بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [1].
أوصاف تسعة قد وصف بها النبي صلى الله عليه وآله: -
الاولى: كونه رسولا واختصّه الله برسالته إلى الخلق لتبليغ الأحكام.
الثانية: كونه نبيّا ورفيع القدر عند الله.
الثالثة: كونه امّيّا، قيل: معناه أنّه لا يكتب ولا يقرأ والصحيح: المراد نسبته إلى أمّ القرى وهي مكّة؛ لأنّها بالنسبة امّ الأرض. وقد ورد عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ((إن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ ويكتب، ويقرأ ما لم يكتب))[2].
الرابعة: ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ﴾، وهذا يدلّ على أنّ وصفه وصحة نبوّته مكتوب في التوراة والإنجيل، لأنّ ذلك لو لم يكن مكتوبا لكان ذكر هذا الكلام من أعظم المنفّرات لليهود والنصارى لأنّ الإصرار على الكذب والبهتان في مثل هذا الأمر العظيم ممّا تبيّن فساده، والعاقل لا يسعى في نقض غرضه. عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: ((فَلَمَّا نَزَلَتِ اَلتَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَكَانَ وَصِيُّ مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَهُوَ فَتَاهُ اَلَّذِي ذَكَرَهُ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، فَلَمْ تَزَلِ اَلْأَنْبِيَاءُ تُبَشِّرُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَتَّى بَعَثَ اَللهُ اَلْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَبَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَجِدُونَهُ يَعْنِي اَلْيَهُودَ وَاَلنَّصَارَى مَكْتُوباً يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي اَلتَّوْراةِ وَاَلْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَهُوَ قَوْلُ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُخْبِرُ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ أَحْمَدُ وَبَشَّرَ مُوسَى وَعِيسَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَمَا بَشِّرَتِ اَلْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اَللهِ عَلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى بَلَغَتْ مُحَمَّداً صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ))[3].
الخامسة: أمرهم بالمعروف، قوله: ﴿يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ﴾، يجوز أن يكون استئنافا ويجوز أن يكون المعنى: يجدونه أنّه يأمر بالمعروف إذ جاء بكلّ ما هو حسن في العالم وينزل من عند الله.
السادسة: ﴿وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ﴾، فيشمل ما هو قبيح، منها عبادة الأوثان.
السابعة: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾، المستلذّة إلّا ما خرج بالدليل؛ فهذا أصل في الإباحة.
الثامنة: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾، كالميتة والدم والفسوق المستقذرات وما يوجب الضرر على النفس.
التاسعة: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ﴾، وقرأ «آصارهم» على الجمع و «الإصر» الثقل الّذي يمنع صاحبه ويحبسه عن الحراك لثقله، والمراد أنّ شريعته سمحة؛ فإنّ شريعة موسى كانت شديدة.
وهذه صفات تسع، وقد وجدوا الصفات وصدّق بعضهم، والمنهمكون في الدنيا والرئاسة منهم أنكروا وغيّروا العلامات.
قال الطبرسيّ: مكتوب في التوراة في السفر الخامس: [يا موسى إنّي سأقيم لهم نبيّا من إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فيه فيقول لهم كلّ ما أوصيه به.
وفي الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها: نعطيكم بالفارقليط آخر ما يكون معكم آخر الدهر كلّه][4].
وفي الإنجيل أيضا قول المسيح للحواريّين: أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط {paracletos وتعني باليونانية الممتدح، أحمد، محمد} روح الحقّ الّذي لا يتكلّم من قبل نفسه، إنّه نذيركم بجميع الخلق، يخبركم بالأمور المرجعة ويمدحني ويشهد بي. وفيه أيضا: إذا جاء خير أهل العالم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
قوله: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ﴾، من اليهود والنصارى وغيرهم ﴿وَنَصَرُوهُ﴾، على أعدائه، وأصل التعزير معناه المنع، ومنه التعزير، وهو الضرب دون الحدّ؛ لأنّه منع عن معاودة القبيح ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ﴾، أي مع نبوّته لأنّ نبوّته ظهرت مع ظهور القرآن، هؤلاء الجماعة ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، النّاجون.
[1] سورة الأعراف، الآية: 157.
[2] بحار الأنوار، ج 16، ص 134.
[3] الكافي، ج 8، ص 117.
[4] مجمع البيان، ج 4، ص 373.