إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التربية في فكر علي بن أبي طالب (عليه السلام)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التربية في فكر علي بن أبي طالب (عليه السلام)

    في نهج البلاغة: أساليب تربوية تختص بالمعاملة


    21-04-2025
    بقلم: د. جليل منصور العريَّض الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين. أما بعد:
    وقد ابتدأنا بها لأنها في اعتقادنا الأساس الأول في العملية التربوية، لأنها تختص بتشكيل شخصية المتعلم، وإعداده لتقبل العلم. وتتحدد مسؤوليتها كما نستخلصها من فكر علي عليه السلام، في الأسرة أولا، وفي المعلم من ناحية ثانية، فبالنسبة للأسرة يرى علي عليه السلام ـ كما نفهم مما لدينا من نصوص ـ أن توصيل العلم والأخلاق للحدث في نطاق الأسرة يحتاج إلى مستوى معين من الثقافة التربوية التي تتطلب من ولي الأمر أو الأب، أن يجعل من نفسه طفلا في مرحلة ما وصديقاً وصاحباً في مرحلة أخرى، حسب اعمار ابنائه الذين يقوم بتربيتهم، فقوله «من كان له ولد صبا»([1])
    أي نزل إلى مستواه، وتحدث إليه بمقدار فهمه حتى يتمكن من كسب ثقته وحبه، والتعرف على مشاكله عن كثب، ومحاولة حلها معه بالتوجيه السليم والاخلاق الحميدة. وتصابي الاب لابنه يحتم عليه ان يعيش عصره، وينظر بمنظار زمان ذلك الابن، ويفكر بعقليته، أي لا يكون جبارا مستبدا بفرض افكاره، إذ يجب عليه ان يضع في اعتباره ان الأفكار التي يتبناها ويعتقدها قد لا تتناسب مع عصر ابنائه فالأبناء ـ كما يبدو في فكر علي عليه السلام ـ ليسوا صوره طبق الاصل مكررة من الآباء حتى يتقبلوا منهم كل أفكارهم، فكما ان الإنسان يتطور من حيث السن والادراك والعقل، فإن العصر أيضاً يتطور، فما كان بالأمس مقبولا في عرف الاباء فليس بالضرورة قبوله اليوم في عرف الأبناء، لذلك يرى علي عليه السلام انه من الضروري ان لا يقسر الآباء ابناءهم على عاداتهم لأنهم «مخلوقون لزمان غير زمانهم»([2])،
    فالإنسان بفكره وروحه ابن عصره الذي يعيش فيه لأن «الناس بزمانهم اشبه منهم بآبائهم»([3])
    أي «ان نفوسهم أكثر انفعالاً واطوع لأخلاق زمانهم وعاداتهم وزيهم وحالاتهم منها لعادات الآباء وحالاتهم»([4]).
    وكما يولي علي عليه السلام اهمية لدور الأسرة والاب على وجه الخصوص في العميلة التربوية، فانه يعطي للمعلمين دورا، يكاد لا يقل عن دور الاب ويسلط الضوء في هذه الناحية على أساليب العقاب سواء كان بالضرب أم بالكلام، فقوله «لا تستعمل الفعل حيث ينجح القول»([5])
    يعني عدم استخدام العقاب البدني كأسلوب في التربية، الا بعد استنفاذ كل أساليب النصح والاقتناع مع المتعلم، فإذا ما انصاع المتعلم لأمر معلمه بالكلام فلا داعي بعد ذلك للوم والتقريع فما «عفا عن الذنب من قرع به»([6]).

    والعقاب كرادع تأديبي يرجى من ورائه الاصلاح، يجب ان لا يعمل به الا بعد ان يستنفذ المؤدب كل وسائل التفاهم، التي بينها، اعطاء المذنب فرصة للتفكير والمراجعة، وفي هذا المجال يقول علي عيه السلام «لا تتبع الذنب بالعقوبة واجعل بينهما وقتا للاعتذار»([7])
    ثم ان أساليب المعاملة في فكر علي عليه السلام درجات متفاوتة، يجب على المربي أن يكون على دراية تامة بها، كما يجب ان يكون عارفا بنفس من يتصدر لتهذيبهم واضعا في اعتباره انهم نماذج بشرية مختلفة الامزجة والطباع، فمنهم الخير الذي قد لا يستحق من العقاب الا ما هو في حدود التلميح، وفي حالات نادرة جداً، ومنهم من لا يجدي معه الا أسلوب الترغيب والترهيب، ومنهم من لا يردعه سوى العقاب الصارم، ومن خصائص الوظيفة التربوية ت كما يرى علي عليه السلام ـ ان يعامل «الاحرار بالكرامة المحضة، والاوساط بالرغبة والرهبة، والسفلة بالهوان»([8])
    إلا أن ذلك لا يعني التمادي في الشدة إلى اقصى غاياتها، إذ من واجب العربي أن يكون متعقلا في عقابه متزنا في عتابه لأن التمادي في العقاب قد يخرج المعاقَب عن التزانه فيتمادى في خطئه بإصرار وعناد، لذلك يقول علي عليه السلام للمربي «اذا عاتبت الحدث، فاترك له موضعا من ذنبه، لئلا يحمله الاخراج على المكابرة»([9]).
    ثم ان العفو عن المذنب والتغاضي عن هفواته يجب ان يكونا نافذين، حال العمل بهما، وعلى هذا يجدر بالمربي ان لا يعاود المعاتبة على ذنب مضى وصدر عفو فيه، لأنه «ما عفا عن الذنب من قرع به»([10])
    واذا اراد المعلم تبصير المتعلم بأخطائه، وتوجيه النصح له وارشاده، فمن الاجدى ان يختار الوقت المناسب والمكان المناسب، فلا يحاول اعطاء نفسه قيمة بإظهار سلطته في توجيه المواعظ والكشف عن عيوب المتعلم في ملأ من الناس لأن «النصح بين الملأ تقريع»([11])
    كما يقول علي عليه السلام، فخلاصة فكر علي عليه السلام في هذا الجانب التربوي هو المام المربي بأساليب المعاملة قبل ان يكون عالماً حتى يتمكن من التقرب من المتعلمين ليوصل إليهم علمه)([12])
    . الهوامش:
    ([1]) الكليني ـ الفروع من الكافي 6/50.
    ([2]) شرح ابن أبي الحديد 20/267.
    ([3]) ميثم البحراني ـ شروح المئة كلمه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من جمع الجاحظ ص 94.
    ([4]) السابق.
    ([5]) شرح ابن أبي الحديد 20/278، 342.
    ([6]) شرح ابن أبي الحديد 20/ 328، 311.
    ([7]) السابق.
    ([8]) شرح ابن أبي الحديد 20/333، 342.
    ([9]) المصدر السابق نفسه.
    ([10]) المصدر السابق نفسه.
    ([11]) ميثم البحراني ـ شرح المئة كلمة ص 150.
    ([12]) لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور جليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 492-495.




  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X