إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

: صبر الإمام الحسن العسكري عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • : صبر الإمام الحسن العسكري عليه السلام


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد



    الحمد لله الذي جعل في أئمة الهدى أعلاماً للصابرين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

    إذا ذُكر الصبر، ذُكر الأنبياء والأوصياء، أولئك الذين واجهوا المحن العظيمة بقلوبٍ مطمئنة، وفي مقدمتهم إمامنا الحادي عشر، الحسن بن علي العسكري عليه السلام، الذي عاش في زمنٍ من أشد الأزمنة ظُلماً وقهراً.
    الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام اختُصرت حياته القصيرة في سنواتٍ مليئة بالبلاء، لكنه واجهها بصبرٍ عجيب، حتى صار مدرسةً للأمة في الثبات.



    أولاً: حياة تحت الرقابة


    يذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار (ج 50 / ص 236 وما بعدها) أن الإمام العسكري (ع) عاش في سرّ من رأى تحت أعين السلطة العباسية، وأنهم كانوا يراقبون تحركاته بدقة خوفاً من ولادة الإمام المهدي (عج).

    ومع هذا الحصار، لم يُعرف عن الإمام إلا العبادة والتقوى والصبر. ينقل أحد الحراس قائلاً:
    "كنا نراقبه، فما رأيناه إلا صائماً قائماً ذاكراً لله."


    هذا المشهد يرسم لنا معنى الصبر الحقيقي؛ أن يحوّل الإمام القيود إلى عبادة، والاختناق السياسي إلى فرصة لنشر النور.
    عاش الإمام العسكري (ع) تحت مراقبة الدولة العباسية، في سجونها وبيوتها، لا يُسمح له أن يلتقي شيعته إلا بخفاء. كان مُحاصَراً في حياته اليومية، حتى بيته لم يكن آمناً، وكان الجواسيس يترصدون كل كلمة تصدر منه.
    ومع ذلك… لم يُعرف عنه سوى الحلم، والسكينة، والرضا بقضاء الله.

    ثانياً: صبره في السجن
    تذكر كتب التاريخ أن الخليفة العباسي أسكنه في سجونٍ ضيقة، مع حُرّاسٍ قساة القلوب. لكن الله قلّب قلوب هؤلاء، حتى صاروا يروون: "ما رأينا مثل هذا الرجل، لا يتكلم إلا بذكر الله، ولا ينشغل إلا بالعبادة."
    فكان بصبره يحوّل السجن إلى محراب، والخوف إلى يقين، والقيود إلى جسرٍ نحو رضا الله.


    في بحار الأنوار (ج 50 / ص 308)، يُروى أن الإمام العسكري (ع) سُجن مرات عديدة، وكان يُسكن مع رجالٍ قساة. لكن سرعان ما يتحول هؤلاء بأخلاقه. فقد دخل عليه رجل من الحراس ثم خرج قائلاً:
    "هذا خير أهل الأرض."


    هنا نرى أن صبر الإمام لم يكن سلبياً، بل كان فعّالاً، يغيّر حتى قلوب خصومه.

    ثالثاً: صبره على فراق الأمة
    ومن أصعب صور صبره، أنه كان يعلم أن عمره قصير، وأنه سيُفارق شيعته وهم بحاجة إليه، فكان يعمل بصبرٍ وهدوء على إعدادهم لمرحلة الغيبة، وإرشادهم إلى الرجوع للعلماء والثقات، حتى لا يتيهوا بعد غيابه.

    وفي رواية عنه عليه السلام (بحار الأنوار، ج 50 / ص 267):
    "فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه."


    هذه وصية صبر وبصيرة، فهو يُعد الأمة لمحنة الغيبة، وهو يعلم ما فيها من فتن وابتلاء.


    رابعاً: دروس من صبر الإمام
    1. الصبر عبادة: لم يكن صمته استسلاماً، بل كان عبادةً دائمة تفتح القلوب.
    2. الصبر قوة: جعله قادراً على تحويل السجون إلى مدارس إيمان.
    3. الصبر مسؤولية: لم يصبر لنفسه فقط، بل صبر ليحمي مشروع الإمامة ويمهّد لولده الحجة (عج).

    نتعلم من صبره أنّ البلاء مهما اشتد، لا ينبغي أن يُطفئ نور اليقين في قلوبنا.
    ونتعلم أنّ المؤمن قد يُحاصَر ظاهراً، لكنّه يبقى حراً بروحه وعبادته.

    ونتعلم أنّ الصبر ليس استسلاماً، بل هو ثباتٌ مع وعيٍ وحكمة في مواجهة المحن.

    الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) رحل وهو في عمر الشباب، لكنه ترك للأمة درساً خالداً: أن الصبر ليس أن تتحمل فقط، بل أن تصنع من الألم قوة، ومن الضيق بصيرة، ومن المحنة منطلقاً للنهضة.

    فلنستلهم من صبره ونحن نواجه ابتلاءات حياتنا، حتى نكون جديرين بانتظار فرج ولده صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.


  • #2
    السلام على الصابر الشاكر
    مأجورين بذكرى استشهاده
    أحسنتم على الموضوع القيم




    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك احسنتم دمتم بخير وصحه 🌷

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X