بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
هناك فرق بين الحرية القلبية والحرية السلوكية وفرق بين الحرية التكوينية والحرية القانونية بمعنى أنك حر في أن تحب أو تبغض فالقلب منطقة حرة لايمكن السيطرة عليها
عن علي عليه السلام ( لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني، ولو نثرت على المنافق ذهبا وفضة ما أحبني)
*وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا*
*وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ*
*لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*
هذه الآيات الكريمة ناظرة للحرية القلبية وليس للحرية السلوكية بمعنى أن الهداية موطنها القلب والضلال موطنه القلب فالدين والكفر موطنهم القلب
أما السلوك فله حدود والحرية السلوكية ترتكز على أربعة ركائز
▫️ الإستخلاف
فالرؤية الغربية تنظر للإنسان على أنه أصيل أما في الرؤية الدينية الأصيل هو الله والإنسان خليفة أو وكيل للمستخلف وبما أنه وكيل ومحمل بأمانة عليه إتباع نظام المستخلف.
*وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ*
*إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا*
▫️ الحرية في إطار الكمال
فالعبادة طريق إلى الهدف والهدف هو أن يصل الإنسان إلى الكمال . فإذا وصل الإنسان إلى الكمال أصبح مرآة ومظهر لكمال الله
فليس للإنسان حرية أن يضيع هدف وجوده وأن يعيش النقص فالحرية أن تتحرر من الغرائز والشهوات وكما يقول علماء العرفان ( اللذة في ترك اللذة) وعن علي عليه السلام ( من ترك الشهوات أصبح حرا) وهذا المعنى أيضا يذكره الفيلسوف الألماني ( كانت) الذي يقول الحرية أن تفعل الواجب لأنه واجب
▫️ الحرية في إطار النظام
ليست الحرية أن تخترق النظام فمن الواجب شرعا الإلتزام بالنظام لان هتك النظام اشاعة للمفاسد وللفوضى فالمواطنة وثيقة رسمية تعني بأنك محترم مادمت تحترم النظام . والحرية أن تشعر بالمسؤولية تجاه النظام فالإسلام عندما يأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس تقييداً للحرية بل كوسيلة للتناصح والتشاور والتواصي من أجل حفظ النظام.
*كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ*
*وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*
*وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ*
▫️ *الكرامة*
*وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم ... مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا*
قيمة بني آدم في كرامته وليست في حريته أما الحرية هي وسيلة إلى الكرامة
*وهنا نطرح هذا السؤال بعض من الفتيات تقول من حريتي أن أخلع الحجاب وأن أظهر جمالي وأناقتي للآخرين فلماذا يقيدني الإسلام بالحجاب؟*
الهدف من الححاب حفظ الكرامة
▪️ *حفظ الكرامة* فالحجاب يمنع أن تكون المرأة وسيلة لكل مريض قلب ومتتبع وناظر فهناك الكثر من المرضى يجعل من أناقة المرأة وسيلة لاثارة الغرائز والشهوات وكثير منهم يستطيع أن يضرب على الوتر الحساس للمرأة بإمتداح جمالها وأناقتها ليصل إلى العلاقة الغير مشروعة فأراد الإسلام ان يمنع هذا حفظا لكرامة المرأة وأن لاتكون سلعة مبتذلة لهؤلاء الطامعين
*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ*
أكبر رمز للإسلام في الغرب هو الحجاب ومن طبيعة الإنسان الإعتزاز بهويته وحضارته وثقافته فالحجاب اليوم في الدول الغربية رمز للحضارة وللثقافة الإسلامية فالمرأة التي تلتزم بحجابها هي تبرز إفتخارها وإعتزازها لهذا الرمز الذي يرمز لحضارتها وثقافتها
فالإنسان ليس حرا في سحق كرامته كما ورد عن النبي ص ( إن الله فوض الى المؤمن كل شيء ولم يفوض إليه أن يذل نفسه)
والحرية الحقيقية هي التي تحفظ الكرامة وتقود إليها.