إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[1].

    الحديث عن العلاقة مع المنحرفين في نمط السلوك الذي ينبغي أن يختطّه الإسلاميون من خلال هذا المقطع. لقد حددت سورة الأنعام أنماطا متنوعة من العلاقة بينهما إلاّ أنّ الجديد في هذا المقطع هو. كيفية التعامل مع المنحرفين الذين يخوضون في آيات الله تعالى، أي أولئك الذين يطرحون الأفكار ليس على سبيل النقاش الموضوعي بل من أجل اللّهو والعبث.
    لقد طالب النص الإسلاميين بأن يقاطعوا أمثلة هذه المواقف العبثية.
    وأهمية هذه المطالبة ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾، تتمثّل في انطوائها على جملة من الدلالات النفسية والفنية. فمن حيث الدّلالة الفنية ينبغي أن نضع في الاعتبار أنّ سورة الأنعام استهلّت الحديث عن المنحرفين بكونهم مجادلين أو ممترين ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ‌
    [2]، أي أنّهم يثيرون الشّبهات غير المرتكزة إلى المنطق حيث قدّمت السورة في حينه نماذج من سلوك المنحرفين القائم على المماراة.
    فهو (المقطع) ينمي عضويا هذه الحقيقة ليحدّثنا عن كيفية التعامل مع أمثلة هذه النماذج حيث يطالب بمقاطعة المنحرفين الذين يمارسون هذا النّمط من الكلام العابث.
    لماذا المطالبة بمقاطعتهم، ما هو السرّ في ذلك؟ في تصوّرنا أن لكلّ موقف سياقا خاصا، فبعض المواقف يتطلّب الردّ على المنحرفين وبعضها يتطلّب الإعراض عنهم. والدلالة النفسية للإعراض تتمثل في عدم تشجيعهم على مثل هذا السلوك وفي عدم إضاعة وقت المؤمن فضلا عن أن الاستماع إلى العبث يترك ظلمة في النفس.
    ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ﴾، وهي رؤية المسؤولية السلبية ﴿الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا﴾، خوض التشكيك والتكذيب والتجديف والتجديل والتحريف، إثارة لأحاديثها ليستشفوا بواطنها ويعلموا حقائقها، تحميلا عليها ما يهونها تكذيبا لها وتشكيكا فيها كالخابط في غمرة الماء لأنه يثير قعرها ويسبر غمرها فيغرق في أعماقها وأغوارها.
    ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾، حين لا تنفعهم الذكرى التي بها ينتفعون اهتداء أو يتركون بقاء على كفرهم دون خوض ودعاية على آياتنا.
    وجامع الخوض في آياتنا ﴿يُكْفَرُ بِها ويُسْتَهْزَأُ﴾، بها كما في قوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا
    [3]، والنازل في الكتاب هناك هو النازل هنا في الأنعام، و «عليكم» فيها تحول الخطاب هنا إلى غير الرسول صلى الله عليه وآله. ذلك، وَسُئِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلْإِيمَانِ فَقَالَ: ((اَلْإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ ...
    وَاَلْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى اَلتَّعَمُّقِ وَاَلتَّنَازُعِ وَاَلزَّيْغِ وَاَلشِّقَاقِ فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ إِلَى اَلْحَقِّ وَمَنْ كَثُرَ نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ اَلْحَقِّ وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ اَلْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ اَلسَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ اَلضَّلاَلَةِ وَمَنْ شَاقَّ وَعُرَتْ عَلَيْهِ طُرُقُهُ وَأَعْضَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَضَاقَ عَلَيْهِ مَخْرَجُهُ))
    [4].
    فالقعود مع الخائضين في آيات الله تسالما أو استسلاما نفاق مع هؤلاء الرفاق، اللّهم إلاّ عند الضرورات التي تبيح المحظورات تقية على الأهم بترك المهم.
    ﴿وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ﴾، ما أمرت به من ترك مجالستهم ﴿فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى﴾، أي بعد أن تذكره. والذكرى مصدر بمعنى الذكر ولم يجيء مصدر على «فعلى» إلّا القليل ﴿مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، الّذين وضعوا التكذيب موضع التصديق، وهذا الأنساء لو كان هو المخاطب فمجرّد الاحتمال والفرض ولا يلزم وقوعه، يدلّ عليه كلمة إن الشرطيّة، والمراد بالشيطان إبليس لأنّ‌ الشيطان الّذي هو قرينه ليس إلّا ملكا فلا يأمره إلّا بخير بخلاف قرين كلّ واحد من الامّة وهو دلالة على أنّ المخاطب في الآية غيره صلى الله عليه وآله وسلّم مثل إيّاك أعني.



    [1] سورة الأنعام، الآية: 68.
    [2] سورة المائدة، الآية: 2.
    [3] سورة النساء، الآية: 140.
    [4]ص 473. نهج البلاغة،

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X