إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخصائص الحسينية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11


    القسم الرابـع
    فيما اعطاه تبارك وتعالى من افضل مخلوقاته محمدا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم




    ولبيان ذلك امور:

    الاول: بيان ما اعطاه منه بطريق التعداد والتحديد والتعيين مجملا

    الثاني: بيان كيفية هذا الاعطاء المحدود

    الثالث: بيان ما فوق ذلك

    اما الامر الاول: فنقول:

    قد اعطاه قلبه الباطني فجعله محل علاقة خاصة له، وقد اعطاه قلبه الظاهري

    فقال:" انه مهجة قلبي "، وقد اعطاه روحه فقا انه روحي التي بين جنبي، وقد اعطاه فؤاده فجعله له ثمرة.

    وقد اعطاه عقله فجعله له طمأنينة.

    وقد اعطاه باصرته فقال: اذا نظرت اليه ذهب ما بي من الجوع.

    وقد اعطاه شامّـته فقال: هو ريحانتي.

    وقد اعطاه عينيه فقال (ص) " هو نورهما ".

    وقد اعطاه من بين عينيه فقال (ص) هو جلدة ما بين عيني.

    وقد اعطاه قوته فقال (ص) هو قوتي اذا نظرت اليه ذهب ما بي من الجوع.

    وقد اعطاه كتفه فجعله له مركبا.

    وقد اعطاه ظهره فجعله له مرتحلا.

    وقد اعطاه حجره فجعله له حاضنا.

    وقد اعطاه لسانه فجعله له راضعا.

    وقد اعطاه يده فجعل ابهامه ومسبحته له غاذيا.

    وقد اعطاه صدره فجعله له مجلسا ومأمنا.

    وقد اعطاه شفتيه فجعلهما مقبّلا ولاثما.

    وقد اعطاه كلامه فجعله له مادحا وراثيا وذاكرا له في كل حين.

    وقد اعطاه ابنه فجعله له فاديا فكان يقول (ص) مكررا: فديت من فديته بإبني إبراهيما، كما ورد في المنتخب للطريحي 51

    الامر الثاني: في بيان بعض تفاصيل هذه

    فنقول:

    اما امتياز علاقته معه فيظهر معه من كيفية لقائه له، وحضوره عنده ومجيئه له، وذهابه اليه، فإن العلاقة مع الاولاد خصوصا في حال طفولتهم والاستئناس معهم، واللعب معهم، امر معتاد لكن تحقق هذه الكيفية بالنسبة اليه (ص) مع الحسين (ع) خارق للعادة، فترى النبي (ص).


    كأنه وهو فرد في جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم
    فكيف بجلالته ووقاره حين هو جالس في اصحابه، فمع ذلك الوقار الذي علا كل وقار، ومع تلك السكينة التي انزلها الله تعالى عليه، ولُقّب بصاحب الوقار والسكينة.

    كان اذا رأى الحسين (ع) مقبلا عليه وهو) ص) يحدّث اصحابه يقطع حديثه، ويقوم من مجلسه ويستقبله، ويحمله على كتفه المبارك، ويأتي به فيقعده عنده او في حجره.

    واعجب من ذلك انه وهو على المنبر يخطب يقطع خطبته وينزل ويستقبل ويقول كلاما يقضى منه العجب، وذلك في رواية ابن عمر: انه قال (ص): " والذي نفسي بيده ما دريت اني نزلت من منبري ".

    وكيف يكون هذا الكلام على حقيقته بل هو كناية عن شدة الحب والعلاقة بحيث كان كذلك.

    واعجب من كل ذلك ما رواه ابن ماحة في السنن والزمخشري في الفائق قالا: رأى النبي محمد (ص) الحسين بن علي (ع) وهو يلعب مع الصبيان في السكة.

    فاستقبل النبي (ص) امام القوم، فبسط احدى يديه فطفق الصبي يفر مرة من هنا ومرة من هاهنا، ورسول الله (ص) يضاحكه، ثم اخذه فجعل احدى يديه على ذقنه والاخرى على فأس رأسه، وأقنعه وجعل فاه على فيه فقبّله، وقال (ص) " انا من حسين وحسين مني، احبّ الله تعالى من احبّ حسينا، حسين سبط من الاسباط "،، ورواه غيرهما ايضا.

    توضيح: ان فأس الرأس يعني: طرف مؤخرة المشرف على القفا.

    تنبيه: هذه المحبة لم تكن للحسين وحده، بل كانت لمن احبه ايضا، ويُشهد الله تعالى على ذلك ويقول (ص) " اللهم اني احبه واحب من يحبه، " وكان يدعو لمحبه بأن يحبه الله تعالى فيقول (ص) " احبّ الله من احبّ حسينا "

    وقد رأى (ص) يوما صبيا في الطريق فجلس واخذه وتلاطف معه، فسئل عن ذلك فقال (ص) " اني احبه لانه يحب ولدي الحسين (ع)، لاني رأيت انه يرفع التراب من تحت قدميه ويمسح به وجهه وعينيه، واخبرني جبرئيل عليه السلام انه يكون من انصاره في وقعة كربلاء.

    فالآن نحن نرجو ان كنا محبين لامامنا الحسين عليه السلام، ان يحبنا النبي (ص) ويحبنا الله تعالى، بدعائه (ص) لنا واذا احبنا ان يغفر لنا ويعفو عنا.

    واما كون ظهره له مركبا فقد اتفق كثيرا، وليس هو من العادات كما يتفق لكثير من الناس في حق اولادهم، بل خارق للعادات، وذلك انه قد كان يتفق انه يركب ظهر جده وهو في السجود في صلاة الجماعة فيطيل السجود ولا يرفع رأسه المبارك حتى يقوم هو أي: الحسين باختياره.

    وقد تعجب الذين كانوا يصلون معه، فسألوه: انه هل نزل وحي؟ قال صلى الله عليه وآله: لا ولكن ابني ارتحلني.

    واما كون كتفه محملا فلقد كان يفعل من ذلك مالا يفعله الرجل الجليل، يحمل صبيا على كتفه، ويمشي في الاسواق والطرق وكلما يريد اصحابه ان يحملوه او يحملوا اخاه، يقول (ص) " نعم الراكبان انتما، نعم قد كان يحمله عنه جبرئيل (ع) وقد كان يحمله وهو في الصلاة.

    واما كون حجره له حضنا، فانه (ص) قد تولى من ذلك مالا يتولاه الا النساء، وقد حضنه بمجرد ولادته المباركة.

    فنادى يا اسماء هلمي اليّ بابني، فقالت: لم ننظفه بعد، فقال (ص)" انت تنظفيه ان الله تعالى قد نظفه وطهّره".

    فأخذه وتولى حضانته ورضعه من ابهامه، وكان يلاعبه كالنساء ويقرأ له نغوتهن، ويكلمه بلسان الاطفال، ونو ذلك مما يُستغرب.

    حتى انكر عليه بعض ازواجه كعائشة بل بعض اصحابه، فقال (ص) " ما خفي عليك اكثر، فعلم ان ذلك من امر الهي وحكم رباني، وقد صرح (ص) معتذرا بذلك فقال: إن الله تعالى قد أمرني بحبهمـا.

    فعدم قيامه من السجود حين ارتحله بامر الهي، وحمله على كتفه بأمر الهي، والركض معه في الطريق بأمر الهي، وقيامه واستقباله بأمر الهي.

    والوجه في هذا أمران سنذكرهما ان شاء الله تعالى في محلهما.

    واما كون شفتيه(ص) لاثمتين ومقبلتين فلا عجب من ذلك ولا من كيفية تقبيلهما فكان يضمهما اليه ويشمهما ويقبّل كلاً منهما لنصف ساعة، ويقول " هما ريحانتاي "، وقد يقبل احدهما وهو في الصلاة ويده في يده.

    وقد اشتهر انه قبّل فم الحسين ونحر الحسيـن، فتألم الحسين من ذلك، واظهره لأمه الزهراء (ع)،حيث انه (ص) قبّله في نحره وقبّل اخيه الحسن (ع) في فمه في يوم ما، لكن لم اعثر لذلك على رواية، انما الذي عثرت عليه في الروايات المتواترة: انه (ص) كان يقبّل الحسين (ع) تارة من نحره وتارة م جبينه، وتارة من جميع بدنه، وتارة يكشف عن بطنه فيقبّل فوق سرته على قلبه، وتارة يقبّل اسنانه وتارة يقبّل شفتيه، وكان يكثر من جميع ذلك، ولقد كان في تخصيصه لهذه معجزة له.

    وكان يذكر سبب البعض، فيقول عند تقبيل جميع البدن: اقبّل وضع السيوف وابكي، ولكن لم يذكر السبب في تقبيل الثغر والاسنان وتقبيل فوق السرة حتى عُلم السبب بعد وقوع ما وقع.

    واعلم ان تخصيصه للاحترامات الخاصة لوجوه ثلاثة:

    الاول: بيان مرتبته وعظم درجته وكرامته.

    الثاني: مقابلة كل خصوصية احترام بما يقع عليه من هتكها ليعلم عظم المصيبة فيما يقع عليه فاذا لاحظت من يستقبله الرسول (ص) وهو طفل تعلم عظم المصيبة.

    وانه يبلغ به الحال في خذلان الناس له: انه كان لا ينازله احد فيمن يصادفه في الطريق لئلا يستنصره، كما في رواية زهير واذا استقبل واحدا في الطريق ليسأل منه يعدل عن الطريق معرضا عنه وكما في قضية الاسديين.

    الوجه الثالث: ادخال السرور عليه جبرا لحزنه وكربه وظلمه، فاذا اراد الجبر لهذا الفرد من الحزن والكرب فلا بد ان يكون بهذا المقدار حتى يقع التلافي، فهل لكم فيه اسوة؟ تجبرون القلب المكسور، وتفرجون عن المكروب: ببكاء عليه وسلام عليه وتحية له وزيارة له بل وبشكل عام وتلبية له.

    الامر الثالث: في بيان اعلى من ذلك وابلغ بأن تقول انه تعالى قد اعطاه نبيه المصطفى (ص) فكان النبي (ص) منه، ولا اقول ذلك مبالغة ولا شططاً، بل قال هو صلى الله عليه وآله وسلم " حسين مني وأنا من حسين ".




