تويت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾[1].
لما كان التهديد جار للإنسان بالموت وهو القيامة الصغرى بالعذاب، وكذلك في القيامة الكبرى محكمة العدل الإلهي، والآية فيها إشارة لنحو اعراض من النبي صلّى الله عليه وآله (بتعليل من الله تعالى) بأن الذين تركوا دينهم الحق، أي ما كان ينبغي بحكم العقل أن يأخذوا به، أو جعلوا اديانهم متفرقة على حسب اهويتهم، وآلهتهم المتفرقة من إله الحرب، والطرب، والزراعة وغيرها.
لذا قال عز وجل: ﴿الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾، أيا كان، إشراكا أم توحيدا، فمهما كان تفريق الدين في الإشراك طبيعته، فالتفريق لدين التوحيد هو خلاف طبيعته بل وتخلف عن طريقته، بل هو نقض له ونقص في كيانه ف: ﴿..وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾[2]، ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾[3]، فقد ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ..﴾[4].
نعم و ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾، مؤمنين إلى مشركين ومشركين إلى مؤمنين.
﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾، مختلفة وكل صنف يتابع متبوعا غير الاخر، ومتفرقين منذ كانوا أم منذ مديد من الزمن، فشرعة الشيع هي التي تنحو منحى تفريق الدين: تفرقا على تفرق ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾[5]، والمراد بهم أهل الضلالة وأصحاب الشبهات والبدع من هذه الامّة وهو المرويّ، فَعَنْ كُلَيْبٍ اَلصَّيْدَاوِيِّ قَالَ: ((سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْلِ اَللهِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾، ثُمَّ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَقْرَؤُهَا فَارَقُوا دِينَهُمْ ثُمَّ قَالَ فَارَقَ وَاَللهِ اَلْقَوْمُ دِينَهُمْ))[6].
﴿لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾، أي لا تكون سنخا لهم حتى تأخذك رقة الجنسية، فانهم من اقسام السباع والبهائم والشياطين، فإنك رسول التوحيد، فلا أمر لك معهم سلبا أو إيجابا حيث لا ينحون نحو الوحدة لا نصيب لك منهم إذ لست منهم في شيء من الحق، حيث لا نصيب من الحق في حقل تفرق الدين وتمزّق اليقين، فليس لك شيء من أمرهم المفرق لمكان المفاصلة التامة بين الدين الموحّد والدين المفرّق اللّهم إلاّ أن يتوبوا إلى الدين الموحّد الحق.
فهو صلّى الله عليه وآله وسلّم فوق عالم الجبروت، فضلا عن الملكوت الايمن، أو لست مأمورا بإيصالهم الى المصالح والمفاسد بل عليك اتمام الحجة فقط، وإنما امرهم الى الله، أو اليك في مرتبة ولايتك، وهو ايضا عين كون الامر اليه، فلا تأسف لهم، بحرق الكفار ولا تبالي (وبعد) رجوعهم الى الله وصيرورة بصرهم حديدا وشهودهم أنهم بين يدي الرحمن.
ف ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ﴾، الأمر ﴿إِلَى اللهِ﴾، في يوم الله ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾، من شيعهم وتفرقهم في دينهم، إنباء بحقيقة باطلهم حيث تظهر يوم تبلى السرائر، وإنباء بجزائهم الذي هو في الحق تفرقهم عن الحق وتفرقهم في الحق. وترى الذين وحدوا دينهم لغير الله طاعة لطاغوت واحد فلم يفرقوه، أليسوا هم معهم من الموبّخين؟ بأعمالهم، حيث يشاهدون كتب أنفسهم؛ ويؤمر كل واحد أن ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾[7]، فيشاهد أن ﴿.. الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾[8].
فاليهود والنصارى على تفرقهم في دينهم هم من الذين فرقوا دينهم عن دين الإسلام وكانوا قبل ذلك شيعا متفرقة في دينهم، ومنهم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة والخوارج، ومن هؤلاء هم الذين فارقوا باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وصاروا أحزابا.
[1] سورة الأنعام، الآية: 159.
[2] سورة الروم، الآيتان: 31-32.
[3] سورة آل عمران، الآية: 105.
[4] سورة الشورى، الآية: 13.
[5] سورة النور، الآية: 40.
[6] بحار الأنوار، ج 9، ص 208.
[7] سورة الإسراء، الآية: 14.
[8] سورة الكهف، الآية: 49.