إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[1].

    هنا ﴿ابْنَ أُمَّ﴾، وقد كانت «أماه» لمكان الفتح، وليستجيش في نفس موسى الغضبان الأسف عاطفة الأخوة الرحيمة من ناحية الأم الحنونة مهما كان هناك والد واحد أم اثنان فهذا النداء الرقيق الرفيق، وتلك الوشيجة الرحيمة الحميمة يريد التخفيف عن هياجه واندفاعه أمام ذلك الواقع الجلل المرير. فلقد تهدرت أعصاب موسى عليه السّلام بهذه الفجيعة إذ رأى تهدرت كل دعواته الرسالية في قومه، فلم يتمالك نفسه، إلاّ أن يفعل ما فعل، وهو قضية الموقف المحتار، وعلّه هكذا فعل بأخيه المختار من باب إياك أعني واسمعي يا جارة، أنه إذا كان دوره مع خليفته المعصوم العزيز الحفيظ هكذا، فما هو دوره مع هؤلاء الذين ضلوا واستضعفوه وكادوا يقتلونه، تعبيدا لجو التأنيب الشديد بهم وأمرهم الإمر أن «اقتلوا أنفسكم».
    ذلك، وليعلموا أن شرعة العدل لا تعرف قرابة وآصرة إلاّ قرابة الإيمان وآصرته، وحين يؤنّب أخاه البريء هكذا فماذا هو فاعل بهم وهم خونة مجرمون‌؟ ذلك وقد يعني من أخذه رأس أخيه يجره إليه مع ذلك التخفيف عن غضب أخيه والتحبب إليه، ولذا ﴿يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾، دون أن «يبعده عنه» فلذلك الجر معنيان اثنان، تأنيب من باب «إياك أعني واسمعي يا جاره» وتجيب أنه فقط ﴿إِلَيْهِ﴾، في هذه المعركة الصاخبة، فقد هدّموا بعبادتهم العجل الثقلين، وعلّ من غايات ذلك الإلقاء والأخذ هو بيان ذلك التهدير الحذير.
    وقد يضرب الإنسان على وجهه نفسه ورأسه ويعض على يديه عند الغضب والأسف وليس له ذنب فيما حصل، وهكذا فعل موسى بأخيه اعتبارا له أنه نفسه تحسرا وغضبا على ما حصل، ولكنه على أية حال لا يخلو من تأنيب بهارون كما يعرف من جوابه.
    وقد يوجه ما فعل موسى عليه السّلام بالثقلين: الألواح وأخيه، بأنه رأى أنهما ألغيا في رأس الزاوية لهما وهو التوحيد، فألقاهما تأشيرا أنهم ألغوهما، ثم أخذ الألواح واستغفر لنفسه ولأخيه إعادة لكيانهما استمرارا للدعوة التوحيدية في قومه ذلك، وهذه المواجهة المرة في ظاهر الحال مع هارون عليه السّلام كانت:
    أولا: أن ملكه الغضب إذ رأى أن رسالته كلّها تهدرت في تلك الفترة القصيرة وفيهم هارون أخوه وخليفته!
    ثانيا: وأن هذه بعناية قاصدة بإياك أعني واسمعي يا جاره لكي يعلم بنو إسرائيل ماذا عليهم من عقوبات بفعلتهم القاصدة الحمقاء العاندة، حين يواجه هارون بتلك المواجهة المرة وكما يخاطب الله محمدا صلى الله عليه وآله بخطابات قاسية تعني ما تعنيه ك‍: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
    [2]، ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا[3]، وما أشبه، والمقصود غيره، والزاوية الثانية وهي غير معنية أنه هتك أخاه كأنه قصّر فيما حمّل من خلافته الرسالية، فأعذر نفسه من هذه الزاوية، لكي يعلموا أنه ليس هو المقصود بالمهانة.
    وعلى أية حال، كما ملكت النبوة موسى عليه السّلام بكل كيانه وشراشر كونه، كذلك يملكه الغضب حين يرى نبوته ودعوته الطائلة ساقطة بين يديه من هؤلاء الذين عبدوا العجل، إذا فحق له أن يلقي الألواح دون إلغاء وإنما إلقاء لقاء ما رأى نبهه لهم أنكم القيتموها إلغاء، وحق له أن يأخذ برأس أخيه يجره إليه دون أن يبعده عنه حين لا يرى حاصلا صالحا لكونه فيهم حيث استضعفوه وكادوا يقتلونه.
    وحق لهارون أيضا أن يدافع عن نفسه تبيينا لموقفه المرير أمام ذلك الواقع الشرير.
    ولما أعذر هارون نفسه من هذه المزرئة المضلّلة: ﴿إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي﴾، فلم يكن لي عليهم من سلطان حتى أمنعهم عما ضلوا، بل قد أبلغت خلافتي الرسالية لمنتهاها، وحتى ﴿وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾، عذره موسى ودعا له ولنفسه.


    [1] سورة الأعراف، الآية: 150.
    [2] سورة الزمر، الآية: 65.
    [3] سورة الإسراء، الآية: 74.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X