    تعليق


    • #12
      القسم الخامس
      فيما اعطاه تبارك وتعالى من اعظم المخلوقات اعني العرش




      ولهذا الاعطاء كيفيات:

      الاولى: في خصوصيات من العرش له (ع)، فنقول:

      انه قد اعطاه من العرش ظله فجعله له مجلسا يجلس فيه يوم القيامة، ومعه زواره والباكون عليه، فيرسل اليهم ازواجهم من الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه.

      وقد اعطاه تعالى وتعالى يمين العرش فجعله مقرا له في برزخه، فانه عن يمين العرش دائما ينظر الى مصرعه، ومرحل فيه وينظر الى زواره والباكين عليه، ويستغفر لهم ويخاطبهم، ويسأل جده وأباه ان يستغفروا لهم.

      وقد اعطاه تعالى فوق العرش محل حديث لزائره، واي حديث! فقد ورد في بعض اقسام زياراته انه يكون من محدثي الله تعالى فوق عرشه.

      فالعرش مجلس حديث لزواره ظله لمن يحدثه، وفوقه لمن يحدثه الله تعالى وقد اعطاه نظير العرش من اصناف الملائكة المحدقين والطائفين، كما سنبينه ان شاء الله تعالى

      الثانية: كيفية اعلى من ذلك وابلغ بأن نقول: انه قد اعطاه العرش فكأنه كله له، لانه اذا كان مع اخيه عليهما السلام زينة له وقرطا وشنفاً فكل شيء بزينته فلو تكلم العرش لقال: أنا من حسين.






      القسم السادس
      فيما اعطاه من احسن المخلوقات وهو الجنـة




      وله ايضا كيفيتان:

      الاولى: في الخصوصيات، فنقول:

      اعطاه من الجنة شجرة خاصة، وقصرا خاصا، وجعل من الحور العين قابلة له، وجعلهن لاطمات عليه، وخلق حورية مخصوصة له (ع)، واعطاه منها باب مستقـلا اسمـه باب الحسين (ع) وهو اكبر ابوابها.

      الثانية: في كيفية اعلى من ذلك وابلغ، فنقول قد اعطاه الجنة كلها، فإنها خُـلقت من نوره المبارك كما في الروايات، فالجنة كلها من الحسين وانها تشتاق الى الحسين سلام الله تعالى عليه كما في الروايات الصحيحة، فلو تكلمت لقالت بلسان الحقيق: انا من الحسين.






      القسم السابع
      فيما اعطاه الله تعالى من باقي مخلوقاته من الخصوصيات




      فاستمع لذلك:

      فنقول: قد اعطاه من كل مخلوق افضله، واجمل ما يمكن ان يعطي منه لواحد، ولنذكر اجمال ذلك في ابواب، ثم نفصلها:

      باب ما اعطاه الله تبارك وتعالى من الملائكة

      باب ما اعطاه من الانبياء عليهم السلام

      باب ما اعطاه من الازمنة

      باب ما اعطاه من السماء

      باب ما اعطاه من الهواء والفضاء

      باب ما اعطاه من المـاء

      باب ما اعطاه من الاشجار

      باب ما اعطاه من الانهار

      باب ما اعطاه من البحار

      باب ما اعطاه من الانس

      باب ما اعطاه من الجن

      باب ما اعطاه من الطير والوحش

      باب ما اعطاه من الجبال

      باب ما اعطاه من الظاهرية في هذه النشأة

      هذا مجملها، وفهرسها فلنشرع في التفصيل فنقول:



      باب السماء:

      اعلم ان الله تعالى قد اعطاه من السموات خصائص خاصة، فجعلها مصعدا لجسد الحسين (ع) يوم قتله، وجعلها باكية عليه بالدم والتراب الاحمر والحمر.

      ثم انه اعطى كربلاء من الخصائص الظاهرية والمعنوية خصائص افضل مما اعطى السماء.

      ثم ان للحسين (ع) على وفق ما اعطى السموات السبع وما فوقهن، افضلها، فلاحظ الصفات المعنوية تارة، وانظر الى ما فيه من الموجودات الظاهرية الاخرى، واستمع لما يُتلى عليك.

      ولاحظ التطبيق عند بيان كل واحدة، فلنتكلم اولا عن الصفات المعنوية للسماء.

      فنقول:

      السماء: معدن الفيوض الربانية، والحسين (ع)معدنها بنحو اسهل حصولا وايسر اسباب واعظم تأثيرا.

      السماء: محل صعود الدعاء واستجابته، والحسين (ع) اسمه محل استجابة الدعاء، كما تحقق ذلك في دعاء آدم النبي وزكريا ويوسف وغيرهم من الانبياء بتوسلهم الى الله تعالى بالخمسة اصحاب الكساء.

      السماء: يصل اليها صراخ المظلوم، وكربلاء قد ارتفع منها صراخ المظلومين بنحو خاص لا مثيل له.

      السماء: يصل اليها انين الايتام، خصوصا اذا بكوا، بل خصوصا اذا كان بكاءهم ليلا، فيهتز لهم العرش، وكربلاء ارتفع منها انين ايتام قد اختصوا بكيفية خاصة بهم.

      السماء: فيها البراق اوصلت راكبها المبارك (ص) الى قاب قوسين، وكربلاء فيها ذوالجناحين، فرس الامام الحسين (ع)اوصل راكبه المبارك الحسين (ع) الى مرتبة انا من حسين، لكن بسقوطه عنه.

      السماء: معراج الانبياء عليهم السلام، وكربلاء معراج الملائكة وارواح الانبياء والاولياء صلوات الله عليهم

      السماء: فيها اوضاع مؤثرة في الهواء والارض، وكربلاء فيها اوضاع اثرت في السماء والعرش والكون بل وجميع المخلوقات بأسرها الى يوم القيامة.

      السماء: فيها زجل اي: الصوت الرفيع العالي. زجل التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد واصناف من القائمين والراكعين والساجدين والقانتين، وكربلاء قد علا فيها زجل الضجيج والعويل والانين والاستغاثة من: يا أباه ويا أخاه ويا ولداه وواأباه، وواأخاه وواسيداه ويا سيداه وواعماه....... وهي احب الى الله تعالى في عالم العبودية والتسليم من زجل الملائكة بالتسبيح.

      السماء: قد سجدت فيها الملائكة كلها لادم (ع)، كربلاء قد صلت فيها جميع الملائكة والانبياء على جسد الحسين المقطع اربا اربا المرضوض قبل الموت وبعده المضمخ بدمائه الزاكيات.

      السماء: قد وصفها الله تعالى بالسقف المحفوظ، والحسيـن)ع) قد جعله تعالى سقفا حافظا لمن لاذ به.

      السماء: قد وصفها الله بالسقف المرفوع، والحسين المظلوم (ع) قد جعله الله تعالى رافعا لدرجات من توسل به (ع).

      السماء: قال الله تعالى عنها " وأنزل من السماء ماءً طهوراً "،، والحسين (ع) قد انزل الله تعالى به ذلك الماء الطهور اذ به (ع) ينزل الغيب، وقد نزل به ايضا الغيث عند الاستسقاء فسقى مما خلق انعاما وزروعا واناسي كثيرا، فقد خصّه بأن انزل به طهور جميع الارجاس والبليات المعنوية يذهب به رجز الشيطان، وبذلك الماء يطفيء النيران، وذلك الماء بعينه يكون من مياه الجنان كما ذكرناه وسنذكره.

      السماء: قال تعالى بحقها " وفي السماء رزقكم وما توعدون "،، فرزق الحياة الزائلة في السماء.

      والحسين (ع) فيه رزق الحياة الدنيا والبرزخ بل والاخرة الدائمة، وما توعدون به من الفوز بالجنان ورفع الدرجات والرضوان والخلود بالنعيم.

      ثم لنتكلم ثانيا في الحياة الظاهرة، فنقول قوله تعالى " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيّنـّاها "

      ونقول: أفلم ينظروا الى الحبيب الحسين (ع) في ارض كربلاء كيف كان موقفه ومشهده ومصابيحه حوله ممن كان معه سواء الانصار او اهل بيته او عياله ونساءه، وكيف كان رجومه للشياطين، ونوره وضياؤه.

      فارجع البصر ثم ارجع البصر كرتين الى حالة ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير، ودمعه غزير، انظر الى الحسين عليه السلام، وانظر اولا الى السماء في اوضاعها وزينتها وتاثيراتها ومن حل فيها، ثم انظر الى الحسين (ع) ومدفنه كربلاء.

      ففي السماء عرش عظيم: وفي كربلاء زينة العرش العظيم.

      السماء: مسكن الملائكة، والحسين (ع (مختلف الملائكة.

      السماء: معراج الانبياء (ع)، وكربلاء معراج الملائكة.

      السماء: ذات البروج، والحسين (ع) ذو البروج كما في الرواية فانه امام واخو امام او بو التسعة الائمة المعصومين.

      السماء: فيها الصراخ، كما في الحديث ان الله تعالى امر ملكا من الملائكة ان يجعل له بيتا يسمى بالصراخ، قبل البيت المعمور، يطوف به كل يوم سبعون ألفا ولا تقع لهم النوبة بعد، والحسين امامنا (ع) له صريخ، قد وكل به سبعون ألفا لا يُستبدلون كل يوم.

      السماء فيها الجنة: والحسين (ع) زينة، وخلقت من نوره الجنة، وقبره تـُرعة من ترع الجنة، وهو سيد شباب اهل الجنة.

      والسماء: فيها جبرئيل الملك (ع) وفي كربلاء مخدوم جبرئيل عليه السلام.

      السماء: اُسري اليها النبي (ص) ليلا، كربلاء اسري اليها النبي (ص) نهارا كما قال (ص) هو: اُسريت الى موضع يقال له كربلاء.

      السماء: فيها موسى (ع) وكربلاء فيها شجرة موسى عليه السلام

      السماء: فيها عيسى عليه السلام وكربلاء ولد فيها عيسى النبي عليه السلام.

      السماء: فيها جبرئيل (ع) وكربلاء فيها مخدوم جبرئيل (ع) ونزل في مدفنه جبرئيل عليه السلام.

