. وهو منقول عن أكثر من ثلاثين صحابياً. أنظره في سنن الترمذي، وكتاب الشفاء للقاضي عياض، وشرح نسيم الرياض، واسعاف الراغبين، ومسند أحمد بن حنبل، والصواعق المحرقة، وينابيع المودة، وكتاب الطبراني، وصحيح مسلم، وتفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» (1)، ومناقب ابن المغازلي الشافعي في سبعة طرق، وصحيح أبي داود، ومسند ابن أبي أوفى، وفضائل الصحابة للسمعاني، ومناقب موفق
____________
(1) سور آل عمران
ابن أحمد الحنفي، وكتاب سير الصحابة، وشرح ابن أبي الحديد في عدة طرق، وذخائر العقبى لمحب الدين الشافعي، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي الحنفي وغيرها. وبعض هذه روته بطرق متعددة.
2 ـ «حديث السفينة» المتواتر بين طوائف المسلمين وهو قوله: (أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى) وهو صريح في أن الآخذ عنهم، والمتمسك بهم ناجي في دينه، وقد ذكر هذا الحديث جلّ أصحاب السنن. طالعه في صحيح مسلم، وصواعق ابن حجر، وذخائر العقبى، ومستدرك الحاكم، ومسند أحمد بن حنبل، وفرائد السمطين، والجامع الصغير وتذكرة الخواص، واسعاف الراغبين، وينابيع المودة للشيخ إبراهيم الحنفي، وغيرها. وفي الأخير في باب (59) قال: وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً: (إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك). وفي رواية مسلم: (ومن تخلّف عنها غرق) انتهى… وبودّي أن اروي لك أحد الطرق التي رواها ابن المغازلي الشافعي في فضائله بسنده المعنعن عن هارون الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها هلك) أقرأوا واعجب من صنيع هؤلاء بأهل البيت مع ما يروون من فضلهم. وقال الشبلنجي في نور الأبصار: روى جماعة من أصحاب السنن عن عدة من الصحابة أن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك) وفي رواية غرق وفي أخرى زج في النار. وقد تواتر هذا الحديث عند الشيعة أيضاً حتى صار من القطعيات.
3 ـ ما في فرائد السمطين للحافظ الكبير الشيخ أبراهيم الشافعي في الجزء الأول الباب الخامس بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من سرّه أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليوال عليّاً من بعدي، وليوال وليّه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فانهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا علماً وفهماً، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي). وإن شئت أيضاً فراجعه في كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم، ومنتخب كنز العمال، وينابيع المودّة في باب «59».
4 ـ ما في مناقب الخوارزمي عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمار: (تقتلك الفئة الباغية وأنت مع الحق والحق معك، يا عمار إذا رأيت علياً سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فأسلك مع علي ودع الناس فانه لن يدخلك في أذى، ولن يخرجك من الهدى).
5 ـ ما رواه في فرائد السمطين في باب «36» بسنده عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (علي مع الحق والقرآن والحق والقرآن مع علي ولن يفترقا
حتى يردا عليّ الحوض) ورواه بطرق ومضامين قريبة من هذا ورواه في غاية المرام عن كتاب «فضائل الصحابة» مسنداً عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن الصواعق رواه عن الطبراني في الأوسط بلفظ: «علي مع القرآن الخ…». ومضمونه مذكور في كتب الفريقين بأكثر من حد التواتر.
6 ـ ما في مناقب اخطب خوارزم الحنفي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب فإنه الفاروق بين الحق والباطل). ورواه في الينابيع عن الإصابة عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب فانه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، وهو يعسوب المؤمنين). وتلقيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالصديق. والفاروق مستفيض في كتب الفريقين.
7 ـ ما في الينابيع في باب «29» عن فضائل ابن المغازلي الشافعي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ضرب يده في يد علي وقال: (تمسكوا بهذا هو حبل الله المتين). وتسمية علي بحبل الله المتين كثير في كتب الحديث والفضائل.
8 ـ ما في فرائد السمطين، ومناقب الخوارزمي، ومطالب السؤل لابن طلحة الشافعي بسندهم عن أنس بن مالك قال: قال النبي: (يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد
المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين فجاء علي عليه السلام وقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي). انتهى باختصار. ورواه في الفرائد من طريق آخر.
9 ـ ما عن شرح ابن أبي الحديد المعتزلي عن زيد بن أرقم قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أدلّكم على ما أن تسالمتم عليه لم تهلكوا أن وليكم وإمامكم علي بن أبي طالب فناصحوه وصدقوه، جبريل أخبرني بذلك). والأخبار النبوية التي ذكرت فيها إمامة علي وأولاده الطاهرين عليهم السلام قد طفحت بها كتب الفريقين، وأني لم أتعرض لها لخصوصها وإنما تعرضت لذكر جملة من الأخبار الدالة على لزوم الأخذ عنهم عليهم السلام واتباعهم، ووجوب الاقتداء بهم، والتمسك بحبلهم، لأن موضوع رسالتي هو ذلك لا إثبات أدلة إمامتهم، ولكن ذكرت بعض أخبار الإمامة لدلالتها على وجوب التمسك بهم وأخذ الفقه عنهم.
10 ـ ما في ينابيع المودة باب (45) عن موفق بن أحمد بسنده إلى ابن أبي ليلى قال: أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الراية يوم خيبر إلى علي ففتح الله عليه. وفي يوم غدير خم أعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة وقال له: (أنت مني وأنا منك وأنت تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) وقال له (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقال له: (أنا سلم لمن سالمك،
وحرب لمن حاربك، وأنت العروة الوثقى، وأنت تبين ما اشتبه عليهم من بعدي، وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي، وأنت الذي أنزل الله فيك: «وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر» (1)، وأنت الآخذ بسنتي، والذاب عن ملتي الخ…) وهو حديث يحتوي على مناقب جمة.
11 ـ ما في خصائص النسائي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (علي مني وأنا منه فلا يؤدي عني إلا أنا وعلي) ورواه في الينابيع في باب (59) عن الصواعق لابن حجر قال: الحديث السادس أخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا علي).
12 ـ ما في الينابيع في باب (59) عن شرح نهج البلاغة للمعتزلي في حديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (انه ليس أحد أحق منك بمقامي لقدمك في الاسلام، وقربك مني، وصهرك لي، وعندك سيدة نساء العالمين وقبل ذلك ما كان من حماية أبيك أبي طالب لي، وبلائه عندي حين نزول القرآن الخ…). رواه أبو إسحاق الثعلبي في تفسير القرآن.
13 ـ ما فيه أيضاً في الباب نفسه عن الصواعق المحرقة قال: أخرج ابن سعد حديثين الأول: (أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة،
____________
(1) سورة التوبة.
وأغصانها في الدنيا، فمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً فليتمسك بها). والثاني: (في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا وان أئمتكم وفدكم الى الله عز وجل فانظروا من توفدون). واخرج هذين الحديثين المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى.
14 ـ ما عن حلية الأولياء لأبي نعيم، وكنز العمال بتفاوت يسير (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (مرحباً بسيد المسلمين، وإمام المتقين) والإمام لابد أن تأخذ عنه الأحكام. وهذا المضمون منتشر في كتب الفريقين انتشار الكواكب في السماء.
15 ـ ما عن كتاب الفردوس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنا وعلي حجة الله على عباده). وبمضمونه أحاديث كثيرة ومن عرف حجة الله وأخذ أحكامه منه فقد فاز فوزاً عظيماً.
16 ـ ما عن مناقب ابن مردوية عن سلمان قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عمّن نأخذ بعدك؟ وبمن نثق؟ قال: فسكت عني حتى سألت ذلك عشراً ثم قال: (يا سلمان إن وصيي وخليفتي واخي ووزيري وخير من اخلفه بعدي علي بن أبي طالب يؤدي عني، وينجز موعدي). وعن مناقب الخوارزمي، وذخائر المحب الطبري، والوسيلة بمضمونه. وكأنّ النبي أراد تأخير الجواب إلى وقت حضور جماعة يبلغون ذلك لأمته. أو لتقام عليهم الحجة البالغة.
17 ـ ما في مناقب الخطيب عن ابن عباس، وعن كفاية
الطالب، وفرائد السمطين وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي) وقال: (يا أم سلمة أسمعي وأشهدي هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي، وبابي الذي أؤتى منه، أخي في الدنيا، وخدني في الآخرة، ومعي في السنام الأعلى).
18 ـ ما عن مناقب الحافظ ابن مردوية، وحلية الأولياء، وكفاية الطالب، ومقتل الخوارزمي، وفي مناقبه باختلاف يسير واللفظ للأول عن أنس من حديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: (أنت تبلغ رسالتي من بعدي وتؤدي عني، وتسمع الناس صوتي، وتعلم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون).
