تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد و آل محمد
1. البنت أمانة ورسالة
حين يرزق الله الأسرة ببنت، فقد حمّلها أمانة عظيمة، فهي ليست مجرد طفلة صغيرة تلعب وتلهو، بل مشروع إنسانة ستكون في الغد:
معلمة للأخلاق في بيتها.
حاضنة للأجيال في أمومتها.
رفيقة واعية في حياتها الزوجية.
قال رسول الله ﷺ وآله:
"نِعْمَ الوَلَدُ البَناتُ، مُلْطِفاتٌ، مُجَهِّزاتٌ، مُؤْنِساتٌ، مُبارَكاتٌ."
(الكافي، ج٦)
هذه الكلمات النبوية تكشف لنا أن تربية البنت ليست عبئًا، بل باب بركة ورحمة.
2. زرع المسؤولية منذ الصغر
المسؤولية لا تأتي فجأة عند الزواج أو الأمومة، بل تُزرع منذ الطفولة:
في البيت: يُعوّد الوالدان البنت على مهام صغيرة تناسب عمرها (ترتيب ألعابها، مساعدة أمها في المطبخ، العناية بإخوتها الصغار).
في الدراسة: تشعر أن نجاحها ليس لنفسها فقط، بل لتكون قدوة لأخواتها وزميلاتها.
في العاطفة: تُربّى على أن قلبها الطيب ليس للانفعال السريع، بل للعطاء والرحمة.
أمير المؤمنين (ع) يقول:
"قيمةُ كلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُه."
(نهج البلاغة، الحكمة ٨١)
فإذا علّمنا البنت منذ نعومة أظفارها أن قيمتها بما تُتقن، ستنشأ مسؤولة وواعية.
---
3. تربية الإيمان والحياء
الحياء زينة البنت، والإيمان سياجها. البنت التي تتربى على الصلاة، وقراءة القرآن، وحبّ أهل البيت عليهم السلام، ستكبر وقلبها مشدود بالله.
قال تعالى:
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ (الأحزاب: ٣٣).
الحياء يجعلها تختار كلماتها بوعي.
الإيمان يجعلها تعرف أن مستقبلها ليس فقط في الدنيا، بل أيضًا في الآخرة.
---
4. كيف نصنع منها زوجة ناضجة؟
تعليمها فن الحوار: أن تعبّر عن رأيها بهدوء لا بصراخ.
تدريبها على الصبر: أن تفهم أن في الحياة تحديات، والزواج مشاركة لا أنانية.
غرس مفهوم العطاء: أن الزواج ليس أخذًا فقط، بل بذل ومحبة وتضحية.
---
5. كيف نصنع منها أمًا صالحة؟
بالقدوة: ترى أمها تعامل إخوتها برحمة، فتتعلم.
بالمسؤولية: تُكلّف بالعناية بأصغر إخوتها، فتتذوق طعم الأمومة.
بالعلم: تشجَّع على طلب العلم والثقافة، لأن الأم الجاهلة تربي جيلاً ضعيفًا، بينما الأم الواعية تُخرِج أبطالاً.
الإمام زين العابدين (ع) يقول في حق الأم:
"وأمّا حقّ أُمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحدًا..." (رسالة الحقوق).
فإذا ربيت البنت على فهم هذه التضحيات، ستكبر ممتلئة رحمة بأبنائها.
6. دور البنت في صناعة الأجيال
البنت ليست فردًا عابرًا، هي مصنع أمة.
كل كلمة تُلقَّن لها اليوم، ستصبح درسًا في حياة أبنائها غدًا.
كل سلوك تُعطيه لها الأسرة، ستعيد إنتاجه في بيتها المستقبلي.
لذلك قال الشاعر:
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها *** أعددتَ شعبًا طيب الأعراقِ
7. لمسات عملية للوالدين
امدحوا إنجازاتها الصغيرة ليكبر شعورها بالقيمة.
احكوا لها قصص الصالحات: السيدة فاطمة الزهراء (ع)، السيدة زينب (ع)، السيدة خديجة (ع).
اجعلوها تشارك في أعمال الخير منذ صغرها (مساعدة الفقراء، المشاركة في المجالس الدينية).
علموها الدعاء، خاصة الأدعية التي تُنمّي الروح مثل: دعاء مكارم الأخلاق للإمام السجاد (ع).
تربية البنت مشروع إلهي عظيم.
كل كلمة طيبة تُقال لها، كل خُطوة نوجهها فيها، هي لبنة في بناء مدرسة تُخرِج الأجيال.
فإذا نشأت على الإيمان، والمسؤولية، والحياء، والعلم، ستصبح:
زوجة حكيمة ناضجة.
أمًا حنونة واعية.
مدرسة لا تنطفئ أنوارها في المجتمع.
يا ابنتي العزيزة 🌹،
العمر أثمن من أن يُهدر بين شاشة وهاتف وبرامج لا تزيدك إلا فراغًا داخليًا. إن الله وهبك قلبًا كبيرًا وعقلًا نيرًا، فلا تجعلي هذه النعمة حبيسة صور عابرة أو مقاطع تافهة تمحو وقتك بلا ثمرة.
اعلمي يا غالية، أن الموبايل وسيلة، إما أن يكون سلّمًا يرفعك للعلم والمعرفة والعمل الصالح، أو يكون قيدًا يسرق عمرك ويتركك عاجزة عن التفكير والعمل. وما أخطر أن تأتي لحظة الحساب، فتفتح صحيفة أعمالك، فتجدينها خاوية من الصالحات، فارغة إلا من ساعات ضائعة لم تتركي فيها أثرًا طيبًا ولا علمًا نافعًا.
فلا تتركي هاتفك يكتب قصتك، بل اجعلي أنتِ من يكتبها بيدك: قصة بنت مسؤولة، مثقفة، عاملة، تنفع نفسها ودينها ودنياها وآخرتها. تذكري أن دقائقك اليوم هي رأس مالك غدًا، فإن وضعتها في العلم والعبادة والخير، وجدتِها في صحيفة أعمالك نورًا ورحمة.
تعليق