تويت
بِسْمِ اللّٰـهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ يَا كَرِيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[ في رحاب الزيارة الأربعينية المقدسة ]
بهذا أجمع فقهاء الإمامية بالمنقول والمحصل على أنَّ استحباب زيارة الامام الحسين (عليه السلام) هو من الأمور الثابتة مطلقاً ، في أي وقت وفي كل آن وأوان ، ومنه تمام أيامِ وليالي السنة ، والكلام في موارد الاستحباب لا مورد الوجوب الذي دلت بعض الأدلة المعتبرة عليه ومنها ما يفهم من مجموع القرآئن المتصلة المحفوفة بالنصوص والقرآئن المنفصلة ، والتي قد يفهم من مجموعها الوجوب في العمر مرة ، وهو ما أفتى به بعض الأعلام المعاصرين ، وكذا مورد الوجوب بنذر ونحوه ..
ودل على الاستحباب المطلق لزيارة مرقد سيد الشهداء (ع) - في غير مورد الوجوب المشار إليه - الروايات الكثيرة المتواترة والصريحة التي يطول المقام بعرضها ..
وعليه تكون زيارة الإمام الحسين عليه السلام في اليوم المصادفِ ليوم الأربعين من استشهاده داخلةً في عموم ما دلَّ على استحباب زيارتِه في مُطلقِ أيام وأوقات السنة في غير مورد الوجوب الذي أشرنا إليه ..
ومما يمكن أن تُرَدُّ به دعوى من يقول : " إن زيارته عليه السلام مطلقاً من البدعة " -
وهو قول النواصب وبعض المخالفين - الأدلة العامة و الدالة على مشروعية بل استحباب زيارة القبور ، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وآله بزيارة قبر أمه آمنة بنت وهب عليها السلام وعمه سيد تلشهداء حمزة وغيرهم من قبور أرحامه وأصحابه صلى الله عليه وآله ..
وأول من صار الحسين عليه السلام يوم الأربعين هو سيد العابدين والساجدين الأمام اعلي بن الحسين عليه السلام وعمتة الصديقه زينب الكبرى عليها السلام وجمع من أهل البيت البيت عليهم السلام
والصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه
وأما المشي لزيارة قبر سيد الشهداء عليه السلام فقد صرحت باستحبابه عشرات الروايات وبينت عظيم الفضل وجزيل الأجر له ، وذكر أكثرها إبن قولويه في كتابه المعتبر : " كامل الزيارات " ..
2 - استحباب الزيارة الأربعينية : أما بالنسبة لاستحباب الزيارة الأربعينية بالخصوص فقد صرح فقهاء الإمامية باستحبابها ، في غير المورد الذي تكون فيه واجبة على تفصيل ما سبق بيانه ..
ونقل جل أقوال القائلين باستحباب الزيارة الأربعينية صاحب الجواهر رحمه الله ، وبين مستند هذا الاستحباب ، وذكر من جملة ذلك حديث علائم المؤمن الخمس ، وقال : إنه من النصوص المستفيضة .. " كتاب الصلاة من موسوعة جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام للشيخ محمد حسن الجواهري النجفي ، ج 9 " ..
أما ما يمكن الاستدلال به على استحباب الزيارة الأربعينية بالخصوص فهو النص الذي أوردَه الشيخ رحمه الله في كتابه : " التهذيب " ، قال :
" أخبرنا جماعةٌ من أصحابنا عن أبي محمَّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ، قال : حدَّثنا محمَّد بن علي بن مَعْمر ، قال : حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن محمد بن مسعدة والحسنُ بن علي بن فضال ، عن سعدان بن مسلم ، عن صفوان بن مهران الجمَّال ، قال :
قال لي مولاي الصادق عليه السلام في زيارة الأربعين : " تزورُ عند ارتفاعِ النهار وتقولُ :
السلامُ على وليِّ اللهِ وحبيبِه ، السلامُ على خليلِ الله ونجيبِه ، السلامُ على صفيِّ الله وابن صفيِّه ، السلامُ على الحسينِ المظلومِ الشهيدِ ، السلام على أسيرِ الكُربات وقتيلِ العبَرات ... - إلى آخر الزيارة - ، وتُصلِّي ركعتين وتدعو بما أحببتَ وتنصرف " (1) .
فهذه الرواية موثَّقة من طريق الحسن بن علي بن فضَّال ، فمحمَّد بنُ علي بن مَعْمر هو أبو الحسين بن مَعْمر الكوفي ذكره الشيخُ الطوسي في كتابه : " الفهرست " ، وأفاد أنَّ له كتباً منها كتاب : " قرب الإسناد " (2) ؛ وذكره في الرجال تحت عنوان محمَّد بن عليِّ بن معمر الكوفي ، قال : ويُكنى أبا الحسين صاحب الصبيحي ، سمِع منه التلعكبري سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وله منه إجازة (3) . وعنونه ابنُ النديم البغدادي (4) في جملة فقهاء الشيعة ومحدِّثِيهم وعلمائهم بلفظ " أبو الحسين بن معمّر الكوفي " قائلاً : وله من الكتب كتابُ قرب الإسناد (5) .. فالرجل إذن من المعاريف ولم يرد فيه قدحٌ فهو ثقة .