      السماء: فيها الشمس ويعرضها الكسوف، وشمس وجه الحسين (ع) ضحاها حين اشتد عليه الامر، وكام كلما قرب الامر اشرق لونه وازدهرت انواره بهاء وهيبة.

      السماء: فيها اقمار، وكربلاء فيها قمر بني هاشم وقد انخسف حين حيل بينه وبين اخيه في ميدان الحرب، وهو القمر الذي اول ما تطالب بحقه الزهراء البتول (ع) في المحشر يوم القيامة، فاعرف من يكون وما هو قدر هذا القمر الازهر.

      السماء: فيها كف الخضيب، والحسين (ع) له الرأس الخضيب والوجه الخضيب والبدن الخضيب …….. ولذا أثرت في استجابة الدعاء الى الله تعالى.

      السماء: فيها السيارات السبع، وكربلاء فيها سيارات سبع من اولاد علي عليه السلام، واثنان وسبعون غيرهم قد ساروا برؤوسهم المباركة.

      السماء: فيها نجوم ظاهرة ألف وخمسة وعشرون، وخفيات لا تعد، ولكل واحد تأثير مخصوص، والحسين (ع) في بدنه اربعة آلاف ظاهري من السيف والرمح والسهم ….. الخ. والخفيات لا تعد ولكل واحد تأثير خاص موجب لالطاف خاصة، كما لا ننسى الرض على الرض والجرح على الجرح والضربة فوق الضربة.

      السماء: فيها القطب وبنات نعش تدور حوله، كربلاء فيها بدن قطب الامامة وبناته يدرن حوله واطفاله ونساءه، بالنوح والعويل.

      السماء: فيها حامل الرأس، وكربلاء فيها الرؤوس الزاكيات المحمولة.

      السماء: فيها البيت المعمور وهو قبال الصراخ والكعبة يطوف به كل يوم سبعون الف ملك يُخلقون في ذلك اليوم، ثم لا تقع عليهم النوبة.

      والحسين (ع) له ايضا من الملائكة الطوافين حول قبره نفس هذا العدد، كما سنذكره في عنوان الملائكة ان شاء الله

      السماء: فيها المجرة وهي البياض المعترض في السماء، يقال انها اثر كبش فداء اسماعيل (ع)، والحسين (ع) فيها مجرة يبقى اثرها حتى انه يحشر مع ذلك الاثر يوم القيامة من خصائصه وتأثيرات في ذلك لخلاص العاصين بواسطته.



      باب الارض:

      قد اعطاه الله تعالى منها ارضا شرّفها بخصوصيات على الارضين كما سيجيء في باب الاحترام لمدفنه وقد جعل له صفات الارض، وخصوصياتها كلها.

      فنقول:

      الارض: فيها معدن الجواهر والذهب والفضة، والحسين)ع) معدن القصور من اللؤلؤ والياقوت الذهب والفضة.

      الارض: قد انبث الله تعالى فيها من كل زوج بهيج للناس، والحسين)ع) قد انبت له كل فرد بهيج ممتاز لا ينال بغيره.

      كما سيظهر في العنوان الاتي.

      الارض: قد جعلها الله تعالى للناس مهادا وكفاتا، اي: المنازل، يستقرون عليها اياما احياء وامواتا.

      والحسين (ع): قد جعله الله للاستقرار الدائم مهدا ومهادا، وجعل مدفنه المبارك كفاتا لشيعته احياء وامواتا.



      باب ما اعطاه تعالى من الهواء والفضاء:

      قد اعطاه الله تعالى من هذين ما بين قبره والسماء بل ما بين الحائر والسماء

      فجعل له اوصافا:

      الاول: بأن جعله مختلف الملائكة، كما ورد " ما بين قبر الحسين (ع) الى السماء مختلف الملائكة "،، ومعراجا يعرج فيه باعمال زواره، وجعل اسماعيل (ع) صاحب الهواء يحضر ذلك الفضاء كل يوم ويسأل ملائكة الحائر ويسألونه.

      الثاني: جعله مصعد عمل لم يصعد مثله.

      الثالث: جعله مهبط رحمة خاصة لم يهبط مثلها.

      الرابع: انه محل صعود الفيض من الارض لاهل السماء فانه معراج الملائكة.



      باب ما اعطاه من الماء:

      اعلم انه حيث منع من الماء الذي له فيه حق الشرب كسائر الناس قد اعطاه الله تعالى من الميـاه اربعة انواع:

      الاول: الكوثر جعله حقا له لعطشه وعطش شهدائه، ارواهم منه في الطف حين وقوعهم على الارض، بل قبل خروج ارواحهم كما في رواية عليا الاكبر عليه السلام حين وقع طريحا: يا أبت هذا جدي (ص) قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا "

      وجعله حقا لمن بكى عليه يرويه منه يوم العطش الاكبر، كما في رواية مسمع، وهذا في كثير من الاعمال الحسنة، لكن خصوصية الحسين (ع) ان الكوثر ليفرح بشرب الباكي عليه منه.

      الثاني: ماء الحيوان في الجنان يمزج بدموع الباكين عليه فيزيد عذوبته كما في الرواية المعتبرة.

      الثالث: ماء الدموع جعله الله تعالى له، فانه صريع الدمعة، وانه قتيل العبرة، فهو على اثر سمه، وعلى اثر ما هو باسمه، وعلى ذكر مصيبته، وعلى اثر نظره، وعلى اثر شم تربته، كما ذكر تفصيل ذلك في الفصول السابقة.

      الرابع: كل ماء بارد عذب يشربه احبته، فإن للحسين عليه السلام فيه حق الذكر

      فإنه عليه السلام قال:



      * شيعتي شيعتي ما إن شربتم عذب مـاء فاذكرونـي *



      وقال الصادق (ع) " اني ما شربت ماء باردا الا وذكرت الحسين (ع)." والحكمة في تربيع الحقوق المتعلقة بالماء له يمكن ان تكون على احد وجهين:

      فأولا: انه منع عن حقوق اربعة في الماء:

      الاول: من حيث الاشتراك مع الناس في حق الماء: فان الناس كلهم في الماء والكلأ، ولا جاز الشرب من الانهار المملوكة وان لم يأذن المالك، بل لعل من ذلك استحباب سقي الكفار، اذا كانوا عطاشى،كما في رواية مصادف عن الصادق (ع) في طريق مكة.

      الثاني: من حيث الاشتراك مع ذوات الارواح في حق الماء، فإن لكل ذات روح حقا فيه، ولذا يلزم التيمم مع الخوف من العطش على الحيوانات المملوكة وغيرها.

      الثالث: من حيث ثبوت حق السقي له (ع) على اهل الكوفة بالخصوص، فإنه قد سقاهم ثلاث مرات: في الكوفة مرة حين الجدب، وفي صفين تارة، وفي القادسية تارة حين الملاقاة مع عسكر الحر.

      والتفصيل في كتاب المراثي.

      الرابع: من حيث ثبوت حق له (ع) في الفرات بخصوصه، فإنه من نحلة الله تعالى لفاطمة الزهراء عليها السلام، حين تزويجها بعلي عليه السلام.

      فلم يرعوا واحدا من هذه الحقوق، حتى سألهم عن ذلك قطرة لطفله وأراهم الطفل يتلظى في الرمضاء فلم يرحموه.

      ثم سألهم ذلك لنفسه فلم يعطوه، ومات عطشان ومن معه صلوات الله تعالى عليهم وعلى شيعتهم الصادقون اصحاب الايمان المستقر لا المستودع.


      ما خلت قبلك بحرا مات من ظمأ كلا ولا أسدا ترديه اجمال
      وثانيا: ان عطشه عليه السلام قد اثر في اربعة اعضاء، فالشفة ذابلة من حر الظمأ، والكبد مفتت لعدم الماء، كما قال هو صلوات الله عليه حين كان واقفا وقد يئس من حياته بحيث علِم انهم يعلمون انه لا يعيش بعد ذلك فأظهر عطشه وقال (ع) " الان اسقوني قطرة من الماء فقد تفتت كبدي من الظمأ "،، واللسان مجروح من شدة اللوك، آه واإماماه وامظلوماه، وهو قد جاء في الحديث.

      والعين مظلمة من العطش كما في حديث جبرئيل لادم عليهما السلام في بحار الانوار 44: 244, ولو تراه يا آدم وهو

      يقول:

      " واعطشـاه"، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فقد اعطي الماء لاجل كل عضو قد اثر العطش فيه، فلا يبخل عليه بالماء الذي هو بأيدينا:


      إبكوا شـهيـدا بالدماء مزمـلا بـدم بـكـته اعين المدثر
      ابكو لمظلوم مدحه لم يحص لو كانت له جريا مياه الابحر


      باب الاشجار:

      تعليق


      • #13
        القسم الثامن
        الاحترامات الخاصة به (ع) وبجميع ما يتعلق به من الحمل الى يوم القيامة




        فأولها:

        الاحترام الخاص للزهراء عليها السلام اثناء الحمل به عليه السلام، وقول النبي صلوات الله عليه وآله لها: اني ارى في مقدّم وجهك نورا، وستلدين حجة لهذا الخلق، والقراءة عليها مكررا والقراءة على الماء ورشّه.

        وقولها عليها السلام " كنت لا احتاج ايام حملي به في البيت المظلم الى مصباح "، وقولها (ع) " كنت اسمع التقديس والتسبيح منه في بطني، وقولها " اني كلما نمت رأيت في المنام شخصين نورانيين يقرءان عليّ "

        وثانيها: الاحترام الخاص للتهنئة بولادته فقد صدرت خمسة اقسام من الوحي عندها، فأوحى الله الى رضوان خازن الجنان: أن زخرف الجنة، وطيّبها كرامة لمولود ولد لمحمد (ص)، واوحى الله الى الملائكة: ان قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير، كرامة لمولود ولد لمحمد صلوات الله عليه وآله وسلم.

        واوحى الله تعالى الى جبرئيل (ع) " ان اهبط الى النبي (ص) في ألف قبيل - والقبيل ألف ألف ملك، على خيول بٌلق مسرجة عليها قباب الدر والياقوت معهم الروحانيون بأيديهم حراب من نور ان هنئوا محمدا (ص) بمولوده " فتأمل في هذه الكيفية والجمعية الخاصة لهذه التهنئة.

