بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ أَيَاتِنَا غَفِلُونَ7 أُوْلئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ8 إِنَّ الَّذِينَ أَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَرُ فىِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ9دَعْوَاهُمْ فيهَا سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُم أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ10) سورة يونس
إِنّ وضع هؤلاء في الحياة الأُخرى أنّهم (تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم)
إِنّ هؤلاء يرفلون في محيط مملوء بالصلح والصفاء وعشق الله وأنواع النعم، ففي كل وقت تنير وجودهم نفحة ورشحة من ذات الله وصفاته، فإِنّ (دعواهم فيها سبحانك اللّهم) وكلما التقى بعضهم بالآخر فإِنّهم يتحدثون عن الصفاء والسلام (وتحيّتهم فيها سلام) وأخيراً فإِنّهم كلّما إلتذوا بنعم الله المختلفة شكروا ذلك (وآخر دعواهم أن الحمد لله ربّ العالمين).
ممّا يلفت النظر أن آخر آية من الآيات قيد البحث تشير إِلى ثلاث حالات، أو ثلاث نعم كبيرة لأهل الجنّة:
الحالة الأُولى: هي حالة التوجه إِلى ذات الله المقدسة، والبهجة التي تحصل لهم نتيجة هذا التوجه لايمكن مقارنتها بأية لذّة أُخرى.
الحالة الثّانية: اللّذة التي تحصل نتيجة الإِرتباط بالمؤمنين الآخرين في ذلك المحيط المفعم بالودّ والتفاهم، وهذه اللّذة هي أحلى لذّة بعد لذة التوجه إِلى الله سبحانه.
الحالة الثّالثة: اللّذة التي تحصل من التمتع بأنواع نعم الجنّة، وهي تدفعهم إِلى التوجه إِلى الله أيضاً، وبالتالي حمده وشكره.
أول ما يكرم به الله سبحانه أولياءه - وهم الذين ليس في قلوبهم إلا الله ولا مدبر لأمرهم غيره - أنه يطهر قلوبهم عن محبة غيره فلا يحبون إلا الله فلا يتعلقون بشيء إلا الله وفي الله سبحانه فهم ينزهونه عن كل شريك يجذب قلوبهم إلى نفسه عن ذكر الله سبحانه وعن أي شاغل يشغلهم عن ربهم.
وهذا تنزيه منهم لربهم عن كل ما لا يليق بساحة قدسه من شريك في الاسم أو في المعنى أو نقص أو عدم، وتسبيح منهم له لا في القول واللفظ فقط بل قولا وفعلا ولسانا وجنانا، وما دون ذلك فإن له شوبا من الشرك، وقد قال تعالى:﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾يوسف: 106.
وهؤلاء الذين طهر الله قلوبهم عن قذارة حب غيره الشاغلة عن ذكره وملأها بحبه فلا يريدون إلا إياه وهو سبحانه الخير الذي لا شر معه قال:﴿والله خير﴾طه: 73.
فلا يواجهون بقلوبهم التي هي ملأى بالخير والسلام أحدا إلا بخير وسلام اللهم إلا أن يكون الذي واجهوه بقلوبهم هو الذي يبدل الخير والسلام شرا وضرا كما أن القرآن شفاء لمن استشفى به لكنه لا يزيد الظالمين إلا خسارا.
ثم إن هذه القلوب الطاهرة لا تواجه شيئا من الأشياء إلا وهي تجده وتشاهده نعمة لله سبحانه حاكية لصفات جماله ومعاني كماله واصفة لعظمته وجلاله فكلما وصفوا شيئا من الأشياء وهم يرونه نعمة من نعم الله ويشاهدون فيه جماله تعالى في أسمائه وصفاته ولا يغفلون ولا يسهون عن ربهم في شيء كان وصفهم لذلك الشيء وصفا منهم لربهم بالجميل من أفعاله وصفاته فيكون ثناء منهم عليه وحمدا منهم له فليس الحمد إلا الثناء على الجميل من الفعل الاختياري.
