نرفع اسمى آيات العزاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ...وللامة الاسلامية جمعاء ومراجعنا العظام بذكرى استشهاد السيدة الجليلة سكينة (عليها السلام)
وعظم الله اجورنا واجوركم بوفاتها في الخامس من ربيع الأول عام 117 هجرية
وعظم الله اجورنا واجوركم بوفاتها في الخامس من ربيع الأول عام 117 هجرية
وما أدراك ما سَكينة
وقفة عند قولِ سيّدِ الشُهداء عليه السلام:(وأمّا سكينةُ فغالبٌ عليها الاستغراقُ مع اللهِ تعالى فلا تصلحُ لرجل)
وردَ عندنا في رواياتِ العترة أنّ الحسنَ المُثنّى ابن إمامِنا الحسنِ السبطِ أتى عمّهُ الحسين يخطبُ إحدى ابنتيهِ فاطمة وسكينة، فقال له سيّدُ الشهداء:
(أختارُ لك فاطمة؛ فهي أكثرُ شَبَهاً بأُمّي فاطمة بنتِ رسولِ الله،
أمّا في الدين: فتقومُ الّليل كلَّهُ وتصومُ النهار، وفي الجمال: تُشبِهُ الحُورَ العِين، وأمّا سكينةُ فغالبٌ عليها الاستغراقُ مع اللهِ تعالى فلا تصلحُ لرجل)1
توضيح :
✦ قولُ سيّدِ الشهداء: (وأمّا سكينة فغالبٌ عليها الاستغراقُ مع الله تعالى فلا تصلحُ لرجل)
هذا المضمون يتّفقُ مع الأخبار التي تقول بأنّ السيّدة سُكينة لم تتزوّج.. لا كما يقول النواصب بأنّها تزوّجت أكثر مِن مرّة،
فكلمةُ سيّدِ الشهداء واضحة أنّ مولاتَنا سُكينة (لا تصلحُ لرجل) يعني لا يُناسبُها الزواجُ لأنّها صِدّيقة، ليس لها كُفؤ
مقامُ "الصدّيقيّة" في ثقافةِ أهلِ البيتِ له مراتب، ومِن شُؤونِ الصِدّيقيّةِ أنّ "الصدّيقةَ" لا يُخالِطُها ولا يطّلعُ على أحوالِها إلّا صِدّيق،
فالزهراءُ التي هي الصدّيقةُ الكبرى لا يُخالطُها إلّا الصدّيقُ الأكبرُ وهو سيّدُ الأوصياء،
وليس الحديثُ هنا عن هذه المرتبة
كذلك الحال مع السيّدة مريم، فهي صِدّيقةٌ، لذلك لم تتزوّج لأنّ الصدّيقة لا يُخالِطُها إلّا صِدّيق
ولم يكن لمريم كفؤ، ولكن لابُدّ أن يأتي عيسى منها،
لذلك نظّمَ اللهُ تعالى ذلك البرنامج الإعجازي الكبير لولادةِ عيسى، لأنّه لا يُوجد كُفؤٌ لمريم، فلابُدّ أن يأتي عيسى منها بطريق المُعجزة
ولذلك تُخبرنا الروايات بأنّ الذي غسّل مريم هو عيسى، لأنّها صِدّيقة، والصدّيقةُ مِن شُؤونها أنّه لا يُغسّلُها إلّا صِدّيق.. وهذا الأمرُ يجري في بناتِ آلِ محمّدٍ "صلواتُ الله عليهم"
فمولاتُنا سُكينة لم تتزوّج لأنّها صِدّيقة، ليس لها كُفؤ،
ولذلك حين جاء الحسنُ المُثنّى خاطباً.. ما أراد سيّدُ الشُهداءِ أن يُؤذي الحسنَ المُثنّى ويقولَ له أنّك لستَ كفؤاً لسكينة.. وإنّما قال له:
(وأمّا سكينةُ فغالبٌ عليها الاستغراقُ مع اللهِ تعالى فلا تصلحُ لرجل) فهي صِدّيقة، ومِن شؤونِ الصِدّيقةِ أنّها لا تتزوّج إلّا إذا وُجِدَ كُفؤٌ لها، وإلّا فإنّها لا تتزوّج.
✦ وأمّا المُرادُ مِن (استغراقِها مع الله) :
الإستغراقُ هو الفناء.. والمُستغرقُ مع اللهِ هو الذي لا يملكُ حواساً يلتفتُ فيها إلى غير الله،
وحين يقولُ سيّدُ الشهداءِ عن السيّدةِ سُكينة أنّه (غالبٌ عليها الاستغراقُ مع الله) فالمُراد مِن التغليب هنا ليس مِن جهةِ الوقتِ بأنّها في أغلبِ الأوقاتِ مُستغرقةٌ مع الله.. وإنّما المُرادُ أنّ الاستغراقَ غالبٌ على كيانِها ووجودِها..
يعني أنّ الإستغراقَ مع اللهِ ليس حالةً طارئةً تكونُ عند السيّدةِ سُكينة في أوقاتٍ مُعيّنةٍ وتزولُ عنها، وإنّما هي مَلَكةٌ عندها مُصاحبةٌ لها في كُلّ حالاتِها.
فسُكينةُ ليس لها كُفؤ، ولذلك قال سيّدُ الشهداءِ للحسنِ المُثنّى:
أُزوّجك ابنتي فاطمة.. ولذلك فإنّ فاطمةَ الَّتي تزوّجها الحسنُ المثنّى تزوّجتْ بعدَ ذلك عبدالله ابن عمر ابن عثمان ابن عفّان بعد وفاةِ الحسن المثنى.
----------------
1-السيدة سكينة ابنة الإمام الشهيد للسيّد المقرّم.