قراءات في سورة الجمعة
ليل ونهار يتناوبان ، يوم وأسبوع وسنة تمضي , هل يدرك الانسان سني عمره كيف تنقضي ؟
ينتظر الأجير أجره عند نهاية يومه أو عمله ، وينتظر الموظف راتبه عند آخر الشهر ، وينتظر الانسان المؤمن عطاؤه يوم القيامة ، فماذا كان عمله في الحياة الدنيا ؟ هل كان إيمانه وتقواه يزداد بمرور الأيام أم يتناقص ؟ هل كان حريصا على إيمانه أو متهاونا في تطبيق أحكام دينه ؟
هل من الصحيح القول أن المهاجرين الأوائل قد فروا بدينهم أم أن الواقع يكذّب الإدعاء ؟
هل سورة الجمعة فيها مديح أم ذم للمسلمين ؟ تعالوا لنعيد قراءتها من جديد
القراءة الاولى : التاريخية
تسلسل سورة الجمعة هو 110 ويأتي بعدها سورة الفتح ولهذا يمكن القول أنها كانت قبل السنة السادسة من الهجرة النبوية أي بعد بدر وأحد والخندق فالمفروض من المسلمين أن يكونوا ملتفين حول النبي (ص) لكل كلمة يقولها وخصوصا إذا كانوا في صلاة يؤمها النبي ويبين فيها أحكام دينهم ويتحدث عن شؤون مجتمعهم وعلاج امراضهم الاخلاقية والعقائدية .
لكن آيات السورة لاتتحدث عن ذلك وبعد إكمالنا لشرح الآيات سنصل الى مدى بعد المسلمين عن اسلامهم ولك الحكم اخي القارئ
القراءة الثانية : مفردات لغوية
قرأ : الرائد: قرأ : 1- الكتاب : نطق بكلماته 2- الكتاب : ألقى النظر عليه وطالعه ولم ينطق بكلماته (( إذا كان لايعرف القراءة أليس من العبث النظر في الكتاب وتقليب صفحاته وهو لايعرف مافيه من كلام ))
قرأ عليه السلام أبلغه السلام
مختار الصحاح : ( إن علينا جمعه وقرآنه ) أي قراءته
الوسيط : قرأ الكتاب قراءة وقرآنا تتبع كلماته نظرا ونطق بها وتتبع كلماته ولم ينطق بها وسميت ( حديثا ) بالقراءة الصامتة
معجم اللغة العربية المعاصرة ( موقع عرب ديكت ) معنى إقرأ : تتبع كلماته نظرا ، نطق بها أو لا .
جاء في كتاب لسان العرب التالي ج 12 ص 51
الحديث أكثر منافقي أمتي قراؤها أي أنهم يحفظون القرآن نفيا للتهمة عن أنفسهم وهم يعتقدون تضييعه ، وكان المنافقون في عصر النبي (ص) بهذه الصفة
جاء في مجلة ميسان للدراسات الأكاديمية م د حسين صالح ظاهر و م م ميثم أحمد عبد حمزة في جامعة الامام الصادق عدد 31 سنة 2017 دلالة لفظ أقرا في قوله تعالى ( أقرا بأسم ربك ) التالي : ولا يقال قرأت إلا مانظرت فيه من شعر أو حديث .
الخلاصة (1): إذا كان الانسان لايفهم ماينظر اليه من كتابة فكيف نستطيع القول أنه يقرأ أو يستطيع قراءة ماهو مكتوب , ولذلك يمكن القول هنا : عندما طلب من النبي (ص) القراءة في أول آية من القرآن الكريم أنه (( النبي قد أعطي قابلية القراءة ماهو مكتوب من هذه اللحظة )) لأنه ( وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) العنكبوت 48 إذن النبي (ص) من بعدها يستطيع القراءة والكتابة .
قد يقول قائل أن النبي (ص) كان يقرأ ويكتب قبل نزول الوحي وهنا سوف يكون بحث في الروايات وموضوعنا قرآني فقط ومن لديه دليل فليزودنا به مشكورا ( والسبب هو أن من كمال النبوة هو معرفته للقراءة والكتابة )
سبّح : ( فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين ) حجر 98 سبّح صل سميت الصلاة تسبيحا لأشتمالها عليه .
عرب ديكت : تسبيح يسبّح في الليل والنهار ( يعبد الله ، يصلي )
معجم الغني : سبّح الله عظّمه ومجّده ونزّهه
سبحان الله تنزيهه تعالى وتعظيمه وإجلاله ، أي أبرئ الله عن كل سوء
الأميون :في قواميس اللغة العربية
المعاني:الاميون العرب كلهم من كتب منهم ومن لم يكتب , لأنهم لم يكونوا أهل كتاب الجمعة 2
الأمي : نسبة الى الأم أو الأمة والأمي من لايقرأ ولا يكتب
الغني : كان أميا : أي لايعرف الكتابة ولا القراءة الجمعة 2
اللغة العربية المعاصر : 3- من ليس من أهل الكتاب ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم )
الخلاصة :
الأمي والأميون ثلاثة أقسام 1- من لايقرأ ويكتب 2- أهل مكة 3- ليس من أهل الكتاب
الأمي والأميون : مقاربة في المفهوم عبد الرحمن حللي – الملتقى الفكري للابداع – موقع الملتقى
وكان اليهود يسمون غيرهم ممن ليس من بني اسرائيل ( الغرباء ) بالاميين . ( انتهى النقل )
والايات القرآنية لاتخلو من هذه المعاني وقد تشترك بأكثر من هذه الثلاث وسنشير اليها بالرقم
( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) الاعراف 157 ( 2 أي المكي )
( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله ) الاعراف 158 ( راجع الملاحظات ثالثا)
( ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني ) البقرة 78 ( الأمي الذي لايقرأ ويكتب على الرغم من انه يعد صاحب كتاب)
( وقل للذين أوتوا الكتاب والاميين ءاسلمتم ) آل عمران 20 ( 3 الاميين ليسوا أهل كتاب)
( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) آل عمران 75 (3 الاميين ليس لهم كتاب أو المكيين)
( هو الذي بعث في الأميين رسول منهم ) الجمعة 2 ( الأميين هم من لايقرؤون ولايكتبون أوالمكيين أومن ليس لهم كتاب سماوي )
القراءة الثالثة : شرح الآيات
( يسبّح لله مافي السماوات وما في الارض الملك القدّوس العزيز الحكيم ) 1
( يسبّح ) إخبار عن واجب على كل الخلق بالعبادة والطاعة لأنه
( تسبّح له السماوات السبع والارض ومن فيهنّ وإن من شيء إلا يسبّح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) الاسراء 44 ولا ننسى الاية
( ألم تر أنّ الله يسبّح له من في السماوات والارض والطير صافات كلّ قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ) النور 41
وهذا تأكيد لما نقوله أن التسبيح واجب على من في السماوات والارض وكلهم قد علم كيفية صلاته وتسبيحه من خلال الانبياء والرسل وأكبر دليل على ذلك من قال للنملة بأن هذا الجيش هو جيش نبي الله سليمان ؟
قد يقول قائل أن التسبيح المذكور في هذه الاية يتعلق بتسبيح ركوع الصلاة وسجودها وهذا احد المصاديق وليس هو المصداق الوحيد .
( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) الجمعة 2
هناك فرق بين الأمي والأميين ولنأخذ ماقاله العلماء ثم نشرح
القرطبي : الأميون العرب كلهم , من كتب منهم ومن لم يكتب , لأنهم لم يكونوا أهل كتاب .
حمّلوا التوراة كلفوا العمل بها
الآلوسي : وقال بعض أهل العلم المراد بالأميين مقابل أهل الكتاب لعدم أعتناء أكثرهم بالقراءة والكتابة .... لعدم وجود كتاب سماوي لهم تدعوهم معرفته الى ذلك فيشمل الفرس إذ لاكتاب لهم كالعرب ,....
إن المعاني الثلاث لمعنى الأمي والاميين تنطبق في هذه الاية وذلك :
النبي (ص) بعث لقوم لايقرؤون ويكتبون ولأهل مكة وللعالم أجمع لمن ليس لديه كتاب سماوي فالله عزوجل سوف يكون حسابه للبشر على وجهين : الاول ( الرسول الباطني) : وهو عقل الانسان وبه يدل على وجود خالق من خلال التفكير
الثاني( الرسول الظاهري ) : وهم الانبياء والرسل ومن لم يبعث له نبيا من الامم فهذا النبي (ص) هو لجميع البشر.
( يتلو ) يقرأ مما أرسل اليه الله من آيات فهو الناطق بأسم الله ومن عنده تأتي الايات
( ويزكيهم ) يرفع من درجتهم ويطهّر نفوسهم
( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) الكتاب هو القران وفيه من العلم والحكمة الكثير ولجميع البشر
( وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ) الجمعة 3
أختلف فيمن يكون من هم الآخرين والجواب برأيي يكون في الاية التي بعدها وهي
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) الجمعة 4
دور النبي (ص) هو تعليم الكتاب والحكمة فالآخرين هم من يعلّم ايضا الكتاب والحكمة وبفضل من الله ولذلك لو عدنا للقرآن الكريم لوجدنا التالي : ( إن الله أصطفى آدم ونوحا وآل ابرهيم وآل عمران على العالمين – ذرية بعضها من بعض ) آل عمران 33- 34
فالآخرين هم ممن أختارهم الله من ذرية ابراهيم والذين هم آل البيت عليهم السلام وقد طهّرهم الله من الرجس وهم الصراط المستقيم كما مر معنا في آية المباهلة وغيرها من التفسير
قد يقول قائل توجد في بعض الروايات هم قوم سلمان تذكره كتب التفاسير عن النبي (ص) وأقول هنا : لاينكر دور الفرس في الدين الاسلامي فهم من كتب كتب الصحاح وهم اصحاب المذاهب الاربعة قبال فكر وعلوم اهل البيت (ع ) ولكن عندما تحوّل الفرس الى فكر اهل البيت قبل أربعة قرون بفضل حاكمهم بقصة معروفة أصبح الفرس هم من يدمّر الدين وممن يأخذون علومهم من اليهود على الرغم من أن عمر بن الخطاب هو من سمح لكعب الاحبار اليهودي بنشر رواياته اليهودية في مسجد النبي (ص) وترك باب علم النبي (ص) علي بن ابي طالب (ع) ومن بعده تميم الداري النصراني بل وكتب صحاحهم وأصحاب مذاهبهم من الفرس فقط.
قد يقول قائل أيضا إن الاخرين هم من نسل الصحابة لأنهم ممن حمل القران وسنن النبي (ص) والجواب عليه من صحيح البخاري ح 4740 ( .....ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يارب أصحابي فيقال : لاتدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح ( وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم ) الى قوله ( شهيد ) فيقال إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ) ( للمزيد يراجع موضوعنا قراءات في كفر الصحابة )
فالاخرين هم ممن سيأتي بهم الله عزوجل لنصرة إمام زمانهم آخر الزمان أو ممن كان يتبع إمام زمانه لأنه بعدم ولايته يموت ميتة جاهلية ( قال النبي (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )
( مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لايهدي القوم الظالمين ) الجمعة 5
وهنا يضرب الله مثلا وفيه يمكن الالتفات للمسلمين كالتالي :
إن من طلب اليه العمل بالتوراة ثم لم يعمل بها فهو كالحمار يحمل كتبا فيها علما لايفهم كنهه بينما هم قد شاهدوا آيات الله وقدرته مع موسى فعملهم غالبا هو تكذيب لآيات الله وانبياءه .
(قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)6
وهنا تحدّي لليهود بأن يقولوا( إننا نتمنى الموت ) فلو كانوا أولياء لله حقا فسوف يموتوا من فورهم لأن الله يحقق أمنيات أوليائه وهم في أعلى قمة من إيمانهم ولكنهم يحبّون الحياة الدنيا ويرفضون لقاء الله عزوجل ويوم الحساب فيرفضون هذا الطلب وكذلك السبب هو :
( ولايتمنّونه أبدا بما قدّمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) 7
( قل أن الموت الذي تفرّون منه فأنّه ملاقيكم ثمّ تردّون الى عالم الغيب والشهادة فينبّكم بما كنتم تعملون ) 8
وهنا حقيقة قرآنية وهي أن الموت حق على جميع المخلوقات وسواء تمنيناه اليوم أو لم نتمناه سوف نلاقيه وسوف نحاسب من قبل عالم الغيب وما تخبأه النفوس وما انطوت عليه القلوب وسوف تشهد عليه اعضاؤه والشهود من الملائكة والبشر بما كان يفعل الانسان .
( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) الجمعة 8
وهنا نكرر إن القول ( ياايها الذين آمنوا ) هي إذا التزمتم بما بعدها هو إنكم من المؤمنين وهو :
عند النداء الى الصلاة من يوم الجمعة : 1- إسعوا الى ذكر الله 2- إتركوا البيع والشراء
( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) الجمعة 10
وبعد قيامكم بإداء فرض الصلاة فانتشروا في الارض لطلب الرزق وجميع شؤون الحياة والمعاش مع ذكر الله ولكن الذي حدث هو :
( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما قل ماعند الله خير من اللهو والتجارة والله خير الرازقين ) الجمعة 11
حسب أغلب الروايات عندما جاءت قافلة أثناء خطبة الجمعة ترك النبي (ص) من قبل الصحابة ماعدا اثني عشر شخصا ( ونسبتهم من المسلمين المصلين واحد بالمئة ) ومن هنا نقول ونكرر لو كانوا مؤمنين حقا لما تركوا النبي (ص) , والاية تقول ( وتركوك قائما ) لأنه كان يخطب خطبة الجمعة قائما وليس جالسا اثناءها .
جاء في سورة النور36- 37 ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبّح له فيها بالغدو والاصال – رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار )
ولدينا الملاحظات التالية : لم يذكر بيت في القران فيه رجال ممدحون من الله سوى أهل البيت (ع) وفيهم آيات مرتبطة بنفس الكلمات ( إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ) الاية ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) المائدة 55
وكذلك ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) النور 56
ولاننسى سورة الانسان من البداية ولغاية الاية 12
وكذلك نجد ايضا في سورة النور 54 ( قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ماحمّل وعليه ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) فهل كان تركهم للنبي (ص) أثناء خطبة الجمعة مع بضعة أفراد طاعة لله وللرسول أم تولي للدنيا ومتاعها ؟ ولذلك كان التسبيح في بداية السورة لتذكير المسلمين بوجوبه وهنا نقول هل ذهابهم للقافلة فيه تسبيح لله أم ترك هذه العبادة ؟ وبالتالي هل كان فيها ذم أم مدح للمسلمين ؟ ولاننسى النسبة إنما جاء حسب تقديرنا للمسلمين ( وهو أقل تقدير ) في صلح الحديبية كان 1400 وهنا قلنا الف فقط
القراة الرابعة ملاحظات في التفاسير
أولا: جاء في تفسير الالوسي الاية 1-3 التالي :
هذا (( ومن باب الاشارة )) على ماقيل في الايات : هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة إشارة الى عظيم قدرته عزوجل وأن أفاضة العلوم لاتتوقف على الاسباب العادية , ومنه قالوا : إن الولي يجوز أن يكون أميا كالشيخ معروف الكرخي – على ماقاله ابن الجوزي – وعنده من العلوم اللدنية ماتقصر عنها العقول , وقال العز بن عبد السلام : قد يكون الانسان عالما بالله تعالى ذا يقين وليس عنده علم من فروض الكفايات , وقد كان الصحابة أعلم من علماء التابعين بحقائق اليقين ودقائق المعرفة مع أن علماء التابعين من هو أقوم بعلوم الفقه من بعض الصحابة , ومن انقطع الى الله عزوجل وخلصت روحه أفيض على قلبه انوار إلهية تهيأت بها لإدراك العلوم الربانية والمعارف اللدنية , فالولاية لاتتوقف قطعا على معرفة العلوم الرسمية كالنحو والمعاني والبيان وغير ذلك , ولا على معرفة الفقه على الوجه المعروف بل على تعلم مايلزم الشخص من فروض العين على أي وجه كان من قراءة أو سماع من عالم أو نحو ذلك , ولايتصور ولاية شخص لايعرف مايلزمه من الامور الشرعية كأكثر من تقبّل يده في زماننا, ...... انتهى النقل
أهل البيت عليهم السلام قد طهّرهم الله عزوجل من الرجس وهذا ثابت, اذا قلنا إن علومهم لدنية فهل يقبل هذا الكلام ؟ أم أن العلوم اللدنية لطائفة دون أخرى ؟
ثانيا : جاء في تفسير مواهب الرحمن للسيد السبزواري رحمه الله ج6 ص 69 التالي :
وإنما قطع سبحانه هذه الاية عن الايات السابقة , ووضع الظاهر موضع المضمر وقال تعالى ( ومن أهل الكتاب ) دون ( ومنهم ) لبيان أن هذه الطائفة التي تحفظ الأمانات غير الطائفة السابقة التي تخادع المؤمنين وتكيدهم بقولها ( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ) وأن الطائفة الخائنة هي تلك الطائفة المغرورة , وهي اليهود – على ماعرفت سابقا – التي تزعم ان الله تعالى فضّلهم على سائر خلقه , وأن لاسبيل عليها من غيرها من سائر الملل والنحل , فيجوز لليهودي أكل مال المسلمين , ونقض كل عهد الهي وانساني معه , بل لاحقوق ولا حرمة له, ونسبوا ذلك الى كتبهم المقدسة , وهذا هو التحريف الذي عرفت به اليهود , وهم يعلمون أن الكتاب لايحكم بذلك , وإنما أمرهم أحبارهم ورهبانهم بعد ترويج النزعة العصبية بين اليهود والمغالاة في أنهم شعب الله المختار , فاستولى عليهم روح البغي والفساد غرورا .