19 ـ ما عن شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي عن أبي جعفر الإسكافي في حديث الدار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عند نزول «وأنذر عشيرتك الأقربين» (1): (هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي).
20 ـ ما في ذخائر العقبى، ومناقب الخوارزمي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لكل نبي وصي ووارث، وان علياً وصيي ووارثي). والأحاديث الناصة على أنه وصيّه صلى الله عليه وآله وسلم لا تكاد تحصى في كتب الفريقين. فطالعها تر الحقيقة ناصعة لذي عينين.
* * *
____________
(1) سورة الشعراء.
الطائفة الثانية
في الأخبار الدالة على أن علياً خير البشر
21 ـ ما في الينابيع في باب (56) عن كتاب مودة القربى عن جابر عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (علي خير البشر من شك فيه فقد كفر) وقد رواه السيد هاشم في مناقبه عن مناقب ابن مردوية عن حديفة عنه صلى الله عليه وآله وسلم لكن بلفظ: (علي خير البشر من أبى كفر) ويظهر أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضاً سمعت ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما يرويه في الينابيع في باب (56) عن مودة القربى في المودة الثالثة عن عطاء قال سألت عائشة عن علي قالت: ذلك خير البشر لا يشك إلا كافر.
22 ـ ما عن مناقب ابن مردوية عن أبي رافع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ: (أنت خير أمتي في الدنيا والآخرة). وفي مناقب الخوارزمي في فصل (9) بسنده عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (علي خير البريّة).
23 ـ ما عنه عن بريدة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة: (إن زوجك خير أمتي أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً). ورواه الخوارزمي في مناقبه بلفظ: (أما ترضين أن زوّجتك خير أمتي الخ…) وفي رواية الفصول المهمة (أما علمت أنك بكرامة الله تعالى إياك زوّجك أغزرهم علماً وأكثرهم حلماً وأقدمهم سلماً).
24 ـ ما عنه أيضاً عن ابن جنادة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خير من يمشي على الأرض بعدي علي بن أبي طالب).
25 ـ عنه عن سلمان قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فناداني قلت: لبيك فقال: (أشهدك اليوم إن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم).
26 ـ عنه عن سلمان أيضاً قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن وصيي وموضع سرّي وخير من اخلف بعدي ينجز موعدي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب). وعن كنز العمال قريباً منه، ورواه الخوارزمي في مناقبه: (إن أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب).
27 ـ ما في ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري الشافعي، ومناقب الخوارزمي بسندهما عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من نبي إلا وله نظير في أمته، وعلي نظيري).
28 ـ ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن أنس قال: أهدي إلى النبي طير فقال: (اللهم إئتني بأحب خلقك إليك ولي ليأكل معي من هذا الطير) فجاءه علي عليه السلام فأكل معه وكان أتاه جبرئيل من الجنة. ورواه بطرق أخرى. وحديث الطائر مشهور حتى رواه ابن المغازلي في (23) طريق ورواه أحمد بن حنبل في مسنده وروي في الجمع بين الصحاح الستة وفرائد السمطين بطرق ومناقب الصحابة والمناقب الفاخرة والفصول المهمة وغيرها.
29 ـ ما عن كتاب الوسيلة عن مسروق عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الخوارج شر الخلق يقتلهم خير الخلق، وأعظمهم عند الله يوم القيامة وسيلة). ويدل على ذلك أيضاً ما رواه الخوارزمي في الفصل التاسع من مناقبه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة).
30 ـ ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج من خبر مشهور فيه: إن فاطمة اشتكت واشتهت عنباً في غير أوانه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللّهم أتنا به مع أفضل أمتي عندك منزلة فجاء علي بعنب فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (الله أكبر الله أكبر اللهم كما سررتني بأن خصصت علياً بدعوتي فاجعل فيه شفاء ابنتي) فأكلت منه وعوفيت.
* * *
الطائفة الثالثة
في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام
31 ـ ما عن صحيح البخاري في الجزء الرابع «كتاب الأحكام» عن جابر بن سمرة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يكون بعدي اثنا عشر أميراً) فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي أنه قال: (كلهم من قريش).
32 ـ ما عن صحيح مسلم في الجزء الثاني في باب «الناس تبع لقريش» عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (لا يزال الدين قائماً حتى
تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش). وعن سنن الترمذي في الجزء الثاني مثله بإبدال كلمة خليفة بأمير.
33 ـ ما في الينابيع للشيخ إبراهيم الحنفي باب (77) عن كتاب مودة القربى بسنده عن ابن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (بعدي اثنا عشر خليفة ثم أخفى صوته فقلت: ما الذي أخفى صوته قال قال: (كلهم من بني هاشم). وروى عن سماك بن حرب مثل ذلك. وروى عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود انه عهد الينا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني اسرائيل. وقال فيه ايضاً في الباب ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة من عشرين طريقاً أن الخلفاء بعد النبي أثنا عشر خليفة كلهم من قريش، في البخاري من ثلاثة طرق، وفي مسلم من تسعة طرق، وفي أبي داود من ثلاثة طرق وفي الترمذي من طريق واحد، وفي الحميدي من ثلاثة طرق. ثم قال بعد هذا بيسير: ذكر بعض المحققين انالأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه وآله وسلم أثني عشر قد أشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان. علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديثه هذا الاثنا عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على أثني عشر ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم لأن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كلهم من بني هاشم) في رواية عبدالملك عن جابر. واخفاء صوته صلى الله عليه وآله وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ولقلة رعايتهم الآية: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى» (1). وحديث الكساء، فلا بد من أن يُحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم، وأجلّهم، وأورعهم، وأتقاهم، وأعلاهم نسباً، وأفضلهم حسباً، وأكرمهم عند الله. وكان علومهم عن آبائهم متصلاً بجدّهم صلى الله عليه وآله وسلم وبالوراثة واللدنّية. كذا عرّفهم أهل العلم والتحقيق، وأهل الكشف والتوفيق، ويؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته. ويشهده ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها. انتهى كلام الينابيع راجعه في بابه.
34 ـ ما رواه في الينابيع أيضاً باب (77) عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين، وأن أوصيائي بعدي إثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم المهدي). ورواه شيخ الإسلام الشافعي في فرائد السمطين عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم. والأحاديث النبوية التي تصرّح بأنهم عليهم السلام أوصياء رسول الله
____________
(1) سورة الشورى.
في كتب أهل السنة كثيرة جداً تتجاوز حد التواتر غير ما روته شيعتهم في ذلك.
35 ـ ما رواه في نفس الباب عن سلمان رضي الله عنه قال: «دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاذا الحسين على فخذيه وهو يقبّل خديه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد أخو سيد. أنت إمام إبن إمام أخو إمام. أنت حجة إبن حجة أخو حجة أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم المهدي» وهو مروي عن مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي أيضاً.
36 ـ ما اخرجه في فرائد السمطين وفي الينابيع في باب (56) عن كتاب مودة القربى في المودة العاشرة عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون).
37 ـ ما فيه عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (أن أوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي) قيل يا رسول الله من أخوك؟ قال: (علي) قيل من ولدك؟ قال: (المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلف ولدي، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).
38 ـ ما في مناقب موفق بن احمد الحنفي عن سلمان عن النبي انه قال للحسين عليه السلام: (أنت إمام بن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم).
39 ـ ما في مناقب شهاب الدين الهندي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (من ولد الحسين بن علي أئمة تسعة تاسعهم قائمهم).
40 ـ ما في فرائد السمطين، وكتاب الخوارزمي الحنفي بسنده إلى أبي سليمان راعي ابل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: «آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه» فقلت: والمؤمنون. قال: صدقت قال: يا محمد إني أطلعت إلى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منهم فشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد. ثم أطلعت الثانية فاخترت منهم علياً فسميته بإسمي، يا محمد خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.يا محمد لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم جاءني جاحداً لولايتكم ماغفرت له. يا محمد تحب أن تراهم قلت: نعم يا رب، قال لي: انظر الى يمين العرش فنظرت فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر
وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد المهدي ابن الحسن كأنه كوكب دري بينهم. وقال: يا محمد هؤلاء حججي علي عبادي، وهم أوصياؤك. والمهدي منهم الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي أنه المنتقم من أعدائي، والممهد لأوليائي).
41 ـ ما في الينابيع في الباب (95) عن المناقب بسنده الى جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا جابر أن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي ابن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فاذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بامامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر: فقلت يا رسول الله فهل للناس الانتفاع به في غيبته. فقال: أي والذي بعثني بالنبوة أنهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن سترها سحاب هذا من مكنون سرّ الله، ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله).
