تويت
٩ سم كباب
لم أكن طفلًا شرهًا.
كنت فقط… جائعًا.
لكنّ الجوع في بيتنا لم يكن مجرد شعورٍ عابر، بل قانونٌ له مواد وفقرات وعقوبات صارمة، تنفذ بلا محكمة.
حين يُعلن أن الغداء "كباب"، تبدأ حالة التأهب.
أجلس في مكاني المعتاد، على الزاوية اليمنى من السفرة، وأراقب الطبق كما يراقب المحكومُ وجه القاضي.
وها هي قادمة… صحن مستطيل، تنام فيه أصابع الكباب كجنود مصطفّين.
في قلبي رجاء: ليتني أنال أربع قطع هذه المرة…
لكن لا، تأتي يد أمي، وتبدأ بالتوزيع:
قطعة… قطعتان… ثلاث.
تمت المهمة.
تُوضع أمامي ثلاث قطع بطول لا يتجاوز ٣ سنتيمترات.
٩ سنتيمترات من اللحم المفروم، هي حصتي في هذا العالم الممتد على طول المائدة.
أيّ محاولةٍ للتجاوز تُعتبر تعدّيًا على القانون العائلي الصارم.
أتذكر حين مددتُ يدي ذات مرة لقطعة رابعة؟
قامت الدنيا.
نظرات، توبيخ، وربما حرماني من العشاء في اليوم التالي.
كنت أُعامَل كما لو أنني ارتكبت جريمة سرقة في وضح النهار.
أما إخوتي الكبار، ووالدي العزيز، وحتى الضيوف؟
فلا أحد يحصي لهم عدد القطع،
ولا أحد يُذكرهم بأن هناك طفلًا في الزاوية… لا يزال جائعًا.
لكن، كان هناك دائمًا منقذي الصامت: الخبز.
أعواد طويلة من الخبز الحارّ، أمسك بها قطعة الكباب الصغيرة وأطيل عمرها قدر الإمكان.
أصنع منها شطائر خيالية،
أملأها بالهواء وبعض الكرامة.
ثم أبتسم.
وأقول لنفسي: لا بأس.
ربما… حين أكبر،
سأشتري صحنًا من الكباب كله لي،
وأكله كله دون أن أقيسه بالمليمتر.
لم أكن طفلًا شرهًا.
كنت فقط… جائعًا.
لكنّ الجوع في بيتنا لم يكن مجرد شعورٍ عابر، بل قانونٌ له مواد وفقرات وعقوبات صارمة، تنفذ بلا محكمة.
حين يُعلن أن الغداء "كباب"، تبدأ حالة التأهب.
أجلس في مكاني المعتاد، على الزاوية اليمنى من السفرة، وأراقب الطبق كما يراقب المحكومُ وجه القاضي.
وها هي قادمة… صحن مستطيل، تنام فيه أصابع الكباب كجنود مصطفّين.
في قلبي رجاء: ليتني أنال أربع قطع هذه المرة…
لكن لا، تأتي يد أمي، وتبدأ بالتوزيع:
قطعة… قطعتان… ثلاث.
تمت المهمة.
تُوضع أمامي ثلاث قطع بطول لا يتجاوز ٣ سنتيمترات.
٩ سنتيمترات من اللحم المفروم، هي حصتي في هذا العالم الممتد على طول المائدة.
أيّ محاولةٍ للتجاوز تُعتبر تعدّيًا على القانون العائلي الصارم.
أتذكر حين مددتُ يدي ذات مرة لقطعة رابعة؟
قامت الدنيا.
نظرات، توبيخ، وربما حرماني من العشاء في اليوم التالي.
كنت أُعامَل كما لو أنني ارتكبت جريمة سرقة في وضح النهار.
أما إخوتي الكبار، ووالدي العزيز، وحتى الضيوف؟
فلا أحد يحصي لهم عدد القطع،
ولا أحد يُذكرهم بأن هناك طفلًا في الزاوية… لا يزال جائعًا.
لكن، كان هناك دائمًا منقذي الصامت: الخبز.
أعواد طويلة من الخبز الحارّ، أمسك بها قطعة الكباب الصغيرة وأطيل عمرها قدر الإمكان.
أصنع منها شطائر خيالية،
أملأها بالهواء وبعض الكرامة.
ثم أبتسم.
وأقول لنفسي: لا بأس.
ربما… حين أكبر،
سأشتري صحنًا من الكباب كله لي،
وأكله كله دون أن أقيسه بالمليمتر.