        ثالثها: الاحترام الخاص لتسميته فانه قال تعالى لجبرئيل (ع) بعد ذلك، واخبره: " اني سميته الحسين "، فالتسمية منه تعالى بالخصوص، وقد سمّاه في كتابه المجيد ووصفه باوصاف خاصة، وجعل تعالى له (ع) في السموات اسماء خاصة كما في الروايات.

        رابعها: الاحترام الخاص لتعزيته فانه قال تعالى بعد التسمية بالحسين (ع) لجبرئيل (ع) بعد التهنئة: عزّه وقل له: ان امتك ستقتله.

        خامسها: الاحترام الخاص لقابلته، فانه تعالى قد ارسل حورية خاصة، فائقة على الحور عند ولادته، فكانت قابلة له هي ومن معها من الحور العين.

        سادسها: الاحترام الخاص لمهده، فقد عاذ الملك فطرس بمهده عليه السلام.

        سابعها: الاحترام الخاص لتحريك مهده، حرّكت مهده الملائكة، وميكائيل.

        ثامنها: احترام خاص لمناغاته في المهد، فجعل يناغيه في المهد جبرئيل عليه السلام.

        تاسعها: احترام خاص لرضاعه فجعله من لسان نبيه وابهامه، مع ان لثدي الزهراء عليها السلام شرافة لا اشرف منها.

        لكن حيث ان النبي المصطفى (ص) اشرف وافضل تحقق له بالنسبة اليه مصداق ما في زيارة جابر له حين قال " غذتك يد الرحمة ورضعت من ثدي الايمان وربيت في حجر الاسلام ".

        عاشرها: احترام خاص للباسه، فاهدى اليه بالخصوص لباسا، قال فيه النبي (ص) حين البسه: هذه هدية اهداها إليّ ربي تعالى للحسين، وانا اُلبسه اياها، وان لحمتها من زغب جناح جبرئيل "

        حادي عشرها: احترام خاص لقبره المبارك، فزاره قبل دفنه كل نبي من آدم الى الخاتم (ص)، ولم يُسمع ابدا بقبر قبل دفن صاحبه فيه.

        ثاني عشرها: الاحترام الخاص لدمعه، كما في رواية الخشف من الغزالة، وسنذكرها.

        ثالث عشرها: احترام خاص لدمه، فجعل الله تعالى حبيبه المصطفى (ص) يحيء فيلتقطه ويجمعه في قارورة خضراء، قد جاء بها ملك من الملأ الاعلى لاجل ذلك.

        رابع عشرها: الاحترام الخاص للدمع الجاري عليه، فجعل الملائكة يجمعونه ويدفعونه الى خزنة الجنان، ثم خزنة يمزجونه بماء الحيوان.

        خامس عشرها: الاحترام الخاص لمحل سيلان الدمع، فلا يرهقه قتر ولا ذلة.

        سادس عشرها: الاحترام الخاص لمجلسه، كما سيجيء ذكره عند خواص المجلس المبارك.

        سابع عشرها: احترام خاص من الله تعالى لشفاعته، بأن جعله شفيع الملائكة، وجعل وقتها يوم ولادته، وشفاعة غيره انما هي للناس يوم القيامة، فأعطاه هذه علاوة على تلك.

        ثامن عشرها: الاحترام الخاص للتربة المحيطة بقبره الشريف بتفاوت القرب اليه من خمسة وعشرين ذراعا الى اربعة فراسخ، فلها فضائل متفاوتة بتفاوت القرب الى موضع مرقده، وقد اختارها لمدفنه يوم دحي الارض كما قال ذلك عليه السلام حين اراد الخروج من المدينة المنورة، فجعل الله تعالى لها خصوصيات.

        الاولى: انها شرُفت على الكعبة المكرمة،كما ورد في بحار الانوار الجزء 44 الصفحة 331


        فمن حديث كربلا والكعبة لكربلا بان علو الرتبـة
        وقد يقال انها افضل من ارض الغري، وان لم تكن افضل من اصل مرقد امير المؤمنين علياً عليه السلام.

        الثانية: انه ورد عن الباقر (ع) بأسانيد معتبرة، انه خلق الله تعالى هذه الارض قبل ان يخلق الكعبة باربعة وعشرين الف عام، وقدّسها وبارك عليها.

        الثالثة: روي عنه عليه السلام ايضا باسانيد كثيرة، انه مازالت كربلاء قبل اخلق الله تعالى الخلق مقدسة مباركة، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله افضل ارض في الجنة، وافضل منزل ومسكن يسكن الله تعالى فيه اولياءه في الجنة.

        الرابعة: انه جعل هذه التربة ترعة من ترع الجنـة.

        الخامسة: عن السجـاد صلوات الله عليه: انه اذا زلزلت الارض زلزالها، وسيّرها، رفعت كربلاء كما هي بتربتها النورانية صافية، فجُعلت في افضل روضة من رياض الجنة، وانها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب، يغشى نورها ابصار اهل الجنة، وهي تنادي انا ارض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وسيد شباب اهل الجنـة.

        السادسة: ان التسبيح والاستغفار بحبات صنعت من تربته موجبان لتضاعف ثواب التسبيح لسبيعين.

        السابعة: ان ادارة السبحة المباركة من تربة كربلاء بلا تسبيح توجب ثواب التسبيح.

        أكرم بها من سبحة لحامل يحملها مسبحهِ.

        الثامنة: انه اذا اخذ السبحة منها وقال صباحا: " اللهم اني اصبحت اسبحك واهللك واحمدك عدد ما اُدير به سبحتي " كتب ذلك ما دامت في يده، وكذا اذا قال حين نومه، واضعا لها تحت رأسه، كما في الرواية عن الامام السجاد صلوات الله تعالى عليه.

        التاسعة: ان السجود على ترابها يخرق الحجب السبعة، ومعنى هذا الحديث اما خرق السموات للصعود، او المراد بالحجب: المعاصي السبع، التي تمنع قبول الاعمال، على ما في رواية معاذ بن جبل، وان السجود عليها ينوّر الارضين السبع

        مسألـة: هل الفضل في السجود على التراب منها؟ او يشمل المصنوعة من الطين المتعارفة؟ روي معاوية بن عمار ان الصادق (ع) كانت له خريطة، اي: كيس او هميان، فيها تراب كان يفرشه، ويسجد عليه، وهذا يدل على افضلية التراب، ويدل عليها غيره من العمومات.

        العاشرة: ان اكل كل طين حرام، وفي الرواية عن الصادق عليه السلام انه كلحم الخنزير ومن اكل فمات فلا يُصلى عليه.

        الا من اكل طين قبر الحسين صلوات الله عليه للشفاء، والذي له شروط واداب بالنسبة الى مكان اخذه واخذه وموضع امساكه واكله والنية فيه، وعمدة ذلك النية، وفي الحديث عن ابي يعفور باسانيد كثيرة.

        قال قلت لابي عبدالله عليه السلام: ياخذ الانسان من طين قبر الحسين (ع) فينتفه به، ويأخذه غيره فلا ينتفع به، قال (ع): لا والله الذي لا إله الا هو، ما ياخذه احد وهو يرى ان الله تعالى ينفعه به، الا نفعه الله تعالى به، وكذا يذهب اثره عدم الختم عليه فيتسمح به الجن والشياطين ويذهب اثره، كما في الروايات، وللختم عليه طرق.

        الحادية عشرة: ان حمل طينه عوذة وحرز للمخاوف اذا حمله بهذه النية كما في الحديث.

        الثانية عشرة: ان جعل طينه في المتاع للتجارة موجب للبركة فيها، كما في الرواية في كامل الزيارات 278

        الثالثة عشرة: انه ورد: حنّكوا اولادكم بتربة قبر الحسين عليه السلام فانها امان،، ايضا نفس المصدر الآنف الذكر.

        الرابعة عشرة: انه اذا جُعل مع الميت في قبره كان له امانا، كما ورد، وقد ورد ان امراءة كانت تزني وتحرق اولادها فلما ماتت ودفنت قذفتها الارض مرارا فجُعل معها بتعليم احد الائمة تربة الحسين عليه السلام، فلم يقذفها المدفن بعد ذلك.

        الخامسة عشرة: انه يستحب خلط الحنوط بتربة كربلاء، كما في تهذيب الاحكام الجزء السادس صفحة 76

        السادسة عشرة: ان الدفن فيها موجب لدخول الجنة بغير حساب.

        السابعة عشرة: ان الحور العين تستهدي التربة من الملائكة النازلين الى الارض للتبرك بها.

        الثامنة عشرة: ان هذه التربة قد حملها كل ملك واهداها الى النبي (ص) وقد اخذ النبي محمدا (ص) منها بنفسه وقد اخذ الحسين عليه السلام منها بنفسه، ايضا كما سنذكره.

        التاسعة عشرة: انه قد دفن فيها قبل الحسين (ع)مائتا نبي ومائتا وصي ومائتا سبط كلهم شهداء كم في الرواية المعتبرة في كامل الزيارات 270.

        العشرون: ان شمّها موجب لاراقة الدموع والعبرات، وقد تحقق ذلك قبل دفنه ايضا للنبي (ص) وبالنسبةالى الحسين نفسه (ع)، كما سنذكره في بيان اسباب البكاء.

        الحادية والعشرون: ان هذه التربة قد انقلبت دما، اينما كانت عند انصباب دم الحسين صلوات الله عليه، كما يظهر من روايات كثيرة منها رواية التربة التي كانت عند ام سلمة والتي رواها العامة والخاصة، وقد اعطاها النبي المصطفى (ص) لها حين اتى بها جبرئيل (ع) الى النبي (ص) وحين اُسري به (ص) هناك.

        فأتى بها (ص) بيده الشريفة واعطاها الى ام سلمة وهي تربة حمراء، فقال لها (ص) " احتفظي بها، فإذا صارت دما فإن ابني قد قُتل " قالت: فوضعتها في قارورة ز وكنت انظر اليها كل يوم، وابكي، حتى صار يوم العاشر من المحرم، نظرت اليها وقت الصبح فوجدتها على حالها.

        ثم عدت اليها بعد الزوال فاذا هي دم عبيط، فصحت وصرخت، قالت ام سلمة: رأيت القارورة بين يديها ودمها يغلي.

