كربلاء... أعظم مدرسة في التركيز والثبات

[يازهراء]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
نحن نعيش اليوم في عالم مليء بالمشتتات: من أصوات الناس، إلى وسائل الإعلام، إلى ضغوط الحياة. ومع ذلك، يظل الإنسان بحاجة إلى مهارة أساسية تجمع شتات قلبه وفكره:
مهارة التركيز.

أهمية التركيز في القرآن الكريم


قال الله تعالى:
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]
فالعبادة لا تُقبل إلا بقلب حاضر وعقل غير مشغول.

وقال تعالى:
﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]
الذكر الكثير يحتاج قلبًا مركزًا بعيدًا عن الغفلة.

التركيز من منظور أهل البيت عليهم السلام


قال الإمام علي عليه السلام:
"العقل زينة الإنسان، والجهل قيد، فاستعن بالعقل على الخير."

وقال الإمام الصادق عليه السلام:
"لا يستقيم دين عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم ذهنه."

هنا نرى أن التركيز شرط لصلاح الدين والدنيا معًا.

كربلاء... أعظم مدرسة في التركيز والثبات


حين نتأمل في مسيرة الإمام الحسين عليه السلام، نجدها النموذج الأكمل للتركيز الكامل على الله والهدف.

• خرج من المدينة وترك وراءه كل مغريات الدنيا.
• لم يتشتت خوفًا على نفسه أو أهله.
• قالها بوضوح:
  "إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي."

وفي يوم عاشوراء، كان أمامه ألف طريق للتراجع. لكنه قال:
"ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة!"

هذه كلمات رجل قلبه وعقله ونيته مركزة كلها على الله وحده.
رابعًا: خطوات عملية للتخلص من المشتتات وتقوية التركيز


١. النية الصادقة:
قال رسول الله ﷺ وآله: "إنما الأعمال بالنيات."
فكما كانت نية الحسين خالصة، يجب أن تكون نياتنا واضحة لله.

٢. الذكر والمراقبة:
قال الإمام علي عليه السلام: "من عرف نفسه فقد عرف ربه."
والذكر المستمر يصفّي القلب والعقل.

٣. ترك الملهيات:
الهواتف، متابعة الناس، الانشغال الزائد بالدنيا، كلها أمور تبعد القلب.
قال الإمام الصادق عليه السلام: "من أراد الله به خيرًا زهّده في الدنيا."

٤. تنظيم الوقت:
قال الإمام الرضا عليه السلام:
"العمل بلا تدبير كالسفينة بلا دفة."
فالتركيز يحتاج خطة واضحة.

٥. الصلاة والدعاء:
قال تعالى:
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]
وفي كربلاء أقام الإمام الحسين صلاة الظهر تحت السيوف، ليعلمنا أن التركيز على الله مقدم على كل شيء.

من يريد النجاح الحقيقي في الدنيا والآخرة، فليتعلم التركيز من مدرسة كربلاء:

• وضوح الهدف.
• عدم الالتفات إلى الملهيات.
• الإخلاص لله.
• الثبات عند الفتن.

كما قال الحسين عليه السلام وهو يحمل ولده الشهيد:
"هون ما نزل بي أنه بعين الله."

فليكن شعارنا في الحياة:
قلبي مع الله، وعيني على هدفي، ولا تشتتني الدنيا ومغرياتها.