بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدمة
تُعدّ سيرة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) صفحة ناصعة من تاريخ الإسلام، زاخرة بالقيم النبيلة التي جسّدها في سلوكه اليومي. ومن أبرز صفاته التي أجمع عليها المؤرخون والمحدّثون: الكرم، حيث بلغ فيه مقامًا قلّ نظيره، حتى لقّبه المعاصرون بـ"كريم أهل البيت"¹. ولم يكن كرمه مجرّد تصدّق أو عطاء، بل كان تجليًا لسموّ النفس وتحررًا من كل تعلق دنيوي.
أولًا: الكرم في شخصيته (عليه السلام) بين الوراثة والرسالة
إن الكرم في شخصية الإمام الحسن (عليه السلام) له جذور راسخة:
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدمة
تُعدّ سيرة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) صفحة ناصعة من تاريخ الإسلام، زاخرة بالقيم النبيلة التي جسّدها في سلوكه اليومي. ومن أبرز صفاته التي أجمع عليها المؤرخون والمحدّثون: الكرم، حيث بلغ فيه مقامًا قلّ نظيره، حتى لقّبه المعاصرون بـ"كريم أهل البيت"¹. ولم يكن كرمه مجرّد تصدّق أو عطاء، بل كان تجليًا لسموّ النفس وتحررًا من كل تعلق دنيوي.
أولًا: الكرم في شخصيته (عليه السلام) بين الوراثة والرسالة
إن الكرم في شخصية الإمام الحسن (عليه السلام) له جذور راسخة:
- وراثة نبوية: فقد ورث عن جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) نَفَس الرحمة وسخاء العطاء².
- تربية علوية: ونشأ في بيت الإمام علي وفاطمة الزهراء (عليهما السلام)، حيث الكرم كان سلوكًا يوميًا³.
- وظيفة إمامية: باعتباره إمامًا مفترض الطاعة، كان يتحمل مسؤولية رعاية الفقراء والمساكين واحتضان المحتاجين، فكان عطاؤه رسالة وموقفًا⁴.
ثانيًا: مظاهر الكرم في سيرته
1. كرم المال
جاء في المصادر أنه قسم ماله مرتين، وقاسمه ثلاثًا، بمعنى أنه كان يعطي نصف ماله للفقراء دون تردّد⁵.
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
1. كرم المال
جاء في المصادر أنه قسم ماله مرتين، وقاسمه ثلاثًا، بمعنى أنه كان يعطي نصف ماله للفقراء دون تردّد⁵.
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«إنّ الحسن بن علي قاسم ربه ثلاث مرات، حتى كان يعطي نعلاً ويمسك نعلاً»⁶.
2. كرم الأخلاق
كان الإمام لا يردّ سائلاً أبدًا، حتى لو لم يكن يملك مالًا، بل يواسيه بالكلمة الطيبة⁷.
ورُوي أن رجلًا سأله فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، ثم ثالث، فقال له أحدهم: "يا ابن رسول الله، أتعطي هؤلاء وهم ربما لا يستحقون؟" فقال (ع):
كان الإمام لا يردّ سائلاً أبدًا، حتى لو لم يكن يملك مالًا، بل يواسيه بالكلمة الطيبة⁷.
ورُوي أن رجلًا سأله فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، ثم ثالث، فقال له أحدهم: "يا ابن رسول الله، أتعطي هؤلاء وهم ربما لا يستحقون؟" فقال (ع):
«إني أخاف أن أكون من الذين قال الله فيهم: ويمنعون الماعون»⁸.
3. كرم النفس والعفو
عُرف عنه أنه يعفو عمّن أساء إليه، ولا يُقابل السيئة بمثلها. وقد جاءه رجل من الشام فشتمه، فابتسم الإمام وقال له:
عُرف عنه أنه يعفو عمّن أساء إليه، ولا يُقابل السيئة بمثلها. وقد جاءه رجل من الشام فشتمه، فابتسم الإمام وقال له:
«يا هذا، أظنك غريبًا، فلو سألتنا لأعطيناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك...»⁹.
فانقلب الرجل وهو يقول: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
فانقلب الرجل وهو يقول: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
ثالثًا: الكرم كمنهج إصلاحي
كان الإمام الحسن (عليه السلام) يعتبر الكرم أداة لتزكية النفس، وتربية المجتمع، وتعزيز العدالة الاجتماعية:
- التكافل الاجتماعي: لم يكن كرمه فرديًا بل مؤسسة عطاء، تشمل الأيتام والمساكين وابن السبيل.
- كسر الطبقية: كان يعطي الفقير والغني بنفس الوجه الطلق، ليرسّخ مبدأ المساواة.
- تحفيز الروح الإنسانية: كان عطاؤه سخيًا حتى لمن أساء إليه، ليعيد تشكيل وجدان المجتمع الإسلامي على قاعدة الرحمة.
وتُفهم هذه المعاني من إشارات قرآنية كقوله تعالى: "ويمنعون الماعون" [الماعون: 7]، وأحاديث نهج البلاغة في فلسفة العطاء¹⁰.
رابعًا: شهادات في كرم الإمام
قال أنس بن مالك:
"ما رأيت أحدًا أشبه برسول الله في سماحته وجوده من الحسن بن علي"¹¹.
وقال ابن الأثير:
"كان الحسن عليه السلام أكرم الناس في زمانه، لا يُردّ سائله، ولا يُحرج ضيفه، ولا يُقصي محتاجًا
خاتمة
لقد كان كرم الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) سلوكًا متكاملًا لا يُختصر بالعطاء المالي، بل يشمل كرم الروح، وكرم الموقف، وكرم الصفح. وهو نموذج خالد في تهذيب النفس وبناء الأمة على أسس الرحمة والسخاء. فسلامٌ عليه يوم وُلد ويوم استُشهد ويوم يُبعث حيًّا.
المصادر
- الفضل بن الحسن الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، ج1، ص406.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج43، ص344.
- الكليني، الكافي، ج4، ص40.
- الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص12–14.
- ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص173.
- بحار الأنوار، ج43، ص344.
- ابن طاووس، الطرائف، ص186.
- الكافي، ج4، ص28.
- الطبرسي، الاحتجاج، ج1، ص89.
- نهج البلاغة، شرح محمد عبده، خُطب الإمام علي (ع) حول الإنفاق والكرم.
- بحار الأنوار، ج43، ص338؛ أيضًا ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة الإمام الحسن.
- ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج2، ص13.
تعليق