42 ـ ما في فرائد السمطين ونقله عنه في الينابيع أول باب (76) بسنده عن إبن عباس قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال: يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري من حين، فان اجبتني عنها
أسلمت على يديك. قال: سل يا أبا عمارة. فسأل عن أشياء إلى أن قال: فأخبرني عن وصيّك من هو؟ فما من نبي إلاّ وله وصي، وان نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع بن نون. فقال: ان وصيي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين. قال: يا محمد فسمّهم لي. قال: إذامضى الحسين فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه محمد، فإذا مضى محمد فإبنه جعفر، فإذا مضى جعفر فإبنه موسى، فإذا مضى موسى فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه محمد، فإذا مضى محمد فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه الحسن، فإذا مضى الحسن فإبنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء اثنا عشر الخ…). وفيه أنه أسلم وأخبر أنه وجد ذكرهم في كتب الأنبياء السالفين. وفيما عهد إليهم موسى عليه السلام وهو طويل فراجعه.
43 ـ ما في الينابيع في الباب نفسه عن المناقب بسنده عن جابر الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عن مسائل. ثم قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لا تمسك بهم، قال أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة. وقال يا رسول الله سمّهم لي فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي، ثم إبناه الحسن والحسين فاستمسك بهم ولا يغرّنك جهل الجاهلين. فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه). فقال جندل: وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء عليهم السلام (ايليا وشبرا وشبيرا) فهذه إسم علي والحسن والحسين فمن بعد الحسين وما أساميهم؟ فقال: (إذا أنقضت مدة الحسين فالإمام إبنه علي ويلقّب بزين العابدين، فبعده إبنه محمد يلقب بالباقر، فبعده إبنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده إبنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده إبنه علي يدعى بالرضا، فبعده إبنه محمد يدعى بالتقي والزكي، فبعده إبنه علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده إبنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده إبنه محمد يدعى بالمهدي والقائم والحجة. فيغيب ثم يخرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: «هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب» (1)، ثم قال: «أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم الغالبون» الخ… وقد جاء ذكر الأئمة الأثني عشر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة جداً غير ما ذكرناه في هذه الكتب وفي غيرها من كتب أهل السنة مثل أربعين إبن أبي الفوارس، وكتاب الحافظ بن الخشاب، والبيان للحافظ الكنجي، وأربعين الشيخ أسعد بن إبراهيم الحنبلي وفصل الخطاب للخواجه بارسا الحنفي وغيرها. غير ما ورد في طرق الشيعة فإنها لا تحصى.
* * *
____________
(1) سورة البقرة.
الطائفة الرابعة
في شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلمية أهل بيته
44 ـ ما في الينابيع باب (14) في غزارة علم علي عن فضائل إبن المغازلي الشافعي بسنده عن إبن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني فما علمت شيئاً إلا علمته عليّاً فهو باب علمي). ورواه الخوارزمي أيضاً.
45 ـ ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن إبن مسعود قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسئل عن علم علي فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً. ورواه في الينابيع في باب (14) عن مناقب إبن المغازلي، وعن كتاب الفردوس، وكتاب مودة القربى. وهو منقول بهذا المعنى أيضاً عن حلية الأولياء. ورواه كمال الدين الشافعي في مطالب السئول.
46 ـ ما في الينابيع باب (59) عن مودة القربى عن إبن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (قسّم العلم عشرة أجزاء فأعطى علي منها تسعة، وهو بالجزء العاشر أعلم الناس).
47 ـ ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أعلم أمتي علي). ورواه عن محمد بن علي الحكيم الترمذي في شرح الرسالة الموسومة بالفتح المبين. ورواه صاحب فرائد السمطين في باب (18) عن سلمان أيضاً عن النبي بلفظ (أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب).
48 ـ ما في الينابيع عن موفق بن أحمد بسنده عن جابر الأنصاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حديث طويل في ذكر مناقب علي عليه السلام ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (وانت باب علمي). وعن شرح إبن أبي الحديد المعتزلي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (علي خازن علمي).
49 ـ ما فيه أيضاً في باب (56) عن مودة القربى عن أبي ذر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي باب علمي، ومبيّن لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان وبغضه نفاق).
50 ـ ما في فرائد السمطين ورواه عنه في الينابيع بسنده عن سلمة بن كهيل قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا دار الحكمة وعلي بابها). ورواه في مطاب السئول عن مصابيح البغوي ورواه المحب الطبري في ذخائرالعقبى.
51 ـ ما في مناقب موفق بن أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري وسلمان قالا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن أقضى أمتي علي بن أبي طالب).
52 ـ ما في الينابيع بسنده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأم سلمة: (يا أم سلمة هذا علي لحمه لحمي ودمه دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. ياأم سلمة إسمعي واشهدي هذا علي أميرالمؤمنين، وسيد المسلمين، وهذا عيبة علمي، وهذا بابي الذي أؤتى منه، وهذا أخي في الدنيا والآخرة، وهذا معي في السنام الأعلى). وهو مروي بمضمونه في فرائد السمطين،
وكفاية الطالب، ومناقب الخوارزمي في الباب السابع في غزارة علمه عليه السلام وأنه أقضى الأصحاب.
53 ـ ما فيه أيضاً عن كتاب مودة القربى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال: (هذا علي أخي) إلى أن قال: (ووارث علمي).
54 ـ ما فيه عن كتاب فضائل الصحابة للسمعاني بسنده عن ابي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من حديث في حق علي: (وهو أعظم المسلمين حلماً، وأكثرهم علماً، وأقدمهم إسلاماً). وروى مثله إبن أبي الحديد في شرح النهج، وصاحب ذخائرالعقبى عن أحمد، والخوارزمي في المناقب في حديث طويل. وهو مروي عن مقتل الخوارزمي أيضاً، وكنز العمال، وكفاية الطالب وغيرها.
55 ـ ما رواه في الباب (54) عن المناقب بسنده عن جابر الأنصاري في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ذكر الأئمة عليهم السلام بأسمائهم إلى أن قال جابر للإمام الباقر: يا مولاي ان جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: (إذا لقيته فأقرأه مني السلام) وقد أخبرني أنكم الأئمة الهداة من أهل بيته من بعده أحكم الناس صغاراً، وأعلمهم كباراً. وقال: (لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم الخ…).
56 ـ ما عن حلية الأولياء، وكفاية الطالب، ومقتل الخوارزمي، ومناقب الحافظ إبن مردوية عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في بيت أم حبيبة لعلي: (أنك تبلغ رسالتي من بعدي، وتؤدي
عني وتسمع الناس صوتي، وتعلم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون) وروى مضمونه في مطالب السئول.
57 ـ ما عن مناقب الخوارزمي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أنت أخي ووزيري وخير من أخلف بعدي، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبيّن لهم ما أختلفوا من بعدي، وتعلمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل).
58 ـ ما في الينابيع باب (59) قال: وأخرج أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إني أوشك أن أدعى فأجيب فإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفتقرا حتى يردا علي الحوض فانظروا بم تخلفوني فيهما) إلى أن قال وفي رواية صحيحة (إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن أتبعتموهما وهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وزاد الطبراني (إني سألت ذلك لهما، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم).
59 ـ ما رواه في ذخائرالعقبى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب) ورواه في الينابيع عن مسند أحمد بن حنبل، وصحيح البيهقي، وشرح إبن أبي الحديد المعتزلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
(من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في عزمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب). ورواه اخطب خوارزم عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب). ورواه في فرائد السمطين في باب (35). وهو مروي بطريق آخر بهذا المضمون عن الحارث الأعور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن مناقب ابن المغازلي. ورواه كمال الدين في مطالب السئول عن البيهقي بمثله. ورواه إبن الصباغ المالكي في فصوله بمثله.
60 ـ الحديث المشهور الذي حفظه المسلمون أجمع حتى المخدرات في خدورهن وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) رواه في مطالب السئول عن صحيح الترمذي، ورواه في ذخائر العقبى، وفي مناقب الخوارزمي بزيادة (فمن أراد العلم فليأت الباب) ورواه الشيخ إبراهيم الحنفي في الينابيع عن الصواعق المحرقة لإبن حجر في الحديث التاسع قال: أخرج البزاز والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبدالله، وأيضاً الطبراني والحاكم والعقيلي وإبن عدي عن إبن عمر، والترمذي، وأيضاً الحاكم عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وفي رواية: (فمن أراد العلم فليأت الباب) إلى أن قال في آخرى عن إبن عدي: (علي باب علمي) انتهى.
