الأنفاس الأخيرة مع الكلمات الممزوجة بالحزن واللوعة الشديدة حال احتضان الرأس وتقبيله.
بسم الله الرحمن الرحيم.
اللهم صل على محمد وآل محمد.
أعظم الله لنا ولكم الأجر بذكرى وفاة السيدة رقية بنت الامام الحسين (ع).
روى عماد الدين الطبري عن كتاب الحاوية لقاسم بن محمد بن أحمد المأموني: ( أن نساء أهل بيت النبوة أخفين على الأطفال شهادة آبائهم وقلن لهم إنّ آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا، وكان الحال على ذلك المنوال حتى أمر يزيد بأن يدخلن داره، وكان للحسين بنت صغيرة لها أربع سنين، قامت ليلة من منامها وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته في المنام مضطرباً شديداً، فلما سمع النسوة ذلك بكين وبكى معهن سائر الأطفال، وارتفع العويل، فانتبه يزيد من نومه.
وقال: ما الخبر؟ ففحصوا عن الواقعة وقصوها عليه، فأمر لعنه الله بأن يذهبوا برأس أبيها إليها، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها، فقالت: ما هذا؟! قالوا: رأس أبيك! ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام).1
وفي “الإيقاد” للسيد الجليل السيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي عن العوالم وغيره ما ملخصه:
(إنه كان للحسين بنت صغيرة يحبها وتحبّه، وقيل كانت تسمى رقية، وكان لها ثلاث سنين، وكانت مع الأسراء في الشام، وكانت تبكي لفراق أبيها ليلاً ونهاراً، وكانوا يقولون لها: هو في السفر 2 ، فرأته ليلة في النوم، فلما انتبهت جزعت جزعاً شديداً وقالت:
ايتوني بوالدي وقرة عيني، وكلما أراد أهل البيت إسكاتها ازدادت حزناً وبكاء، ولبكائها هاج حزن أهل البيت، فأخذوا في البكاء، ولطموا الخدود، وحثوا على رؤوسهم التراب ونشروا الشعور، وقام الصياح فسمع يزيد صيحتهم وبكاءهم فقال: ما الخبر؟
قيل له: إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها، فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح، فلما سمع يزيد ذلك فقال: ارفعوا إليها رأس أبيها وحطوه بين يديها تتسلى، فأتوا بالرأس في طبق مغطى بمنديل، ووضعوه بين يديها.
فقالت: يا هذا إنِّي طلبت أبي ولم أطلب الطعام، فقالوا: إن هنا أباك، فرفعت المنديل ورأت رأساً فقالت: ما هذا الرأس؟! قالوا: رأس أبيك، فرفعت الرأس ووضعته إلى صدرها وهي تقول:
يا أبتاه من ذا الذي خضبك بدمائك؟ يا أبتاه من ذا الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه، من ذا الذي أيتمني على صغر سنّي؟ يا أبتاه من لليتيمة حتّى تكبر؟ يا أبتاه مـن للنساء الحاسرات؟ يا أبتاه من للأرامل المسبيّات؟ يا أبتاه من للعيون الباكيات؟ يا أبتاه من للضائعات الغريبات؟ يا أبتاه من للشعور المنشورات؟ يا أبتاه من بعدك واخيبتاه، يا أبتاه من بعدك واغربتاه، يا أبتاه ليتني لك الفداء، يا أبتاه ليتني قبل هذا اليوم عمياء، يا أبتاه ليتني وسدت التراب ولا أرى شيبك مخضباً بالدماء.
ثم وضعت فمها على فم الشهيد المظلوم وبكت حتى غشي عليها، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدُّنيا، فارتفعت أصوات أهل البيت بالبكاء، وتجدد الحزن والعزاء، ومن سمع من أهل الشام بكاءهم بكى، فلم ير في ذلك اليوم إلا باك أو باكية، فأمر يزيد بغسلها وكفنها ودفنها ).3
**************
1 - الطبري، كامل البهائي، ج2، ص179.
2 - أي سفر الآخرة.
