بِسْمِ اللّٰـهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ يَا كَرِيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أنّ تربية الجيل الجديد على خط الحسين عليه السلام، لا تكون من خلال التوجيه النظري فقط، بل تتجسد فعليًا عبر المشاركة الواعية في مناسبات كبرى مثل الأربعين، حيث يندمج الطفل أو المراهق في مجتمع يسوده الإيمان، التضحية، الصبر، الخدمة، والوعي الجماعي.
التأثيرات العقائدية
يتعرّف الطفل أو المراهق من خلال المشاركة في مشاية الأربعين عمليًا على مفاهيم أساسية في العقيدة الإسلامية مثل الولاية لأهل البيت عليهم السلام والبرائة من أعدائهم والمعنى الحقيقي للتضحية والشهادة وأهمية الوقوف مع الحق والحقيقية مهما كانت التضحيات والتحديات.
هذه المفاهيم لا تُلقّن بشكل جامد، بل تُكتسب من خلال التجربة الحسية والبيئة العامة، مما يجعلها أكثر ثباتًا في الوجدان، فالطفل الذي يسير مع والديه في أجواء مفعمة بذكر الحسين عليه السلام إنما يُغرس في قلبه حبّ الإمام عليه السلام.
التأثيرات الأخلاقية
مسيرة الأربعين توفّر بيئة أخلاقية نموذجية، حيث يرى الطفل الناس يساعدون بعضهم بلا مقابل وخدمة الزوّار تُقدَّم بروح الكرم والعطاء وكبار السن يُحترمون، والصغار يُدلَّلون والكلمة الطيبة تُتداول، والابتسامة لا تفارق الوجوه، فكلّ هذه المشاهد العظيمة والجميلة تساهم في تربية الأطفال والمراهقين على الإيثار والكرم والإحترام والتواضع والتعامل الحسن مع الآخرين والصدق في العمل والقول، فالمسيرة تتحوّل إلى مختبر أخلاقي حيّ، يغرس في الجيل الجديد سلوكيات نبيلة يصعب أحيانًا تعليمها في المدارس أو المنازل.
التأثيرات الشخصية
المشي في الطريق الطويل إلى كربلاء يعلّم الطفل والمراهق الصبر على التعب والمشقة والانضباط في الوقت والمسير والاعتماد على الذات في بعض المواقف خصوصا المواقف الحرجة والصعبة والاستعداد للمشاركة وتحمل الأعباء.
هذه العوامل تُسهم في بناء شخصية قوية، قادرة على مواجهة الصعوبات، والتفاعل بإيجابية مع التحديات، كما يُلاحظ في بعض الأطفال سلوكًا ناضجًا أثناء المسيرة، مثل حمل الحقائب أو تقديم المساعدة للآخرين، وهو ما يدلّ على تحول داخلي في نضج الشخصية.
وأيضا يمكنهم أن يتعلموا من المواعض التي كانت في واقعة الطف، مثل كلام الحرّ بن يزيد الرياحي، فقد روى الشيخ المفيد: «قالَ له المهاجرُ: إِنّ أمْرَكَ لَمُريبٌ، واللهِّ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قطُّ مثلَ هذا، ولو قيلَ لي: مَنْ أشجعُ أَهلِ الكوفِة ما عَدَوْتُكَ، فما هذا الّذي أرى منكَ؟! فقالَ له الحرُّ: إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ، فواللّهِ لا أختارُ على الجنّةِ شيئاً ولو قُطًّعْتُ وحُرِّقْت، ثمّ ضربَ فرسَه فلحِقَ بالحسينِ عليه السلام » (1).
