بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
تمرّ على الإنسان في حياته لحظات شدّة وضيق، وتكثر الابتلاءات والهموم، حتى يضيق صدره ويظن أن لا مخرج له مما هو فيه. ولكن في قلب كل هذه المحن، هناك أمل عظيم يسمّى بـ "ساعة الفرج". تلك الساعة التي يتحوّل فيها العسر إلى يسر، والظلام إلى نور، والحزن إلى سعادة. وقد أولى أهل البيت (عليهم السلام) هذا المفهوم أهمية عظيمة في أحاديثهم، وربطوه برحمة الله الواسعة وبلطفه الخفي.
الفرج سنة إلهية
إن الفرج سنّة من سنن الله تعالى في خلقه، يعقب الشدة ويأتي بعد الصبر. وقد بيّن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا المعنى بقوله:
«وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»
(نهج البلاغة، من وصايا النبي لعلي عليهما السلام)
(نهج البلاغة، من وصايا النبي لعلي عليهما السلام)
وهذه السنة الإلهية لا تتبدل، فمن صبر على بلائه ولم ييأس من روح الله، أدركته ساعة الفرج بإذن الله.
ساعة الفرج اختبار للإيمان
إن انتظار الفرج من أعظم العبادات التي يوصي بها أهل البيت (عليهم السلام)، لأنها اختبار لليقين والتسليم. عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
«عليكم بالصبر، فإنه ليس من رأس فيه عقل إلا وهو يحبّ الصبر، وما من عبد يصبر على مصيبة إلا أعطاه الله مثل أجر شهيد»
(الكافي، ج2، ص 91)
(الكافي، ج2، ص 91)
وقال أيضًا (عليه السلام) في رواية عظيمة:
«ألا أخبركم بما لا يقبل الله من العباد عملاً إلا به؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا، والتسليم لإمامنا، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للفرج»
(الكافي، ج2، ص 222)
(الكافي، ج2، ص 222)
فالمنتظر لساعة الفرج يكون في عبادة دائمة، لأن قلبه معلق برحمة الله، ولسانه يلهج بالدعاء، وعينه ترقب طلوع الفجر بعد الظلام.
الفرج الأعظم: ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
وإذا كان للفرج مراتب في حياة الإنسان، فإن أعظمها وأكملها وأشرفها هو فرج الأمة بظهور الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف). ذلك اليوم الذي تتحقق فيه العدالة الإلهية الكاملة، وتملأ الأرض قسطًا وعدلاً بعدما ملئت ظلمًا وجورًا.
عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
«إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم»
(الغيبة للنعماني، ص 238)
(الغيبة للنعماني، ص 238)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
«إنَّ من أُدرك قائمنا من أهل البيت وهو يتلو هذا الدعاء كان له أجر ألف شهيد من شهداء بدر: اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ...»
(كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص 338)
(كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص 338)
فالفرج الأكبر ليس أملاً شخصياً فحسب، بل هو أمل كل المستضعفين والمظلومين في مشارق الأرض ومغاربها.
دعوة للتفاؤل والثقة برحمة الله
حين تضيق صدورنا من كثرة الهموم، فلنتذكر هذا الوعد الإلهي:
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}
(سورة الشرح: 5-6)
(سورة الشرح: 5-6)
وليكن شعارنا في كل حين ما قاله الإمام الكاظم (عليه السلام) لمَن سأله عن شدة البلاء:
«إنما هو تمحيص لكم، أما ترضون أن تكونوا معنا في الدرجات العلى؟»
(الكافي، ج1، ص 371)
(الكافي، ج1، ص 371)
فلنصبر، ولننتظر ساعة الفرج، فهي قريبة لمن وثق بربّه وأحسن الظن به، وكان مع أهل بيت نبيّه (صلوات الله عليهم).
تعليق