إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد



    قال الله تعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ[1].

    من السنن الإلهية يوم القيامة توبيخ الكفّار وتبيّين أنّه لا يكون إلى الجحود سبيل فيشهدون على أنفسهم بأنّهم كانوا كافرين.
    يقول الله يوم القيامة للثقلين الجنّ والإنس جميعا: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ﴾، في الدنيا ﴿رُسُلٌ﴾، معيّن من الله ﴿مِّنكُمْ﴾، ومن جنسكم، وذلك لأنّ الجنس إلى الجنس أميل كما أنّ‌ جبرئيل ونحوه رسل الملائكة من جنسهم، والاستئناس والاستفادة في الجنسيّة أظهر.
    فلا عذر لهم في شيطنتهم بتمتعاتهم المتبادلة المحظورة ودعاياتهم الضالة المضلة.
    هنا ﴿مِّنكُمْ﴾، تقتسم الرسالة بين معشر الجن والإنس إلى رسل من الجن ورسل من الإنس، إذ لو اختصت الرسالة برسل الإنس ف‍ ﴿مِّنكُمْ﴾، في قبيل الجن مسلوبة، كما لو اختصت برسل الجن كانت ﴿مِّنكُمْ﴾، في قبيل الإنس مسلوبة.
    فإن قيل: قد قام الإجماع على أنّ محمّدا صلى الله عليه وآله وسلّم كان رسولا إلى الجنّ والإنس ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلّم من الجنّ؟ إنّما بعث الرّسول ثمّ كان يرسل هو إلى الجنّ رسولا منهم ويستفيد خواصّهم من الرسل فيكونوا رسل الرّسول إلى قومهم، وسليمان أيضا لم يبعث إلى الجنّ بالرّسالة العامّة بل بالملك والسياسة على بعضهم، كما قال سبحانه: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ
    [2]، فأولئك الجنّ كانوا رسل الرّسول فكانوا رسلا لله تعالى، والدّليل على صحّة هذا القول أنّه تعالى سمّى رسل عيسى رسل نفسه تعالى فقال: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ[3]، والذي أرسلهما عيسى عليه السلام. فقوله عز وجل ﴿رُسُلٌ مِّنكُمْ﴾، أي من أحد الثقلين وهو الأنس، وهذا كقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ[4]، والمعنى من أحد البحرين [العذب الفرات والملح الاجاج]، وهو الملح فإنّ‌ اللّؤلؤ لا يخرج من الماء العذب وإنما يخرج من الملح.
    وقوله: ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾، ويقرؤونها لكم ﴿وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾، يعني يوم القيامة يخوّفونكم منها ويخبرونكم عنها كما ورد في أحد خطب أمير المؤمنين عليه السلام حيث قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((هُوَ اَلَّذِي أَسْكَنَ اَلدُّنْيَا خَلْقَهُ، وَبَعَثَ إِلَى اَلْجِنِّ وَاَلْإِنْسِ رُسُلَهُ، لِيَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ غِطَائِهَا، وَلِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا، وَلِيَضْرِبُوا لَهُمْ أَمْثَالَهَا، وَلِيَبِّصُروهُمْ عُيُوبَهَا وَلِيَنْهَجُوا عَلَيْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ تَصَرُّفِ مَصَائِبِهَا وَأَسْقَامِهَا وَحَلاَلِهَا وَحَرَامِهَا، وَمَا أَعَدَّ اَللهُ سُبْحَانَهُ لِلْمُطِيعِينَ مِنْهُمْ وَاَلْعُصَاةِ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ وَكَرَامَةٍ وَهَوَانٍ))
    [5].
    ﴿قَالُوا﴾، جوابا عند ذلك التوبيخ الشديد: ﴿شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا
    ، وهو اعتراف منهم بالكفر واستحقاق العذاب و ﴿شَهِدْنَا﴾، إنشاء الشهادة مثل بعت واشتريت، ولفظ الماضي في الإنشاء لا يقتضي تقدّم الشهادة.
    فإن قلت: كيف أقرّوا في ﴿شَهِدْنَا﴾، وجحدوه في قوله: ﴿وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
    [6]؟
    فالجواب أنّ مواقف القيامة كثيرة، والأحوال فيها مختلفة فتارة يقرّون من شدّة خوفهم وتارة يجحدون فإن من عظم خوفه كثر الاضطراب في كلامه.
    وقد تلمح لاختلاف الرسل بين مختلف الجن والانس آيات ك‍: ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ
    [7]، ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ[8]، ومن البيّن اختلاف أمتي الجن والإنس.
    ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾، كأنّه تعالى يبيّن سبب كفرهم بقوله: وغرّتهم الحياة الدّنيا ﴿وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾، في الآخرة بالكفر أو يشهد جوارحهم بالشّرك والكفر ﴿أَنَّهُمْ كَانُوا﴾، في الدّنيا ﴿كَافِرِينَ﴾، بالآيات والنّذر، وهذا البيان تحذير للسّامعين من مثل حالهم حتّى لا يصيرون مثلهم. والمندد بهم في الخطاب العتاب ليسوا هم كلهم، بل هم شياطين الجن والانس لمكان ﴿وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾.

    [1] سورة الأنعام، الآية: 130.
    [2] سورة الأحقاف، الآية: 29.
    [3] سورة يس، الآية: 14.
    [4] سورة الرحمن، الآية: 22.
    [5] نهج البلاغة، ج 2، ص 110.
    [6] سورة الأنعام، الآية: 23.
    [7] سورة فاطر، الآية: 24.
    [8] سورة يونس، الآية: 47.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X