التأثيرات الاجتماعية
الأطفال والناشئة يختبرون في الأربعين نوعًا فريدًا من الاندماج الاجتماعي كالتفاعل مع ثقافات ولغات متعددة والشعور بالأمان والانتماء داخل جماعة مؤمنة والمشاركة في أنشطة تطوعية داخل المواكب وتطوير مهارات التواصل الجماعي، كلّ هذه الأمور تعزّز روح المعاونة بينهم والقدرة على بناء العلاقات الإيجابية وتحمل المسؤوليات في البيئة الاجتماعية، فالطفل في هذه البيئة لا يشعر بالانعزال، بل يدرك أنه فرد فعّال ضمن أمة كبرى، ذات هدف مشترك، وهو السير على نهج الإمام الحسين عليه السلام.
التأثيرات النفسية
في زمنٍ يعاني فيه كثير من الأطفال والمراهقين من القلق، العزلة، التشتت الذهني، وضغط التكنولوجيا، تُمثّل مسيرة الأربعين فرصة فريدة للتوازن النفسي عبر الابتعاد عن الشاشات والضوضاء والاتصال بالطبيعة والمسير الهادئ والتفريغ العاطفي من خلال البكاء والزيارة والإحساس بالدعم العائلي والاجتماعي.
هذه العناصر تسهم في تقليل التوتر وارتفاع درجة الطمأنينة الداخلية والتنمية الإيجابية في التفكير وتشجيع الارتباط بالأهداف الكبرى بدل الانشغال بالتفاصيل اليومية.
النتيجة
مسيرة الأربعين ليست مجرد مناسبة دينية، بل هي مدرسة تربوية متكاملة، تُربّي النفوس قبل الأجساد، وتصقل العقول وتطهّر القلوب، خصوصًا في مرحلة الطفولة والمراهقة التي تُعدّ من أهم مراحل بناء الشخصية.
وإذا استطعنا أن نُوظّف هذه الفرصة بالشكل الصحيح، من خلال إشراك الأطفال والناشئة في المسيرة بطريقة مدروسة، فسنُنشئ جيلاً مؤمنًا، مسؤولًا، صبورًا ومتوازنًا نفسيًا، يحمل في قلبه حب الحسين عليه السلام، وفي سلوكه أخلاق الحسين، وفي حياته رسالة الحسين عليه السلام.
-------------------------------------
الارشاد للشيخ المفيد
اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ يَا كَرِيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أنّ تربية الجيل الجديد على خط الحسين عليه السلام، لا تكون من خلال التوجيه النظري فقط، بل تتجسد فعليًا عبر المشاركة الواعية في مناسبات كبرى مثل الأربعين، حيث يندمج الطفل أو المراهق في مجتمع يسوده الإيمان، التضحية، الصبر، الخدمة، والوعي الجماعي.
التأثيرات العقائدية
يتعرّف الطفل أو المراهق من خلال المشاركة في مشاية الأربعين عمليًا على مفاهيم أساسية في العقيدة الإسلامية مثل الولاية لأهل البيت عليهم السلام والبرائة من أعدائهم والمعنى الحقيقي للتضحية والشهادة وأهمية الوقوف مع الحق والحقيقية مهما كانت التضحيات والتحديات.
هذه المفاهيم لا تُلقّن بشكل جامد، بل تُكتسب من خلال التجربة الحسية والبيئة العامة، مما يجعلها أكثر ثباتًا في الوجدان، فالطفل الذي يسير مع والديه في أجواء مفعمة بذكر الحسين عليه السلام إنما يُغرس في قلبه حبّ الإمام عليه السلام.
التأثيرات الأخلاقية
مسيرة الأربعين توفّر بيئة أخلاقية نموذجية، حيث يرى الطفل الناس يساعدون بعضهم بلا مقابل وخدمة الزوّار تُقدَّم بروح الكرم والعطاء وكبار السن يُحترمون، والصغار يُدلَّلون والكلمة الطيبة تُتداول، والابتسامة لا تفارق الوجوه، فكلّ هذه المشاهد العظيمة والجميلة تساهم في تربية الأطفال والمراهقين على الإيثار والكرم والإحترام والتواضع والتعامل الحسن مع الآخرين والصدق في العمل والقول، فالمسيرة تتحوّل إلى مختبر أخلاقي حيّ، يغرس في الجيل الجديد سلوكيات نبيلة يصعب أحيانًا تعليمها في المدارس أو المنازل.