61 ـ ما في الينابيع باب (14) قال روى إبن المغازلي بسنده عن مجاهد عن إبن عباس، وأيضاً عن جابر بن عبدالله قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعضد علي وقال: (هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله) فمدّ بها صوته ثم قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت اباب). أخرج هذا الحديث موفق بن أحمد والحمويني والديلمي في الفردوس وصاحب المناقب عن مجاهد عن إبن عباس إنتهى. ورواه أيضاً عن الدر المنظوم لإبن طلحة الحلبي الشافعي. وعن مودة القربى عن جابر وإبن مسعود وأنس. وروي هذا الحديث في كتاب غاية المرام عن مناقب إبن المغازلي في سبعة طرق، وعن مناقب الخوارزمي في طريقين، وعن فرائد السمطين في ثلاثة طرق، وعن شرح إبن أبي الحديد وكتاب الفردوس في الجزء الأول باب الألف، والمناقب الفاخرة في العترة الطاهرة وغيرها من كتب أهل السنة غير ما روته الشيعة في ذلك فإنه يعسر فيه الإحصاء.
هذه طائفة يسيرة من الأخبار الناصة على شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى في أعلمية علي وأهل بيته عليهم السلام وأنهم خزان علمه الذي خلّفه لأمته للاستضاءة بنوره. كل ذلك بروايات الثقاة الأثبات من علماء أهل السنة رضي الله عنهم.
الحمد لله الذي خلق العباد، وكلفهم بما فيه الهدى والرشاد. والصلاة والسلام على نبيّنا نبيّ الرحمة، وهادي الأمة. وعلى آله الذين ثبّتوا قواعد الدين، وعلى أصحابه المنتجبين.
«وبعد»: فان الله سبحانه ما خلق الخلق إلا لطاعته وعبادته فقال: «وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون» (1) فلذلك أرسل لهم رسلاً مبشّرين ومنذرين، وشرع لهم الشرائع، لينالوا بذلك إن أطاعوه سعادة الدارين، وأقام لهم حجّة في أنفسهم وهي عقولهم فللّه الحجة البالغة، والمحجة الواضحة، فبالعقل الذي خلقه فيهم، وبالرسل التي أرسلها اليهم، يحتجّ عليهم يوم العرض عليه. فواجب كل مكلّف أن يستنير بنور عقله حتى يصل الى ساحة الحق الذي به سعادته، وبه يحيى حياة طيبة رغيدة، ويعيش عيشة راضية حميدة.
وان الله سبحانه ذمّ اقواماً على تركهم العمل بعقولهم تقليداّ لآبائهم فقال: «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون» (2). فالواجب عليك أن لا تقلّد آباءك في دينهم ولا في
____________
(1) سورة الذاريات.
(2) سورة الزخرف.
مذهبهم، حتى تسرّح نظرك في بقيّة الأديان والمذاهب وتميّز سمينها من غثها، وصحيحها من سقيمها فتختار ما هو الحق الذي هو أحق ان يتّبع فتتبعه سواءً وافق طريقة آباءك أو خالفها.
وان الله قد نصب للحق دلائل وعلامات، وشواهد وبينات. لا تخفى على من ألقى السمع وهو شهيد، وخلع عن نفسه جلابيب العناد والتقليد. وأما من لم يشأ أن يستضيء بنور عقله، ويتعرف الرشد من الغي، فهو عدو نفسه، يريد أن يوردها موارد الهلكة، ووديان العطب ويغرر بها في متائه الضلال.
وديعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته
مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتحق بالرفيق الأعلى بعد أن أدى رسالة ربه، وبلّغ عنه ما أمره بتبليغه، ولم يأل جهداً في النصح لأمته، وارشادهم، وانتشالهم من هوة الجاهلية وغياهبها واباكيلها وأباطيلها. ثم ودّعهم وداعه الأخير تاركاً فيهم وديعته الغالية وهو دينه الذي ارتضاه لهم رب العالمين، وشريعته التي صدع بها، واوصاهم بتعاهدها وحفظها من الضياع والاندثار لأنها القانون الالهي الذي سنّه لعباده، ونشره في بلاده لن يرتضى منه بدلا، ولن يقبل عنه متحولا «ان الدين عند الله الاسلام» (1) «ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في اللآخرة من الخاسرين» (2) «ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون» (3).
فواجب الأمة أجمع صيانة هذا الدين من الانطماس والاندراس، والعمل به كما أنزل وشرع بغير تبديل أو تغيير، أو تحريف أو تحوير. ولكن هل دلّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته على طريقة الأخذ بهذا الدين، ومنهج الاتباع لهذه السنّة وعمّن تؤخذ، ومن المفزع عند الاختلاف، ومن الملجأ في الملمات والمهمات؟ هذا ما سنبحث عنه في البحوث الآتية موجزاً ليتناسب مع وضع الرسالة.
____________
(1) سورة آل عمران.
(2) سورة آل عمران.
(3) سورة آل عمران.
وضع المذاهب
أخذ المسلمون بعد نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم بسنته وشريعته، واختلفوا في الخلافة والإمامة اختلافاً لا ينقضي إلى يوم القيامة. ولما كانت الخلافة ـ كما فهمها المسلمون من الكتاب والسنة النبوية ـ تعم السلطة الزمنية والدينية فكانوا ـ فيما لم يعرفوه من الأحكام من ظاهر الكتاب المجيد والسنة المقدسة ـ يرجعون فيه إلى نفس الخليفة فهو المفزع في ذلك عندهم. فان لم يكن عنده من ذلك علم استفهم من الفقهاء وأفتى به.. ولكن لما تسافل أمر الخلافة حتى ربما صارت إلى أجهل الناس بالدين والأحكام بالقوة والغلبة صار المسلمون يرجعون في أخذ الأحكام إلى الفقهاء رأساً من دون مراجعة الخليفة. ولكن للخليفة الهيمنة التامة على العلماء بسلطته وقبضه على أزمة الأمور. فمن لم يكن منهم سائراً على وتيرته، وموافقاً له في منهجه لا يسمح له أن يعلن فتواه بين ملأ المسلمين فكان في زوايا الخمول. نعم إلا أن يأخذ بفقهه البعض خفية تحت ستار التقية والمداراة. فاتسع أمر العلم والعلماء ولا سيما الذين تزلفوا إلى السلطة القائمة واتسعت فتاواهم، وأتسع أمر الاجتهاد، وصار ثوب الاجتهاد يخلع على كل من له أدنى علم أو من ليس له من العلم نصيب حتى تسوهل في اطلاق الاجتهاد على بعض من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو أشهراً لأجل الستر على موبقاته ومنكراته باسم الاجتهاد. فقيل: «هو مجتهد وهو
معذور بل مأجور» ولو خالف الكتاب ومن أنزل عليه. بل ولو كان رادّاً في اجتهاده المزعوم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم لما اتسعت دائرة الفتاوى، وتشعبت الآراء، وكثرت دعاوى الاجتهاد شعر أهل الحل والعقد بالخطر العظيم من ضياع الأحكام بكثرة الآراء المختلفة التي خلقتها الميول والسبل الملتوية في استنباط الأحكام وأوصد باب الاجتهاد على المسلمين المساكين، وحصر الاجتهاد في فقهاء معدودين. كأن بقية المسلمين قد مسخوا ـ على حد تعبير العلامة الجليل السيد محمد بن عقيل في بعض مؤلفاته ـ فلم يبلغ أحد منهم بزعمهم درجة الاجتهاد وملكة الاستنباط ولو بلغ مبلغ الشيخ الرازي أو الشيخ المفيد في العلم والفقه وأضرابهما من فطاحل العلماء وأكابر الفقهاء فهذا الإيصاد لباب الاجتهاد بعد أن اعتبر مفتوحاً على مصراعيه تحكم لا مبرر له مع أن سدّ بابه وفتحه ليس بيد أحد لأنه ملكة تحصل بالجد والجهد في استنباط الأحكام.
وهذا التحكم في سد بابه وإن كان فيه شل للحركة العلمية وخلق مشاكل كثيرة دينية ولكن لعل لهم فيه غاية وهي توقيف اتساع الآراء الاجتهادية التي بلغت مبلغاً ربما لا يمت بعضها إلى جوهر الدين وأحكامه بصلة قوية فتشكلت لأجل ذلك المذاهب الإسلامية، فحكم على أهل كل قطر بالرجوع إلى فقيه خاص لا يعدوه إلى غيره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هذا وقد اقتضت سياسة السلطات القائمة ـ في ذلك العهد ـ أن لا يجعلوا لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حق الفتيا في شرعهم ودين جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، ولا حق الأخذ عنهم، بل لا يؤخذ إلا بفتوى غيرهم وإن كان بعيداً.
هكذا كان نصيب ذوي القربى أهل بيت الوحي من دينهم بحيث حرم المسلمون من أخذ شرعهم الذي نزل في بيتهم عنهم. فلم يكن فقه فقيههم بفقه رسمي مشروع. ولكن لم يفت طائفة من المسلمين الاغتناء بثروة فقههم عليهم السلام، والانتفاع بذخيرة كنز علمهم، فأخذوا عنهم خاصة دون غيرهم، ولكن تحت ستار التقية من السلطات الزمنية، فعرف المنتمون لهم عليهم السلام بالإمامية الاثني عشرية واشتهروا بالشيعة لتسمية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اتباع علي عليه السلام وأولاده الطاهرين عليهم السلام بذلك كما سيأتي في أحاديث مدحه صلى الله عليه وآله وسلم للشيعة.
