تويت
صحنٌ من الرز.. وشيء من الظلم
كنتُ صغيرًا، أجد في صحن الرز والمرق المُختلط دفئًا خاصًا، مزيجًا من الطمأنينة التي كانت تصنعها أمي على مهل. كانت تضع لي الطعام في إناء واحد، فأخلطه بأناملي البريئة، وأستمتع بلقماته كأنها هدية لا يشبهها شيء.
وذات يوم، اقتربت زوجة خالي، تحمل طفلها على ذراعها، واقتربت من صينيتي كما لو أن الأمر لا يخصّني. راحت تغرف من طعامي ملعقة تلو الأخرى لتطعم صغيرها، ثم التفتت إليّ فجأة وقالت بلهجة آمرة:
– اترك الباقي له.
لم أجادلها، ولم أفهم حتى إن كنتُ مُخطئًا، لكني كنت لا أزال جائعًا... فنهضتُ إلى المطبخ وطلبت من أمي طعامًا آخر، أكمِل به جوع الصمت والحيرة. ابتسمت أمي برقة، وأعطتني صحنًا جديدًا، بينما كانت تلك المرأة تضحك في الغرفة كأنها انتصرت في لعبة لا قواعد فيها.
في اليوم التالي، تكرر المشهد، لكنني كنت أكثر وعيًا، وأكثر ضيقًا. ركضتُ إلى أمي غاضبًا أقول:
– كل يوم تأخذ طعامي!
لكن صوتي لم يكن وحده في المكان، كانت زوجة خالي تسمعني... وما إن سمعتني حتى وضعت الملعقة جانبًا، وتظاهرت بأنها لم تمس شيئًا، لتبدو أمام أمي ملاكًا، ويبدو اتهامي محض كذب!
ضربتني أمي ذلك اليوم، وكانت الضربة موجعة في موضع الشعور لا الجسد.
في اليوم الثالث، دخلتُ إلى أمي مبكرًا، وقلت برجاء الصادقين:
– اجعلي في الصينية إناءين، واحدًا لي، وآخر لهم.
فعلت أمي ما طلبت. لكن زوجة خالي، وكأنها كانت تنتظر لحظة الغيظ، مدت يدها مجددًا، وأخذت من إنائي تحديدًا.
نظرتُ إليها، لا أبكي، ولا أصرخ، فقط سحبتُ صحن الطعام، وذهبت إلى المطبخ، أكمِل لقمتي في صمتٍ أشد من الألم.
ذلك الصحن الصغير لم يكن مجرد طعام، كان رمزًا بسيطًا لطفل يريد أن يشعر أن له مكانًا، أن له شيئًا لا يُؤخذ منه، أن له حقًا صغيرًا لا يُسلب تحت ضحكة كبيرة.
وما زلت أذكرها، زوجة خالي…
أذكرها لا حقدًا، بل كذكرى لامرأة ضحكت كثيرًا، بينما كانت تغرس في قلب طفلٍ أول دروس الظلم.
وذات يوم، اقتربت زوجة خالي، تحمل طفلها على ذراعها، واقتربت من صينيتي كما لو أن الأمر لا يخصّني. راحت تغرف من طعامي ملعقة تلو الأخرى لتطعم صغيرها، ثم التفتت إليّ فجأة وقالت بلهجة آمرة:
– اترك الباقي له.
لم أجادلها، ولم أفهم حتى إن كنتُ مُخطئًا، لكني كنت لا أزال جائعًا... فنهضتُ إلى المطبخ وطلبت من أمي طعامًا آخر، أكمِل به جوع الصمت والحيرة. ابتسمت أمي برقة، وأعطتني صحنًا جديدًا، بينما كانت تلك المرأة تضحك في الغرفة كأنها انتصرت في لعبة لا قواعد فيها.
في اليوم التالي، تكرر المشهد، لكنني كنت أكثر وعيًا، وأكثر ضيقًا. ركضتُ إلى أمي غاضبًا أقول:
– كل يوم تأخذ طعامي!
لكن صوتي لم يكن وحده في المكان، كانت زوجة خالي تسمعني... وما إن سمعتني حتى وضعت الملعقة جانبًا، وتظاهرت بأنها لم تمس شيئًا، لتبدو أمام أمي ملاكًا، ويبدو اتهامي محض كذب!
ضربتني أمي ذلك اليوم، وكانت الضربة موجعة في موضع الشعور لا الجسد.
في اليوم الثالث، دخلتُ إلى أمي مبكرًا، وقلت برجاء الصادقين:
– اجعلي في الصينية إناءين، واحدًا لي، وآخر لهم.
فعلت أمي ما طلبت. لكن زوجة خالي، وكأنها كانت تنتظر لحظة الغيظ، مدت يدها مجددًا، وأخذت من إنائي تحديدًا.
نظرتُ إليها، لا أبكي، ولا أصرخ، فقط سحبتُ صحن الطعام، وذهبت إلى المطبخ، أكمِل لقمتي في صمتٍ أشد من الألم.
ذلك الصحن الصغير لم يكن مجرد طعام، كان رمزًا بسيطًا لطفل يريد أن يشعر أن له مكانًا، أن له شيئًا لا يُؤخذ منه، أن له حقًا صغيرًا لا يُسلب تحت ضحكة كبيرة.
وما زلت أذكرها، زوجة خالي…
أذكرها لا حقدًا، بل كذكرى لامرأة ضحكت كثيرًا، بينما كانت تغرس في قلب طفلٍ أول دروس الظلم.