قوله تعالى ( إلا مادمت عليه قائما )
استثناء من عموم الاوقات أو الاحوال , ودمت بضم الدال من دام يدوم , كقام ويقوم ,وقرئ بكسر الدال من دام يدام , كخاف يخاف , ويراد من هذه الجملة المعنى المجازي , وهو الكناية عن شدة الالحاح في التقاضي والوفاء , فإن قيام المطالب على رأس المديون , وملازمته له فيه المبالغة في الاقتضاء والمطالبة .
والمعنى : أنه لايؤدي الامانة التي ائتمنه إياها إلا إذا ألجأته الى ذلك بالمطالبة والاقتضاء
قوله تعالى ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل )
الأمي من لايقرأ ولا يكتب
قيل : المراد من الاميين في المقام العرب , بأعتبار ان الغالب منهم لايقرؤون ولايكتبون.
وقيل : يحتمل أن يكون المراد منهم أتباع الرسول الامي (ص)
وقيل : المراد منهم من عدى بني اسرائيل , فإنهم ينسبونهم الى الامة أو الأمم .
وكيف كان , فإن هذه التسمية التي وردت في القران أصلها ماورد في كتب اليهود من تسمية غير بني اسرائيل بالأممي , وهي من الألقاب التي ارادوا بها تحقير غيرهم , والحط من كرامتهم وباعتبار أنهم بمنزلة البهائم غير مؤهلين للمخاطبة , وأنهم لاحرمة لهم , يباح سرقة أموالهم , والخديعة معهم , والكذب عليهم , وهتك أعراضهم , وهدر كرامتهم وحرمانهم من جميع الاحكام الاجتماعية والعقلية, وقد أعرض سبحانه وتعالى عن ماورد في كتبهم إبطالا له , ووأوجز سبحانه جميع تلك الجرائم والموبقات في كلمة واحدة , وهي ( ليس علينا في الاميين سبيل )....... وهم يعلمون أن الله تعالى لايأمر بالفحشاء والمنكر , ولايرضى بأفعالهم القبيحة.
قوله تعالى ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )
دليل على انهم كانوا ينسبون أقوالهم وأفعالهم الى الله تعالى , وقد ذكرنا آنفا أنهم كانوا يدّعون أن ذلك في كتابهم , ويجعلونها من شريعة السماء , وقد أبطل سبحانه دعواهم , وأثبت أن الكذب من عادتهم . وهم يعلمون أن ذلك تشريع باطل , وافتراء على الله عزوجل , وهو لايأمر بالفحشاء والمنكر , بل أن كتبهم المقدسة تأمرهم بالصدق في أقوالهم وأفعالهم , وتنهاهم عن الخيانة , والغدر والكذب , مضافا الى أن ذلك من الاحكام العقلية التي أستقل العقل بحسنها , ويلزمهم الشرع باتيانها . انتهى النقل
ماأشبه اليوم بالأمس , هذه عقائد وعادات اليهود وقد حذرهم القرآن منها في سورة الروم
ثالثا : مجمع البيان للطبرسي ج4 ص 275
( الذين يتبعون الرسول النبي) أي يؤمنون به , ويعتقدون بنبوته , يعني محمدا (ص).( الامي) ذكر في معناه أقوال : أحدها : أنه الذي لايكتب ولا يقرأ
وثانيهما: أنه منسوب الى الامة , والمعنى : أنه على جبلة الأمة , قبل أستفادة الكتابة. وقيل : أن المراد بالأمة العرب , لأنها لم تكن تحسن الكتابة .
وثالثهما : أنه منسوب الى الأم . والمعنى: أنه على ماولدته أمه قبل تعلم الكتابة .
ورابعهما : أنه منسوب الى أم القرى, وهي مكة, وهو المروي عن ابي جعفر الباقر (ع)
( الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل ) معناه : يجدون نعته وصفته ونبوته مكتوبا في الكتابين , لأنه مكتوب في التوراة , في السفر الخامس : ( إني سأقيم لهم نبيا من إخوتهم مثلك , وأجعل كلامي في فيه , فيقول لهم كل ما أوصيه به ) . وفيها أيضا مكتوب ( وأما ابن الأمة , فقد باركت عليه جدا جدا , وسيلد اثني عشر عظيما , وأؤخّره لامة عظيمة ) . وفيها أيضا : ( أتانا الله من سيناء , وأشرق من ساعير , واستعلن من جبال فاران ) , وفي الانجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها : ( يعطيكم فارقليط آخر , يكون معكم آخر الدهر كله ) . وفيه ايضا قول المسيح للحواريين : ( أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحق , الذي لايتكلم من قبل نفسه , إنه نذيركم بجميع الحق , ويخبركم بالأمور المزمعة , ويمدحني ويشهد لي ) . وفيه ايضا ( أنه إذا جاء فنّد أهل العالم ). ( فنّده : وخطّأ رأيه , وجهّله )
( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) يجوز أن يكون هذا مكتوبا في التوراة والانجيل , ويكون موصولا بما قبله , وبيانا لمن يكتب له رحمة الولاية والمحبة ...