        وقد روي ان ام سلمة صلوات الله تعالى عليها ماتت يوم العاشر من المحرم حزنا على ولدها الحسين صلوات الله تعالى وسلامه عليه،وذلك بعد ان اقامت العزاء عليه مع جمع من نساء المدينة المنورة.

        الثانية والعشرون: ان دخوله موجب للحزن الشديد كما هو مُشاهد بالوجدان، خصوصا اذا دنوت من القبر، خصوصا اذا نظرت الى قبر ابنه عند رجليه، في الرواية انه يرحمه من نظر الى قبر ابنه عند رجليه، كما جاء في كامل الزيارات 61، فهل ترحمه كذلك اذا تصورت حالهما.

        الثالث والعشرون: ان هذه التربة مقبوضة بيد كل ملك زار النبي المصطفى (ص) ففي الرواية ان كل ملك اتى النبي (ص) كان معه شيء من تربة كربلاء، وكل نبي زار كربلاء فقد قبض منها وشمّها ومسّ جلده ترابها المبارك، فهي مقام كل الانبياء عليهم السلام الى يوم القيامة.

        الرابعة والعشرون: من الاحترامات الاحترام الخاص الذي قدّره الله تعالى لها مقارنا مع هتك حرمته من كل هاتك اراد اذلاله فقرنه بإعزاز واحترام، إما من الهاتك نفسه، وإما من غيره مقارنا لهتكه بحيث يغلب على هتكه.

        وقد لاحظت هذا المعنى من قضايا عديدة تقرب الى اربعين قضية، والحمد لله على إلهامه ذلك، وان اردت تصديق ذلك فلاحظ قضايا هاتكي حرمته والمجترئين عليه صلوات الله تعالى عليه.

        فنقول: ان الاذلال والهتك للحرمة عنوان، والقتل والجرح عنوان اخر، وحيث ان من اللطف الواجب على الله تعالى ان لا يذل اولياءه ذلا ينفر عنهم القلوب.

        فقد جعلهم مع الضعف والفقر والخصاصة الظاهرية يملأون العيون غنى وصولة وهيبة ووقارا وتمكينا في القلوب.

        وقد جعل لسيدنا المظلوم في ذلك خصوصية فاول من احب قتله وهو معاوية أمر بإحترامه، وذلك عند وصيته ليزيد

        وقوله له: اني اخاف عليك من الحسين عليه السلام، لكن اذا ظفرت به راع حقه، فانه فلذة كبد رسول الله تعالى صلى الله عليه وآله وسلم.

        واول من اُمر بقتله، وهو الوليد حاكم المدينة، قال: اعوذ بالله تعالى ان ابتلي بدمه.

        وقد احترمه ابن سعد عليه اللعنة، حين عزم على حربه، فأنشد أبياتا منها:


        ءأترك ملك الري والري منيتي او اصبح ماثوما بقتل حسين
        وقي قتله النار التي ليس دونها حجاب ولكن لي في الري قرة عين
        وقد احترمه شمر حين امر الناس بالهجوم عليه، فقال: انه كفء كريم ليس القتل عنده عاراً.

        وقد احترمه من اشتغل بقتله بأقوال منها: اقتلك وأعلم ان الخصل العلي الاعلى، وقد احترمه حامل رأسه الى ابن زياد لعنه الله تعالى، فقال:


        املأ ركابي فضة او ذهبا اني قتلت السيد المهذبا
        قتلت خير الناس اما وابا وخيرهم اذا يُنسبون نسبا
        فأمر ابن زياد بقتله

        وقد احترمه الراضّون لجسده بأبيات عظّموه فيها، انظر الى اللهوف الصفحة 59

        وقد احترمه يزيد لعنه الله تعالى، بمدحه له (ع) ورأسه المبارك بين يديه، وان الاحترامات المقارنة للهتك اذا لم تحصل من الهاتك نفسه ففي قضايا كثيرة من الذين هتكوا حرمته بألسنتهم:

        منها قول من قال له يوم عاشوراء: يا حسين ابشر بالنار، فقارنه الله تعالى بأن عثرت فرسه فتعلقت رجله بالركاب فجرّته الفرس الى خندق النار في ساعته.

        ومنها: قو من قال له ذلك اليوم: يا حسين اي حرمة لك من رسول الله (ص)، فابتلى تلك الساعة بأن خرج للحدث فلدغته حية وهو يتغوط وتلوث بحدثه ومات في ساعته.

        ومنها: قول من قال له: انظر الى الماء حتى تموت عطشا فقال الحسين عليه السلام " اللهم أمته عطشا " فعرضت له حالة كان ينادي العطش فيُسقى قربة، ثم ينادي العطش حتى انقّدت بطنه ومات عطشا.

        الخامسة والعشرون: الاحترام الخاص لاكله فانه قد اتحف من الجنة بثمرات حين اشتهاها، وهي في مواضع، منها حديث الرطب، والسفرجلة، والتفاحة، وكل طعام اهدي من الجنة الى جده (ص) وابيه وامه واخيه (ع) كانت عمدة استدعائه منه او لأجله.

        السادسة والعشرون: التشريفات الخاصة للباسه، قد خصّ الله تعالى الحسن والحسين عليهما السلام، بأن اُهدي اليهما من ألبسة الجنة مرارا واختلاف اللونين في لباسهما. والسر فيه مشهور وعلى كل لسان مذكور، لكن خصّ الله تعالى الحسين عليه السلام بلباس خاص به

        قالت ام سلمة: رأيت رسول الله صلوات الله عليه وآه يُلبّس ثوبا للحسين (ع) لم أر مثله في الدنيا فسالته فقال: هذه هدية اهداها ربي تعالى للحسين وانا اُلبّسه اياها، وان لحمتها من زغب جناح جبرئيل عليه السلام.

        ثم ألبسه الله تعالى بعد ذلك عند عرائه ألبسه من حلل الجنة بيد الملائكة كما سيجيء تفصيلها ان شاء الله تعالى.

        انتهـى العنوان الرابـع








        العنوان الخامس
        في بيان اللطف الرباني الخاص بالامام الحسين عليه السلام

        تعليق


        • #14
          العنوان الخامس
          في بيان اللطف الرباني الخاص بالامام الحسين عليه السلام




          الذي عبّر عنه بقوله " فوضع الله تعالى يده على رأس الحسين عليه السلام" وحيث انه كناية عن نهاية نظر الرحمة اليه فقد ظهر هذا في شيئين كما في الروايات الصحيحة:

          الاول: ما ناله هو في نفسه.

          الثاني: ما ينال الناس به.

          اما الاول: فانه مرتبة خاصة من القرب لا نقدر على تقريرها بل ولا على تصورها، ومن فروعها جعل الامام في ذريته.

          واما الثاني: فاُمور كثيرة: منها جعل الشفاء في تربته، والاجابة تحت قبته، وعمدتها واجّلها واعظمها، ان الله تعالى قد خصّه بصيرورته سببا عاما لرحمته على عباده وقد خلقهم لها فجعله بذلك عمدة التسبب، وحيث كان نبيه رحمة للعالمين جعل الحسين من النبي وجعل النبي المصطفى منه، ولذا قال (ص) " حسين مني وانا من حسين ".

          فهو محل وضع يد الرحمة، ومن الرحمة، وغذته يد الرحمة، ورُبيّ في حجر الرحمة، ورضع من لسان الرحمة، ونبت لحمه ودمه وذاته روحه الزاكية من الرحمة، ونور بصر الرحمة، وهو جلدة ما بين عيني الرحمة، وريحانة الرحمة، ومجلسه صدر الرحمة، ومركبه كتف الرحمة، ومرتحله ظهر الرحمة، ومسيره الى الرحمة، ومعدن خاص للرحمة، ومجمع لاسباب الرحمة، وجامع وسائل الرحمة، ومنبع عيون الرحمة، ومشرع الواردين للرحمة، ومترع مناهل الرحمة، ومغرس حدائق الرحمة، ومظهر ثمرات الرحمة، ومنبت اغصان الرحمة، ومحرك مواد الرحمة، وسحائب فيوض الرحمة، وبه يتحصل الكون في موضع العفو و الرحمة، والدخول في سعة دائرة الرحمة، وبالرحمة عليه يتحقق كتب واسع الرحمة، وهو الرحمة الموصولة، والرحمة المرحومة، فهل في قلبك له عليه السلام رحمة فتكون من الباكين عليه رحمة فيصلي عليك رب الرحمة تبارك وتعالى؟، ويقال لك صلى الله تعالى عليك يا صاحب الرحمة، وهذا العنوان لبيان وسائل الرحمة به اجمالا وكثرتها وعمومها وبيان معادتلها مع كل الاعمال الشرعية والصفات الدينية.

          ولنذكر اولا مقدمتين:

          المقدمة الاولى: " أيحسب الإنسان أن يترك سدى "، لا تحسب ايها الانسان انك جئت سدى، ولا تحسب انك تترك سدى، ولا تحسب انك تذهب سدى، فان خالقك حكيم قادر غني منزه عن العبث واللهو، وقد وجدت بخطابات تكوينية بعد ان لم تكن شيئا مذكورا، فكنت ترابا بخطاب، ثم نطفة بخطاب، ثم علقة بخطاب، ثم عظاما بخطاب، ثم مكسوا بلحم بخطاب، ثم انسانا بخطاب، ثم افيض عليك العقل والقوى بخطاب من الله تعالى.

          وهذه كلها خطابات تكوين منه تعالى لك، فلما تكونت بمقتضاها توجهت اليك اقسام من الخطابات التكليفية، وتفرعت عليها اقسام خطابات لك، واقسام خطابات بالنسبة اليك.

          بيان ذلك: انك مخاطب الان باعتقادات، وبصفات وبفعل واجبات ومندوبات، بدنيات وماليات، وبترك صفات وافعال واقوال واموال، وبخطابات تعلمها اولا ثم تعمل بها، ثم انه قد توجهت اليك بعد ذلك خطابات ارشادية بالطاعات، والاستباق الى الخيرات، ابتغاء الوسيـلة الى الله تعالى، واتخاذ السبيل الى الله، واجابة داعي الله تعالى، والتزود الى الله، واقراض الله، و تقوى الله، والمجاهدة في سبيل الله، والمسارعة الى مغفرة الله تعالى ونحو ذلك.

