بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم إلعن قتلة الحسين
اللهم إلعن قتلة الحسين
قال الله تعالى: ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾[1].
﴿فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾، بعد ذاك التبليغ والدعوة الى عبادة الله الواحد الأحد من قبل نبي الله هود عليه السلام الى قومه عاد ورفضهم الشديد لهذه الدعوة أخبر سبحانه عن خاتمة هذه الواقعة بأن أهلكناهم بعذاب الاستئصال، وقطع الدابر الّذي هو الريح العقيم، وأنجى هودا والمؤمنين معه برحمته وفضله وما كانوا مؤمنين لعلمه تعالى بأنّهم لو بقوا لم يؤمنوا أيضا.
ومما روي عن قصّة هود عليه السلام: [أنّ عادا كانوا ينزلون اليمن والأحقاف وهي رمال يقال لها رمال عالج معروفة والدهناء ويبرين ما بين عمّان وحضرموت، وكان لهم زرع ونخيل ولهم أعمار طويلة وأجساد عظيمة وكانوا أصحاب أصنام. فبعث الله هودا إليهم نبيّا وكان من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا فدعاهم إلى التوحيد فكذّبوه وآذوه فأمسك الله عنهم المطر سبع سنين أو ثلاث سنين حتّى قحطوا وكان الناس في ذلك الزمان إذا نزل عليهم البلاء التجئوا إلى بيت الله الحرام بمكّة مسلمهم وكافرهم. وأهل مكّة يومئذ العماليق من ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح. وكان سيّد العمالقة إذ ذاك بمكّة رجلا يقال له: معاوية بن بكر، وكانت امّة من عاد فبعث عاد وفدا إلى مكّة خارجا من الحرم فأكرمهم وأنزلهم وأقاموا عنده شهرا يشربون الخمور فلمّا رأى معاوية طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوّثون من البلاء الّذي نزل عليهم شقّ ذلك عليه، وقال: هلك أخوالي، وهؤلاء ضيفي أستحيي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه فشكى إلى امرأتين وهما الجرادتان كانتا تغنّيانهم، فقالت الجرادتان له: قل شعرا نغنّيهم به لا يدرون من قاله فقال معاوية:
أَلا يا قَيْلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهينــــمْ لَعَــلَّ اللهَ يُصْبِحُــنا غمامـــا
فَيَسْقي أرْضَ عادٍ إنَّ عاداً قَدْ أمْسَوْا ما يُبينُونَ الكلاما
وَإِنَّ الوَحْشَ تَأتِيهمْ جهـــاراً وَلا تَخْشى لِعــادِي سِهامــا
وَأَنْتُمْ ها هُنَا فيما اشْتَهَيْتُــــــمْ نَهَارَكُـــمْ وَلَيْلَكُــمُ التّمامــا
فَقُبّحَ وَفْدُكُمْ مِنْ وَفْدِ قَــــــوْمٍ وَلا لُقُّوا التّحيــةَ والسّلاَمــا
فلمّا غنّتهم الجرادتان بالأبيات قال بعضهم لبعض: إنّما بعثكم قومكم يتغوّثون بكم من البلاء فادخلوا هذا الحرم فاستقوا لهم؛ فقال لهم رجل منهم قد كان آمن بهود سرّا: والله لا تسقون بدعائكم ولكن إنّ أطعتم نبيّكم سقيتم فزجروه وخرجوا إلى مكّة يستسقون لها بعاد. وكان رئيس وفد عاد رجل اسمه قيل بن عنز؛ فقال: يا إلهنا إن كان هود صادقا فاسقنا فإنّا قد هلكنا فأنشأ الله سحابا ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء. ثمّ ناداه مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك فاختار السحابة السوداء الّتي فيها العذاب، فساق الله تلك السحابة بما فيها من النقمة إلى عاد، ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[2]، ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾[3]، أي دائمة؛ فلم تدع من عاد أحدا إلّا أهلك][4].
واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه ومن معه إلّا ما يليّن عليه الجلود وتلتذّ النفوس وإنّها لتمرّ على عاد بالطعن ما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة.
وَرَوَى أَبُو حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: ((مَا أَرْسَلَ عَلَى قَوْمِ عَادٍ إِلاَّ قَدْرَ اَلْخَاتَمِ))[5].
وكان هود وشعيب وإسماعيل ونبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله يتكلّمون بالعربيّة.
ولكي يبقى منطق عبادة الاوثان من دون ردّ أضاف قائلا: ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾ فهذه بُراء، وجئتم تجادلونني في عبادتها في حين لم ينزل بذلك أي دليل من جانب الله.
[1] سورة الأعراف، الآية: 71.
[2] سورة الأحقاف، الآية: 24.
[3] سورة الحاقة، الآية: 7.
[4] مجمع البيان، ج 4، ص 676.
[5] بحار الأنوار، ج 11، ص 346.