القراءة الخامسة الخلاصة ودروس وعبر
اقيمت صلاة الجمعة قبل قدوم النبي (ص) الى المدينة المنورة واقيمت أول صلاة جمعة بعد قدوم النبي (ص) بأربعة ايام قبل دخوله المدينة المنورة لأهميتها ولكن المسلمين من خلال السورة
هذه هي سيرة الصحابة فكيف تقارن بمن طهّرهم الله من الرجس وإن الله وملائكته يصلّون عليهم ؟؟؟؟
ناصر حيدر
ليل ونهار يتناوبان ، يوم وأسبوع وسنة تمضي , هل يدرك الانسان سني عمره كيف تنقضي ؟
ينتظر الأجير أجره عند نهاية يومه أو عمله ، وينتظر الموظف راتبه عند آخر الشهر ، وينتظر الانسان المؤمن عطاؤه يوم القيامة ، فماذا كان عمله في الحياة الدنيا ؟ هل كان إيمانه وتقواه يزداد بمرور الأيام أم يتناقص ؟ هل كان حريصا على إيمانه أو متهاونا في تطبيق أحكام دينه ؟
هل من الصحيح القول أن المهاجرين الأوائل قد فروا بدينهم أم أن الواقع يكذّب الإدعاء ؟
هل سورة الجمعة فيها مديح أم ذم للمسلمين ؟ تعالوا لنعيد قراءتها من جديد
القراءة الاولى : التاريخية
تسلسل سورة الجمعة هو 110 ويأتي بعدها سورة الفتح ولهذا يمكن القول أنها كانت قبل السنة السادسة من الهجرة النبوية أي بعد بدر وأحد والخندق فالمفروض من المسلمين أن يكونوا ملتفين حول النبي (ص) لكل كلمة يقولها وخصوصا إذا كانوا في صلاة يؤمها النبي ويبين فيها أحكام دينهم ويتحدث عن شؤون مجتمعهم وعلاج امراضهم الاخلاقية والعقائدية .
لكن آيات السورة لاتتحدث عن ذلك وبعد إكمالنا لشرح الآيات سنصل الى مدى بعد المسلمين عن اسلامهم ولك الحكم اخي القارئ
القراءة الثانية : مفردات لغوية
قرأ : الرائد: قرأ : 1- الكتاب : نطق بكلماته 2- الكتاب : ألقى النظر عليه وطالعه ولم ينطق بكلماته (( إذا كان لايعرف القراءة أليس من العبث النظر في الكتاب وتقليب صفحاته وهو لايعرف مافيه من كلام ))
قرأ عليه السلام أبلغه السلام
مختار الصحاح : ( إن علينا جمعه وقرآنه ) أي قراءته
الوسيط : قرأ الكتاب قراءة وقرآنا تتبع كلماته نظرا ونطق بها وتتبع كلماته ولم ينطق بها وسميت ( حديثا ) بالقراءة الصامتة
معجم اللغة العربية المعاصرة ( موقع عرب ديكت ) معنى إقرأ : تتبع كلماته نظرا ، نطق بها أو لا .
جاء في كتاب لسان العرب التالي ج 12 ص 51
الحديث أكثر منافقي أمتي قراؤها أي أنهم يحفظون القرآن نفيا للتهمة عن أنفسهم وهم يعتقدون تضييعه ، وكان المنافقون في عصر النبي (ص) بهذه الصفة
جاء في مجلة ميسان للدراسات الأكاديمية م د حسين صالح ظاهر و م م ميثم أحمد عبد حمزة في جامعة الامام الصادق عدد 31 سنة 2017 دلالة لفظ أقرا في قوله تعالى ( أقرا بأسم ربك ) التالي : ولا يقال قرأت إلا مانظرت فيه من شعر أو حديث .
الخلاصة (1): إذا كان الانسان لايفهم ماينظر اليه من كتابة فكيف نستطيع القول أنه يقرأ أو يستطيع قراءة ماهو مكتوب , ولذلك يمكن القول هنا : عندما طلب من النبي (ص) القراءة في أول آية من القرآن الكريم أنه (( النبي قد أعطي قابلية القراءة ماهو مكتوب من هذه اللحظة )) لأنه ( وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) العنكبوت 48 إذن النبي (ص) من بعدها يستطيع القراءة والكتابة .
قد يقول قائل أن النبي (ص) كان يقرأ ويكتب قبل نزول الوحي وهنا سوف يكون بحث في الروايات وموضوعنا قرآني فقط ومن لديه دليل فليزودنا به مشكورا ( والسبب هو أن من كمال النبوة هو معرفته للقراءة والكتابة )
سبّح : ( فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين ) حجر 98 سبّح صل سميت الصلاة تسبيحا لأشتمالها عليه .
عرب ديكت : تسبيح يسبّح في الليل والنهار ( يعبد الله ، يصلي )
معجم الغني : سبّح الله عظّمه ومجّده ونزّهه
سبحان الله تنزيهه تعالى وتعظيمه وإجلاله ، أي أبرئ الله عن كل سوء
الأميون :في قواميس اللغة العربية
المعاني:الاميون العرب كلهم من كتب منهم ومن لم يكتب , لأنهم لم يكونوا أهل كتاب الجمعة 2
الأمي : نسبة الى الأم أو الأمة والأمي من لايقرأ ولا يكتب
الغني : كان أميا : أي لايعرف الكتابة ولا القراءة الجمعة 2
اللغة العربية المعاصر : 3- من ليس من أهل الكتاب ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم )
الخلاصة :
الأمي والأميون ثلاثة أقسام 1- من لايقرأ ويكتب 2- أهل مكة 3- ليس من أهل الكتاب
الأمي والأميون : مقاربة في المفهوم عبد الرحمن حللي – الملتقى الفكري للابداع – موقع الملتقى
وكان اليهود يسمون غيرهم ممن ليس من بني اسرائيل ( الغرباء ) بالاميين . ( انتهى النقل )
والايات القرآنية لاتخلو من هذه المعاني وقد تشترك بأكثر من هذه الثلاث وسنشير اليها بالرقم
( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) الاعراف 157 ( 2 أي المكي )
( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله ) الاعراف 158 ( راجع الملاحظات ثالثا)
( ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني ) البقرة 78 ( الأمي الذي لايقرأ ويكتب على الرغم من انه يعد صاحب كتاب)
( وقل للذين أوتوا الكتاب والاميين ءاسلمتم ) آل عمران 20 ( 3 الاميين ليسوا أهل كتاب)
( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) آل عمران 75 (3 الاميين ليس لهم كتاب أو المكيين)
( هو الذي بعث في الأميين رسول منهم ) الجمعة 2 ( الأميين هم من لايقرؤون ولايكتبون أوالمكيين أومن ليس لهم كتاب سماوي )
القراءة الثالثة : شرح الآيات
( يسبّح لله مافي السماوات وما في الارض الملك القدّوس العزيز الحكيم ) 1
( يسبّح ) إخبار عن واجب على كل الخلق بالعبادة والطاعة لأنه
( تسبّح له السماوات السبع والارض ومن فيهنّ وإن من شيء إلا يسبّح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) الاسراء 44 ولا ننسى الاية
( ألم تر أنّ الله يسبّح له من في السماوات والارض والطير صافات كلّ قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ) النور 41
وهذا تأكيد لما نقوله أن التسبيح واجب على من في السماوات والارض وكلهم قد علم كيفية صلاته وتسبيحه من خلال الانبياء والرسل وأكبر دليل على ذلك من قال للنملة بأن هذا الجيش هو جيش نبي الله سليمان ؟
قد يقول قائل أن التسبيح المذكور في هذه الاية يتعلق بتسبيح ركوع الصلاة وسجودها وهذا احد المصاديق وليس هو المصداق الوحيد .
( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) الجمعة 2
هناك فرق بين الأمي والأميين ولنأخذ ماقاله العلماء ثم نشرح
القرطبي : الأميون العرب كلهم , من كتب منهم ومن لم يكتب , لأنهم لم يكونوا أهل كتاب .
حمّلوا التوراة كلفوا العمل بها
الآلوسي : وقال بعض أهل العلم المراد بالأميين مقابل أهل الكتاب لعدم أعتناء أكثرهم بالقراءة والكتابة .... لعدم وجود كتاب سماوي لهم تدعوهم معرفته الى ذلك فيشمل الفرس إذ لاكتاب لهم كالعرب ,....
- وقرئ الأمين بحذف ياء النسب رسولا منهم أي كائنا من جملتهم , فمن تبعيضية , والبعضية إما باعتبار الجنس فلا تدل على أنه عليه الصلاة و السلام أمي , أو باعتبار الخاصة المشتركة في الأكثر فتدل , واختار هذا جمع , فالمعنى رسولا من جملتهم أميا مثلهم يتلوا عليهم آياته مع كونه أميا مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلّم , ويزكيهم عطف على يتلوا فهو صفة أيضا – لرسولا – أي يحملهم على مايصبرون
- حمّلوا التوراة علموها وكلّفوا العمل بما فيها
إن المعاني الثلاث لمعنى الأمي والاميين تنطبق في هذه الاية وذلك :
النبي (ص) بعث لقوم لايقرؤون ويكتبون ولأهل مكة وللعالم أجمع لمن ليس لديه كتاب سماوي فالله عزوجل سوف يكون حسابه للبشر على وجهين : الاول ( الرسول الباطني) : وهو عقل الانسان وبه يدل على وجود خالق من خلال التفكير
الثاني( الرسول الظاهري ) : وهم الانبياء والرسل ومن لم يبعث له نبيا من الامم فهذا النبي (ص) هو لجميع البشر.
( يتلو ) يقرأ مما أرسل اليه الله من آيات فهو الناطق بأسم الله ومن عنده تأتي الايات
( ويزكيهم ) يرفع من درجتهم ويطهّر نفوسهم
( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) الكتاب هو القران وفيه من العلم والحكمة الكثير ولجميع البشر
( وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ) الجمعة 3
أختلف فيمن يكون من هم الآخرين والجواب برأيي يكون في الاية التي بعدها وهي
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) الجمعة 4
دور النبي (ص) هو تعليم الكتاب والحكمة فالآخرين هم من يعلّم ايضا الكتاب والحكمة وبفضل من الله ولذلك لو عدنا للقرآن الكريم لوجدنا التالي : ( إن الله أصطفى آدم ونوحا وآل ابرهيم وآل عمران على العالمين – ذرية بعضها من بعض ) آل عمران 33- 34
فالآخرين هم ممن أختارهم الله من ذرية ابراهيم والذين هم آل البيت عليهم السلام وقد طهّرهم الله من الرجس وهم الصراط المستقيم كما مر معنا في آية المباهلة وغيرها من التفسير
قد يقول قائل توجد في بعض الروايات هم قوم سلمان تذكره كتب التفاسير عن النبي (ص) وأقول هنا : لاينكر دور الفرس في الدين الاسلامي فهم من كتب كتب الصحاح وهم اصحاب المذاهب الاربعة قبال فكر وعلوم اهل البيت (ع ) ولكن عندما تحوّل الفرس الى فكر اهل البيت قبل أربعة قرون بفضل حاكمهم بقصة معروفة أصبح الفرس هم من يدمّر الدين وممن يأخذون علومهم من اليهود على الرغم من أن عمر بن الخطاب هو من سمح لكعب الاحبار اليهودي بنشر رواياته اليهودية في مسجد النبي (ص) وترك باب علم النبي (ص) علي بن ابي طالب (ع) ومن بعده تميم الداري النصراني بل وكتب صحاحهم وأصحاب مذاهبهم من الفرس فقط.
قد يقول قائل أيضا إن الاخرين هم من نسل الصحابة لأنهم ممن حمل القران وسنن النبي (ص) والجواب عليه من صحيح البخاري ح 4740 ( .....ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يارب أصحابي فيقال : لاتدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح ( وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم ) الى قوله ( شهيد ) فيقال إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ) ( للمزيد يراجع موضوعنا قراءات في كفر الصحابة )
فالاخرين هم ممن سيأتي بهم الله عزوجل لنصرة إمام زمانهم آخر الزمان أو ممن كان يتبع إمام زمانه لأنه بعدم ولايته يموت ميتة جاهلية ( قال النبي (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )
( مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لايهدي القوم الظالمين ) الجمعة 5
وهنا يضرب الله مثلا وفيه يمكن الالتفات للمسلمين كالتالي :
إن من طلب اليه العمل بالتوراة ثم لم يعمل بها فهو كالحمار يحمل كتبا فيها علما لايفهم كنهه بينما هم قد شاهدوا آيات الله وقدرته مع موسى فعملهم غالبا هو تكذيب لآيات الله وانبياءه .
(قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)6
وهنا تحدّي لليهود بأن يقولوا( إننا نتمنى الموت ) فلو كانوا أولياء لله حقا فسوف يموتوا من فورهم لأن الله يحقق أمنيات أوليائه وهم في أعلى قمة من إيمانهم ولكنهم يحبّون الحياة الدنيا ويرفضون لقاء الله عزوجل ويوم الحساب فيرفضون هذا الطلب وكذلك السبب هو :
( ولايتمنّونه أبدا بما قدّمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) 7
( قل أن الموت الذي تفرّون منه فأنّه ملاقيكم ثمّ تردّون الى عالم الغيب والشهادة فينبّكم بما كنتم تعملون ) 8
وهنا حقيقة قرآنية وهي أن الموت حق على جميع المخلوقات وسواء تمنيناه اليوم أو لم نتمناه سوف نلاقيه وسوف نحاسب من قبل عالم الغيب وما تخبأه النفوس وما انطوت عليه القلوب وسوف تشهد عليه اعضاؤه والشهود من الملائكة والبشر بما كان يفعل الانسان .
( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) الجمعة 8
وهنا نكرر إن القول ( ياايها الذين آمنوا ) هي إذا التزمتم بما بعدها هو إنكم من المؤمنين وهو :
عند النداء الى الصلاة من يوم الجمعة : 1- إسعوا الى ذكر الله 2- إتركوا البيع والشراء
( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) الجمعة 10
وبعد قيامكم بإداء فرض الصلاة فانتشروا في الارض لطلب الرزق وجميع شؤون الحياة والمعاش مع ذكر الله ولكن الذي حدث هو :
( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما قل ماعند الله خير من اللهو والتجارة والله خير الرازقين ) الجمعة 11
حسب أغلب الروايات عندما جاءت قافلة أثناء خطبة الجمعة ترك النبي (ص) من قبل الصحابة ماعدا اثني عشر شخصا ( ونسبتهم من المسلمين المصلين واحد بالمئة ) ومن هنا نقول ونكرر لو كانوا مؤمنين حقا لما تركوا النبي (ص) , والاية تقول ( وتركوك قائما ) لأنه كان يخطب خطبة الجمعة قائما وليس جالسا اثناءها .
جاء في سورة النور36- 37 ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبّح له فيها بالغدو والاصال – رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار )
ولدينا الملاحظات التالية : لم يذكر بيت في القران فيه رجال ممدحون من الله سوى أهل البيت (ع) وفيهم آيات مرتبطة بنفس الكلمات ( إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ) الاية ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) المائدة 55
وكذلك ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) النور 56
ولاننسى سورة الانسان من البداية ولغاية الاية 12
وكذلك نجد ايضا في سورة النور 54 ( قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ماحمّل وعليه ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) فهل كان تركهم للنبي (ص) أثناء خطبة الجمعة مع بضعة أفراد طاعة لله وللرسول أم تولي للدنيا ومتاعها ؟ ولذلك كان التسبيح في بداية السورة لتذكير المسلمين بوجوبه وهنا نقول هل ذهابهم للقافلة فيه تسبيح لله أم ترك هذه العبادة ؟ وبالتالي هل كان فيها ذم أم مدح للمسلمين ؟ ولاننسى النسبة إنما جاء حسب تقديرنا للمسلمين ( وهو أقل تقدير ) في صلح الحديبية كان 1400 وهنا قلنا الف فقط
القراة الرابعة ملاحظات في التفاسير
أولا: جاء في تفسير الالوسي الاية 1-3 التالي :
هذا (( ومن باب الاشارة )) على ماقيل في الايات : هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة إشارة الى عظيم قدرته عزوجل وأن أفاضة العلوم لاتتوقف على الاسباب العادية , ومنه قالوا : إن الولي يجوز أن يكون أميا كالشيخ معروف الكرخي – على ماقاله ابن الجوزي – وعنده من العلوم اللدنية ماتقصر عنها العقول , وقال العز بن عبد السلام : قد يكون الانسان عالما بالله تعالى ذا يقين وليس عنده علم من فروض الكفايات , وقد كان الصحابة أعلم من علماء التابعين بحقائق اليقين ودقائق المعرفة مع أن علماء التابعين من هو أقوم بعلوم الفقه من بعض الصحابة , ومن انقطع الى الله عزوجل وخلصت روحه أفيض على قلبه انوار إلهية تهيأت بها لإدراك العلوم الربانية والمعارف اللدنية , فالولاية لاتتوقف قطعا على معرفة العلوم الرسمية كالنحو والمعاني والبيان وغير ذلك , ولا على معرفة الفقه على الوجه المعروف بل على تعلم مايلزم الشخص من فروض العين على أي وجه كان من قراءة أو سماع من عالم أو نحو ذلك , ولايتصور ولاية شخص لايعرف مايلزمه من الامور الشرعية كأكثر من تقبّل يده في زماننا, ...... انتهى النقل
أهل البيت عليهم السلام قد طهّرهم الله عزوجل من الرجس وهذا ثابت, اذا قلنا إن علومهم لدنية فهل يقبل هذا الكلام ؟ أم أن العلوم اللدنية لطائفة دون أخرى ؟
ثانيا : جاء في تفسير مواهب الرحمن للسيد السبزواري رحمه الله ج6 ص 69 التالي :
وإنما قطع سبحانه هذه الاية عن الايات السابقة , ووضع الظاهر موضع المضمر وقال تعالى ( ومن أهل الكتاب ) دون ( ومنهم ) لبيان أن هذه الطائفة التي تحفظ الأمانات غير الطائفة السابقة التي تخادع المؤمنين وتكيدهم بقولها ( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ) وأن الطائفة الخائنة هي تلك الطائفة المغرورة , وهي اليهود – على ماعرفت سابقا – التي تزعم ان الله تعالى فضّلهم على سائر خلقه , وأن لاسبيل عليها من غيرها من سائر الملل والنحل , فيجوز لليهودي أكل مال المسلمين , ونقض كل عهد الهي وانساني معه , بل لاحقوق ولا حرمة له, ونسبوا ذلك الى كتبهم المقدسة , وهذا هو التحريف الذي عرفت به اليهود , وهم يعلمون أن الكتاب لايحكم بذلك , وإنما أمرهم أحبارهم ورهبانهم بعد ترويج النزعة العصبية بين اليهود والمغالاة في أنهم شعب الله المختار , فاستولى عليهم روح البغي والفساد غرورا .