واجب المكلفين
أشرنا في المقدمة إلى أن واجب كل مكلف التتبع والفحص عن الدين الذي ارتضاه لنا رب العالمين وعن المذهب الذي رسمه لنا الصادق الأمين، أي المنهج الذي فرض علينا سلوكه في أخذ أحكام الشريعة. ومعلوم أنه لم يكن في القرن الأول من بزوغ شمس الإسلام على ربوع هذه الأرض اسم مذهب، وإنما هو اصطلاح
نشأ في القرن الثاني ظاهراً أو بعده على بعض الانقال. فلا بد لمن اعتنق الدين الإسلامي واعتقد بصحته أن يغربل الكتاب والتاريخ والحديث وأدلة العقل ليقف على برهان رصين يدلّه على براءة ذمته باتباع منهج ومذهب معين من المذاهب الإسلامية فيتبعه بعد البحث والتنقيب ليكون على بينة من أمره، وهدى من دينه، باتباع ذلك المذهب والطريق في أخذ الأحكام. فمن قصّر في ذلك كان على غير هدى، وذهب سعيه سدى.
تنوير في طريق التنقيب
بعد ما علمت بالاختلاف الشديد بين المسلمين في طوائفهم ونحلهم وطرقهم وفرقهم ومذاهبهم وآرائهم وكلٌ يدعي أحقية مذهبه أصولاً أو فروعاً، وكل حزب بما لديهم فرحون، فلا بد للباحث عن الدليل والبرهان على أحقية بعض المذاهب بالاتباع، أن يخلع عنه جلايب التقليد والعاطفة، وأن يتخلى عن كل عصبية، وأن يتحلى بحلي العدل والنصفة حتى يصل إلى ميادين الحق والحقيقة.
وأهم ما يلزم المتتبع الحريص على الوقوف على الحقيقة أن لا يأخذ بآراء طائفة دون أخرى، ولا بأخبار فرقة دون فرقة، ولا يعتمد على رجال مذهب دون مذهب، ولا كتب صنف دون صنف لأنه ربما كان في بعض هذه دون البعض الآخر خطأ أو تأثر بالعاطفة المذهبية. وهذه هي أم المشاكل، ومنها نشأ كل اختلاف،
بل منها نشأ كل ما اصاب المسلمين من محن وإحن، وتمزيق شمل، وتشتيت جمع ـ يا للاسف ـ . فالحل الوحيد لها، والطريقة الوسطى في تذليل صعوبتها عند اختيار مذهب من المذاهب: هو الأخذ بما اتفق عليه المسلمون أجمع. يعني ما ذُكر في كتب الفريقين المهمة المشهورة المعتمد عليها بينهم من الأحاديث الدالة على أحقية مذهب من المذاهب.
فالأحاديث التي روتها رواة ثقاة من الفريقين يعوّل عليها ويؤخذ بها، وتكون هي المرجع عند الاختلاف وعليها الاعتماد في باب الاستدلال الأوّلى. والاحتجاج على أولوية مذهب من المذاهب. نعم بعد إقامة البرهان القاطع على صحة مذهب أو قول طائفة يصح التعويل في إقامة الحجج في أعمال المكلف نفسه على رواة تلك الطائفة الثقاة.
فعليك أيها المسلم المتتبع «أولاً» أن تحترم مذاهب المسلمين أجمع فإنها مأخوذة من فقهاء ذوي علم وفضل «وثانياً» أن تحرص كل الحرص على أن تقف على آية صريحة أو روايات صحيحة متفق عليها غير معارضة بأرجح منها، مذكورة في كتب طوائف المسلمين عن نبيّهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم فيها تصريح أو تلويح بكيفية أخذ الأحكام، وممن وعمن يؤخذ الشرع الشريف. بشرط أن لا يكون فيها ما يصادم العقل أو الكتاب المجيد فتتمسك بها وتتبع مؤداها ومعناها، وتكون بيدك حجة قائمة، ومحجة لا حبة، إذا
سألك ربك يوم العرض عليه ممن أخذت دينك، وعلى من اعتمدت في أحكام حلاله وحرامه. هذا هو القول الفصل، والحكم العدل، في طريقة التنقيب عن الحقيقة المطلوبة، والغاية المرغوبة، للناس أجمعين وبدونها فالحكم زلل، والرأي خطل.
نماذج من حجج الشيعة
لمذهب أهل البيت عليهم السلام
جرد لي أيها الأخ المسلم نفسك عن غير الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم سويعة، وأعرني نظرك خالصاً من كل عاطفة، وأنظر إلى الحجج الآتية بالشروط الآنفة.
أخذت الشيعة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحكام دينها من الكتاب والسنة. أما الكتاب، فالمجتهد منهم يأخذ بنصوص آيات الأحكام منه، أو بما له ظاهر كالنص. وأما ما يحتاج إلى التفسير فيتوقف فيه حتى يرد فيه تفسير من المعصوم عليه السلام.
وأما السنة: فيأخذ بصحاح أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل بيته عليهم السلام وأفعالهم وتقريرهم على ما هو مرسوم في الأصول. وغير المجتهد منهم، إما أن يحتاط في أحكامه، أو يقلد مجتهداً عدلاً على شروط مذكورة في كتبهم. أهمها أن يكون ذلك المجتهد ممن يأخذ فقهه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام مع الكتاب المجيد والاستضاءة بنور العقل. ولهم في تدعيم مذهبهم حجج متينة، وبراهين
رصينة، منبثة في كثير من مؤلفاتهم المنشورة في كل عصر. وقد ذكرنا بعض أدلتهم في مقدمة كتابنا «أصول الأستنباط» في أصول الفقه المطبوع ببغداد. وأدلتهم في ذلك كثيرة لا تحصر. وها أنا ذا أعرض لك نبذة منها وهي: طوائف من الأحاديث التي رواها علماء أهل السنة المعتمد عليهم في كتبهم المشهورة واتفق الشيعة معهم على روايتها بنصها أو بمعناها.
الطائفة الأولى: الأحاديث الناصة على أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع أهل بيته عليهم السلام وأخذ أحكام الشريعة عنهم.
الطائفة الثانية: الأحاديث الدالة على أن علياً عليه السلام خير أهل الأرض.
الطائفة الثالثة: الأحاديث الناطقة بأسماء الأئمة الاثني عشر وانهم أوصياءه وأئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين.
الطائفة الرابعة: الأحاديث الدالة على شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلميتهم في أحكام شريعته.
الطائفة الخامسة: الأحاديث الناصة على مدح شيعتهم المتبعين لهم. واليك نص الأحاديث:
الطائفة الأول
في أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع أهل بيته
1 ـ الحديث الذي تناقله المسلمون عامة، ورووه في تصانيفهم،
واعتمدوا عليه، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض). بخ بخ ما أفضلها من مكرمة يقرن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أهل بيته بكتاب ربه، ويحث أمته على التمسك بهما معاً. وان المتمسك بهما لا يضل عن دينه بعده في كل عصر أبداً إلى يوم القيامة. وان أهل بيته لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم حتى يردا معاً عليه الحوض. وهل يجد المسلم في نفسه حاجة بعد قول نبيه صلى الله عليه وآله وسلم هذا الصريح الفصيح إلى دليل آخر على الاقتداء بأهل بيته، وأخذ الأحكام منهم. وهل يحتاج مذهبهم إلى حث من صاحب الشريعة اعظم وأأكد من هذا الحث. وقد اتفق المسلمون من الفريقين على رواية هذا الحديث بمعاني متحدة وألفاظ متقاربة. وهو منقول عن أكثر من ثلاثين صحابياً. أنظره في سنن الترمذي، وكتاب الشفاء للقاضي عياض، وشرح نسيم الرياض، واسعاف الراغبين، ومسند أحمد بن حنبل، والصواعق المحرقة، وينابيع المودة، وكتاب الطبراني، وصحيح مسلم، وتفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» (1)، ومناقب ابن المغازلي الشافعي في سبعة طرق، وصحيح أبي داود، ومسند ابن أبي أوفى، وفضائل الصحابة للسمعاني، ومناقب موفق
____________
(1) سور آل عمران
ابن أحمد الحنفي، وكتاب سير الصحابة، وشرح ابن أبي الحديد في عدة طرق، وذخائر العقبى لمحب الدين الشافعي، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي الحنفي وغيرها. وبعض هذه روته بطرق متعددة.