فهذا شأن أوليائه تعالى وهم قاطنون في دار العمل يجتهدون في يومهم لغد فإذا لقوا ربهم فوفى لهم بوعده وأدخلهم في رحمته وأسكنهم دار كرامته أتم لهم نورهم الذي كان خصهم به في الدنيا كما قال تعالى:﴿نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا﴾التحريم: 8.
فسقاهم شرابا طهورا يطهر به سرائرهم من كل شرك جلي وخفي، وغشيهم بنور العلم واليقين، وأجرى من قلوبهم على ألسنتهم عيون التوحيد فنزهوا الله وسبحوه أولا وسلموا على رفقائهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ثم حمدوا الله سبحانه وأثنوا عليه بأبلغ الحمد وأحسن الثناء.
وهذا هو الذي يقبل الانطباق عليه - والله أعلم -
قوله في الآيتين:﴿تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم﴾وفيه ذكر جنة الولاية وتطهير قلوبهم:﴿دعواهم فيها سبحانك اللهم﴾وفيه تنزيهه تعالى وتسبيحه عن كل نقص وحاجة وشريك تنزيها على وجه الحضور لأنهم غير محجوبين عن ربهم﴿وتحيتهم فيها سلام﴾وهو توسيم اللقاء بالأمن المطلق، ولا يوجد في غيرها من الأمن إلا اليسير النسبي
ورد في تفسير العياشي، عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن التسبيح قال: هو اسم من أسماء الله ودعوى أهل الجنة.
( مراده بالتسبيح قولنا سبحان الله ومعنى اسميته دلالته على تنزيهه تعالى)(الميزان)
وفي الإختصاص، بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): في حديث طويل مع يهودي وقد سأله عن مسائل: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا قال العبد: سبحان الله سبح كل شيء معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد لله، وذلك قوله تحيتهم يوم يلقونه سلام.
وفي قوله تعالى:﴿تحيتهم يوم يلقونه سلام﴾معناه أن كون التحية يومئذ هو السلام المطلق يدل على أن ليس هناك إلا موافقة كل شيء وملائمته لما يريده الإنسان فكل ما يريده فهو له فلا يستعمل هناك كلام لتحصيل غاية من الغايات على حد الكلام الدنيوي إلا الثناء على جميل ما يشاهد منه تعالى
﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾وفيه ذكر ثنائهم على الله بالجميل بعد تسبيحهم له وتنزيههم، وهذا آخر ما ينتهي إليه أهل الجنة في كمال العلم.
وقد تقدم في تفسير قوله تعالى:﴿الحمد لله رب العالمين﴾الفاتحة: أن الحمد توصيف، ولا يسع وصفه تعالى لأحد من خلقه إلا للمخلصين من عباده الذين أخلصهم لنفسه وخصهم بكرامة من القرب لا واسطة فيها بينهم وبينه قال تعالى:﴿سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين﴾الصافات: 160.
ولذلك لم يحك في كلامه حمده إلا عن آحاد من كرام أنبيائه كنوح وإبراهيم ومحمد وداود وسليمان (عليهما السلام) كقوله فيما أمر به نوحا:﴿فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين﴾المؤمنون: 28، وقوله حكاية عن إبراهيم:﴿الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق﴾إبراهيم: 39، وقوله فيما أمر به محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) في عدة مواضع:﴿قل الحمد لله﴾النمل: 93، وقوله حكاية عن داود وسليمان:﴿وقالا الحمد لله﴾النمل: 15.
وقد حكى سبحانه حمده عن أهل الجنة في عدة مواضع من كلامه كقوله:﴿وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا﴾الأعراف: 43، وقوله أيضا:﴿وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن﴾فاطر: 34، وقوله أيضا:﴿وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده﴾الزمر: 74، وقوله في هذه الآية:﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾.
و الآية تدل على أن الله سبحانه يلحق أهل الجنة من المؤمنين بالآخرة بعباده المخلصين ففيها وعد جميل وبشارة عظيمة للمؤمنين.
