إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ[1].

    ﴿كَيْفَ‌﴾، التي تفيد التعجب جيء بها في مطلع هذه الآية الكريمة للاستدلال على إبراز المشادّة امام المشركين الذين لهم عهد فضلا عن غيرهم بأن من لا عهد له منهم قد يكون اقلّ وطأة وذلك لنفاق هؤلاء المعاهدين بعهودهم واتخاذهم لها جهة لواذ وتستّر وإذا كانوا بهذا الوصف ومن خلال الآية السابقة فكيف يكون لهم ﴿عَهْدٌ عِندَ اللهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، فإن عهودهم محترمة ﴿مَا اسْتَقَامُوا﴾، لها ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾، كلّ من يتّقي ربّه ويحترم قوله، قيل إن المراد بالذين ﴿عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، أناس من بنى ضمرة وكنانة كان النبي صلى الله عليه وآله عاهدهم عند المسجد الحرام. وقيل: هم بنو جذيمة. وقيل: الإشارة بذلك الى عهد الحديبية وصلحها، ﴿كَيْفَ‌﴾، يكون لعهود هؤلاء احترام والحال إنهم لو قووا عليكم لما راقبوا فيكم عهدا ﴿وَلَا ذِمَّةً‌﴾، عهدا بمعاهدة، فهم خلو عن كل عهد ﴿إِلًّا﴾، بقرابة و «ذمة» بقرار، فكيف يوثق بهم وهم لا عهد لهم من هذا وذاك.
    ف ﴿إِلًّا﴾، هو كلما يقابل الذمة مما تجب رعايته ورقابته من: -
    1. تحديد فطري أو عقلي أو عرفي.
    2. أم صفاء ولمع إنساني.
    3. أم جوار
    4. أم قرابة نسب أو سبب.
    فقد جاء الإلّ بمعاني عدة لا تناسب هنا إلا هذه الأربعة، وأما العهد فهو المعني ب‍ «ذمة» ثم «الله» ليس ليعبر عنه ب ﴿إِلًّا﴾، وأما «ذمة» فهي العهد الذي يذم على نقضه، فهو العهد اللزام المذموم نقضه.
    إذا ف‍قوله تعالى: ﴿لَا يَرْقُبُونَ﴾، حراسة ورقابة ﴿فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا
    [2]، قرابة أم صفاء ولمعا إنسانيا، أم فطرة أو عقلية أو عرفية فهي رقابات أصيلة وهي قضية أصل الإنسانية، ثم ﴿وَلَا ذِمَّةً﴾ بمعاهدة وذمام، فهو إذا خواء عن أية مراقبة لمؤمن فكيف يكون لهم عهد؟! فقد فسدت إنسانيتهم وكسدت حيث حجبت فطرهم وعقولهم وحلمهم وعلومهم عن لمس الحقائق فهم إذا شر الدواب الصم البكم الذين لا يعقلون.
    ﴿يُرْضُونَكُم﴾، في إلّ أو ذمة ﴿بِأَفْوَاهِهِمْ﴾، مداهنة لا مهادنة حيث ﴿وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ﴾، عن أية رقابة لأي إلّ أو ذمة، وعلى الجملة كأصل ﴿وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾، متخلفون عن كل وثاق ووثيقة، مهما كان لأقلهم إلّ أو ذمة كالذين عاهدتم عند المسجد الحرام.
    ف‍ ﴿وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾، هنا لا يعني مطلق الفسوق فإن كلهم فاسقون عن طاعة الله وشرعته، فإنما حكم الأكثرية هنا يختص بحقل رقابة إلّ أو ذمة.
    فهؤلاء لا يسالمونكم أو يعاهدون إلا مضطرين ﴿وَإِن يَظْهَرُوا﴾، عَلَيْكُمْ غلبا في المعركة أم في القوة ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾، خارجون عن أي إلّ أو ذمة. فهم إذا لا يقفون في التنكيل بكم لحد حتى المتعارف في أية بيئة إنسانية، متجاوزين كافة الحدود والأعراف، وهم أولاء الأنكاد الأغباش.
    وإنما التجأوا الى عقد العهود وإعطاء الذمم احرازا لأنفسهم يرضونكم بالأقوال المعسولة تصدر من أفواههم وتأبى قلوبهم الاعتراف بها لأنها لا واقع لها عندهم واكثر هؤلاء المعاهدين من ناحيتكم فاسقون منحرفون، وآيات الله هي عظاته وتعاليمه وحججه التي يسوقها لإحقاق الحقّ وإبطال الباطل فقوله تعالى في الآية اللاحقة: ﴿اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، وهو متابعة أهوائهم وشهواتهم، من الكبر والشره والشيطنة، فبسبب اعراضهم عن القرآن الذى هو على طبق العقل الصافي، والاخذ بشهواتهم منعوا ساير الناس عن طريق الله، وقالوا لهم ببطلان الطريقة الحقة، ومنشأ ذلك التبديل سوء اعمالهم في السابق، أي كثرة توغلهم في الشهوات، ورسوخها في نفوسهم، صارت علة لبقائهم على الكفر والاعراض عن القرآن، لأنهم يرون أن القرآن يأمر بخلاف ما عملوا في السابق، وينهاهم عن الفحشاء والمنكر عند العقول كالظلم والسرقة وقطيعة الرحم.


    [1] سورة التوبة، الآية: 8.
    [2] سورة التوبة، الآية: 10

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X