2 ـ «حديث السفينة» المتواتر بين طوائف المسلمين وهو قوله: (أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى) وهو صريح في أن الآخذ عنهم، والمتمسك بهم ناجي في دينه، وقد ذكر هذا الحديث جلّ أصحاب السنن. طالعه في صحيح مسلم، وصواعق ابن حجر، وذخائر العقبى، ومستدرك الحاكم، ومسند أحمد بن حنبل، وفرائد السمطين، والجامع الصغير وتذكرة الخواص، واسعاف الراغبين، وينابيع المودة للشيخ إبراهيم الحنفي، وغيرها. وفي الأخير في باب (59) قال: وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً: (إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك). وفي رواية مسلم: (ومن تخلّف عنها غرق) انتهى… وبودّي أن اروي لك أحد الطرق التي رواها ابن المغازلي الشافعي في فضائله بسنده المعنعن عن هارون الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها هلك) أقرأوا واعجب من صنيع هؤلاء بأهل البيت مع ما يروون من فضلهم. وقال الشبلنجي في نور الأبصار: روى جماعة من أصحاب السنن عن عدة من الصحابة أن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك) وفي رواية غرق وفي أخرى زج في النار. وقد تواتر هذا الحديث عند الشيعة أيضاً حتى صار من القطعيات.
3 ـ ما في فرائد السمطين للحافظ الكبير الشيخ أبراهيم الشافعي في الجزء الأول الباب الخامس بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من سرّه أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليوال عليّاً من بعدي، وليوال وليّه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فانهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا علماً وفهماً، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي). وإن شئت أيضاً فراجعه في كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم، ومنتخب كنز العمال، وينابيع المودّة في باب «59».
4 ـ ما في مناقب الخوارزمي عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمار: (تقتلك الفئة الباغية وأنت مع الحق والحق معك، يا عمار إذا رأيت علياً سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فأسلك مع علي ودع الناس فانه لن يدخلك في أذى، ولن يخرجك من الهدى).
5 ـ ما رواه في فرائد السمطين في باب «36» بسنده عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (علي مع الحق والقرآن والحق والقرآن مع علي ولن يفترقا
حتى يردا عليّ الحوض) ورواه بطرق ومضامين قريبة من هذا ورواه في غاية المرام عن كتاب «فضائل الصحابة» مسنداً عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن الصواعق رواه عن الطبراني في الأوسط بلفظ: «علي مع القرآن الخ…». ومضمونه مذكور في كتب الفريقين بأكثر من حد التواتر.
6 ـ ما في مناقب اخطب خوارزم الحنفي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب فإنه الفاروق بين الحق والباطل). ورواه في الينابيع عن الإصابة عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب فانه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، وهو يعسوب المؤمنين). وتلقيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالصديق. والفاروق مستفيض في كتب الفريقين.
7 ـ ما في الينابيع في باب «29» عن فضائل ابن المغازلي الشافعي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ضرب يده في يد علي وقال: (تمسكوا بهذا هو حبل الله المتين). وتسمية علي بحبل الله المتين كثير في كتب الحديث والفضائل.
8 ـ ما في فرائد السمطين، ومناقب الخوارزمي، ومطالب السؤل لابن طلحة الشافعي بسندهم عن أنس بن مالك قال: قال النبي: (يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد
المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين فجاء علي عليه السلام وقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي). انتهى باختصار. ورواه في الفرائد من طريق آخر.
9 ـ ما عن شرح ابن أبي الحديد المعتزلي عن زيد بن أرقم قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أدلّكم على ما أن تسالمتم عليه لم تهلكوا أن وليكم وإمامكم علي بن أبي طالب فناصحوه وصدقوه، جبريل أخبرني بذلك). والأخبار النبوية التي ذكرت فيها إمامة علي وأولاده الطاهرين عليهم السلام قد طفحت بها كتب الفريقين، وأني لم أتعرض لها لخصوصها وإنما تعرضت لذكر جملة من الأخبار الدالة على لزوم الأخذ عنهم عليهم السلام واتباعهم، ووجوب الاقتداء بهم، والتمسك بحبلهم، لأن موضوع رسالتي هو ذلك لا إثبات أدلة إمامتهم، ولكن ذكرت بعض أخبار الإمامة لدلالتها على وجوب التمسك بهم وأخذ الفقه عنهم.
10 ـ ما في ينابيع المودة باب (45) عن موفق بن أحمد بسنده إلى ابن أبي ليلى قال: أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الراية يوم خيبر إلى علي ففتح الله عليه. وفي يوم غدير خم أعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة وقال له: (أنت مني وأنا منك وأنت تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله) وقال له (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقال له: (أنا سلم لمن سالمك،
وحرب لمن حاربك، وأنت العروة الوثقى، وأنت تبين ما اشتبه عليهم من بعدي، وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي، وأنت الذي أنزل الله فيك: «وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر» (1)، وأنت الآخذ بسنتي، والذاب عن ملتي الخ…) وهو حديث يحتوي على مناقب جمة.
11 ـ ما في خصائص النسائي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (علي مني وأنا منه فلا يؤدي عني إلا أنا وعلي) ورواه في الينابيع في باب (59) عن الصواعق لابن حجر قال: الحديث السادس أخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا علي).
12 ـ ما في الينابيع في باب (59) عن شرح نهج البلاغة للمعتزلي في حديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (انه ليس أحد أحق منك بمقامي لقدمك في الاسلام، وقربك مني، وصهرك لي، وعندك سيدة نساء العالمين وقبل ذلك ما كان من حماية أبيك أبي طالب لي، وبلائه عندي حين نزول القرآن الخ…). رواه أبو إسحاق الثعلبي في تفسير القرآن.
13 ـ ما فيه أيضاً في الباب نفسه عن الصواعق المحرقة قال: أخرج ابن سعد حديثين الأول: (أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة،
____________
(1) سورة التوبة.
وأغصانها في الدنيا، فمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً فليتمسك بها). والثاني: (في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا وان أئمتكم وفدكم الى الله عز وجل فانظروا من توفدون). واخرج هذين الحديثين المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى.
14 ـ ما عن حلية الأولياء لأبي نعيم، وكنز العمال بتفاوت يسير (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (مرحباً بسيد المسلمين، وإمام المتقين) والإمام لابد أن تأخذ عنه الأحكام. وهذا المضمون منتشر في كتب الفريقين انتشار الكواكب في السماء.
15 ـ ما عن كتاب الفردوس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنا وعلي حجة الله على عباده). وبمضمونه أحاديث كثيرة ومن عرف حجة الله وأخذ أحكامه منه فقد فاز فوزاً عظيماً.
16 ـ ما عن مناقب ابن مردوية عن سلمان قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عمّن نأخذ بعدك؟ وبمن نثق؟ قال: فسكت عني حتى سألت ذلك عشراً ثم قال: (يا سلمان إن وصيي وخليفتي واخي ووزيري وخير من اخلفه بعدي علي بن أبي طالب يؤدي عني، وينجز موعدي). وعن مناقب الخوارزمي، وذخائر المحب الطبري، والوسيلة بمضمونه. وكأنّ النبي أراد تأخير الجواب إلى وقت حضور جماعة يبلغون ذلك لأمته. أو لتقام عليهم الحجة البالغة.
17 ـ ما في مناقب الخطيب عن ابن عباس، وعن كفاية
الطالب، وفرائد السمطين وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي) وقال: (يا أم سلمة أسمعي وأشهدي هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي، وبابي الذي أؤتى منه، أخي في الدنيا، وخدني في الآخرة، ومعي في السنام الأعلى).
18 ـ ما عن مناقب الحافظ ابن مردوية، وحلية الأولياء، وكفاية الطالب، ومقتل الخوارزمي، وفي مناقبه باختلاف يسير واللفظ للأول عن أنس من حديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: (أنت تبلغ رسالتي من بعدي وتؤدي عني، وتسمع الناس صوتي، وتعلم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون).
19 ـ ما عن شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي عن أبي جعفر الإسكافي في حديث الدار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عند نزول «وأنذر عشيرتك الأقربين» (1): (هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي).
20 ـ ما في ذخائر العقبى، ومناقب الخوارزمي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لكل نبي وصي ووارث، وان علياً وصيي ووارثي). والأحاديث الناصة على أنه وصيّه صلى الله عليه وآله وسلم لا تكاد تحصى في كتب الفريقين. فطالعها تر الحقيقة ناصعة لذي عينين.
* * *
____________
(1) سورة الشعراء.
الطائفة الثانية
في الأخبار الدالة على أن علياً خير البشر
21 ـ ما في الينابيع في باب (56) عن كتاب مودة القربى عن جابر عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (علي خير البشر من شك فيه فقد كفر) وقد رواه السيد هاشم في مناقبه عن مناقب ابن مردوية عن حديفة عنه صلى الله عليه وآله وسلم لكن بلفظ: (علي خير البشر من أبى كفر) ويظهر أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضاً سمعت ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما يرويه في الينابيع في باب (56) عن مودة القربى في المودة الثالثة عن عطاء قال سألت عائشة عن علي قالت: ذلك خير البشر لا يشك إلا كافر.