التأثيرات الشخصية
المشي في الطريق الطويل إلى كربلاء يعلّم الطفل والمراهق الصبر على التعب والمشقة والانضباط في الوقت والمسير والاعتماد على الذات في بعض المواقف خصوصا المواقف الحرجة والصعبة والاستعداد للمشاركة وتحمل الأعباء.
هذه العوامل تُسهم في بناء شخصية قوية، قادرة على مواجهة الصعوبات، والتفاعل بإيجابية مع التحديات، كما يُلاحظ في بعض الأطفال سلوكًا ناضجًا أثناء المسيرة، مثل حمل الحقائب أو تقديم المساعدة للآخرين، وهو ما يدلّ على تحول داخلي في نضج الشخصية.
وأيضا يمكنهم أن يتعلموا من المواعض التي كانت في واقعة الطف، مثل كلام الحرّ بن يزيد الرياحي، فقد روى الشيخ المفيد: «قالَ له المهاجرُ: إِنّ أمْرَكَ لَمُريبٌ، واللهِّ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قطُّ مثلَ هذا، ولو قيلَ لي: مَنْ أشجعُ أَهلِ الكوفِة ما عَدَوْتُكَ، فما هذا الّذي أرى منكَ؟! فقالَ له الحرُّ: إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ، فواللّهِ لا أختارُ على الجنّةِ شيئاً ولو قُطًّعْتُ وحُرِّقْت، ثمّ ضربَ فرسَه فلحِقَ بالحسينِ عليه السلام » (1).
التأثيرات الاجتماعية
الأطفال والناشئة يختبرون في الأربعين نوعًا فريدًا من الاندماج الاجتماعي كالتفاعل مع ثقافات ولغات متعددة والشعور بالأمان والانتماء داخل جماعة مؤمنة والمشاركة في أنشطة تطوعية داخل المواكب وتطوير مهارات التواصل الجماعي، كلّ هذه الأمور تعزّز روح المعاونة بينهم والقدرة على بناء العلاقات الإيجابية وتحمل المسؤوليات في البيئة الاجتماعية، فالطفل في هذه البيئة لا يشعر بالانعزال، بل يدرك أنه فرد فعّال ضمن أمة كبرى، ذات هدف مشترك، وهو السير على نهج الإمام الحسين عليه السلام.
التأثيرات النفسية
في زمنٍ يعاني فيه كثير من الأطفال والمراهقين من القلق، العزلة، التشتت الذهني، وضغط التكنولوجيا، تُمثّل مسيرة الأربعين فرصة فريدة للتوازن النفسي عبر الابتعاد عن الشاشات والضوضاء والاتصال بالطبيعة والمسير الهادئ والتفريغ العاطفي من خلال البكاء والزيارة والإحساس بالدعم العائلي والاجتماعي.
هذه العناصر تسهم في تقليل التوتر وارتفاع درجة الطمأنينة الداخلية والتنمية الإيجابية في التفكير وتشجيع الارتباط بالأهداف الكبرى بدل الانشغال بالتفاصيل اليومية.
النتيجة
مسيرة الأربعين ليست مجرد مناسبة دينية، بل هي مدرسة تربوية متكاملة، تُربّي النفوس قبل الأجساد، وتصقل العقول وتطهّر القلوب، خصوصًا في مرحلة الطفولة والمراهقة التي تُعدّ من أهم مراحل بناء الشخصية.
وإذا استطعنا أن نُوظّف هذه الفرصة بالشكل الصحيح، من خلال إشراك الأطفال والناشئة في المسيرة بطريقة مدروسة، فسنُنشئ جيلاً مؤمنًا، مسؤولًا، صبورًا ومتوازنًا نفسيًا، يحمل في قلبه حب الحسين عليه السلام، وفي سلوكه أخلاق الحسين، وفي حياته رسالة الحسين عليه السلام.
-------------------------------------
الارشاد للشيخ المفيد
تعليق