بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الجابر لكل كسير، الراحم لكل أسير، المداوي لكل قلب مكسور، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في حياتنا تمر بنا لحظات كسر، وجراح لا يراها أحد، ودموع لا يسمع صوتها إلا الله. هناك مواقف تفقدنا القوة، وأحداث تهزّ الجبال، لكن الله جل جلاله لم يترك عبده دون بلسم. سمّى نفسه "الجَبّار"، لا بمعنى القهر فقط، بل بمعنى الذي يجبر الكسر ويصلح النقص.
١- الجَبْر في القرآن الكريم
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 6]
هذه ليست مجرد آية للتسلية، بل وعد رباني أن بعد الكسر يأتي الجَبْر، وبعد الجرح يأتي الشفاء.
هذه ليست مجرد آية للتسلية، بل وعد رباني أن بعد الكسر يأتي الجَبْر، وبعد الجرح يأتي الشفاء.
ويقول عز وجل:
﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 14]
شفاء الصدر وجَبْره وعد من الله للمؤمنين بعد الألم.
٢- جَبْر الله في الأحاديث الصحيحة
شفاء الصدر وجَبْره وعد من الله للمؤمنين بعد الألم.
٢- جَبْر الله في الأحاديث الصحيحة
لنستعين بالحديث النبوي الشريف لفهم معنى جبر القلوب:
عن رسول الله ﷺ وآله قال:
"مَن نَفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا، نفَّس الله عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه..."
— رواه مسلم (صحيح مسلم، الحديث رقم 2699)
هذا الحديث الشريف يُبرز كيف أن الله يجبر قلوب المؤمنين ويعوّضهم عن آلام الدنيا بصبر وفرج أعظم، ويعلمنا أن جبر الخاطر جزء من الرحمة الإلهية."مَن نَفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا، نفَّس الله عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه..."
— رواه مسلم (صحيح مسلم، الحديث رقم 2699)
٣- مواقف جَبْر الله لأنبيائه وأوليائه
- جَبَر قلب يعقوب عليه السلام بعد فراق يوسف سنين طويلة، فأعاد له ابنه وأزال الحزن من صدره.
- جَبَر قلب أم موسى حين أمرها أن تلقي ولدها في اليم، فقال لها: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾ [القصص: 7].
- جَبَر قلب السيدة زينب عليها السلام في كربلاء، فثبتت أمام أعظم المصائب وهي تقول: "ما رأيت إلا جميلاً".
- ٤- كيف نعيش جَبْر الله في حياتنا؟
- بالصبر والرضا: قال تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
- بالثقة بوعد الله: الجَبْر قد يتأخر لكن لا يتخلّف.
- بالدعاء والتوسل: الدعاء بطلب جبر القلوب مستحبّ، وهو وسيلة لزيادة الطمأنينة.
أيها الإخوة والأخوات…
قد تظن أن جرحك لن يلتئم، وأن دمعتك ستبقى للأبد، لكن هناك إله يرى كسرك، يسمع أنينك، ويعرف حاجتك للجَبْر.
ثق أن الله إذا جَبَرك أنساك وجعك، وربما جعلك تحمده على ما مرّ بك، لأنك رأيت فيه لطفه الخفي.
لنخرج من هذه المحاضرة ونحن نردد:
"اللهم اجبر كسور قلوبنا، واجعل لنا من بعد الحزن فرحًا، ومن بعد الضيق فرجًا، ومن بعد الفقد عوضًا جميلًا".