22 ـ ما عن مناقب ابن مردوية عن أبي رافع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ: (أنت خير أمتي في الدنيا والآخرة). وفي مناقب الخوارزمي في فصل (9) بسنده عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (علي خير البريّة).
23 ـ ما عنه عن بريدة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة: (إن زوجك خير أمتي أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً). ورواه الخوارزمي في مناقبه بلفظ: (أما ترضين أن زوّجتك خير أمتي الخ…) وفي رواية الفصول المهمة (أما علمت أنك بكرامة الله تعالى إياك زوّجك أغزرهم علماً وأكثرهم حلماً وأقدمهم سلماً).
24 ـ ما عنه أيضاً عن ابن جنادة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خير من يمشي على الأرض بعدي علي بن أبي طالب).
25 ـ عنه عن سلمان قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فناداني قلت: لبيك فقال: (أشهدك اليوم إن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم).
26 ـ عنه عن سلمان أيضاً قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن وصيي وموضع سرّي وخير من اخلف بعدي ينجز موعدي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب). وعن كنز العمال قريباً منه، ورواه الخوارزمي في مناقبه: (إن أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب).
27 ـ ما في ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري الشافعي، ومناقب الخوارزمي بسندهما عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من نبي إلا وله نظير في أمته، وعلي نظيري).
28 ـ ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن أنس قال: أهدي إلى النبي طير فقال: (اللهم إئتني بأحب خلقك إليك ولي ليأكل معي من هذا الطير) فجاءه علي عليه السلام فأكل معه وكان أتاه جبرئيل من الجنة. ورواه بطرق أخرى. وحديث الطائر مشهور حتى رواه ابن المغازلي في (23) طريق ورواه أحمد بن حنبل في مسنده وروي في الجمع بين الصحاح الستة وفرائد السمطين بطرق ومناقب الصحابة والمناقب الفاخرة والفصول المهمة وغيرها.
29 ـ ما عن كتاب الوسيلة عن مسروق عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الخوارج شر الخلق يقتلهم خير الخلق، وأعظمهم عند الله يوم القيامة وسيلة). ويدل على ذلك أيضاً ما رواه الخوارزمي في الفصل التاسع من مناقبه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة).
30 ـ ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج من خبر مشهور فيه: إن فاطمة اشتكت واشتهت عنباً في غير أوانه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللّهم أتنا به مع أفضل أمتي عندك منزلة فجاء علي بعنب فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (الله أكبر الله أكبر اللهم كما سررتني بأن خصصت علياً بدعوتي فاجعل فيه شفاء ابنتي) فأكلت منه وعوفيت.
* * *
الطائفة الثالثة
في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام
31 ـ ما عن صحيح البخاري في الجزء الرابع «كتاب الأحكام» عن جابر بن سمرة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يكون بعدي اثنا عشر أميراً) فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي أنه قال: (كلهم من قريش).
32 ـ ما عن صحيح مسلم في الجزء الثاني في باب «الناس تبع لقريش» عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (لا يزال الدين قائماً حتى
تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش). وعن سنن الترمذي في الجزء الثاني مثله بإبدال كلمة خليفة بأمير.
33 ـ ما في الينابيع للشيخ إبراهيم الحنفي باب (77) عن كتاب مودة القربى بسنده عن ابن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (بعدي اثنا عشر خليفة ثم أخفى صوته فقلت: ما الذي أخفى صوته قال قال: (كلهم من بني هاشم). وروى عن سماك بن حرب مثل ذلك. وروى عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود انه عهد الينا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني اسرائيل. وقال فيه ايضاً في الباب ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة من عشرين طريقاً أن الخلفاء بعد النبي أثنا عشر خليفة كلهم من قريش، في البخاري من ثلاثة طرق، وفي مسلم من تسعة طرق، وفي أبي داود من ثلاثة طرق وفي الترمذي من طريق واحد، وفي الحميدي من ثلاثة طرق. ثم قال بعد هذا بيسير: ذكر بعض المحققين انالأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه وآله وسلم أثني عشر قد أشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان. علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديثه هذا الاثنا عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على أثني عشر ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم لأن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كلهم من بني هاشم) في رواية عبدالملك عن جابر. واخفاء صوته صلى الله عليه وآله وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ولقلة رعايتهم الآية: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى» (1). وحديث الكساء، فلا بد من أن يُحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم، وأجلّهم، وأورعهم، وأتقاهم، وأعلاهم نسباً، وأفضلهم حسباً، وأكرمهم عند الله. وكان علومهم عن آبائهم متصلاً بجدّهم صلى الله عليه وآله وسلم وبالوراثة واللدنّية. كذا عرّفهم أهل العلم والتحقيق، وأهل الكشف والتوفيق، ويؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته. ويشهده ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها. انتهى كلام الينابيع راجعه في بابه.
34 ـ ما رواه في الينابيع أيضاً باب (77) عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين، وأن أوصيائي بعدي إثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم المهدي). ورواه شيخ الإسلام الشافعي في فرائد السمطين عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم. والأحاديث النبوية التي تصرّح بأنهم عليهم السلام أوصياء رسول الله
____________
(1) سورة الشورى.
في كتب أهل السنة كثيرة جداً تتجاوز حد التواتر غير ما روته شيعتهم في ذلك.
35 ـ ما رواه في نفس الباب عن سلمان رضي الله عنه قال: «دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاذا الحسين على فخذيه وهو يقبّل خديه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد أخو سيد. أنت إمام إبن إمام أخو إمام. أنت حجة إبن حجة أخو حجة أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم المهدي» وهو مروي عن مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي أيضاً.
36 ـ ما اخرجه في فرائد السمطين وفي الينابيع في باب (56) عن كتاب مودة القربى في المودة العاشرة عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون).
37 ـ ما فيه عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (أن أوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي) قيل يا رسول الله من أخوك؟ قال: (علي) قيل من ولدك؟ قال: (المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلف ولدي، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).
38 ـ ما في مناقب موفق بن احمد الحنفي عن سلمان عن النبي انه قال للحسين عليه السلام: (أنت إمام بن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم).
39 ـ ما في مناقب شهاب الدين الهندي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (من ولد الحسين بن علي أئمة تسعة تاسعهم قائمهم).
40 ـ ما في فرائد السمطين، وكتاب الخوارزمي الحنفي بسنده إلى أبي سليمان راعي ابل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: «آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه» فقلت: والمؤمنون. قال: صدقت قال: يا محمد إني أطلعت إلى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منهم فشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد. ثم أطلعت الثانية فاخترت منهم علياً فسميته بإسمي، يا محمد خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.يا محمد لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم جاءني جاحداً لولايتكم ماغفرت له. يا محمد تحب أن تراهم قلت: نعم يا رب، قال لي: انظر الى يمين العرش فنظرت فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر
وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد المهدي ابن الحسن كأنه كوكب دري بينهم. وقال: يا محمد هؤلاء حججي علي عبادي، وهم أوصياؤك. والمهدي منهم الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي أنه المنتقم من أعدائي، والممهد لأوليائي).
41 ـ ما في الينابيع في الباب (95) عن المناقب بسنده الى جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا جابر أن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي ابن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فاذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بامامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر: فقلت يا رسول الله فهل للناس الانتفاع به في غيبته. فقال: أي والذي بعثني بالنبوة أنهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن سترها سحاب هذا من مكنون سرّ الله، ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله).
42 ـ ما في فرائد السمطين ونقله عنه في الينابيع أول باب (76) بسنده عن إبن عباس قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال: يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري من حين، فان اجبتني عنها
أسلمت على يديك. قال: سل يا أبا عمارة. فسأل عن أشياء إلى أن قال: فأخبرني عن وصيّك من هو؟ فما من نبي إلاّ وله وصي، وان نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع بن نون. فقال: ان وصيي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين. قال: يا محمد فسمّهم لي. قال: إذامضى الحسين فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه محمد، فإذا مضى محمد فإبنه جعفر، فإذا مضى جعفر فإبنه موسى، فإذا مضى موسى فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه محمد، فإذا مضى محمد فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه الحسن، فإذا مضى الحسن فإبنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء اثنا عشر الخ…). وفيه أنه أسلم وأخبر أنه وجد ذكرهم في كتب الأنبياء السالفين. وفيما عهد إليهم موسى عليه السلام وهو طويل فراجعه.
