بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
الهويّة الدينيّة هي الجذور التي يتشبّث بها الإنسان في وجه رياح الغربة والانحراف. وإذا أردنا لأطفالنا أن ينشأوا مستقرّي النفس، واضحين في انتمائهم، أقوياء في إيمانهم، فعلينا أن نغرس في قلوبهم منذ الصغر حبّ الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام، وتعظيم الشعائر، وفهم معالم الدين بعاطفة وعقل معًا.
قال الإمام الصادق عليه السلام:
"بادِروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة."
(الكافي، ج6، ص47)
1. التعليم المبكّر بهدوء ومحبة(الكافي، ج6، ص47)
يبدأ غرس الهويّة الدينية مبكرًا، لكن بلغة الحب لا الفرض، بالحكايات لا الأوامر. نحدّثهم عن كربلاء، عن الزهراء، عن الإمام المهدي عجل الله فرجه، بصوت دافئ، وقلبٍ يحترق شوقًا، ليشعروا أن هذا الدين عطرُ أرواحنا، لا مجرّد طقوس.
قال الإمام الباقر عليه السلام:
"علّموا أولادكم دعاء الفرج، فإنّه أمان لأهل الأرض."
(بحار الأنوار، ج 53)
2. القدوة الصالحة(بحار الأنوار، ج 53)
حين يرى الطفل أمّه تصلّي بخشوع، وأباه يذكر الإمام الحسين عليه السلام بدمعة خفية، يتعلّم دون أن يُقال له "تعلّم". فالأطفال لا يُربّون بالكلام، بل بالعيون والقلوب.
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"كونوا دعاةً لنا بغير ألسنتكم."
(نهج البلاغة، الحكمة 208)
3. الاحتفال بالمناسبات الدينية(نهج البلاغة، الحكمة 208)
الطفل يحب الفرح والاحتفال. فلتكن ولادات الأئمة أيام بهجة في البيت، ونصنع كعكة باسم الإمام، نعلّق الزينة ونغنّي أنشودة. وفي عاشوراء، نلبسهم السواد، ونشرح بلغة أعمارهم لماذا نحزن، ولماذا نحب الحسين عليه السلام.
4. ربطهم بالإمام المهدي عجل الله فرجه
يحتاج الطفل إلى بطلٍ ينتظره، يحميه، يحبّه، يراه وإن لم يره. علّموا أبناءكم أن صاحب الزمان عليه السلام حيّ بيننا، ينتظر صلاحنا، يفرح بصلاتنا، ويحبّ أن نذكره.
قال الإمام الصادق عليه السلام:
"من سُرَّ أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر..."
(الغيبة للنعماني)
5. ربط المفاهيم الدينية بالحياة اليومية(الغيبة للنعماني)
حين يُؤذي الطفل أحدًا، نحدّثه عن أخلاق الإمام الحسن. وحين يشكو من الظلم، نذكر له صبر الإمام زين العابدين. وهكذا يصبح الدين حيًّا في تفكيره، لا محفوظًا فقط.
6. إشراكهم في العبادة
اجعلوهم يشاركونكم الدعاء، قراءة القرآن، خدمة المعزّين، مساعدة الفقراء في شهر رمضان، توزيع الحلويات في مواليد الأئمة... يشعرون أنهم جزء من هذا النور.
الهويّة الدينية لا تُلقَّن بل تُعاش. وكل بيتٍ يقطر فيه ذكرُ أهل البيت عليهم السلام، هو قلعةٌ تربّي رجالاً ونساءً يحملون لواء الولاء في زمن الغربة. لنعطِ أبناءنا فرصة أن ينشأوا عشّاقًا لله، موالين للزهراء، منتظرين للمهدي، فإنّ هذا أعظم ما نورّثهم في هذه الدنيا.
تعليق