إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ[1].

    بعد الحديث الإلهي عن المشركين انتقل إلى الحديث عن الذبائح، ونحن نعرف أن أي نص أدبي خطير عندما يستهدف لفت أنظارنا إلى قضية مهمة، فإنّه يعرض هذه القضية ضمن حديثه عن قضية أخرى، بحيث يقطع سلسلة الموضوع السابق ويعرض القضية الجديدة حتى تتركز في الأذهان، وهذا ما سلكه المقطع الذي نتحدث عنه عندما عرض لنا أهم قضية تتصل بطعام الإنسان، من حيث أثر الطعام في تزكية النفس وعدمها، عرضها في سياق حديثه عن المشركين وضرورة عدم الالتفات إلى أقوالهم التي وصفها بأنّها تضل عن سبيل الله وأنها مجرّد ظن، ومجرد خرص الآيات السابقة في قوله تعالى: ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ
    [2]. كلّ‌ ذلك أدركناه حينما عقب النص على قوله: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾، عقّب عليه بقوله في منتصف الآية اللاحقة: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾،‌ إذا، هذا التعقيب حينما نربطه بكلام سابق على الحديث عن الذبائح وهو قوله تعالى: ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[3]، وعليه حين نربط بين هذا كلّه، فسنكتشف مدى الأهمية المدهشة لهذا النمط من صياغة التعبير.
    وأما مطلع الآية اللاحقة: ﴿وَما لَكُمْ أَلاّٰ تَأْكُلُوا﴾، فهو استفهام على سبيل التوبيخ بمعنى أي شيء ثبت لكم في عدم الأكل ممّا ذكر اسم الله عليه، وقد ورد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَدِيثٍ قَالَ: ((وَلاَ تَأْكُلْ مِنْ ذَبِيحَةٍ مَا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اَللهِ عَلَيْهَا))
    [4].
    ويسأل فيقال من المخاطب بذلك ومن كان الممتنع من أكل ﴿ما ذُكِرَ اِسْمُ اَللّٰهِ عَلَيْهِ‌﴾، فيجاب إن ذلك يحتمل وجهين: -
    أولهما: أنهم اهل الكتاب أو عموم من لا يأكل ذبائح المسلمين عنادا وانحيازا فعابهم الله تعالى بأنهم قد يأكلون الميتات فكيف يأبون أكل الذبيحة الجامعة لشرائطها.
    وثانيهما: أن المخاطب بذلك هم المسلمون البعيدون عن احكام الشريعة حيث كانوا يتحرجون عن جملة من الأشياء لزعمهم أنهم لم يتصل بهم شيء عن الله فيها فصدر توبيخ لهم على ذلك بأن حكم الله قد جاء في الذبائح وبيّن المحلل منها من المحرّم وأن ما ذكر اسم الله عليه حلال لا مانع منه وقد فصّل لكم توسط الرسول ما حرّم عليكم في وقت الاختيار الاّ ما اضطررتم اليه فإنه في وقت الضرورة يجوز تناول ما تندفع به الضرورة.
    ثم أعرب سبحانه عن المخرّبين سواء كانوا من اهل الكتاب أم من المشركين أم من طغمة المسلمين الذين لا يتحاشون القول بآرائهم فقال: وإن كثيرا من المعتزّين بأنفسهم ليضلّون البسطاء من طريق افتائهم بأهوائهم من دون أن يكون لهم علم بأحكام ما أفتوا به وإن ربّك ليعرف هؤلاء المعتدين الخارجين عن حدود ما لديهم من علم إن كان عندهم من ذلك شيء، ثم أمر سبحانه المكلفين بأن يتجافوا عن الإثم ظاهرا وباطنا في السرّ والعلن فإن الخطيئة خطيئة أعلنت أم أخفيت وإن كان اعلانها اكثر جرما من اسرارها لأن في الاعلان تحديا للشريعة والتحدّي لله جرم في نفسه.
    وفي خلاصة الآية يقال: الإثم والجرم والذنب والمعصية والخطيئة والانحراف كلها بمعنى واحد وهو مجانبة ما يصلح ومقاربة ما يفسد ومآل الصلاح والفساد الى الحياة البشرية الفردية والاجتماعية وإن كان مرجعها الى الحياة الاجتماعية أكثر من مرجعها الى الحياة الفردية واصولا الحياة الفردية لا قيمة لها امام الحياة الاجتماعية ولذلك ترى الدنيا على طول الأجيال تقعد وتقوم على حساب الاجتماع والهيئات الجماعية.
    والذي يصلح المجتمع هو العدل الشامل الذي يستحيل أن يدركه فرد بخصوصه الاّ إذا كان بعيدا عن ميوله قريبا من أدنى مراتب الأوساط فضلا عن ممارسته لأوسطها.



    [1] سورة الأنعام، الآية: 118.
    [2] سورة الأنعام، الآية: 116.
    [3] سورة النجم، الآية: 28.
    [4] وسائل الشيعة، ج 24، ص 29.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X