43 ـ ما في الينابيع في الباب نفسه عن المناقب بسنده عن جابر الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عن مسائل. ثم قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لا تمسك بهم، قال أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة. وقال يا رسول الله سمّهم لي فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي، ثم إبناه الحسن والحسين فاستمسك بهم ولا يغرّنك جهل الجاهلين. فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه). فقال جندل: وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء عليهم السلام (ايليا وشبرا وشبيرا) فهذه إسم علي والحسن والحسين فمن بعد الحسين وما أساميهم؟ فقال: (إذا أنقضت مدة الحسين فالإمام إبنه علي ويلقّب بزين العابدين، فبعده إبنه محمد يلقب بالباقر، فبعده إبنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده إبنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده إبنه علي يدعى بالرضا، فبعده إبنه محمد يدعى بالتقي والزكي، فبعده إبنه علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده إبنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده إبنه محمد يدعى بالمهدي والقائم والحجة. فيغيب ثم يخرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: «هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب» (1)، ثم قال: «أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم الغالبون» الخ… وقد جاء ذكر الأئمة الأثني عشر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة جداً غير ما ذكرناه في هذه الكتب وفي غيرها من كتب أهل السنة مثل أربعين إبن أبي الفوارس، وكتاب الحافظ بن الخشاب، والبيان للحافظ الكنجي، وأربعين الشيخ أسعد بن إبراهيم الحنبلي وفصل الخطاب للخواجه بارسا الحنفي وغيرها. غير ما ورد في طرق الشيعة فإنها لا تحصى.
* * *
____________
(1) سورة البقرة.
الطائفة الرابعة
في شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلمية أهل بيته
44 ـ ما في الينابيع باب (14) في غزارة علم علي عن فضائل إبن المغازلي الشافعي بسنده عن إبن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني فما علمت شيئاً إلا علمته عليّاً فهو باب علمي). ورواه الخوارزمي أيضاً.
45 ـ ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن إبن مسعود قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسئل عن علم علي فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً. ورواه في الينابيع في باب (14) عن مناقب إبن المغازلي، وعن كتاب الفردوس، وكتاب مودة القربى. وهو منقول بهذا المعنى أيضاً عن حلية الأولياء. ورواه كمال الدين الشافعي في مطالب السئول.
46 ـ ما في الينابيع باب (59) عن مودة القربى عن إبن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (قسّم العلم عشرة أجزاء فأعطى علي منها تسعة، وهو بالجزء العاشر أعلم الناس).
47 ـ ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أعلم أمتي علي). ورواه عن محمد بن علي الحكيم الترمذي في شرح الرسالة الموسومة بالفتح المبين. ورواه صاحب فرائد السمطين في باب (18) عن سلمان أيضاً عن النبي بلفظ (أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب).
48 ـ ما في الينابيع عن موفق بن أحمد بسنده عن جابر الأنصاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حديث طويل في ذكر مناقب علي عليه السلام ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (وانت باب علمي). وعن شرح إبن أبي الحديد المعتزلي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (علي خازن علمي).
49 ـ ما فيه أيضاً في باب (56) عن مودة القربى عن أبي ذر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي باب علمي، ومبيّن لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان وبغضه نفاق).
50 ـ ما في فرائد السمطين ورواه عنه في الينابيع بسنده عن سلمة بن كهيل قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا دار الحكمة وعلي بابها). ورواه في مطاب السئول عن مصابيح البغوي ورواه المحب الطبري في ذخائرالعقبى.
51 ـ ما في مناقب موفق بن أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري وسلمان قالا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن أقضى أمتي علي بن أبي طالب).
52 ـ ما في الينابيع بسنده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأم سلمة: (يا أم سلمة هذا علي لحمه لحمي ودمه دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. ياأم سلمة إسمعي واشهدي هذا علي أميرالمؤمنين، وسيد المسلمين، وهذا عيبة علمي، وهذا بابي الذي أؤتى منه، وهذا أخي في الدنيا والآخرة، وهذا معي في السنام الأعلى). وهو مروي بمضمونه في فرائد السمطين،
وكفاية الطالب، ومناقب الخوارزمي في الباب السابع في غزارة علمه عليه السلام وأنه أقضى الأصحاب.
53 ـ ما فيه أيضاً عن كتاب مودة القربى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال: (هذا علي أخي) إلى أن قال: (ووارث علمي).
54 ـ ما فيه عن كتاب فضائل الصحابة للسمعاني بسنده عن ابي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من حديث في حق علي: (وهو أعظم المسلمين حلماً، وأكثرهم علماً، وأقدمهم إسلاماً). وروى مثله إبن أبي الحديد في شرح النهج، وصاحب ذخائرالعقبى عن أحمد، والخوارزمي في المناقب في حديث طويل. وهو مروي عن مقتل الخوارزمي أيضاً، وكنز العمال، وكفاية الطالب وغيرها.
55 ـ ما رواه في الباب (54) عن المناقب بسنده عن جابر الأنصاري في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ذكر الأئمة عليهم السلام بأسمائهم إلى أن قال جابر للإمام الباقر: يا مولاي ان جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: (إذا لقيته فأقرأه مني السلام) وقد أخبرني أنكم الأئمة الهداة من أهل بيته من بعده أحكم الناس صغاراً، وأعلمهم كباراً. وقال: (لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم الخ…).
56 ـ ما عن حلية الأولياء، وكفاية الطالب، ومقتل الخوارزمي، ومناقب الحافظ إبن مردوية عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في بيت أم حبيبة لعلي: (أنك تبلغ رسالتي من بعدي، وتؤدي
عني وتسمع الناس صوتي، وتعلم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون) وروى مضمونه في مطالب السئول.
57 ـ ما عن مناقب الخوارزمي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أنت أخي ووزيري وخير من أخلف بعدي، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبيّن لهم ما أختلفوا من بعدي، وتعلمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل).
58 ـ ما في الينابيع باب (59) قال: وأخرج أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إني أوشك أن أدعى فأجيب فإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفتقرا حتى يردا علي الحوض فانظروا بم تخلفوني فيهما) إلى أن قال وفي رواية صحيحة (إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن أتبعتموهما وهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وزاد الطبراني (إني سألت ذلك لهما، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم).
59 ـ ما رواه في ذخائرالعقبى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب) ورواه في الينابيع عن مسند أحمد بن حنبل، وصحيح البيهقي، وشرح إبن أبي الحديد المعتزلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
(من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في عزمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب). ورواه اخطب خوارزم عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب). ورواه في فرائد السمطين في باب (35). وهو مروي بطريق آخر بهذا المضمون عن الحارث الأعور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن مناقب ابن المغازلي. ورواه كمال الدين في مطالب السئول عن البيهقي بمثله. ورواه إبن الصباغ المالكي في فصوله بمثله.
60 ـ الحديث المشهور الذي حفظه المسلمون أجمع حتى المخدرات في خدورهن وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) رواه في مطالب السئول عن صحيح الترمذي، ورواه في ذخائر العقبى، وفي مناقب الخوارزمي بزيادة (فمن أراد العلم فليأت الباب) ورواه الشيخ إبراهيم الحنفي في الينابيع عن الصواعق المحرقة لإبن حجر في الحديث التاسع قال: أخرج البزاز والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبدالله، وأيضاً الطبراني والحاكم والعقيلي وإبن عدي عن إبن عمر، والترمذي، وأيضاً الحاكم عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وفي رواية: (فمن أراد العلم فليأت الباب) إلى أن قال في آخرى عن إبن عدي: (علي باب علمي) انتهى.
61 ـ ما في الينابيع باب (14) قال روى إبن المغازلي بسنده عن مجاهد عن إبن عباس، وأيضاً عن جابر بن عبدالله قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعضد علي وقال: (هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله) فمدّ بها صوته ثم قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت اباب). أخرج هذا الحديث موفق بن أحمد والحمويني والديلمي في الفردوس وصاحب المناقب عن مجاهد عن إبن عباس إنتهى. ورواه أيضاً عن الدر المنظوم لإبن طلحة الحلبي الشافعي. وعن مودة القربى عن جابر وإبن مسعود وأنس. وروي هذا الحديث في كتاب غاية المرام عن مناقب إبن المغازلي في سبعة طرق، وعن مناقب الخوارزمي في طريقين، وعن فرائد السمطين في ثلاثة طرق، وعن شرح إبن أبي الحديد وكتاب الفردوس في الجزء الأول باب الألف، والمناقب الفاخرة في العترة الطاهرة وغيرها من كتب أهل السنة غير ما روته الشيعة في ذلك فإنه يعسر فيه الإحصاء.
هذه طائفة يسيرة من الأخبار الناصة على شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى في أعلمية علي وأهل بيته عليهم السلام وأنهم خزان علمه الذي خلّفه لأمته للاستضاءة بنوره. كل ذلك بروايات الثقاة الأثبات من علماء أهل السنة رضي الله عنهم.
تعليق