ينـقل الشيخ محمد تقـي مصباح اليزدي ويحضرني في هذا الصدد ذلك الزمان الذي كنا فيه طلبة للعلوم الدينيّة. ونسكن داخل الحوزه العلمية حيث كنا نستيقظ في أوقات السحر أحياناً فنرى أضواء بعض الحجرات مطفأة فنخال أن الطلبة الموجودين في تلك الحجرات قد حُرموا توفيق صلاة الليل والمناجاة في الأسحار. غير أننا كنا نكتشف لاحقًا أن هؤلاء الطلبة كانوا يتعمّدون عدم إضاءة حجراتهم كي لا ينتبه أحد إلى أنهم من أهل قيام السحر وصلاة الليل والتهجّد. وقد كان بعضهم أذكياءً في إخفاء أعمالهم هذه إلى درجة أنهم وبعد ساعات من المناجاة والبكاء وقراءة القرآن وتأدية نافلة الليل وصلاة الصبح كانوا يأتون إلى المسجد قبل شروق الشمس بوقت يسير فيؤدون ركعيتن كي يوهموا الآخرين بأنهم قد صلوا صلاة الصبح في ذلك الوقت وحينئذ ليس الآخرون لا يعرفون شيئًا عن قيامهم في الأسحار وأدائهم لصلاة الليل فحسب. بل يظنون أنهم أخروا صلاة الصبح كثيراً حتّى أذوها قبل طلوع الشمس بدقائق قليلة! ولقد كان غرضهم من فعلهم هذا أن يمرغوا أنف الشيطان بالتراب وأن يغلقوا أمامه طريق الوسوسة المفضي إلى ابتلائهم بالرياء والتظاهر والغرور وهكذا يحطمون آماله بشكل كامل.
تعليق