************************************************** ***************************
تفسير الأمثل
تفسير الميزان
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ أَيَاتِنَا غَفِلُونَ7 أُوْلئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ8 إِنَّ الَّذِينَ أَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَرُ فىِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ9دَعْوَاهُمْ فيهَا سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُم أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ10) سورة يونس
إِنّ وضع هؤلاء في الحياة الأُخرى أنّهم (تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم)
إِنّ هؤلاء يرفلون في محيط مملوء بالصلح والصفاء وعشق الله وأنواع النعم، ففي كل وقت تنير وجودهم نفحة ورشحة من ذات الله وصفاته، فإِنّ (دعواهم فيها سبحانك اللّهم) وكلما التقى بعضهم بالآخر فإِنّهم يتحدثون عن الصفاء والسلام (وتحيّتهم فيها سلام) وأخيراً فإِنّهم كلّما إلتذوا بنعم الله المختلفة شكروا ذلك (وآخر دعواهم أن الحمد لله ربّ العالمين).
ممّا يلفت النظر أن آخر آية من الآيات قيد البحث تشير إِلى ثلاث حالات، أو ثلاث نعم كبيرة لأهل الجنّة:
الحالة الأُولى: هي حالة التوجه إِلى ذات الله المقدسة، والبهجة التي تحصل لهم نتيجة هذا التوجه لايمكن مقارنتها بأية لذّة أُخرى.
الحالة الثّانية: اللّذة التي تحصل نتيجة الإِرتباط بالمؤمنين الآخرين في ذلك المحيط المفعم بالودّ والتفاهم، وهذه اللّذة هي أحلى لذّة بعد لذة التوجه إِلى الله سبحانه.
الحالة الثّالثة: اللّذة التي تحصل من التمتع بأنواع نعم الجنّة، وهي تدفعهم إِلى التوجه إِلى الله أيضاً، وبالتالي حمده وشكره.
أول ما يكرم به الله سبحانه أولياءه - وهم الذين ليس في قلوبهم إلا الله ولا مدبر لأمرهم غيره - أنه يطهر قلوبهم عن محبة غيره فلا يحبون إلا الله فلا يتعلقون بشيء إلا الله وفي الله سبحانه فهم ينزهونه عن كل شريك يجذب قلوبهم إلى نفسه عن ذكر الله سبحانه وعن أي شاغل يشغلهم عن ربهم.
وهذا تنزيه منهم لربهم عن كل ما لا يليق بساحة قدسه من شريك في الاسم أو في المعنى أو نقص أو عدم، وتسبيح منهم له لا في القول واللفظ فقط بل قولا وفعلا ولسانا وجنانا، وما دون ذلك فإن له شوبا من الشرك، وقد قال تعالى:﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾يوسف: 106.
وهؤلاء الذين طهر الله قلوبهم عن قذارة حب غيره الشاغلة عن ذكره وملأها بحبه فلا يريدون إلا إياه وهو سبحانه الخير الذي لا شر معه قال:﴿والله خير﴾طه: 73.
فلا يواجهون بقلوبهم التي هي ملأى بالخير والسلام أحدا إلا بخير وسلام اللهم إلا أن يكون الذي واجهوه بقلوبهم هو الذي يبدل الخير والسلام شرا وضرا كما أن القرآن شفاء لمن استشفى به لكنه لا يزيد الظالمين إلا خسارا.
ثم إن هذه القلوب الطاهرة لا تواجه شيئا من الأشياء إلا وهي تجده وتشاهده نعمة لله سبحانه حاكية لصفات جماله ومعاني كماله واصفة لعظمته وجلاله فكلما وصفوا شيئا من الأشياء وهم يرونه نعمة من نعم الله ويشاهدون فيه جماله تعالى في أسمائه وصفاته ولا يغفلون ولا يسهون عن ربهم في شيء كان وصفهم لذلك الشيء وصفا منهم لربهم بالجميل من أفعاله وصفاته فيكون ثناء منهم عليه وحمدا منهم له فليس الحمد إلا الثناء على الجميل من الفعل الاختياري.