وأما سعدان بن مسلم فهو من المعاريف ومن أصحاب الأصول ، وهو من مشايخ صفوان بن يحيى البجليِّ الذي لا يروي ولا يُرسلُ إلا عن ثقة ، وقد وثَّقه عليُّ بن ابراهيم القميِّ في تفسيره ضمن توثيقِه العام لرجال إسناده في التفسير ، وأما بقيةُ رجال السند فهم من الثقات الأجلاء ، ولذلك فالرواية معتبرةٌ سنداً .
فهي من حيثُ الدلالة صريحةٌ في أنَّ ليوم الأربعين زيارةً خاصَّة يُزارُ بها الإمام الحسينُ عليه السلام عند ارتفاع النهار ، وذلك يقتضي تأكُّد الاستحباب ، إذ أنَّ أصلَ الإستحباب ثابتٌ في مطلق الأوقات وأيام السنة على تفصيل ما ذكرناه ، فإذا تمَّ النصُّ على يومٍ بالخصوص كيوم عرفة مثلاً ،
فإنَّ ذلك يكونُ ظاهراً ظهوراً بيِّناً في أنَّ لهذا اليوم خصوصيَّةً يتأكَّدُ بمقتضاها الاستحباب ؛ كما هو الشأنُ في مثل الصوم فإنَّه مستحبٌ في مطلق الأوقات وأيام السنة ما عدا يومي العيدين الخارجين بالدليل الخاص الدال على الحرمة ، فإذا تمَّ النصُّ على يومٍ مخصوص فإنَّ ذلك يقتضي تأكُّد استحبابِه ؛ وهكذا هو الشأنُ في الصلاة التطوعية ، فيُستحبُّ الإتيان بها في كلِّ وقت ، فإذا تمَّ النص على وقتٍ مخصوصٍ فإنَّ ذلك يكونُ مقتضياً لاستظهار تأكُّد استحبابِ الصلاة فيه .. وهكذا .
هذا ويُمكن تأييد تأكُّد الاستحباب لزيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم الأربعين بما رواه الشيخ في : " مصباح المتهجد " و " التهذيب "
مرسَلاً عن الإمام أبي محمدٍ الحسنِ العسكري عليه السلام أنَّه قال : "علاماتُ المؤمن خمس : صلاةُ الخمسين ، وزيارةُ الأربعين ، والتختُّم في اليمين ، وتعفيرُ الجبين ، والجهرُ ببسم الله الرحمن الرحيم "(6) ، وهو ما صرح الجواهري رحمه الله باستفاضته ، وأسنده المشهدي في كتابه : " المزار الكبير " عن أبي هاشم الجعفري عن الإمام العسكري عليه السلام ، وصرح باعتباره غير واحد من الأعلام ، ومنهم الكاظمي في كتابه : " عمدة الزائر " ، وجدنا العالم الرباني الشيخ إبراهيم الكفعمي في كتابه : " المصباح " ، وهو من الأحاديث المشهورة شهرة عظيمة في المسموعات فضلاً عن المنقولات في الكتب المعتبرة .
3 - مشاركة النساء في الزيارة الأربعينية :
الذين ينتقدون حضور النساء ومشاركتهم بقوة في مراسم الزيارة الأربعينية يغفلون عن أن النصوص التي استفيد منها استحباب زيارة الأربعين لم تفرق بين الذكر والأنثى ، نعم اعتبر في خروج الزوجة إذن زوجها ، وفي البنت إذن وليِّها ، ولا بد من مراعاة أحكام المخالطة بين الذكور والإناث التي تراعى في المساجد والجماعات وفي الشارع والسوق والجامعة والمدرسة والأماكن العامة عموماً على تفصيل مذكور في كتب الفقه .. والله المسدد ..
----------------------
1 - تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي - ج 6 ، ص 113 - 114 ؛ ومصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص 788 - 790 .
2 - الفهرست - الشيخ الطوسي - ص277 .
3 - رجال الطوسي - الشيخ الطوسي - ص 442 .
4 - توفي سنة 438 .
5 - فهرست إبن النديم - إبن النديم البغدادي - ص 278 .
6 - تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 6 ص 52 ؛ ومصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص 788 .
قم جدد الحزن في العشرين من صفر
ففيه ردت رؤوس الآل للحفر
تعليق