تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
قال الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: 69]
وقال الإمام علي عليه السلام: "ما ضعف بدن عما قويت عليه النية."
في حياة الإنسان كثير من الأمنيات والطموحات، ولكنها تبقى في عالم الخيال حتى تتحول إلى فكرة، ثم إلى خطة، ثم إلى عمل، ويستمر العمل حتى يثمر الإنجاز. لكن ما يربط البداية بالنهاية هو شيء واحد: الإصرار.
وسنتوقف اليوم عند هذا المعنى، ونربطه بموقف عظيم تجلى فيه الإصرار في أسمى معانيه: إصرار القاسم بن الحسن عليهما السلام على نيل الشهادة في سبيل الله يوم عاشوراء.
من الفكرة إلى الإنجاز
- كل مشروع يبدأ بفكرة: يقول الإمام الصادق عليه السلام:
"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى." - الفكرة تحتاج إلى وضوح، ثم إلى نية صادقة، ثم إلى خطوات عملية، لكنّ التحديات تظهر دائمًا. وهنا يأتي الإصرار ليربط البداية بالنهاية.
- القرآن يقول:
﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: 159]
أي: بعد التفكير والمشاورة، لا يبقى إلا العزم والإصرار.
- القاسم كان شابًا في عمرٍ يقال أنه لم يتجاوز الثالثة عشرة، ومع ذلك كان قلبه عامرًا بفكرة عظيمة: الشهادة في سبيل الله.
- في رواية الإمام الباقر عليه السلام:
"خرج إلينا القاسم بن الحسن (ع) وكان غلامًا لم يَرْهَق، فاستأذن عمّه الحسين (ع) فلم يأذن له، فاشتدّ عليه، فبكى حتى أذن له." - لاحظوا:
لم تكن القضية مجرد حماس شاب صغير، بل كانت قناعة راسخة وعقيدة. لم يتراجع حين بكى، بل أصر حتى أذن له الإمام. - عندما سُئل القاسم عليه السلام كما في الروايات:
"كيف ترى الموت بين يدي عمك الحسين؟"
فقال: والله يا عم، هو أحلى عندي من العسل." - هذا التعبير يدل على قمة القناعة والإصرار حتى في أشد الظروف، فالذي يريد الإنجاز في حياته ينبغي أن يحمل مثل هذا القلب الثابت.
- دروس عملية لنا
- الإنسان في زماننا، إذا أراد أن يحقق أمرًا — سواء في طلب علم، أو مشروع عمل، أو إصلاح نفس — يحتاج إلى أن يبدأ بفكرة صافية خالصة لله تعالى في رضاه وطاعته، ثم يستند إلى نية خالصة، ثم يصبر ويصبر، ويصر على تحقيق هدفه مهما كانت الصعوبات.
- الإمام علي عليه السلام يقول:
"الصبر مفتاح الفرج." - والعقبة الكبرى عند الكثيرين ليست في البداية، بل عند منتصف الطريق، حيث يشعر بالتعب، أو الإحباط. وهنا يحتاج إلى أن يتذكر مثل القاسم عليه السلام الذي لم يتراجع رغم صغر سنه وضعف جسده، لكنه كان أكبر من التحديات بإصراره وقلبه الموقن بالله.
- لنكتب اليوم في قلوبنا: إنجازاتنا تبدأ بفكرة، وتنتهي بإصرار.
- ولنجعل هذا الإصرار مشبعًا بالإيمان والنية الصادقة، مسترشدين بأمثال القاسم بن الحسن عليه السلام الذي علمنا كيف يصنع المرء نهايته العظيمة بإرادته.
تعليق