إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[1].

    ﴿نُصَرِّفُ اَلْآياتِ‌﴾، بوحي القرآن، ذلك ﴿ولِيَقُولُوا دَرَسْتَ‌﴾، هذه الآيات التي صرفناها في تكرير البيان لمختلف الأحوال المبصرة للقلوب والعقول دون إبقاء لبصيرة على أية حال عن كتابات السماء عند علماءها، فلا دور في معرض الفطر والعقول لفرية اختلاق القرآن من دون وحي، حيث القرآن هو نفسه حجة بالغة لإثبات وحيه لأعلى قممه المرموقة!
    ﴿وَلِنُبَيِّنَهُ﴾: القرآن، بتصريف الآيات ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ‌﴾، الحقّ عن الباطل، ﴿ولِيَقُولُوا﴾، لهذا الرسول حول قرآنه ﴿دَرَسْتَ‌﴾، مقولة ذاهبة في الأثير هباء لا سناد لها، فليقولوا إذن أين درس ذلك الدرس الذي يفوق كافة دروس الوحي فضلا عن سائرها؟ هل درسه عند علماء الكتاب، والقرآن مهيمن على وحي الكتاب، نقضا للمدسوس فيه، وتكميلا لما نقص، وترميما لما تقلّص، فكيف يكون القرآن إذن درسا عن سائر الكتاب بعلمائه أو سواهم، ولأنه أعلى من كلّ كتب السماء محتدا؟ فليكن كلّ تلميذ أعلم ممن تتلمذ عليه! إذن فلتكن التوراة درسا عن أساطير الأولين ﴿اكْتَتَبَهَا﴾، موسى ﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
    [2]! وليكن كذلك كلّ كتاب نابغ نابعا عما دونه من كتاب، وهكذا الأمر في كلّ ناصع واصب من العلوم والأفكار، نابعة من منابع خليطة بكلّ غث وسمين وكلّ خائن وأمين! وكيف يقولون ﴿دَرَسْتَ‌﴾؟ ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ[3].
    نعم صلى الله عليه وآله درس القرآن ولكن أين‌؟ في مدرسة الوحي القمة، عند الله الذي يعلم السر في السماوات والأرض، كما نعلم ذلك العلم السرّ في القرآن.
    ودرس القرآن لا يناسب إلاّ ساحة الربوبية في أعلى قمم الوحي الرباني.
    وهكذا كان المرسلون يستدلون لرسالتهم الربانية بربانية أقوالهم وأحوالهم وأعمالهم كما نسمع رسل المسيح من الله قائلين أمام الناكرين: ﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ
    [4]، حيث يوجّهون في ذلك البرهان اللطيف أنظار الناكرين إلى حالاتهم ومقالاتهم، برهنة بها على محتد من أرسلهم.
    وترى ما هو المعطوف عليه ل‍ ﴿ولِيَقُولُوا﴾، وما هي المناسبة للمعطوفين المتناحرين‌؟ هنا معطوف عليه معروف من صوغ الكلام ﴿اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾، وإنه ﴿سِحْرٌ يُؤْثَرُ
    [5]، أو شعر أو كهانة أم به جنة، ولكي تكمل حجة الله البالغة على الذين يعلمون أو لا يعلمون، ثم لا ضير إذا أن يقول المجاهيل: ﴿دَرَسْتَ‌﴾، فاللاّم في ﴿ولِيَقُولُوا﴾، تعني فيما تعنيه غاية للمجاهيل في واجهة القرآن، فإن كلّ محاولاتهم في إسقاط حجة القرآن البالغة داحضة فليقولوا درست أم أية مقولة أو حيلة ضده، ﴿ولِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ‌﴾، فمقالة ﴿دَرَسْتَ‌﴾، هي مقالة الذين لا يعلمون تقصيرا منهم حسيرا وتحسيرا قصيرا لا يبلغون فيه إلى غايتهم المضللة.
    وقد تكون اللام للغاية، غاية للذين كفروا امتحانا لهم فامتهانا، كما هي غاية للذين آمنوا، غاية شاردة أو واردة.
    ذلك، وقد تصلح ﴿دَرَسْتَ‌﴾، غاية ربانية إلى غايتهم حيث ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ
    [6].
    وقد تعني «اللام» في ﴿ولِيَقُولُوا﴾، الأمر، فهو أمر تعجيزي، أم بيان حال لهم تقتضي هذه المقولة، فلا عطف إذا مع أمر الأمر، وقد تعني الواو كلا العطف والاستئناف جمعا بين الغاية والأمر، والحاصل هو مثلث المحتملات.
    أجل ﴿وكَذلِكَ﴾، العميق الهدى العريق المدى ﴿نُصَرِّفُ اَلْآياتِ‌﴾، حجة بالغة لا تبقى معه حجة لمن يقول ﴿دَرَسْتَ‌﴾، وتكون حجة ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ‌﴾.
    وهكذا تكون حجة الله البالغة قاطعة للأعذار حيث لا تبقى معها أية عاذرة إلاّ ماردة شاردة غادرة.
    وفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَوْلُهُ: ﴿وكَذلِكَ نُصَرِّفُ اَلْآياتِ ولِيَقُولُوا دَرَسْتَ ولِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾، قَالَ: ((كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ لِرَسُولِ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ إِنَّ اَلَّذِي تُخْبِرُنَا بِهِ مِنَ اَلْأَخْبَارِ تَتَعَلَّمُهُ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْيَهُودِ وَتَدْرُسُهُ))
    [7].

    [1] سورة الأنعام، الآية: 105.
    [2] سورة الفرقان، الآية: 5.
    [3] سورة العنكبوت، الآية: 48.
    [4] سورة يس، الآية: 16.
    [5] سورة المدثر، الآية: 24.
    [6] سورة البقرة، الآية: 26.
    [7] تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 756.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X