بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
من نحن في الآخرة؟ سؤالٌ يهزّ الوجدان...
هل نكون ممن يُنادَون بأسمائهم بين أهل الجنة؟ أم تُعرض صحفهم وهم يطأطئون رؤوسهم خجلاً؟
وفي قلب هذا التساؤل، يشرق وجه سيد شباب أهل الجنة، الحسين بن علي عليه السلام، الذي لم يكن مقامه الرفيع في الجنة صدفة، بل كان ثمرة وعيه، ونيّته، ودمه، وبذله كل ما يملك لله وحده.
الهوية الحقيقية في الآخرة
في الدنيا، قد يرانا الناس بأعينهم، لكن في الآخرة، يُكشف الجوهر وتُعرض الحقيقة.
🔹 قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"اليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل" (نهج البلاغة)
🔹 وقال الإمام الصادق عليه السلام:
"إذا كان يوم القيامة نُودي: أين أهل الصبر؟ فيقوم قوم، فتتلقاهم الملائكة: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر. فيقولون: على ماذا صبرتم؟ فيقولون: صبرنا على طاعة الله، وصبرنا عن معصية الله، وصبرنا على البلاء. فيُقال لهم: ادخلوا الجنة، فنِعم أجر العاملين."
هوية الإنسان في الآخرة ليست بما ملك، بل بما قدّم، وبما صبر، وبما نوى.
الحسين عليه السلام: نموذج لمن عرف من هو في الآخرة
الحسين لم يكن فقط إمامًا مظلومًا، بل كان عبدًا يعرف من هو في الآخرة.
لقد سار إلى كربلاء وهو يعلم أن مصيره الشهادة، لكنه كان يرى النعيم الأبدي، ويريد أن يكون حيث يكون جده رسول الله ﷺ وآله ، وأمه الزهراء، وأبوه علي، وأخوه الحسن.
قال عليه السلام:
"رضًا برضاك، وتسليمًا لأمرك، يا غياث المستغيثين"
وكان يقول في طريقه إلى كربلاء:
"من كان باذلاً فينا مهجته، موطّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا"
🔸 هؤلاء القوم لم يروا كربلاء فقط، بل رأوا الجنة… رأوا من سيكونون في الآخرة.
🌿 كيف نصل إلى مقام أهل الجنة؟
١. النية الخالصة
قال رسول الله ﷺ وآله (في حديث رواه أهل البيت):
"نية المؤمن خير من عمله"
الحسين عليه السلام خرج بنيّة الإصلاح، لا بنيّة الحكم.
> "ما خرجتُ أشِرًا ولا بطرًا، ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي"
فمن أراد أن يعرف مقامه في الآخرة، فليُصلح نيته في الدنيا.
٢. الثبات على الحق
قال تعالى:
"يُثبِّتُ اللهُ الذين آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدنيا وفي الآخرة" (إبراهيم: ٢٧)
الثبات على خط الحسين عليه السلام، خط التوحيد والتضحية، يجعلنا نُبعث معه.
📖 في زيارة عاشوراء:
"اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد، ومماتي ممات محمد وآل محمد"
٣. البذل لله
الحسين عليه السلام بذل كل شيء، حتى الطفل الرضيع.
🔹 قال الإمام الباقر عليه السلام:
"إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء..."
كل من سار على خُطاه، وسلّم لله أمره، ولو بشق تمرة، فهو على طريقهم.
من أنا في الآخرة؟
أنتَ في الآخرة، أنتِ في الآخرة... ستكونون حيث كانت نواياكم، حيث كانت قلوبكم، حيث كان الحسين في قلوبكم.
📖 قال تعالى:
"يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرٍ محضرًا" (آل عمران: ٣٠)
🔹 وقال الإمام الصادق عليه السلام:
"من بكى أو تباكى على جدي الحسين، وجبت له الجنة"
إذا أردت أن تكون من أهل الجنة، فكن اليوم من الباكين على الحسين، من العاملين بدربه، من الرافضين للذل، من المصلحين، من الصابرين، من الساجدين لله كما سجد الحسين على رمضاء كربلاء.
اللهم ارزقنا شفاعة الحسين عليه السلام،
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، واجعلنا من الباكين على الحسين، من الطالبين بثأره مع إمام منصور من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله.