بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في اليومِ الثّامن من ربيعِ الأوّل استُشهِدَ الإمام العسكري عليه السّلام *مظلوماً بسمٍّ دُسَّ إليه بأمرٍ من المعتمدِ العباسي* ، وقامَ الإمامُ المهدي عليه السّلام *بتغسيلِ والده وتكفينه والّصلاة عليه، وكان عمرهُ آنذاك خمسةَ سنين ،* وفي يومِ التّاسع من ربيعِ الأوّل ، *يُقيم الشّيعة الموالدَ والاحتفالات ويُظهرونَ السّرورَ والبهجة* ، تحت عنوان تتويج الإمام المهدي عليه السّلام بالخلافةِ والإمامة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*ولنا وقفة مع هذه التّسمية:*
١ـ الإمامة منصِبٌ إلهيٌّ *لا إرادةَ للبشرِ في تعيينِ مَن يحوزه ، والأئمّةُ عليهم السّلام اختارهمُ اللّهُ قبلِ أن يخلقَ البشر* ، حيث كانوا أئمّةً في عالمِ الأنوار *وتقدّمت خلقتهم على خلقة جميع الموجودات( ١).*٢ـ بمجرّد موتِ الإمام السّابق *يتصدّى الإمامُ الّلاحق للإمامةِ الظّاهريّة(٢)* ، فالأرضُ لا تخلوا من حُجّةٍ للّه إمّا ظاهراً أو مستتراً *أسندت إليه أمور الخلافة أو لا .*
٣ـ أنّه بموتِ الإمام يثلَم الإسلام ، *وهو يومُ مصيبة وحزن وبكاءٌ وتألّمٌ على فداحَةِ المصاب وعظيمِ الخسارة* (٣)، والإمامُ يقفُ على هذا الأمر أكثر من غيره، *فكيفَ يتّخذهُ عيداً ومناسبةً لإظهارِ الفرحِ والسّرور* ، ومنصبُ الخلافة السياسية *لا قيمةَ لهُ عندَهُم إلّا بمقدارِ إحياءِ الدّينِ وتطبيقُ شرعَ اللّه وإحياءُ الحقَّ وإماتت الباطل* ، ولا يريدونَ به عرضَ الحياةِ الدّنيا وملذّاتها واستبعادَ النّاسِ وحُكمهم والتّسلُّطَ عليهم (٤) .
٤ـ *والتّتويجُ من عاداتِ وأعرافِ الملوك وحُكّامِ الدّنيا والسّلاطين*، ويتّخذونهُ يومَ فرحٍ وسرور لهلاكِ السّلطانِ السّابق وتسلم خليفته سدّة الحكم ، *وكم من أولادِ السّلاطين يتمنونَ هلاكَ آبائهم للاستحواذِ على الحُكم* ، وكم من أبٍ مستعدٍ لقتلِ أولادهِ وأخوانهِ وأقاربهِ وأصدقائهِ *في سبيلِ البقاء على العرش* ، فإذن هذه السّيرة بعيدةٌ عن *جوهرِ الدّين وعن تعاليمِ وأخلاقِ الحُجَجِ المعصومين عليهم السلّام*.
٥ـ جاء في الرّواية عن الإمام الصادق (ع): رحمَ اللّهُ شيعتنا خُلِقُوا من فاضلِ طينتنا وعُجِنوا بماءِ ولايتنا يحزنونَ لحُزننا ويفرحونَ لفرحِنا.(٥) *وإظهارُ الفرح في مناسبات أحزانهم هو خلافُ المودّة ،ويُدخلُ الأسى على قلوبهم
النّتيجةُ أنّ إظهارَ الفرح والسّرور في اليومِ التاسع *من ربيعِ الأوّل يعودُ إلى سببٍ آخر* .
وقد ذُكرَ في سبب الإحتفال بهذا اليوم *
عدّة أقوال لكلٍّ منها دليل والبحثُ في ترجيحِ أحدها يحتاجُ إلى بحثٍ مفصّلٍ يخرجُنا عن موضوعنا*.
١ـ عن الإمام الصّادق عليه السّلام: ما كنتم قبلَ أن يخلُق اللّه السماوات والأرضين؟ قال: *كنّا أنواراً حولَ العرش نسبّحُ اللّه ونقدّسه حتى خلقَ اللّهُ سبحانه الملائكة* ، بحارُ الأنوار ج٥٤ ص ١٧٠عدّة أقوال لكلٍّ منها دليل والبحثُ في ترجيحِ أحدها يحتاجُ إلى بحثٍ مفصّلٍ يخرجُنا عن موضوعنا*.
٢ـ عن أبي حمزة الثّمالي قال: قلتُ لأبي عبد اللّه عليه السّلام تبقى الأرضُ بغيرِ إمامٍ *قالَ لو بقيَت الأرضُ بغيرِ إمامٍ لساخَت*. بصائرُ الدرجات ص ٥٠٨، *فعند موتِ الإمام يتصدّى الإمامُ الّلاحق لها مباشرةً ، ولا يُصاحب هذه العملية مراسيم وطقوس خاصة كما يفعله حكّام الدّنيا وسلاطينها.*
٣ـ قال الإمام الصّادق عليه السّلام: *إذا ماتَ المؤمنُ الفقيه ثلُمَ في الإسلام ثلّمة لا يسدّها شيء.* الكافي ج١ ص ٣٨، *إذا كانت هذه حالُ المؤمن العالم فكيفَ بخليفةِ اللّه وحُجّته على الأرض ؟*
٤ـ قال عبدُ اللّه بن عبّاس: دخلتُ على أميرِ المؤمنين بذي قار وهو يخصف نعله فقال لي: ما قيمة هذه النعل؟ *فقلتُ لا قيمةَ لها. فقال*: واللّه لهي *أحبُّ إليَّ من إمرتِكم إلّا أن أقيمَ حقّاً أو أدفع باطلا)*. (نهج البلاغة: 1 / 80). *وإلا فإنهم أئمة نصبهم الله* على العباد *رضوا بهم أو لا وسواءً كانوا في السجن أو تحت الإقامة الجبرية أو منعوا من قيادة الأمة ....* يبقون حجج الله وخلفائه الواجب طاعتهم.
٥ـ بحار الأنوار ، ج ٥٣ ،ص ٣٠٣