بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
الإنسان في هذه الدنيا يركض كثيرًا خلف همومه وأحلامه، ينشغل بالناس وبالأحداث، يضطرب قلبه من كلمة، ويقلق على رزقه ومستقبله… لكنه ينسى أن كل ذلك لا يساوي شيئًا أمام لحظة واحدة يقف فيها
بين يدي الله الوقوف في الصلاة
حين نقف للصلاة، نحن لا نردد حركاتٍ اعتدناها، بل ننتقل من الأرض إلى حضرة ربّ السماوات والأرض.
في التكبير نقول: الله أكبر،
أكبر من همومي، أكبر من ضعفي، أكبر من كل ما يشغلني.
وفي الركوع والسجود، نسقط كل كبرياءنا، لنشعر بعزّ العبودية… فهناك فقط نكتشف أن الحرية الحقيقية ليست في التمرّد على الطاعة، بل في الخضوع لله وحده.
بين يدي الله في الدعاء
وفي الدعاء… الإنسان بين يدي الله لا يحتاج لغةً منمقة، ولا صوتًا مرتفعًا، يكفي أن يهمس بقلبه:
"يا رب، ساعدني… يا رب، لا تتركني".
فهناك ربّ رحيم، أقرب إلينا من حبل الوريد، يسمع دمعتنا قبل كلماتنا، ويستجيب لصدقنا قبل فصاحتنا.
ولهذا قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "أفضل العبادة الدعاء". لأنه يعكس ضعفنا وحاجتنا، ويجعلنا متصلين بمصدر القوة والرحمة.
بين يدي الله في المواقف اليومية
ليس الوقوف بين يدي الله محصورًا في المسجد، بل هو أسلوب حياة.
حين تُعرض عليك معصية وتتركها خوفًا من الله، أنت وقفت بين يديه.
حين تتحمل الأذى وتصبر لله، أنت بين يديه.
حين تُخفي صدقتك ولا تعلم بها يمينك ما أنفقت شمالك، أنت بين يديه.
إن استشعار وجود الله معنا في كل لحظة يغيّر مسار حياتنا:
- يجعلنا نراقب كلماتنا قبل أن نتكلم.
- ويجعلنا نراجع نوايانا قبل أن نعمل.
- ويعطينا طمأنينة أن أي ظلم أو أذى وقع علينا لن يضيع، لأننا سنقف جميعًا بين يديه يوم القيامة.
حين يعيش الإنسان هذا المعنى، يصبح قلبه أكثر صفاء، وأيامه أكثر طمأنينة.
فلا يعود يضطرب إن خسر شيئًا، لأنه يعلم أن بين يدي الله خزائن كل شيء.
ولا يعود يخاف من المستقبل، لأنه يثق أن تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه.
لنغتنم كل لحظة نضع فيها جباهنا على الأرض، أو نرفع أيدينا بالدعاء، أو نكظم غيظًا لله… ولنستشعر أننا في تلك اللحظات نعيش أسمى مقامات الإنسان: الوقوف بين يدي الله.
هناك فقط…
تنطفئ نار الهم، وتزول وحشة القلب، ويضيء درب الحياة.
فليكن شعارنا دائمًا:
كل حياتي أعيشها بين يدي الله.
تعليق