          وبعد توجه هذه الخطابات اليك، تتوجه اليك خطابات تكوينية يتحقق مؤداها بمجرد توجهها عند انقضاء اجلك.

          فتخاطب روحك ممن له الامر بالمفارقة، وجسدك بالوقوع وقواك بالسقوط، وعينك بالظلام، وسمعك بالصم، ولسانك بالخرس، ويقال لك: اترك كل ما في يدك ومالك وما تراه بعينك كله دفعة واحدة.

          فيتحقق كلٌ بمجرد الخطاب بهما، ولا تقدر على عدم اجابة هذا الداعي الالهي.

          واذا تحقق ذلك فتصير معرضا لخطابات.

          هي اثار الخطابات التكليفية الموتجهة اليك، وتختلف حالتك فيها باختلاف حالاتك في امتثالها.

          فمنها خطابات: تتوجه اليك بعد تفرق اجزاء وجودك من روحك وجسمك باجتماع اجزاء جسدك وعود الروح كما انت الان، وهذه ايضا تتحقق الاجابة عليها بمجرد النداء بها.

          ومنها: خطابات تتوجه اليك: بـ(إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً) فتأخذه اما بيمينك او بشمالك او وراء ظهرك، فتقرأه، فإما ان تقول: " يا ليتني لم اُوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه "، وإما ان تقول: " هآؤم اقرؤا كتابيه، إني ظننت أني ملاقٍ حسابه ".

          ومنها: خطابات تتوجه من الله تعالى: فمنهم من يخاطب: " يا عبادِ لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون:، ومنهم من يُخاطب: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون ".

          ومنها: خطابات تتوجه الى ملائكة المحشر بالنسبة الى اهلها: فمنها " وقفوهم إنهم مسؤلون، ومنها بالنسبة الى المؤمنين حي تتلقاهم الملائكة " أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون "..

          ومنها: بالنسبة الى بعض المذنبين: " خذوه فغلوه "، فياله من ماخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا اهله.

          ومنها: " ثم الجحيم صلّوه ".

          ومنها: " ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه "، وما ادراك بمعنى فاسلوكه، ان معناه ان يُسلك الشخص في حلقات السلسلة، لا كسلاسل يشد بها الشخص على ما هو المتعارف.

          ومنها: خطابات الى الملائكة بالنسبة اليك: أما: " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " أو " خذوه فاعتلوه الى سواء الجحيم، ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ".

          ومنها: خطابات تتوجه اليك تعجيزية: منها: " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا ".

          ومنها: " أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق ".

          ومنها: خطابات تهكمية: منها: " اصلوها فاصبروا او لا تصبروا سواء عليكم ".

          ومنها: ذق إنك انت العزيز الحكيم ".

          فهذه الخطابات السبعة الاخيرة فروع للخطابين الاولين التكليفي والارشادي، فلاحظ نفسك أيها امتثلا او تهيؤاً لها.

          المقدمة الثانية: اعلم انك الان مصاب بمصيبة عظيمة ما اعظمها لو تصورتها.

          وذلك من جهات:

          الاولى: انك رمية المصائب العارضة واسير المنايا وهدف البلايا في حلقوم الرحى الدائرة، مساق الى الموت كل ساعة في النزع، وفي سفينة طوفانية ما تدري اي ساعة تغرق قد احاط بك الاخلاط التي لا بد ان تُقتل بأحدها، واحدق بك الاعداء كل يجرك الى طرف.

          الثانية: مصيبة لك لا تحس بها ابدا ولكن كان عليا عليه السلام اذا ذكرها يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الثكلـى، وهي ان السفر بعيد، والمنازل مخوفة مهولة، والمورد عظيم خطير، والزاد قليل، والرجل حافية، ومالك موكب، والكف صفر، والطريق مخوف.

          الثالثة: قد عظم بلاؤك، وافرط سوء حالك، فانت المحترق بالنيران المتعددة، انت الذي اشتغل قلبك وبدنك ولسانك وبطمك ورجلك بشعلات المعاصي، انت المقتول في معركة الذنوب، انت المأسور للنفس الامارة والشيطان، اعضاؤك مشتعلة النيران، قد توقدت على الظهور والبطون، والقلوب قد تقطعت اجزاء انسانيتها، وقد جرحت بمائة الف جرح من المعاصي، وقد وطأت خيول الضلال اعضاء هدايتك.

          الرابعة: بلية عظيمة لا مناص عنها ولا خلاص، وهي انه ان بقيت هنا، فانت الان، اما فقير او غني، فان كنت فقيرا وكبرت سقطت قواك، وان كنت غنيا لم تلتذ بما عندك، فاجتمعت عليك مصائب الفقر الى من كان فقيرا اليك، وتأذى احب الناس اليك منك، فيرجو موتك من ترجو حياته، وينزعج كل واحد لاستبطاء موتك، فان ذهبت من هنا فالى قبر لم تمهده لرقدتك، ولم تفرشه للعمل الصالح لضجعتك، فاذا دخلته وبقيت فيه فوجه كالح والكالح هو التكشّر في عبوس او التعبس المفرط، وجسد خاوٍ، واعضاء معطلة مسودة، ومصاحبة للنمل والدود والعقارب والخنافس، وان خرجت، فالى محشر ارضه نار، وسقفه نار من الشمس، والجوانب نار من المعاصي، فان بقيت فكيف تبقى؟ وان ذهبت فالى اين؟

          فلو عرفت انك مصاب بهذه المصائب، للبست السواد، وفرشت الرماد، وتركت الاهل والمال والاولاد.

          قال عليا عليه السلام: " انكم لو تعلمون ما اعلم مما طُوي عنكم غيبه اذاً لخرجتم الى الصعداء تبكون اعمالكم وتلتدمون على انفسكم، ولتركتم اموالكم لا حارس لها ولا خالف عليها، ولهمّت كل امريء منكم نفسه "، فاشغلتكم هذه المصيبة عن كل مصيبة، ولو كانت في نفسك وولدك واخوانك.

          تبيان: المراد بالصعداء هنا: الصحاري، والالتدام: ضرب النساء صدورهن او وجوههن للنياحة، وهمته اي: شغلته

          واذا تمهدت المقدمات، فاعلم: ان خامس اهل الكساء، وسيد الشهداء ابا عبد الله الحسين عليه التحية والثناء.

          قد امتثل لله تعالى خطابا خوطب به في صحيفة مكتوبة له خاصة، جاء بها جبرئيل عليه السلام من الله تعالى واودعها عند نبيه محمدا صلوات الله عليه واله، ثم سلمها (ص) الى عليا (ع) ثم علي الى الحسن (ع) ثم سلّمها الحسن المجتبى الى اخيه الحسين عليهما السلام عند وصيته، فامتثل خطابا خاصا من تكاليفه الخاصة، والخطاب الخاص هو: " اخرج بقوم الى الشهادة فلا شهادة لهم الا معك واشتر نفسك لله عز وجل "، نعم فامتثل عليه السلام خطابا خاصا من تكاليفه الخاصة.

          حصل لمن توسل بوسائله، اطاعة التكاليف الارشادية، وامتثال الخطابات التكليفية، وتحمل مصيبة اُعطى بها اجر حصل لمن تمسك به ارتفاع جميع المصيبات، وتفرع على ذلك النجاة من العقبات، خوطب عند امتثاله ذلك التكليف الخاص بخطاب ارتفع به عن المتوسل به، التهكمية، والتعييرية من الخطابات.

          ففي وسائله يحصل امتثال الامر بالطاعات، والامر بالصلاة والصيام والصدقات والحج والعمرة والجهاد والرباط، ويحصل ثوابها، ويحصل لك اعلى افرادها الذي يتصور وقوعه منك، وزيادة على ذلك انه قد يحصل لك اعلى افراد مالا يتصور وقوعه منك، مثل الصلاة والحج و الجهاد مع الني محمدا صلوات الله عليه واله، وزيادة على ذلك انه قد يحصل لك بحسب العدد والكم ما يستحيل وقوعه منك، مثل ان تحج مائة حجة.

          وفي الوسائل الحسينية ما تحصل لك مائة الف حجة، وقد يحصل لك ما يستحيل وقوعه في نفسه لا منك خاصة، فالتشحط بالدم قتيلا لا يمكن الا دفعة واحدة، وفي الوسائل ما تكون الف مرة متشحطا بدمك في سبيل الله تعالى فبها ترتفع المصيبات المتحققة فيك الان وانت لا تشعر بها، وتندفع البليات التي انت معرض لورودها، وبها يحصل تسهيل العقبات التي انت مشرف عليها، وبها يحصل الامن من الاهوال والمخاوف في جادتك التي انت الان ماش عليها، وبها يحصل امتثال التكليفية والارشادية من الخطابات، وتحصل المحمودة من الصفات، وترفع تأثيرات المهلكات من الصفات، وبها تحصل المغفرة للعصيان الحاصل بارتكاب المنهيات، والفتح لما سدّ الشخص على نفسه من ابواب الجنان، وسدّ ما فتحه من ابواب النيران واطفاء ما احاط به الان من النيران، وبها حصول الدرجات، وبها ارتفاع الدرجات، وبها ارفع الدرجات، وفيها مالا يُتصور من الدرجات، ولتوضيح هذا المطلب نذكر عائدة

          " تعِيَها اذن واعية " فيها عود وتكرر وتوضيح فاحضر قلبك واستمع.

          واحترس، فانه قد توجهت اليك الان من ربك خطابات كثيرة انت في عهدتها

          فالافاقة الافاقة، فلك بعد ايام، حالة قيامة صغرى عليك، تتوجه بالنسبة اليك خطابات تجري عليك، ما اصعبها.