3 - الشاه عبد العظيمي، الإيقاد، ص179.
بسم الله الرحمن الرحيم.
اللهم صل على محمد وآل محمد.
أعظم الله لنا ولكم الأجر بذكرى وفاة السيدة رقية بنت الامام الحسين (ع).
روى عماد الدين الطبري عن كتاب الحاوية لقاسم بن محمد بن أحمد المأموني: ( أن نساء أهل بيت النبوة أخفين على الأطفال شهادة آبائهم وقلن لهم إنّ آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا، وكان الحال على ذلك المنوال حتى أمر يزيد بأن يدخلن داره، وكان للحسين بنت صغيرة لها أربع سنين، قامت ليلة من منامها وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته في المنام مضطرباً شديداً، فلما سمع النسوة ذلك بكين وبكى معهن سائر الأطفال، وارتفع العويل، فانتبه يزيد من نومه.
وقال: ما الخبر؟ ففحصوا عن الواقعة وقصوها عليه، فأمر لعنه الله بأن يذهبوا برأس أبيها إليها، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها، فقالت: ما هذا؟! قالوا: رأس أبيك! ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام).1
وفي “الإيقاد” للسيد الجليل السيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي عن العوالم وغيره ما ملخصه:
(إنه كان للحسين بنت صغيرة يحبها وتحبّه، وقيل كانت تسمى رقية، وكان لها ثلاث سنين، وكانت مع الأسراء في الشام، وكانت تبكي لفراق أبيها ليلاً ونهاراً، وكانوا يقولون لها: هو في السفر 2 ، فرأته ليلة في النوم، فلما انتبهت جزعت جزعاً شديداً وقالت:
ايتوني بوالدي وقرة عيني، وكلما أراد أهل البيت إسكاتها ازدادت حزناً وبكاء، ولبكائها هاج حزن أهل البيت، فأخذوا في البكاء، ولطموا الخدود، وحثوا على رؤوسهم التراب ونشروا الشعور، وقام الصياح فسمع يزيد صيحتهم وبكاءهم فقال: ما الخبر؟
قيل له: إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها، فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح، فلما سمع يزيد ذلك فقال: ارفعوا إليها رأس أبيها وحطوه بين يديها تتسلى، فأتوا بالرأس في طبق مغطى بمنديل، ووضعوه بين يديها.
فقالت: يا هذا إنِّي طلبت أبي ولم أطلب الطعام، فقالوا: إن هنا أباك، فرفعت المنديل ورأت رأساً فقالت: ما هذا الرأس؟! قالوا: رأس أبيك، فرفعت الرأس ووضعته إلى صدرها وهي تقول:
يا أبتاه من ذا الذي خضبك بدمائك؟ يا أبتاه من ذا الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه، من ذا الذي أيتمني على صغر سنّي؟ يا أبتاه من لليتيمة حتّى تكبر؟ يا أبتاه مـن للنساء الحاسرات؟ يا أبتاه من للأرامل المسبيّات؟ يا أبتاه من للعيون الباكيات؟ يا أبتاه من للضائعات الغريبات؟ يا أبتاه من للشعور المنشورات؟ يا أبتاه من بعدك واخيبتاه، يا أبتاه من بعدك واغربتاه، يا أبتاه ليتني لك الفداء، يا أبتاه ليتني قبل هذا اليوم عمياء، يا أبتاه ليتني وسدت التراب ولا أرى شيبك مخضباً بالدماء.
ثم وضعت فمها على فم الشهيد المظلوم وبكت حتى غشي عليها، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدُّنيا، فارتفعت أصوات أهل البيت بالبكاء، وتجدد الحزن والعزاء، ومن سمع من أهل الشام بكاءهم بكى، فلم ير في ذلك اليوم إلا باك أو باكية، فأمر يزيد بغسلها وكفنها ودفنها ).3
**************
1 - الطبري، كامل البهائي، ج2، ص179.
2 - أي سفر الآخرة.
3 - الشاه عبد العظيمي، الإيقاد، ص179.