بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعتقد نحن الشيعة أن الأئمة الأثني عشر قد بلغوا القمة من كل كمال، ولم يَدَعُوا مجالًا للسمو إلَّا ولجوه فكانوا السابقين. بيد أن الظروف التي مرّوا بها كانت تختلف في إنجاز مؤهلاتهم بقدرها، وطبقاً لهذه الفلسفة فإن كل واحد منهم اختص بصفة مميَّزة بين الآخرين. وإن ميزة الإمام الحسين عليه السلام هي الشجاعة والبطولة بين سائر الأئمة عليهم السلام.
وكلما تصور الإنسان واقعة كربلاء ذات المشاهد الرهيبة، التي امتزج فيها الدمع بالدم، ويلتقي بها الصبر بالمروءة، والمواساة بالفداء، لاحت بسالة أبرز أبطالها الإمام الحسين عليه السلام، في أروع وأبهى ما تكون بطولة في التاريخ. ولولا ما نعرفه في ذات الإمام من كفاءاته البطولية التي ورثها ساعداً عن ساعد، وفؤاداً عن فؤاد، ولولا الوثائق التاريخية التي لايخالجها الشك، ولولا ما نعتقده من أن القدوة الروحية لابد أن تكون آية الخلق ومعجزة الإله فلربما شككنا في كثير من الحقائق الثابتة التي يذهل دونها العقل، والفكر، والضمير.
كان الإمام الحسين عليه السلام يوم الطف ينزل إلى المعركة في كل مناسبة فيكشف أسراب الخيل، لتفصح عن جثمان صحابي أو هاشمي يريد بلوغ مصرعه.
ولربما احتدم النزاع عنيداً شديداً بينه وبينهم وهو يحاول بلوغ مصرع من يريده. فكانت تُعَدُّ كل محاولة له من هذا النوع هجمة فريدة، ومع ذلك كان يكرر ذلك كل ساعة حتى قُتِلَ أصحابه، وأبناؤه، وإخوانه جميعاً.
والمصيبة ذاتها كانت مما يَنَالُ من قوة الإنسان، كما يفُلُّ من عزيمته، والعطش والجوع يُضعفان المرء، ويذهبان بكل طاقاته، والحر سبب آخر يأخذ جهداً من المرء كثيراً.
ويجتمع كل ذلك في شخص الحسين عليه السلام يوم عاشوراء، ومع ذلك فإنه يلبس درعاً مُنَصَّفاً، ذو واجهة أمامية فقط، ويهجم على الجيش الضاري، فإذا به كالصاعقة تنقض فيتساقط على جانبيه الأبطال كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف.
فيقول بعض من حضر المشهد: إنه ما رأيت أشجع منه، إذ يكر على الجيش، فيفرّ أمامه فرار المِعْزَى عن الأسد، وذلك في حين أنه لم يكن آنذاك أفصح منه إنساناً.
وحينما نرجع بالتاريخ إلى الوراء نجد من الإمام الحسين عليه السلام بطولات نادرة في الفتوحات الإسلامية. ثم في حروب الإمام علي عليه السلام. إلَّا أنها مهما بلغت من القوة والأصالة فإنها لا تبلغ شجاعته يوم عاشوراء، تلك التي كانت آيةً رائعة في تاريخ الإنسانية بلا شك.
يقول العقاد: وليس في بني الإنسان من هو أشجع قلباً ممن أقدم على ما أقدم عليه الحسين في يوم عاشوراء 1.
المصدر
1: أبو الشهداء، عباس محمود العقاد، ص 46.
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعتقد نحن الشيعة أن الأئمة الأثني عشر قد بلغوا القمة من كل كمال، ولم يَدَعُوا مجالًا للسمو إلَّا ولجوه فكانوا السابقين. بيد أن الظروف التي مرّوا بها كانت تختلف في إنجاز مؤهلاتهم بقدرها، وطبقاً لهذه الفلسفة فإن كل واحد منهم اختص بصفة مميَّزة بين الآخرين. وإن ميزة الإمام الحسين عليه السلام هي الشجاعة والبطولة بين سائر الأئمة عليهم السلام.
وكلما تصور الإنسان واقعة كربلاء ذات المشاهد الرهيبة، التي امتزج فيها الدمع بالدم، ويلتقي بها الصبر بالمروءة، والمواساة بالفداء، لاحت بسالة أبرز أبطالها الإمام الحسين عليه السلام، في أروع وأبهى ما تكون بطولة في التاريخ. ولولا ما نعرفه في ذات الإمام من كفاءاته البطولية التي ورثها ساعداً عن ساعد، وفؤاداً عن فؤاد، ولولا الوثائق التاريخية التي لايخالجها الشك، ولولا ما نعتقده من أن القدوة الروحية لابد أن تكون آية الخلق ومعجزة الإله فلربما شككنا في كثير من الحقائق الثابتة التي يذهل دونها العقل، والفكر، والضمير.
كان الإمام الحسين عليه السلام يوم الطف ينزل إلى المعركة في كل مناسبة فيكشف أسراب الخيل، لتفصح عن جثمان صحابي أو هاشمي يريد بلوغ مصرعه.
ولربما احتدم النزاع عنيداً شديداً بينه وبينهم وهو يحاول بلوغ مصرع من يريده. فكانت تُعَدُّ كل محاولة له من هذا النوع هجمة فريدة، ومع ذلك كان يكرر ذلك كل ساعة حتى قُتِلَ أصحابه، وأبناؤه، وإخوانه جميعاً.
والمصيبة ذاتها كانت مما يَنَالُ من قوة الإنسان، كما يفُلُّ من عزيمته، والعطش والجوع يُضعفان المرء، ويذهبان بكل طاقاته، والحر سبب آخر يأخذ جهداً من المرء كثيراً.
ويجتمع كل ذلك في شخص الحسين عليه السلام يوم عاشوراء، ومع ذلك فإنه يلبس درعاً مُنَصَّفاً، ذو واجهة أمامية فقط، ويهجم على الجيش الضاري، فإذا به كالصاعقة تنقض فيتساقط على جانبيه الأبطال كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف.
فيقول بعض من حضر المشهد: إنه ما رأيت أشجع منه، إذ يكر على الجيش، فيفرّ أمامه فرار المِعْزَى عن الأسد، وذلك في حين أنه لم يكن آنذاك أفصح منه إنساناً.
وحينما نرجع بالتاريخ إلى الوراء نجد من الإمام الحسين عليه السلام بطولات نادرة في الفتوحات الإسلامية. ثم في حروب الإمام علي عليه السلام. إلَّا أنها مهما بلغت من القوة والأصالة فإنها لا تبلغ شجاعته يوم عاشوراء، تلك التي كانت آيةً رائعة في تاريخ الإنسانية بلا شك.
يقول العقاد: وليس في بني الإنسان من هو أشجع قلباً ممن أقدم على ما أقدم عليه الحسين في يوم عاشوراء 1.
المصدر
1: أبو الشهداء، عباس محمود العقاد، ص 46.