بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِ على محمد و آل محمد
الرحمة واللعنة من الله تعالى ليستا اعتباطًا، بل تأتيان وفق أفعال العبد وسلوكه، والآباء منهم من يُكرّم برحمة الله لصدق نيّته وعدله، ومنهم من يُعرض نفسه للّعن بسبب ظلمه وتقصيره، خاصة في مسؤوليته تجاه أبنائه.
📖 متى يرحم الله الآباء؟
يرحمهم إذا أدّوا أمانة التربية، فالله سبحانه يقول:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا"
(التحريم: 6)
أي أن الآباء مسؤولون عن هداية أولادهم إلى طريق الخير.
يرحمهم إذا عدلوا بين أبنائهم ولم يفضلوا أحدًا.
قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم :
"اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ"
يرحمهم إن أحسنوا تربية أبنائهم على حبّ الله وأهل البيت (عليهم السلام).
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة"
(الكافي، ج6)
أي علّموهم العقيدة السليمة قبل أن يتأثروا بأفكار منحرفة.
يرحم الله الآباء إذا أحبّهم أولادهم وذكروهم بخير بعد موتهم، لأن ذلك ثمرة حسن التربية: عن الإمام علي عليه السلام:
"خير ما يخلّفه الرجل بعده ولَدٌ صالحٌ يدعو له"
(نهج البلاغة، الحكمة 252)
💔 ومتى يلعن الله الآباء؟
إذا ضيّعوا أمانة الأبناء، وتركوا تربيتهم للضياع والشارع، فإنهم يُحاسبون.
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم :
"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته... والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته"
إذا شجّعوا أبناءهم على الظلم أو الغش أو قطيعة الرحم.
قال تعالى:
"أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ"
(هود: 18)
ومن أعان ظالمًا أو ربّى ظالمًا فهو شريك في الإثم.
إذا كانوا سببًا في انحراف الأبناء عن طريق الحق.
عن الإمام الحسين عليه السلام:
"اللهم إن كنت حبست عنا النصر، فاجعل ذلك لما هو خير لنا في العاقبة، وانتقم لنا من القوم الظالمين"
(كلمات الإمام ليلة عاشوراء، دلالة على أن الظلم لا يورث إلا اللعنة)
يُلعن الأب إذا ظلم أم أبنائه، أو أهانها أمامهم، أو حرّضهم على عقوقها، لأن في ذلك كسرًا لميزان العدل الإلهي، والله لعن الظالمين.
كل أبّ يريد رحمة الله، فليبدأ بأهله، قلبًا وتربيةً، لينبت له زرع صالح يذكره بخير ويكون له صدقة جارية.
وكل أبّ يظلم زوجته، أو يُهمل أبناءه، أو يُفرّط في بناء إيمانهم وأخلاقهم، فقد يجرّ على نفسه لعنة الله، والعياذ بالله.
قال الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه لوالديه:
"اللهم اجزهما عني أفضل ما جزيت والدًا عن ولده، ووالدةً عن ولدها"
(الصحيفة السجادية)
فليحرص الآباء أن يكونوا أهلاً لهذا الدعاء، لا لعكسه.
تعليق