بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على حبيب القلوب، وسيد الكائنات، الرحمة المهداة، محمد المصطفى وعلى آله الطاهرين.
نقف على أعتاب نورٍ لا يُطفأ... على شذرات من حياة رسول الله ﷺ وآله، حياةٌ هي مدرسة، فيها التربية، وفيها الأخلاق، وفيها سرّ السعادة في الدنيا والآخرة.
حياتنا بحاجة إلى القدوة، وأعظم قدوة هي حياة النبي الأعظم محمد ﷺ وآله ، الذي قال الله فيه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]..
فلنقترب قليلًا... لنتأمل بعض المواقف المضيئة.
الموقف الأول: رحمة النبي حتى مع أعدائه
تأمّلوا هذا المشهد.📌 روى الشيخ الصدوق في الأمالي أن امرأة كانت تلقي القاذورات على باب النبي ﷺ وآله ، فلما مرضت سأل عنها، فقيل: مريضة. فزارها. فبكت وقالت: "أنت محمد؟ جئت تزورني وقد كنت أوذيك؟" فقال: «هذا حق الجوار».
🔸 هنا نقف قليلًا...
الرحمة لا يعرفها إلا القلوب الكبيرة. الأخلاق ليست ردّ فعل، بل هي قرار، هي مبدأ.
الموقف الثاني: تواضعه مع أصحابه وأهله
📌 جاء في الكافي للكليني أن النبي ﷺ وآله كان يجلس بين أصحابه وكأنه واحد منهم، فإذا دخل غريب لم يعرفه أيّهم هو.
كما ورد عنه ﷺ وآله : «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» (الكافي، ج5).
كان يجلس بين أصحابه فلا يُعرف من هو حتى يسأل الغريب: أيّكم محمد؟!
🔸 لنتوقف...
القائد الحقيقي ليس من يعيش فوق الناس، بل معهم... ومن لا يحسن لأهله، لا يُنتظر منه أن يحسن إلى الناس.
الموقف الثالث: صبره على الأذى
📌 في سيرة ابن هشام وروايات الكافي، أن المشركين كانوا يضعون سلى الجزور (أحشاء الذبيحة) على ظهره وهو ساجد عند الكعبة،
وهو ساجد لله... يضع المشركون أحشاء الذبيحة على ظهره الشريف!
تأتي فاطمة (ع) باكية، تنظف ظهر أبيها، فيرفع رأسه مطمئنًا: «يا بنيّة، لا تبكي... إن الله مانع أباك».
🔸
هذا هو سر القوة: السجود، والاتصال بالله... من كان مع الله، لا يضره أذى الناس.
الموقف الرابع: رحمته بالأطفال
كان يحمل الحسن والحسين (عليهما السلام) على ظهره، ويقول: «نِعم الجمل جملكما، ونِعم الراكبان أنتما».
وكان يُكثر من تقبيلهما أمام الناس.
🔸 رسالة واضحة...
التربية لا تكون بالقسوة، بل بالحب.
إذا شبع الطفل حبًّا، امتلأ قلبه إيمانًا.
الموقف الخامس: العفو عند المقدرة
في فتح مكة، وقد جاءه الذين آذوه وحاربوه، جمعهم وسألهم: «ما تظنون أني فاعل بكم؟»
قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم.
فقال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
🔸
القوة أن تعفو، لا أن تنتقم.
العفو يفتح القلوب قبل أن يفتح المدن.
الموقف السادس: الصدق والأمانة
كان يُلقّب قبل الإسلام بـ"الصادق الأمين". وحتى عندما هاجر، ترك عليًّا (ع) ليردّ الأمانات إلى أهلها، رغم أنهم كانوا أعداءه.
🔸 أيها الإخوة...
الدعوة تبدأ بالصدق... بالأمانة... بالوفاء.
من فقد الأمانة، فقد تأثيره مهما تكلّم.
💫 ليست هذه قصصًا تحكى، بل هي دروس لحياتنا:
- مع الأهل كن رحيمًا.
- مع الناس كن متواضعًا.
- مع الأعداء كن صبورًا.
- مع الخطأ كن عفوًا.
- ومع الله... كن صادقًا أمينًا.
من سار على خُطى النبي، سار في نور وصار بحقّ نورًا يهدي في ظلمات هذه الدنيا، حتى يصل إلى حضرة النور الإلهي.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واملأ قلوبنا بشذراتٍ من أخلاقه، وعلّمنا أن نكون من أهل رحمته.
تعليق