زيارة الأربعين معراج العارفين
مقدمة
زيارة الإمام الحسين عليه السلام ليست مجرّد شعيرة، بل هي سلوك روحي ومعراج عرفاني، ينتقل فيه المؤمن من عالم الغفلة إلى أفق الحضور القلبي في محضر الله تعالى عبر باب الحسين عليه السلام. وقد امتازت زيارة الأربعين بخصوصية في التراث الروائي، حتى عدّها الإمام العسكري عليه السلام من علامات المؤمن، فقال:
«عَلامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلاةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»
📚 (تهذيب الأحكام، ج٦، ص٥٢)
هذا التوصيف ليس مجرد توصيف فقهي، بل يحمل معنىً عرفانياً عميقاً، إذ جعل الإمام زيارة الأربعين مظهراً من مظاهر اكتمال الإيمان، ومنزلةً من منازل السالكين إلى الله.
المحور الأول: البعد العرفاني لزيارة الأربعين
في المنظور العرفاني، الزيارة ليست حركة جسدية فحسب، بل هي انتقال القلب نحو الحضرة الإلهية عبر التوسل بوليّ من أوليائه، قال تعالى: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ (المائدة: 35)
والحسين عليه السلام هو أعظم وسيلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه قدم كل وجوده لله تعالى، فصار شهيد الشهداء وريحانة النبي.
السائر إلى الأربعين يعيش حالة الفناء في الحسين، أي أن همه ينصب على نصرة قضيته، وإحياء نهضته، وتجديد العهد مع إمام زمانه. وهذا المعنى قريب من مفهوم المعراج الروحي عند العرفاء، حيث يتدرج السالك من:
المحور الثاني: المشي إلى الحسين عليه السلام في ضوء القرآن والروايات
القرآن الكريم يشير إلى قيمة التحمل في سبيل الله، فيقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت: 69)
المشي إلى الحسين جهاد روحي، لأنه تربية للنفس على الصبر، والتواضع، وخدمة الآخرين في الطريق.
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله في فضل المشي: «مَنْ أَتَى قَبْرَ الحُسَيْنِ عليه السلام مَاشِياً كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ دَرَجَةٍ»
📚 (كامل الزيارات، ص134)
هذا النص يكشف عن عظمة الثواب، لكن العارف يقرأه بعمق أكبر؛ فالخطوة الجسدية تمحو خطوة قلبية نحو الغفلة، وتفتح باب خطوة نحو الحضور الإلهي.
المحور الثالث: الأربعين كمحطة تجديد العهد
زيارة الأربعين ليست مجرد تذكار تاريخي، بل هي ميثاق عرفاني، يقف فيه الزائر أمام الحسين عليه السلام ليعلن:
“لَبَّيْكَ دَاعِيَ اللهِ”
وهو بذلك يجدد البيعة على نصرة الحق، والاستعداد للتضحية.
الروايات تصف أن الزائر يُصافَح من قبل الملائكة، وأن دعاءه مستجاب، وهذا يكشف أن الأربعين يوم مفتوح أبواب السماء فيه.
الخاتمة
الأربعين هو معراج العارفين، لأن السائر فيه يجمع بين المشي الجسدي، والمكابدة النفسية، والحضور القلبي، والاتصال بالولاية الإلهية.
من فهم هذا المعنى، أدرك أن كل خطوة في طريق الحسين عليه السلام، إنما هي خطوة نحو الله، وكل دمعة على الحسين إنما هي غسل للقلب من صدأ الغفلة.
قال الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ لزِيارةِ الحُسَينِ عليه السلام ثواباً لا يُحصيهِ إلاّ اللهُ عزَّ وجلَّ»
📚 (ثواب الأعمال، ص 52)
مقدمة
زيارة الإمام الحسين عليه السلام ليست مجرّد شعيرة، بل هي سلوك روحي ومعراج عرفاني، ينتقل فيه المؤمن من عالم الغفلة إلى أفق الحضور القلبي في محضر الله تعالى عبر باب الحسين عليه السلام. وقد امتازت زيارة الأربعين بخصوصية في التراث الروائي، حتى عدّها الإمام العسكري عليه السلام من علامات المؤمن، فقال:
«عَلامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلاةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»
📚 (تهذيب الأحكام، ج٦، ص٥٢)
هذا التوصيف ليس مجرد توصيف فقهي، بل يحمل معنىً عرفانياً عميقاً، إذ جعل الإمام زيارة الأربعين مظهراً من مظاهر اكتمال الإيمان، ومنزلةً من منازل السالكين إلى الله.
المحور الأول: البعد العرفاني لزيارة الأربعين
في المنظور العرفاني، الزيارة ليست حركة جسدية فحسب، بل هي انتقال القلب نحو الحضرة الإلهية عبر التوسل بوليّ من أوليائه، قال تعالى: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ (المائدة: 35)
والحسين عليه السلام هو أعظم وسيلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه قدم كل وجوده لله تعالى، فصار شهيد الشهداء وريحانة النبي.
السائر إلى الأربعين يعيش حالة الفناء في الحسين، أي أن همه ينصب على نصرة قضيته، وإحياء نهضته، وتجديد العهد مع إمام زمانه. وهذا المعنى قريب من مفهوم المعراج الروحي عند العرفاء، حيث يتدرج السالك من:
- المسير بالجسد (ترك الراحة والراحة الجسدية)
- المسير بالقلب (الانقطاع عن علائق الدنيا أثناء المشي)
- المسير بالروح (الاندكاك في حب الله عبر حب الحسين).
المحور الثاني: المشي إلى الحسين عليه السلام في ضوء القرآن والروايات
القرآن الكريم يشير إلى قيمة التحمل في سبيل الله، فيقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت: 69)
المشي إلى الحسين جهاد روحي، لأنه تربية للنفس على الصبر، والتواضع، وخدمة الآخرين في الطريق.
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله في فضل المشي: «مَنْ أَتَى قَبْرَ الحُسَيْنِ عليه السلام مَاشِياً كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ دَرَجَةٍ»
📚 (كامل الزيارات، ص134)
هذا النص يكشف عن عظمة الثواب، لكن العارف يقرأه بعمق أكبر؛ فالخطوة الجسدية تمحو خطوة قلبية نحو الغفلة، وتفتح باب خطوة نحو الحضور الإلهي.
المحور الثالث: الأربعين كمحطة تجديد العهد
زيارة الأربعين ليست مجرد تذكار تاريخي، بل هي ميثاق عرفاني، يقف فيه الزائر أمام الحسين عليه السلام ليعلن:
“لَبَّيْكَ دَاعِيَ اللهِ”
وهو بذلك يجدد البيعة على نصرة الحق، والاستعداد للتضحية.
الروايات تصف أن الزائر يُصافَح من قبل الملائكة، وأن دعاءه مستجاب، وهذا يكشف أن الأربعين يوم مفتوح أبواب السماء فيه.
الخاتمة
الأربعين هو معراج العارفين، لأن السائر فيه يجمع بين المشي الجسدي، والمكابدة النفسية، والحضور القلبي، والاتصال بالولاية الإلهية.
من فهم هذا المعنى، أدرك أن كل خطوة في طريق الحسين عليه السلام، إنما هي خطوة نحو الله، وكل دمعة على الحسين إنما هي غسل للقلب من صدأ الغفلة.
قال الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ لزِيارةِ الحُسَينِ عليه السلام ثواباً لا يُحصيهِ إلاّ اللهُ عزَّ وجلَّ»
📚 (ثواب الأعمال، ص 52)
تعليق