قوله تعالى ( إلا مادمت عليه قائما )
استثناء من عموم الاوقات أو الاحوال , ودمت بضم الدال من دام يدوم , كقام ويقوم ,وقرئ بكسر الدال من دام يدام , كخاف يخاف , ويراد من هذه الجملة المعنى المجازي , وهو الكناية عن شدة الالحاح في التقاضي والوفاء , فإن قيام المطالب على رأس المديون , وملازمته له فيه المبالغة في الاقتضاء والمطالبة .
والمعنى : أنه لايؤدي الامانة التي ائتمنه إياها إلا إذا ألجأته الى ذلك بالمطالبة والاقتضاء
قوله تعالى ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل )
الأمي من لايقرأ ولا يكتب
قيل : المراد من الاميين في المقام العرب , بأعتبار ان الغالب منهم لايقرؤون ولايكتبون.
وقيل : يحتمل أن يكون المراد منهم أتباع الرسول الامي (ص)
وقيل : المراد منهم من عدى بني اسرائيل , فإنهم ينسبونهم الى الامة أو الأمم .
وكيف كان , فإن هذه التسمية التي وردت في القران أصلها ماورد في كتب اليهود من تسمية غير بني اسرائيل بالأممي , وهي من الألقاب التي ارادوا بها تحقير غيرهم , والحط من كرامتهم وباعتبار أنهم بمنزلة البهائم غير مؤهلين للمخاطبة , وأنهم لاحرمة لهم , يباح سرقة أموالهم , والخديعة معهم , والكذب عليهم , وهتك أعراضهم , وهدر كرامتهم وحرمانهم من جميع الاحكام الاجتماعية والعقلية, وقد أعرض سبحانه وتعالى عن ماورد في كتبهم إبطالا له , ووأوجز سبحانه جميع تلك الجرائم والموبقات في كلمة واحدة , وهي ( ليس علينا في الاميين سبيل )....... وهم يعلمون أن الله تعالى لايأمر بالفحشاء والمنكر , ولايرضى بأفعالهم القبيحة.
قوله تعالى ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )
دليل على انهم كانوا ينسبون أقوالهم وأفعالهم الى الله تعالى , وقد ذكرنا آنفا أنهم كانوا يدّعون أن ذلك في كتابهم , ويجعلونها من شريعة السماء , وقد أبطل سبحانه دعواهم , وأثبت أن الكذب من عادتهم . وهم يعلمون أن ذلك تشريع باطل , وافتراء على الله عزوجل , وهو لايأمر بالفحشاء والمنكر , بل أن كتبهم المقدسة تأمرهم بالصدق في أقوالهم وأفعالهم , وتنهاهم عن الخيانة , والغدر والكذب , مضافا الى أن ذلك من الاحكام العقلية التي أستقل العقل بحسنها , ويلزمهم الشرع باتيانها . انتهى النقل
ماأشبه اليوم بالأمس , هذه عقائد وعادات اليهود وقد حذرهم القرآن منها في سورة الروم
ثالثا : مجمع البيان للطبرسي ج4 ص 275
( الذين يتبعون الرسول النبي) أي يؤمنون به , ويعتقدون بنبوته , يعني محمدا (ص).( الامي) ذكر في معناه أقوال : أحدها : أنه الذي لايكتب ولا يقرأ
وثانيهما: أنه منسوب الى الامة , والمعنى : أنه على جبلة الأمة , قبل أستفادة الكتابة. وقيل : أن المراد بالأمة العرب , لأنها لم تكن تحسن الكتابة .
وثالثهما : أنه منسوب الى الأم . والمعنى: أنه على ماولدته أمه قبل تعلم الكتابة .
ورابعهما : أنه منسوب الى أم القرى, وهي مكة, وهو المروي عن ابي جعفر الباقر (ع)
( الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل ) معناه : يجدون نعته وصفته ونبوته مكتوبا في الكتابين , لأنه مكتوب في التوراة , في السفر الخامس : ( إني سأقيم لهم نبيا من إخوتهم مثلك , وأجعل كلامي في فيه , فيقول لهم كل ما أوصيه به ) . وفيها أيضا مكتوب ( وأما ابن الأمة , فقد باركت عليه جدا جدا , وسيلد اثني عشر عظيما , وأؤخّره لامة عظيمة ) . وفيها أيضا : ( أتانا الله من سيناء , وأشرق من ساعير , واستعلن من جبال فاران ) , وفي الانجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها : ( يعطيكم فارقليط آخر , يكون معكم آخر الدهر كله ) . وفيه ايضا قول المسيح للحواريين : ( أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحق , الذي لايتكلم من قبل نفسه , إنه نذيركم بجميع الحق , ويخبركم بالأمور المزمعة , ويمدحني ويشهد لي ) . وفيه ايضا ( أنه إذا جاء فنّد أهل العالم ). ( فنّده : وخطّأ رأيه , وجهّله )
( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) يجوز أن يكون هذا مكتوبا في التوراة والانجيل , ويكون موصولا بما قبله , وبيانا لمن يكتب له رحمة الولاية والمحبة ...
القراءة الخامسة الخلاصة ودروس وعبر
اقيمت صلاة الجمعة قبل قدوم النبي (ص) الى المدينة المنورة واقيمت أول صلاة جمعة بعد قدوم النبي (ص) بأربعة ايام قبل دخوله المدينة المنورة لأهميتها ولكن المسلمين من خلال السورة
- فشلوا في الاختبار الالهي
- كشف زيف الايمان لدى أغلب المسلمين
هذه هي سيرة الصحابة فكيف تقارن بمن طهّرهم الله من الرجس وإن الله وملائكته يصلّون عليهم ؟؟؟؟
ناصر حيدر