فهذا شأن أوليائه تعالى وهم قاطنون في دار العمل يجتهدون في يومهم لغد فإذا لقوا ربهم فوفى لهم بوعده وأدخلهم في رحمته وأسكنهم دار كرامته أتم لهم نورهم الذي كان خصهم به في الدنيا كما قال تعالى:﴿نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا﴾التحريم: 8.
فسقاهم شرابا طهورا يطهر به سرائرهم من كل شرك جلي وخفي، وغشيهم بنور العلم واليقين، وأجرى من قلوبهم على ألسنتهم عيون التوحيد فنزهوا الله وسبحوه أولا وسلموا على رفقائهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ثم حمدوا الله سبحانه وأثنوا عليه بأبلغ الحمد وأحسن الثناء.
وهذا هو الذي يقبل الانطباق عليه - والله أعلم -
قوله في الآيتين:﴿تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم﴾وفيه ذكر جنة الولاية وتطهير قلوبهم:﴿دعواهم فيها سبحانك اللهم﴾وفيه تنزيهه تعالى وتسبيحه عن كل نقص وحاجة وشريك تنزيها على وجه الحضور لأنهم غير محجوبين عن ربهم﴿وتحيتهم فيها سلام﴾وهو توسيم اللقاء بالأمن المطلق، ولا يوجد في غيرها من الأمن إلا اليسير النسبي
ورد في تفسير العياشي، عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن التسبيح قال: هو اسم من أسماء الله ودعوى أهل الجنة.
( مراده بالتسبيح قولنا سبحان الله ومعنى اسميته دلالته على تنزيهه تعالى)(الميزان)
وفي الإختصاص، بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): في حديث طويل مع يهودي وقد سأله عن مسائل: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا قال العبد: سبحان الله سبح كل شيء معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد لله، وذلك قوله تحيتهم يوم يلقونه سلام.
وفي قوله تعالى:﴿تحيتهم يوم يلقونه سلام﴾معناه أن كون التحية يومئذ هو السلام المطلق يدل على أن ليس هناك إلا موافقة كل شيء وملائمته لما يريده الإنسان فكل ما يريده فهو له فلا يستعمل هناك كلام لتحصيل غاية من الغايات على حد الكلام الدنيوي إلا الثناء على جميل ما يشاهد منه تعالى
﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾وفيه ذكر ثنائهم على الله بالجميل بعد تسبيحهم له وتنزيههم، وهذا آخر ما ينتهي إليه أهل الجنة في كمال العلم.
وقد تقدم في تفسير قوله تعالى:﴿الحمد لله رب العالمين﴾الفاتحة: أن الحمد توصيف، ولا يسع وصفه تعالى لأحد من خلقه إلا للمخلصين من عباده الذين أخلصهم لنفسه وخصهم بكرامة من القرب لا واسطة فيها بينهم وبينه قال تعالى:﴿سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين﴾الصافات: 160.
ولذلك لم يحك في كلامه حمده إلا عن آحاد من كرام أنبيائه كنوح وإبراهيم ومحمد وداود وسليمان (عليهما السلام) كقوله فيما أمر به نوحا:﴿فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين﴾المؤمنون: 28، وقوله حكاية عن إبراهيم:﴿الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق﴾إبراهيم: 39، وقوله فيما أمر به محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) في عدة مواضع:﴿قل الحمد لله﴾النمل: 93، وقوله حكاية عن داود وسليمان:﴿وقالا الحمد لله﴾النمل: 15.
وقد حكى سبحانه حمده عن أهل الجنة في عدة مواضع من كلامه كقوله:﴿وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا﴾الأعراف: 43، وقوله أيضا:﴿وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن﴾فاطر: 34، وقوله أيضا:﴿وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده﴾الزمر: 74، وقوله في هذه الآية:﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾.
و الآية تدل على أن الله سبحانه يلحق أهل الجنة من المؤمنين بالآخرة بعباده المخلصين ففيها وعد جميل وبشارة عظيمة للمؤمنين.
************************************************** ***************************
تفسير الأمثل
تفسير الميزان