إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): قائد في الميدان ورائد في السِّلم)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): قائد في الميدان ورائد في السِّلم)



    (الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): قائد في الميدان ورائد في السِّلم)



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِّ على محمد وآل محمد.

    المقدمة
    ​:
    الإمام الحسن بن عليّ (عليهما السلام) هو سبط النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وسيد شباب أهل الجنة، وأحد أصحاب الكساء. كان ربيب الوحي، ونشأ في مدرسة النبوة، فنهل من ينبوع الرسالة حتى صار منارًا للهداية في السلم والحرب. وقد ورث عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) صلابته في المواقف وشجاعته في القتال، وعن جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) رحمته بالخلق وحكمته في السياسة.
    هذا البحث يسلّط الضوء على مشاركة الإمام الحسن في حروب أمير المؤمنين، وبيان أن الصلح مبدأ قرآني، ثم تحليل صلحه مع معاوية في سياقه الشرعي والتاريخي.


    ---

    أولًا: مشاركة الإمام الحسن (عليه السلام) في حروب أمير المؤمنين (عليه السلام)

    شارك الإمام الحسن (ع) في جميع المعارك الكبرى التي خاضها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وهي: الجمل وصفّين والنهروان، وقد تولّى فيها أدوارًا قيادية وروحية.

    ✅ في حرب الجمل،

    أرسله أمير المؤمنين (ع) إلى الكوفة مع عمار بن ياسر لحشد الناس، فألقى الإمام الحسن خطبًا مؤثرة أقنعت الآلاف بالالتحاق بجيش الإمام(1).

    ✅ في حرب صفّين،

    كان من أبرز قادة الجيش العلوي، وقاتل بنفسه في ساحة المعركة مع أخيه الحسين (ع)، وكانا في ميمنة الجيش أو ميسرته، ما يدل على دوره الميداني المباشر(2).

    ✅ في النهروان،

    شارك في التعبئة النفسية والفكرية لمواجهة الخوارج، وأظهر الحنكة السياسية في الخطاب والتوجيه(3).


    ---

    ثانيًا: الصلح مبدأ قرآني

    القرآن الكريم يضع السِّلم كخيار مشروع بل ومطلوب إذا كان في مصلحة الأمة ودفعًا للفتنة.

    ✅ يقول تعالى:

    > ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: 61]
    وهي دعوة صريحة لقبول الصلح إن مال الطرف الآخر إليه، بشرط عدم الخداع أو الغدر(4).



    ✅ ويقول:

    > ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: 10]
    وهي قاعدة قرآنية تؤكد على تغليب منطق الإصلاح على التنازع، وهو ما عمل عليه الإمام الحسن (ع) في صلحه(5).




    ---

    ثالثًا: صلح الإمام الحسن (عليه السلام): رؤية استراتيجية لحقن الدماء

    بعد استشهاد أمير المؤمنين (ع)، تولى الإمام الحسن (ع) الخلافة، لكنه واجه جيشًا منهكًا، وأمّةً ممزّقة، وقادةً باع بعضهم ولاءهم لمعاوية سرًّا. في هذه الأجواء:

    رأى أن الاستمرار في القتال سيؤدي إلى فناء خط أهل البيت (ع).

    ولم يكن لديه جيش موحد العقيدة والولاء.

    وقد كتب إليه بعض قادته يعرضون بيعته لمعاوية(6).


    لهذا اختار الإمام (ع) الصلح مع معاوية، لكن بشروط واضحة تحفظ المبادئ وتمنع تحويله إلى شرعية لسلطة الباطل، منها:

    1. أن لا يُسمّى معاوية "أمير المؤمنين".


    2. أن لا يُعيّن خليفة من بعده.


    3. رفع السبّ عن أمير المؤمنين علي (ع).


    4. تأمين حياة شيعة الإمام الحسن (ع)(7).



    لكن معاوية نقض جميع الشروط، بل صرّح صراحة بعد الصلح قائلًا:

    > "إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا... وإنما قاتلتكم لأتأمّر عليكم"(8).



    قال الإمام الحسن (ع):

    > "والله، ما سلّمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارًا، ولو وجدت ناصرين لقاتلته ليلًا ونهارًا..."(9).



    وبذلك كشف الإمام الحسن زيف الأمويين أمام الناس، ومهّد الوعي الإسلامي للثورة الحسينية اللاحقة.




    الخاتمة

    كان الإمام الحسن (عليه السلام) رجل الدولة في زمن الانقسام، فاختار أن يُحقن دم المسلم على أن يُراق باسم الخلافة. جمع بين البطولة في ساحات القتال، والحكمة السياسية في ساحات القرار. ومن خلال صلحه، أثبت أن الإمام لا يتنازل عن الحق، وإنما يصونه بحكمة، حتى وإن تطلب الأمر صبرًا مؤقتًا لأجل نهضة قادمة. فكان صلحه بوابة لكشف الانحراف الأموي، وعتبةً للثورة الحسينية الكبرى.


    ---

    الهوامش والمصادر

    1. الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص6؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج2، ص10.


    2. الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج4، ص26؛ ابن أعثم الكوفي، الفتوح، ج3، ص187.


    3. ابن طيفور، بلاغات النساء، ص65؛ الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص9.


    4. الطبرسي، مجمع البيان، ج5، ص20؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج8، ص40.


    5. الطبري، جامع البيان، ج26، ص100؛ الطباطبائي، الميزان، ج18، ص327.


    6. ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج2، ص650؛ الدينوري، الأخبار الطوال، ص222.


    7. ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص148؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص190.


    8. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج16، ص46.


    9. الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص10؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج44، ص147.​
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X