          الحذر الحذر، فلك بعد ذلك حالة تجري عليك ما اصعبها، الحذر الحذر، فلك بعد ذلك حالة وهي القيامة الكبرى تقوم عليها تتوجه بالنسبة اليك خطابات ما اعظمها وافظعها واهولها، فبالحسين يحصل امتثال خطابات لك، وبالحسين عليه السلام يسهل جريان خطابات، وبالحسين دفع ورفع لخطابات، فهنا ثلاث كيفيات:






          تعليق


          • #15
            الكيفية الاولى:

            تفصيل لتحصيل امتثال الخطابات وهي على اقسام:

            الخطاب الاول: خطاب العبادة، قال الله تعالى " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون "

            وهذا خطاب ورد على لسان مائة والف وعشرين الف نبي وعلى لسان الاوصياء والصلحاء والملائكة والحكماء والعرفاء واهل الملل، فلاحظ نفسك هل عبدته بعبادة مطابقة لاحدى الملل السابقة، او لهذه الملة التي تدعيها الان؟.

            ثم لاحظ زمانا لها، فهل عبدته في طول عمرك، او نصف عمرك، او بعض عمرك، او سنة من عمرك، او شهر او يوم او ساعة.

            ثم لاحظ نفسك من اي عبّاده انت، فلست من عباده المكرمين ولا من عباده المصطفين ولا من عباده المخلـَصين ولا من الذين قال تعالى فيهم: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ".

            ولا من عباده المؤمنين اذا لا صفة لك من صفاتهم.

            ولا من عباده المتقين اذ لا علامة فيك من التقوى.

            ولا من عباده المسرفين الذين قال تعالى فيهم: " لا تقنطوا من رحمة الله "، فإنه قال:" وأنيبوا إلى ربكم "، ولست من المنيبين المخاطبين، بـ (لا تقنطوا).

            ثم لاحظ عبادتك له تعالى، وليست عبادتك عبادة الاخلاص الخاص.

            بل ولا كعبادة العبيد تكون خوفا من ناره.

            بل ولا عبادة الاُجراء تكون طمعا في جنته.

            وليتنا اكتفينا بعدم عبادته تبارك وتعالى بقسم من الاقسام، بل عبدنا من دونه عدونا وعدوه، ولسنا اكتفينا بواحد بل عبدنا الهوى وعبدنا الدينار والدرهم.

            وعبدنا ما لا يحصى عدده، وليتنا اكتفينا بقسم من اقسام العبادة، بل عبدناه بجميع ما يُتصور من اقسامها.

            فاذا عرفت حالتك بالنسبة الى عبادة ربك تعالى فاعلم انه يمكن ان تنال بالحسين الشهيد عليه السلام دخولك في جميع اقسام العبادات وعبادتك طول عمرك، ويمكنك ان تنال به (ع) مرتبة العبودية بجميع انواعها واقسامها، وبيان ذلك:

            فيه مطالب:

            الاول: اذا زرت الحسين (ع) حصلت لك من مراتب عبادة المكرمين، وهم الملائكة، وذلك ان علو مراتبهم انما هو بمراتب عبادتهم، وقد يحصل لزائر الحسين (ع) صلاة الملائكة وتسبيحهم وتقدسيهم وطول عبادتهم الى يوم القيامة، وفوق ذلك تكون الملائكة نوّابا عنه في زيارة الحسين (ع) الى يوم القيامة، وسنذكر الروايات بعد ذلك ان شاء الله.

            وبهذا يظهر لك معنى الروايات ان من زار الحسين (ع) كان من عباد الله تعالى المكرمين.

            الثاني: اذا زرت الحسين (ع) حصلت لك من مراتب عباده المصطفين، وهم الانبياء سلام الله عليهم اجمعين، فإن من بعض خواصها الكون مع النبي صلوات الله عليه وآله، والاوصياء في درجاتهم والاكل معهم على موائدهم ومصافحتهم ودعاءهم لك وحديثهم معك وسلامهم عليك، وسنذكر تفصيل الروايات في ذلك.

            الثالث: بخصوصيات وسائل الحسين (ع) تحصل لك من مراتب عبادة الصالحين والمخلصين والمؤمنين والزاهدين والخائفين، كما سيظهر تفصيلها من الروايات الخاصة، وكما يحصل بها لك من مراتب العباد كلهم يحصل لك ثواب العبادات كلها من خطابات الصلاة، والزكاة والحج والعمرة والجهاد، والمرابطة، والوقوف والصدقات والمستحبات، وثواب اعلى الدرجات و النيات وثواب عبادة العمر كله لا بل الدهر كله، كما يتبين ذلك عند ذكر التفصيلات.

            الرابع: من الوسائل الحسينية ما يحصل لك منها خصوصية نداء العباد المسرفين المنيبين المخاطبين بقوله تعالى " لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً "، فإنه تحصل بالبكاء عليه سلام الله عليه ويحصل من الزيارة له مغفرة الذنوب جميعا، لا الذنوب الماضية فقط، بل قد تحصل مغفرة الذنوب المستقبلة، لا ذنوبك جميعا، بل قد تحصل مغفرة جميع ذنوب والديك، لا ذنوب والديك معا، بل قد تحصل مغفرة ذنوب من احببت جميعا، كما جاء في كتاب كامل الزيارات 152و154و166 وبحارالانوار جزء 98الصفحة 26

            وسيُعلم هذا عند ذكرالروايات في التفصيل ان شاء الله تعالى

            الخطاب الثاني: " يا أيها الناس اتقوا ربكم "، وهذا كالخطاب الاول، خلاصة كلام كل نبي بل هو وصية كل نبي ومضمون كل كتاب سماوي، وهو على اقسام، وتحصل بوسائل الحسين (ع) ثمرات جميع اقسامه واعلاها، اي خطاب المتقين يوم القيامة بقوله تعالى " يا عبادِ لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون "..

            اذ بمثل هذا يُخاطب من زار الامام الحسين عليه السلام عارفا، كما سيجيء بيانه عند التفصيل في العنوان الاتي

            الخطاب الثالث: الانفاق في سبيل الله تعالى، " وأنفقوا في سبيل الله "، وقد يحصل بالحسين (ع) جميع افراد الانفاق، من الاعطاء والاطعام والسقي والزكوات والصدقات وكل معروف هو صدقة، بل يحصل منه ما يستحيل حصوله بغيره عليه السلام، ففي بعض خصوصيات وسائله ما يكتب لك بها ثواب سقي عسكر الحسين المظلوم صلوات الله تعالى عليه وفي يوم عاشوراء، وذلك بالنسبة لمن سقى الماء في عاشوراء عند قبره المبارك.

            فهل تحبون ان تسقوا عسكر العطشان الان وان لم تكونوا عند قبره ولم يكن ليل عاشوراء:


            فكل موضع يرى قبره وكربلا كل مكان يرى
            فاذا تصورته واحترق قلبك على حالاته صار قلبك موقفه ومدفنه، فاسق عنده الماء من عينيك وبذلك تكون قد سقيته وسقيت عسكره وعياله واطفاله ومن كان معه.

            الخطاب الرابع: خطابات الجهاد " وجاهدوا في الله حق جهاده "، وهو قسمان: اكبر واصغر، والقاتل سعيد فيهما فالمقتول في الاول شهيد، لكن المقتول في الثاني طريد، ولست بقاتل ولا مقتول في الاول، ولا في الثاني، ولكن يمكن ادراك ذلك بالحسين الشهيد عليه السلام.

            وفيه مطالب:

            الاول: اذا تمنيت ان تكون شهيدا مع الامام الحسين عليه السلام وقلت: يا ليتني كنت معكم، كان لك من الثواب مثل من اسشهد معه، كما جاء في امالي الصدوق الصفحة 112و113 وكذلك في بحار الانوار.

            اقول: هنا يتحقق هذا الامر مع الحب والاتباع والتأثر الصادق بولائهم عليهم السلام، والناس في هذا مراتب ودرجات متفاوتة كلٌ بحسب قابليته وتعلمه وايمانه وقبل كل شيء توفيق الله تعالى له ولطفه عليه، وليس حديثا نجريه على اللسان.

            الثالني: اذا احببت عمل الشهداء شاركتهم، كما في رواية جابر قال: نعم اشهد لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.

            الثالث: اذا زرت الحسين (ع) في ليلة عاشوراء وبتّ عنده حتى الصباح لقيت الله تعالى ملطخا بالدم كمن قتل معه.

            الرابع: وهو يفوق اصل الجهاد، فإن الجهاد قد تحصل به الشهادة وقد لا تحصل، وفي هذه الوسائل ما يحصل من ثواب الجهاد والشهادة والتشحط بالدم.

            الخامس: ما فاق على ذلك، فان التشحط بالدم في سبيل الله تعالى انما يتحقق مرة واحدة، وفي الوسائل ما يحصّل ذلك مرات عديدة.

            الخطاب الخامس: " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى "، واحسن الزاد ما طاب وبلغ المنزل.

            وزيارة الحسين (ع) نِعم الزاد لهذا السفر الطويل، فانه نافع في كل منزل، وطيب، قد فاق كل زاد وليس هو زاداً لك وحدك، بل زاداً لغيرك ايضا، فانك قد تأخذ بيد من احببته فتدخله الجنة.

            الخطاب السادس: " وأقرضوا الله قرضاً حسناً "، والوسائل بالحسين عليه السلام قرض حسن لله تعالى، وقرض حسن لحبيبه المصطفى صلوات الله عليه وآله، وقرض حسن لعلي بن ابي طالب عليهما السلام، وقرض حسن للزهـراء البتول فاطمة سلام الله تعالى عليها، وقرض حسن للمظلوم المسموم الحسـن المجتبى عليه السلام وقرض حسن للحسين الشهيد سلام الله عليه، ويضاعف الله تعالى لك في كل قرض لكل واحد منهم اضعافا كثيرة لا يعلم عددها الا الله تعالى.

            الخطاب السابع: " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لِما يحييكم " وقد دعانا رسول الله محمد (ص) فيما يتعلق بالحسين (ع)، الى اسباب لحصول الحياة الابدية الحقيقية، من المحبة له (ع (والنصرة والبكاء والزيارة واحياء امرهم بذكرهم...... الخ. بالتفاصيل السابقة واللاحقة.

            الخطاب الثامن: " وقدّموا لأنفسكم "، وهذا تقديم للنفس، وتأخير لها ايضا، يلحق ويتجدد حصول ثوابه لعد موتك.

            الخطاب التاسع: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم "، و" استبقوا الخيرات "، ويحصل بالحسين عليه السلام اسرع المغفرة، فان الذنوب تـُغفر بالبكاء عليه بمجرد دوران الدمع في الحدقة، وبزيارته بمجرد النية والعزم.

