إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زينب العقيلة: سيّدة الصبر والعقل الواعي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زينب العقيلة: سيّدة الصبر والعقل الواعي

    زينب العقيلة: سيّدة الصبر والعقل الواعي

    امرأةٌ صبورةٌ واعيةٌ، عالمة شجاعة، رابطة الجأش، صلبة العزم، تتقاذفها المحن من كل صوب، كأن البلاء قد أُذن له أن يصبّ عليها صبًّا مذ اليوم العاشر من المحرّم سنة 61 هـ، إلى أن ختمت حياتها بالشهادة مسمومةً على يد النظام الأموي البغيض.

    لقد خُصّت بمقام اصطفائي عظيم، امتحنها الله سبحانه فيه يوم كربلاء امتحانًا لم يمتحن به من هو دونها من الأولياء والأصفياء. وقد قرن الباري عزّ وجلّ بين مسؤوليتها ومسؤولية المعصوم حين قال: ﴿شاء الله أن يراهنّ سبايا﴾ كما قال في الحسين: ﴿شاء الله أن يراه قتيلاً﴾، فجمعت في شخصها بين الصبر والمعرفة، والولاية والقيادة. كلّما ذُكر الصبر حضرت زينب، فهي عقيلة بني هاشم وكعبة الصابرين.

    وقد أوصاها والدها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قبل واقعة الطف بسنوات، قائلاً كما حدّثتكِ أمّ أيمن: «كأنّي بكِ وبنساء أهلكِ سبايا بهذا البلد... فصبرًا صبرًا...». وكذلك أوصاها أخوها الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ليلة العاشر من المحرّم، مستودعًا عندها أسرار الرسالة ومواصلة النهج بعد استشهاده. منذ خروجها من المدينة إلى كربلاء، لم تُظهر زينب صلوات الله وسلامه عليها اضطرابًا ولا ضعفًا، بل بقيت ثابتة الروح، حاضرة العقل، نافذة البصيرة، شامخة الموقف. وقولها لطاغية الكوفة: «ما رأيتُ إلا جميلًا» ــ وهي المثكولة بإخوتها وأولادها وبني عمومتها عليهم السلام ــ إنما يكشف عن مقام سامق من العصمة، وسعة إدراك فاقت بها كلّ الوصافين. لقد أدهشت بصبرها ملائكة السماء والأرض، وأربكت العقول المفكّرة، فما الذي أبصرته تلك الحوراء حتى فاق صبرها صبر جميع الأنبياء سوى جدّها المصطفى محمد صلى الله عليه وآله؟ وقد جاء في الحديث الشريف: «إن أمرنا صعب مستصعب، لا يحتمله نبيٌّ مرسل، ولا ملكٌ مقرّب، ولا عبد امتحن الله قلبه للإيمان...»
    فما هذا المقام إلا مقام من شاءهم الله، فأقدَرهم على حمل الأمانة. أيّ صبرٍ وجمالٍ هذا؟! وهي تردّد في وسط المجزرة: «اللهم تقبّل منا هذا القربان» «رضا الله رضانا أهل البيت». ذلك أمام أبشع جريمة ارتكبت في التاريخ، جريمة الطاغية الشمر لعنه الله وهو يجثم على صدر الحسين في عصر عاشوراء، ينحر نحره، ويقطع رأسه الشريف، وترى الخيول الأعوجيّة تسحق صدر الحسين وظهره مرات ومرات، حتى «رضّوا الجسد الطاهر رضًّا» كما وصفه الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه في زيارة الناحية المقدسة. ومع ذلك كله، وقفت العقيلة تُهوّن فاجعة عاشوراء على قلب إمام زمانها زين العابدين صلوات الله وسلامه عليه ، الذي كادت روحه أن تفارقه من هول المصاب، فقالت له: «لا يجزعنّك ما ترى، فوالله إنّ ذلك لعهدٌ من الله إلى جدّك وأبيك وعمّك».

    نعم، كانت جياشة القلب، كما وصفها الإمام زين العابدين، لكنها كانت ابنة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ، داحي باب خيبر، وحفيدة أبي طالب، ذاك الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله: «لو وُلد الناس كلهم من صلب أبي طالب، لولدوا شجعانًا».
    لقد اجتمع في زينب كلّ
    الشرف الهاشمي، والعقل العلوي، والبصيرة الفاطمية، والصبر الحسيني، فاستحقت أن تُخلّد رمزًا للصبر الواعي، والموقف الثابت، والقيادة الإلهية في أحلك المواقف، وسيدة النساء بعد أمّها فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليهما.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X