إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ[1].

    دأب الكفار على أن يجادلوك يا محمد (صلى الله عليه وآله) من خلال طلبهم سماع القرآن، وبنظرهم هذا النحو اوقع لردع الناس وصرفهم عنك، اذ يقولون إنا طلبنا الهداية واستمعنا وتأملنا، فلم يكن فيه امر جديد كاشف عن كماله، ولم يفتحوا سمع قلوبهم حتى يفقهوا المعاني العالية التي في القرآن، لكون الاغطية على قلوبهم، اذ باتباعهم الشهوات والغضبيات والشيطنة ذهب عنهم استعداد افاضة العلوم عليهم، لأن العلم نور، والحاصل من الامور المذكورة الحجاب عن النور وما يغطيه، فالله تعالى بإرادتهم وميلهم جعل ﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾، من النورانية، فلا يدرك قلوبهم بل قد سرى الخبث من الباطن الى ظاهرهم، فيكون القرآن ثقيلا على آذانهم وكأنّ‌ في آذانهم وقرا وصمما بل هؤلاء الاشخاص الذين غرضهم الغلبة عليك بأي نحو كان وجعلك مغلوبا إن رأوا كل آية سماوية لا يؤمنوا، اذ ليس غرضهم الهداية، وبغض الشيء كحبه يعمى ويصم.
    وبعد ما علم الله سبحانه أنّهم لا ينتفعون بسماعه ولا يؤمنون فشبّه إلقاء النوم بجعل الغطاء على قلوبهم وبوقر آذانهم وهذا معنى قوله: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا
    [2].
    فنحن الآن أمام سمة مرضية، يتقدّم النص القرآني برسمها بين الحين والآخر عبر طرح جديد لها وسياق خاص ترد فيه، السياق الجديد هو عملية الاستماع للقرآن. وإذا كانت معطيات الاستماع تتمثل في ضرورة الإفادة من القرآن، فإن استماع المجادلين المنحرفين سوف لا يقترن بمثل هذه الإفادة، بل العكس سوف يبقون عاطلين ذهنيا لا يفقهون كلام الله تعالى. والدليل على ذلك هو: تعليقهم - بعد استماعهم له - بأنّه أساطير الأولين.

    لذلك نتوقّع في هذا السياق أو الموقف الذي يصدر عن هؤلاء المرضى، أن يتقدّم النّص القرآني الكريم برسم صورة تتناسب مع السياق المشار إليه.
    الصورة أو الاستعارة هي: أن الله تعالى جعل ﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾، أي أغطية ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾، أي ثقلا بحيث يمنعهم الغطاء الملقى على أفئدتهم، والثقل المرمي في آذانهم من أن يفيدوا من عملية الاستماع للقرآن الكريم.
    ويلاحظ أن النص لم يقل: إنّ في آذانهم وقرا أو أن على قلوبهم غطاء كما هو مذكور في نصوص قرآنية أخرى بل قال بأن الله تعالى جعل غطاء على قلوبهم ووقرا في آذانهم.
    سرّ ذلك هو أن سياق الحديث عن هؤلاء المنحرفين جاء من خلال عمليات متنوعة من الجدال والمماحكة التي تقدّم عرضها في مقاطع سابقة مثل قولهم لو نزلت الرسالة على ملك أو قولهم بأنّهم سألوا اليهود والنصارى عن محمد (صلى الله عليه وآله) ولم يعثروا على الإجابة . . . الخ. حيث أن أمثلة هذا السلوك لا بدّ أن يفضي إلى أن يطبع الله تعالى على قلوبهم بحيث لا يفقهون شيئا.
    وها هم لم يكتفوا بذلك بل نجدهم كما وصفهم القرآن بعد ذلك في الآية اللاحقة: ﴿وهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأَوْنَ عَنْهُ‌﴾، حيث أن نتيجة استماعهم المقرون بعدم التفقّه، قد اقتادهم إلى أن يبتعدوا عن الاستماع لرسالة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأن يمنعوا الغير من الاستماع أيضا.
    هنا قبل أن نختم حديثنا عن هذا المقطع، ينبغي ألاّ نغفل عن العنصر الإيقاعي للعبارة الأخيرة ﴿وهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأَوْنَ عَنْهُ‌﴾، حيث أضفى عنصر التجانس الصوتي ونعني به (يَنْهَوْنَ‌، يَنْأَوْنَ‌) جمالية فائقة على رسم الموقف الذي اتّسم - من حيث الدلالة - بتجانس معنوي أيضا.
    كما ينبغي ألاّ نغفل ونحن نتحدّث أساسا عن عمارة السّورة القرآنية الكريمة تواشج وتلاحم وتجانس هذا المقطع من حيث عناصره الصوريّة الاستعارة وعناصره الأخرى، ثم تجانسه مع سائر المقاطع السابقة.



    [1] سورة الأنعام، الآية: 25.
    [2] سورة الإسراء، الآية: 45.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X