            الخطاب العاشر: خطابات الدعاء " اُدعوا ربكم تضرعاً وخـُفية "، وتـُنال بوسائله ثمرات الدعاء لكل حاجة تدعو لها، وينال به (ع) مع ذلك اذا زرته دعاء رسول الله تعالى محمد (ص)، ودعاء عليا وفاطمة والحسن والائمة عليهم السلام، ودعاء الملائكة.

            وفي الرواية الاخرى: ان زائره لا يضع قدمه على شيء الا دعا له، وانه عليه السلام يسأل الله تعالى لك الدعاء اذا زرته، وبكيت عليه من حدّه وابيه، وقد دعى الامام الصادق) ع) في ايام حياته وهو ساجد باك لمن قلّب خده على قبر الامام الحسين (ع) ولمن جرى دمعه عليه، ولمن صرخ لأجله.

            الخطاب الحادي عشر: " كونوا أنصار الله "، والله تعالى اجّل من أن يحتاج الى نصرة، انما هو الغني المطلق الخالق الباريء، لكن من سعة رحمته جل جلاله ان جعل نصرة اوليائه ودينه هي نصرته تبارك وتعالى، وكلما كان المنصور من اوليائه مستضعفا مقهورا مظلوما، كان تحقق نصرة الله تعالى فيه اظهر واجلى.

            قال الامام الصادق (ع) " بابي المستضعف الغريب بلا ناصر "، فزيارة هذا الغريب الشهيد (ع) نصرة له، والبكاء نصرة له، واقامة عزائه نصرة له وتمني نصرته نصرة له، بل اقول السجود على تربته نصرة له، والتسبيح بسبحة تربته نصرة له، فان الفضيلة المجعولة فيهما من الاعواض الخاص التي اعطاها الله تعالى له)ع) كما سنذكرها في عنوانها ان شاء الله تعالى.

            الخطاب الثاني عشر: " أجيبوا داعي الله "، وداعي الله تعالى هو النبي محمدا (ص) الذي دعى الى الاسلام، ويتلوه الحسين (ع) الذي دعى الى الايمان، واظهر الدعوة الى الايمان، وأبان الامر عن بطلان ما اعتقده الناس من خلافة اهل العصيان، وجميع وسائله اجابات لِما دعى اليه، كما يظهر بالتأمل فيها حتى اني اقول: ان الاستشفاء بتربته اجابة لدعوته فتأمل في ذلك لتفهم.

            الخطاب الثالث عشر: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة "، والحسين الشهيد عليه السلام اعظم وسيلة نبتغيها، فإن وسائله عظيمة ميسرة سهلة الحصول، فيها ما هو غاية المأمول وفوق المأمول.

            الخطاب الرابع عشر: " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيـلاً "، والحسين امامنا (ع) السبيل الاعظم والصراط الاقوم وأنهج السبل، وهذه المذكورات انموذجا وقانون.

            فقس عليها غيرها من الخطابات الالهية، وجميع ما في القرآن من قبيل ذلك، كالخطابات بالتجارة المنجية والرابحة، فقس مالم نذكرعلى ما ذكرنا، ولا تتوهم اغراقا ولا مبالغة.



            الكيفية الثانية

            تصوير انه يسهل بالحسين (ع) جريان الخطابات التكوينية عند قيام القيامة الصغرى عليك اعني موتك وايامها، اعني برزخك.

            فنقول:

            ان من وسائله الاستعبار عليه، وتغيير الاحوال عند تذكر ما صُنع به، بحيث لم يتهنأ من طعام ولا شراب، ومن خواص ذلك انه يحضره النبي (ص) والائمة (ع)، ويلقونه بشارة وتحية يفرح بها فرحة تبقى في قلبه الى يوم القيـامة.

            فيسهل بها جميع ما يرد عليه من خطابات الاحتضار، والبرزخ الى غير ذلك، من كيفيات التسهيل التي نبينها في التفصيل.



            الكيفية الثالثة:

            كيفية رفه الخطابات التهكمية والتعجيزية، وخطابات الاخذ والجر والغلّ والسلك في السلسلة، وغير ذلك.

            وينال بالوسائل الحسينية تبديلها بخطابات الملاطفة والمرحمة، او دفعها او رفعها، وذلك ان النبي (ص) قد ضمن انه يزور من زاره يوم القيامة، فقال (ص) " ضمنت على الله تعالى وحق عليّ ان ازور من زاره يوم القيامة.

            فقال صلوات الله عليه واله: فآخذ بعضده فأنجيه من اهوال القيامة وشدائدها، حتى اصيّره في الجنة "، ومع عظم هذه الكيفيات فلا يكتفى بها بل وزيادة على ذلك فهي الباقيات الصالحات، والاعمال المقبولات اللاحقات.

            فبالحسين الشهيد عليه السلام قد اطفئت النيران، وبه (ع) قد فـُتح باب عظيم للجنـان، سمي بباب الحسين (ع) به يحصل الدخول من كل باب، فهو الباب والمفتاح لابواب الجنان، والمغلاق لطبقات النيران، فهلموا الى الوسائل الحسينية وابشروا فان فيها مع ما ذكرناه علاوة عجيبة، وطريفة مبشرة، ونعمة عظيمة، ومنة من الله تعالى جسيمة، وذلك ان في التسبيبات الحسينية خصوصية اخرى تفوق على جميع التسببات وتزيد على جميع الاعمال الصالحات.

            من جهات:

            الاولى: ان نهاية ثمرة الاعمال الخلاص من النار، وقد فاقتها ثمرة التسبيبات بأنه يحصل بها التخليص للغير من النار ايضا.

            الثانية: نهاية ثمرتها دخول الجنة، وقد فاقت هذه بأن فائدتها ادخال الغير الى الجنة ايضا.

            الثالثة: نهاية ثمرتها ان يُرزق الشرب من الكوثر، فيصير الشخص شاربا منه، وهذه قد فاقت بأنه قد يحصل بها كون الشخص ساقيا عند الكوثر.

            الرابعة: نهاية ثمرة الاعمال الصالحة ان ترقى اعمالك في كتاب الحسنات، فتؤتى كتابك بيمينك تقرؤه، وقد فاقت بأنه قد يحصل بها ان يكتب في كتابك من اعمال افضل العابدين لله تعالى، اعني من اعمال نبيه المصطفى صلوات الله تعالى عليه واله، وهو افضل المخلوقات.

            الخامسة: نهاية ثمرتها ان لا يحال بينك وبين محمداً (ص) يوم القيامة، فتستشفع به الى الله تعالى، وهذه قد يحصل منها ان النبي (ص) يتفحصك ويطلبك ويأخذ بعضدك وينجيك من اهوال القيامة.

            السادسة: نهاية ثمرة الاعمال الجنة والحو ر الرضوان، ولكن في بعض الروايات: انه يثاب الباكون عليه (ع) بان يجلسوا تحت العرش في صحبته ويتحدثوا معه، فتـُرسل الحور اليهم: إنا قد اشتقناكم، فيأبون الذهاب ويختارون حديث الحسين (ع) على الجنة والحور.

            السابعة: نهاية ارتفاع الدرجات ان ترتفع درجة الشخص على بعض المؤمنين والوسائل الحسينية قد فاقت على ذلك بأنها توجب ان يكون الشخص مع افضل النبيين (ص (وامير المؤمنين (ع) في درجاتهم ويأكل معهم على موائدهم.

            الثامنة: نهاية الاعمال الصالحة حصول الرضوان من الله تعالى، وهو اكبر واعظم من الجنان، وهذه فاقت بأنه قد يحصل منها ام يكون من محدثي الله تعالى فوق عرشه، كناية عن شدة القرب.

            التاسعة: نهاية ما يحصل لك في تجهيزك بعد موتك ان يغسلك صالح جيرانك، وان تكفن بخالص حلالك ويصلى عليك من حسن ظاهره من العلماء، او الصلحاء، وفي تسبيبات الحسين (ع) ما يوجب ان يصلي على جنازتك الروح الامين مع الملائكة المقربين (ع)، ويكفنوك بأكفان الجنة، ويحنطوك بحنوط منها.

            العاشرة: نهاية الاثار والاعمال اللاحقة للشخص والباقيات الصالحات التي لا ينقطع عمله منها: ان تبقى مدة مديدة بعد موته، فيعمل النائب عنه من الناس، او يهدي اليه من اعمال الناس فيصل اليه عشر ثوابه لو كان صحيحا، او ينتفع شخص بعلمه او فرسه او مائه او مسكنه او قنطرته.

            او يكون له ولد صالح يستغفر له، وهذه لا تبقى بحسب العادات أزيد من ألف سنة، فان الزمان وحالاته متبدلان متغيران، ولكن في هذه الوسائل ما يوجب ان تكون الملائكة بعد موتك نوابا في العمل عنك الى يوم القيامة، فكل ثوابهم يكتب لك، ولا يستبدل باوضاع الزمان.

            الحادية عشرة: نهاية الترقي لك ان تكون من عباد الله الصالحين، وفي الوسائل الحسينية، ما يجعل الشخص من ملائكة الله المقربين، لا بل ان لا تعجب اقول من الكروبيين، وهم سادات الملائكة المقربين، كما دلت عليه الروايات المعتبرة، وسيجيء تشخيص مصاديق هذه في عنوان التفاصيل بعون الملك الجليل.

            الثانية عشرة: نهاية الاعمال الصالحة ثبوث اجر متصور، وفي هذه اجر لا يتصور اذ لم يتبين لاحد، فهو درجة من ارفع الدرجات، ولا شيء فوقه، فلنكتف بهذا الاجمال.

            ولنشرع في التفصيل وحيث ان عمدة هذه الوسائل تأثر القلب بالبكاء عليه، وتوجه القلب اليه بالزيارة فنذكرهما في عنوانين ونجعل لباقي الوسائل كلها عنوانا ثالثا فنقول بحول الله وقوته.

            انتهى العنوان الخامس








            العنوان السادس
            في خوصياته (ع) المتعلقة بالخشوع لتذكّره
            والرقة والبكاء عليه واقامة مجالس المآتم والرثاء

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X